يشعر الكاتب المغربي مصطفى النفيسي بنوع من الحنين إلى رمضان الطفولة، خاصة أنه بدأ الصيام مبكراً. يقول: "لا أتوقف عن التفكير في تلك السنوات الشبيهة بحبَّات سبحة، أمرِّرها بين أصابعي من حين لآخر. لكن الذي أفتقده هو صوت جدتي وحكاياتها، فقد كانت بمثابة توابل تعطي لأيامي نكهة خاصة. وأكثر ما أفتقده هو تربيتها على ظهري حتى أستغرق في النوم، أو حتى يأتي أبي ليذكِّرها بأنها مريضة ومنهكة وعليها أن تتوقف عن حملي".

يفتقد النفيسي أيضاً صوت الشيخ النقشبندي، وهو يصدح بابتهالاته الخالدة في الإذاعة الوطنية "ماشي في نور الله" أو " مولاي إنني ببابك قد بسطت يدي". يعلق: "كانت ابتهالات عجيبة بالنسبة لي تأتي من عوالم بعيدة، حوَّلتني هي وحكايات جدتي إلى ورقة تتطاير في فضاءات السحر والغرابة".

يضيف: "كانت طفولتي خرافية. عشت حكاياتٍ وفي عوالم لا يراها أحد غيري. كل شجرة كانت بالنسبة لي رجلاً يقف بأسمال بالية تحت الأمطار. كما كانت الأمطار نفسها خيوطاً حقيقية انفلتت من ملابس ومفروشات أمي وتحولت إلى مطر. لذلك فرمضان الطفولة هو الآخر كان خرافياً؛ لأن جدتي كانت تنسجه بحكاياتها العجيبة فتحولني إلى سمكة في أحضان نهر سريع الجريان. جدتي هي طفولتي. أتذكر نداءها عليَّ ذات مرة كي ألتحق بها للاستماع إلى آيات قرآنية تبثها الإذاعة الوطنية، بصوت المقرئ المغربي عبد الحميد احساين رحمه الله، وأنا أتعلل بإجراء مكالمات هاتفية مع شخوص حكاياتها الخرافية، فتضحك!".

أصبح رمضان الآن مختلفاً تماماً، بالنسبة للنفيسي، لأن المسؤوليات زادت، والحياة لم تعد سلسة كالسابق. ولذلك فقد أخذ رمضان منها بعض تعقيداتها، بحيث أصبح التبضع الكثيف وتوسيع رقعة الوجبات بإضافة مأكولات كثيرة، السمتين الأكثر تمييزاً له، وذلك في خضم تنامي جشع إنساني لا يتوقف حوَّل الحياة إلى سباق طويل بدون محطات وقوف. لكن هذا لا يمنع ذلك الوقع الجميل لهذا الشهر الفضيل الذي ينتظره الجميع، بحيث يتم استقباله بحفاوة في كل بقاع العالم.

ما طقوسك الخاصة في رمضان فيما يتعلق بالحياة العادية أو الكتابة؟ أسأل ويجيب: "ليست لديَّ طقوس خاصة بالمعنى الذي تصبح فيه تلك الطقوس روتيناً يومياً؛ لكنني أخلد للاعتكاف. أدخل في دوَّامة من التأملات. أجلس طويلاً مثلاً، وأنا أحدق إلى شجرة الزيزفون التي تقف وسط حديقة جاري ممسكاً بمحاورة من محاورات أفلاطون، ومن حين لآخر أعود لنصوصي القصصية منقِّحاً أو مضيفاً بعض الكلمات هنا أو هناك. هذه السنة مثلاً عدت إلى روايتي الجديدة لأرى ما الذي يمكنني أن أضيفه؟ وإن كنت أجد صعوبة في ذلك بالنظر إلى وظيفتي كمدرس فلسفة في مؤسسة عمومية له انشغالاته اليومية الخاصة ذات الطابع المهني المحض".

كان النفيسي في الماضي متابعاً جيداً للدراما العربية. يتذكر مسلسل "جحا المصري"، ويصف بطله يحيى الفخراني بـ"الممثل العظيم"، يتذكر أيضاً مسلسل "باب الحارة" في موسمه الأول، ولعب فيه دور البطولة الممثل المقتدر عباس النوري. لكنه توقف الآن عن متابعة الدراما؛ وهو ببساطة لا يشاهد التلفزيون إلا نادراً، سواء في رمضان، أو في الشهور العادية.

النفيسي مدرس فلسفة، لذلك يتصفح كتب الفلسفة والفكر باستمرار. لكن تظل الروايات، ثم القصص والشعر، هي قراءاته المفضلة بشكل دائم. أسأله هل تختلف عادات القراءة بالنسبة لك في رمضان؟ فيجيب: "لا. لا تختلف أبداً. كانت القراءة دائماً، ولا تزال، هوايتي الأولى. فأنا أدَّعي أنني قارئ جيد، ومطَّلع ممتاز على كل الإنتاجات الفكرية والأدبية. لكنني أقرأ أكثر خلال الصيف. أتحول إلى ماسح ضوئي في آلة تصوير. أقرأ بنهمٍ كبير إلى درجة أن طبيب العيون أنبني ذات يوم، قائلاً إنه يفضل أن أذهب إلى البحر للاستجمام بدل القراءة يومياً. لكنني رغم كل الالتزامات المهنية والانشغالات الأسرية، فإنني لا أتوقف عن القراءة على كل حال؛ لأن الإنترنت يوفر نصوصاً جيدة هنا وهناك، حيث أقرأ باستمرار كتابات مدهشة على المواقع الإلكترونية الجادة".

