لقد أصبحت دولة قطر بمثابة حمامة السلام في المناطق الساخنة بين الدول المتنازعة، وللحقيقة فقد حققت نجاحات كثيرة في نزع فتيل الحرب وتبريد الأجواء الملتهبة، ولقد أوكلت إليها الولايات المتحدة الملف الأفغاني والمفاوضات مع حركة طالبان التي أذاقتها مرارة الهزيمة، واعتمدت عليها في التسوية بينها وبين كابول وتأمين خروج القوات الأمريكية منها، وكذلك قامت بدور في الوساطة بين أمريكا وإيران.

وكانت هذه المفاوضات بين الدول تجري في سرية تامة إلى أن تتم التسوية ويعلن في النهاية وبشكل مفاجئ عن التوصل لحل وتسوية بين الأطراف المعنية..

وحاليا تتردد أنباء عن وساطة قطرية تتم بين الجزائر والمغرب، لم تنفها كلتا الدولتين، بعد إعلان المتحدث الرسمي باسم الخارجية القطرية "ماجد الأنصاري"، عن وساطة قطرية بين البلدين. والمدهش أنه لم يصدر أي تعليق رسمي أو إعلامي مقرب من السلطة من الجانب الجزائري الذي كان دوما ينفي وجود أي وساطات بينها وبين المغرب ورفضها لإعادة العلاقات مع الرباط، مما يؤكد بالفعل أن الجزائر تسعى بالفعل لإنهاء النزاع مع المغرب والوصول إلى تسوية ترضاها معها وأنها أوكلت هذا الأمر لدولة التسويات (قطر)..

تتردد أنباء عن وساطة قطرية تتم بين الجزائر والمغرب، لم تنفها كلتا الدولتين، بعد إعلان المتحدث الرسمي باسم الخارجية القطرية "ماجد الأنصاري"، عن وساطة قطرية بين البلدين. والمدهش أنه لم يصدر أي تعليق رسمي أو إعلامي مقرب من السلطة من الجانب الجزائري الذي كان دوما ينفي وجود أي وساطات بينها وبين المغرب ورفضها لإعادة العلاقات مع الرباط، مما يؤكد بالفعل أن الجزائر تسعى بالفعل لإنهاء النزاع مع المغرب والوصول إلى تسوية ترضاها معها وأنها أوكلت هذا الأمر لدولة التسويات
كما يبدو أن المغرب أيضا يسير على نفس الخطى، فلقد كان لافتاً في خطاب العرش للملك "محمد السادس"، تقييمه للعلاقات الجزائرية المغربية بأنها "مستقرة"، في محاولة لتذويب الجليد وإعطاء إشارة ما إلى أن ديناميات جدية تجري من وراء الكواليس للوصول إلى المصالحة بين البلدين. فالدولتان تشاهدان ما يجري في القرن الأفريقي من تغيرات استراتيجية حادة وصراعات نفوذ بين الغرب وروسيا والصين على القارة السمراء، وخاصة بعد انقلابات مالي وبوركينافاسو وأخيراً انقلاب النيجر، فلن تغامرا بالانخراط في أتون هذا الصراع الذي ليس لهما فيه ناقة ولا جمل..

في حقيقة الأمر، إن الأزمة بين الدولتين الجزائر والمغرب لم تكن وليدة اليوم، بل ترجع لعقود طويلة خلت، وهذه ليست أول مرة يحدث قطع للعلاقات بينهما، فقد سبق في عام 1976 أن قُطعت العلاقات بينهما لكن في تلك المرة كان المغرب هو صاحبة قرار المقاطعة..

فمنذ استقلال الجزائر عام 1962، بدأ النزاع الحدودي بين البلدين، واندلعت أولى المعارك العسكرية بين البلدين المفترض أنهما بلدان شقيقان، وعرفت العملية بـ"حرب الرمال"، وكان الجيش الجزائري في ذلك الوقت مدعوماً من مصر، حيث كان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر يدعم الثورة الجزائرية بالمال والسلاح، ويعتبر نفسه الأب الروحي لكل الثورات العربية، ويعادي كل الأنظمة الملكية العربية وينعتها بالرجعية وموالاتها للإمبريالية العالمية..

واستمر العداء أو لنقل التوتر بين البلدين الجارين إلى أن وقعا اتفاقية لتطبيع العلاقات بينهما عام 1988، بوساطة سعودية، ولكن هذه الاتفاقية لم تمحُ ما في النفوس، لدرجة أن القنصل المغربي في مدينة وهران غرب الجزائر، وصف الجزائر بـ"البلد العدو"!!

كما أن سفير المغرب لدى الأمم المتحدة عمر هلال، دعا وبدون أي مناسبة، خلال اجتماع لدول عدم الانحياز منذ سنوات، إلى استقلال "شعب القبائل" في الجزائر، ما جعل الجزائر تستدعي سفيرها للتشاور، وهي لغة دبلوماسية تلجأ إليها الدول حينما تحدث أزمات لتجميد العلاقات بينها إلى أن تحل هذه الأزمات ويعود السفير مرة أخرى؛ أو لا يعود إذا تأزم الموقف ولم تحل الأزمة، فيكون تمهيدا لقطع العلاقات كما في الحالة الجزائرية..

ما من شك أن السفير المغربي لدى الأمم المتحدة لم يدعُ إلى استقلال "شعب القبائل" عبثاً بل كانت تصفية حسابات مع الجزائر، رداً على دعمها لحركة "البوليساريو" واعترافها بالجمهورية العربية الصحراوية، والتي يعتبرها المغرب جزءاً من الأراضي المغربية، فسياسة "كيد النسا" يتميز بها العرب دون غيرهم من الأعراق الأخرى!

لا شك أن أزمة الصحراء الغربية واحدة من أطول الصراعات السياسية والإنسانية في العالم، لقد كانت مستعمرة إسبانية في الفترة الممتدة ما بين عام 1884 إلى عام 1976، وبعد خروج الاستعمار الإسباني منها تنازع عليها المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر، لما تملكه من موارد طبيعية ضخمة. فالمغرب يريد أن تتسع رقعته الجغرافية في تلك الصحراء الغنية بالفوسفات، وبالتالي يزداد نفوذه وتؤول إليه قيادة المغرب العربي، في المقابل الجزائر تريد ان تُحَجّم النفوذ المغربي وترى نفسها هي المؤهلة لقيادة المغرب العربي، ولهذا شجعت جبهة البوليساريو على الاعلان عن الجمهورية العربية الصحراوية، وحرضت دولاً كثيرة على الاعتراف بها، ودعمتها بقوة في منظمة الوحدة الأفريقية فتم قبول البوليساريو كعضو فيها، مما استدعى رد فعل عنيفا من المغرب وأعلن انسحابه من المنظمة..

ولذلك فإن قضية الصحراء، من أكثر القضايا المعقدة والشائكة لدى البلدين الجارين..

في أواخر عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفي غمرة الحماس لترويج اتفاقيات أبراهام في المنطقة وهرولة التطبيع مع الكيان الصهيوني، دخلت قضية الصحراء الغربية في سوق المساومات، إذ اعترف ترامب بسيادة المغرب على الصحراء الغربية وأنها جزء من الأراضي المغربية مقابل اعتراف المغرب بالكيان الصهيوني والتطبيع معه، فوجد المغرب أن الطريق العالمي لاعتراف العالم بسيادته على الصحراء الغربية، معمّد من الكيان الصهيوني، والتاريخ طويل في العلاقات الحميمية بين المغرب والكيان ولكن من وراء ستار، فلن يضر شيئا إذا أزيح عنه الستار وظهر في العلن!

فقد طلب المغرب من الصهاينة مساعدته في إقناع الولايات المتحدة بالاعتراف بسيادته على الصحراء الغربية، ولقد عمل على ذلك زعيم الجالية اليهودية في المغرب، "سيرغي بارغودو" كوسيط بين الملك واجتمع بقادة يهود أمريكيين ومسؤولين صهاينة!

وأخيراً وبعد كل ما سردناه من عداء تاريخي بين الدولتين الجارتين، ولن أقول الشقيقتين مع أنها الأصح نظراً للروابط المشتركة بينهما من دين ولغة وثقافة، هل ستنجح دولة قطر في إزالة هذا العداء المستحكم بينهما وطي صفحات الماضي البغيض وبدء صفحة جديدة بينهما كدولتين شقيقتين؟ إذا تم ذلك فلسوف نكون بصدد تحول كبير في المنطقة..

twitter.com/amiraaboelfetou

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الجزائر المغرب الصحراء الصراعات التطبيع المغرب الجزائر التطبيع الصحراء صراعات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الصحراء الغربیة بین البلدین إلى أن

إقرأ أيضاً:

مجلس الأعمال المصري المغربي يبحث آلية زيادة الاستثمارات والتبادل التجاري بين البلدين

عقد مجلس الأعمال المصري المغربي برئاسة نزار أبو إسماعيل، اجتماعه الاول، حيث ناقش المجلس آلية التواصل بين البلدين وزيادة الاستثمارات والتبادل التجاري.


حضر الاجتماع جميع أعضاء  المجلس وهم المهندس خالد محمد نصير، والمهندس خليل إبراهيم خليل، وحسام حمدي عبد العزيز، والمهندس خالد عبد المنعم الميقاتي، والمهندس هاني نبيه بري، والمهندس تامر شفيق إمام، والمهندس محمد عاطف السويدي، والمهندس طلبة رجب طلبة، والدكتور أحمد سعيد كيلاني، وشادي ويلم، وحلمي أبو العيش، وبمشاركة السفير  أحمد نهاد عبداللطيف.


وقال، نزار أبو إسماعيل إن المجلس ناقش المعوقات والتحديات التي تواجه المستثمرين، سواء في مصر أو المغرب، وسبل التغلب عليها من خلال التواصل مع المسؤولين في كلا البلدين، وكذلك عرض الفرص الاستثمارية وزيادة التكامل الاقتصادي بين البلدين.


وأشار إلى أن هناك اهتمام متزايد لزيادة الاستثمارات المغربية في مصر، وزيادة الاستثمارات المصرية في المغرب خاصة في مجالات الطاقة المتجددة والزراعة والبنية التحتية والانشاءات والسياحة والدواء وقطاع السيارات والملابس والصناعات الغذائية والأجهزة الكهربائية.


واتفق أعضاء المجلس علي أنه سيتم تجهيز وفدا من رجال الأعمال المصريين لزيارة المغرب خلال الفترة المقبلة، للإطلاع على فرص الاستثمار هناك وبحث خطط زيادة الاستثمارات المصرية في البلد الشقيق.

وقال أبو إسماعيل، إن المجلس يتطلع لأن تكون مصر بوابة للصادرات المغربية لشرق أفريقيا، مشيرا إلى أن هناك خطط لإقامة معارض للمنتجات المصرية والمغربية في كلا البلدين.


ويشار إلى إن عدد الشركات المغربية التي تعمل في مصر تصل إلى 295 شركة بحجم استثمارات تصل إلى نحو 230 مليون دولار، كما أن حجم التبادل التجاري بين مصر والمغرب مليار  و ٣٠٠ مليون دولار سنويا، ونطمح في زيادة تلك الأرقام خلال الفترات المقبلة لكلا البلدين.


وأوضح أنه سوف يقوم رئيس المجلس بعرض ٤ مشاريع صناعية مع وزير التجارة المغربي في بداية العام المقبل، حيث تم تكوين شراكات بين رجال أعمال مصريين علي ان يقوموا بدراسة وبتنفيذ تلك المشاريع مع نظائرهم المغاربة.

أشار "نزار ابو اسماعيل" إلى أن مصر تصدر العديد من المنتجات والسلع الأساسية إلى المغرب وعلى رأسها جميع منتجات الحديد والصلب وغيرها من مواد البناء من الاسمنت والسيراميك، وفحم الكوك والكربون، والأسمدة الزراعية والمنتجات الكيماوية.


كما تصدر الصناعات الغذائية المصرية وأهمها الزيوت النباتية، والمحاصيل الزراعية من خضراوات وفواكه على وجه الخصوص والتمر، وتصدّر مصر للمغرب، الأجهزة الكهربائية والإلكترونية والسلع الهندسية، ومنتجات البلاستيك، والمنتجات الورقية سواء الورق العادي أو الورق المقوى.


الجدير بالذكر ان وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية،  أصدرت القرار رقم 192 لسنة 2024، بشأن إعادة تشكيل الجانب المصرى فى مجلس الأعمال المصرى المغربي، برئاسة نزار صالح أبو إسماعيل – الرئيس التنفيذي لشركة برايت سكايز والعضو المنتدب لشركة Capital Advocates للاستشارات القانونية والاقتصادية وعضوية كل من :
كامل أبو على - مجموعة بيك الباتروس للاستثمار السياحى.
المهندس خالد محمد نصیر - العالمية للسيارات.
المهندس خليل إبراهيم خليل - فريش إليكتريك للأجهزة المنزلية.
المهندس حسام حمدى عبد العزيز - تنمية المشروعات الصناعية / أوتوكول.
المهندس خالد عبد المنعم الميقاتي - ميتكو للمقاولات والتجارة.
المهندس هانی نبیه برزی - إيديتا للصناعات الغذائية.
المهندس تامر شفيق إمام - أوراسكوم للإنشاءات.
المهندس محمد عاطف - السويدى إلكتريك.
المهندس طلبة رجب طلبة - تي إن سي للملابس الجاهزة.
الدكتور أحمد سعید کیلانی - المصرية الدولية للصناعات الدوائية / إيبيكو.
شادى وليم - سامکريت للمناطق الصناعية.

مقالات مشابهة

  • الخطاط لـRue20 : النموذج التنموي أعطى زخماً جديداً لأقاليم الصحراء المغربية
  • في الحاجة إلى تفكيك المفاهيم المؤسسة لأطروحة انفصال الصحراء -الجزء الثاني-
  • في الحاجة إلى تفكيك المفاهيم المؤسسة لأطروحة انفصال الصحراء -الجزء الأول-
  • راضية.. يمثل مصر خلال فعاليات مهرجان واد النون السينمائي بدورته العاشرة
  • المكاري استقبل سفير تركيا وبحثا في تقوية العلاقات بين البلدين
  • مجلس الأعمال المصري المغربي يبحث آلية زيادة الاستثمارات والتبادل التجاري بين البلدين
  • بعد إطلاق سراح فرنسيين ببوركينافاصو.. المغرب يقود وساطة للإفراج عن رئيس النيجر السابق
  • أكبر أنواع السحالي في المغرب مهددة بسبب الخرافات والطب التقليدي
  • القوات المسلحة الملكية تسقط طائرة “درون” على الحدود المغربية الجزائرية
  • من صحراء المغرب إلى فيافي الجزائر.. إيطالي ينقذ نفسه بدماء الخفافيش!