هل كتبت أحد أعمالك في رمضان؟ يجيب: "كتبت جزءاً كبيراً من روايتي "طرقات بمزاج سيئ" خلال رمضان، الذي صادف الحجر الصحي إبان انتشار فيروس كوفيد. لقد منحني مكوثي الطويل بالمنزل تلك المتعة الأثيرة لديَّ. متعة الكتابة ومشاغبة البياض على أوراق مذكرات، كنت قد اخترتها بعناية شديدة. فأنا عادة أفضِّل الكتابة على أوراق المذكرات".

أخيراً ما الدعاء المفضل لك في رمضان؟ يقول: "ليس لديَّ دعاء محدد في رمضان. لكنني أناجي الخالق دائماً. أفتح له غرف قلبي. أناديه بأسمائه الحسنى، خاصة أنني أعتبر رمضان فرصة لا يجب تفويتها، من أجل تقوية الصلة بالواحد الأحد. لكنني أتذكر الجميع في دعائي ابتداءً بأبي وأمي، مروراً بأسرتي الصغيرة وصولاً إلى أفراد عائلتي، دون أن أنسى الإنسانية كلها، متمنياً أن تخرج من هذا النفق الذي دخلت إليه. الإنسانية التي يبدو أنها لن تصل إلى سن الرشد أبداً، خاصة مع ما نشهده من أحداث مؤلمة في كل بقاع العالم".

جدير بالذكر أن النفيسي أصدر العديد من الأعمال الأدبية منها روايات ومجموعات قصصية مثل مجموعة "الفزاعات تستقيل" ومجموعة "تطريزات على جسد غيمة"، و رواية "طرقات بمزاج سيئ" وغير ذلك.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی رمضان

إقرأ أيضاً:

بولت يتجاهل ميسي ويختار رونالدو في قائمة أعظم 3 لاعبين

تجاهل العدّاء الجمايكي الأسطوري يوسين بولت النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي لاعب إنتر ميامي الأميركي عند اختياره أعظم 3 لاعبين في تاريخ كرة القدم.

بولت (38 عاما) الذي يُعد واحدا من أعظم الرياضيين في تاريخ الألعاب الأولمبية بحصده 8 ميداليات ذهبية ويحمل الرقم القياسي العالمي في سباقي 100 و200 متر لم يُخف حبه الكبير لكرة القدم وتشجعيه لنادي مانشستر يونايتد الإنجليزي.

Usain Bolt wearing a signed Manchester United Cristiano Ronaldo jersey. ❤️ pic.twitter.com/7fVxcIxbhQ

— TCR. (@TeamCRonaldo) October 2, 2024

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صلاح يربح عشرات الملايين من العقود التجارية والإعلانيةlist 2 of 2أندية حسمت الدوري مبكرا في البطولات الخمس الكبرىend of list

وعند سؤاله عن أفضل 3 لاعبين في تاريخ كرة القدم أجاب "يا إلهي. هذا سؤال صعب لكني سأبقي الأمر بسيطا".

وأضاف في مقابلة أبرزها موقع "سبورت بيبل" البريطاني "أعتقد أنهم بيليه ومارادونا، وأفضل لاعب بالنسبة لي هو كريستيانو رونالدو، هؤلاء هم أفضل 3 بالنسبة لي".

وعندما فوجئت المحاورة باستبعاده لميسي وسألته عن السبب أجاب ببساطة "بسبب حبي لكريستيانو رونالدو".

بولت أسطورة ألعاب القوى لم يخف عشقه لممارسة كرة القدم (رويترز)

اللافت في الأمر أن هذه الخيارات جاءت رغم تشجيع بولت لمنتخب الأرجنتين في نهائيات كأس العالم 2022 في قطر، وهي النسخة التي فاز بها ميسي و"التانغو" باللقب.

إعلان

وفي مقابلة سابقة لم يُنكر بولت نجومية ميسي ووصفه بأنه لاعب "موهوب جدا"، لكنه وفي الوقت نفسه أوضح أن إعجابه برونالدو يعود إلى أن الأخير "اضطر للعمل بجهد للوصول إلى ما هو عليه الآن"، وهذا ما يجعله يقدّره أكثر.

يُذكر أن ميسي هو صاحب الرقم القياسي في عدد مرات الفوز بجائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم إذ فاز بها في 8 مناسبات، فيما حصدها رونالدو 5 مرات.

من جهة أخرى يعتقد بولت أنه ملك الألعاب الأولمبية على حساب السباح الأميركي الأسطوري مايكل فيليبس علما بأن الأخير هو الرياضي الأكثر تتويجا بالميداليات بحصده 28 ميدالية بين عامي 2004 و2016 من بينها 23 ذهبية.

ويرى بولت أن إنجازاته الأولمبية باعتباره أسرع رجل في العالم أكثر إثارة للإعجاب.

وقال "بكل تأكيد سأختار نفسي. ما حققته كان ثمرة عمل شاق وتفان. كنت أرغب بأن أكون الأسرع على كوكب الأرض وعرفت أن عليّ أن أعمل من أجل ذلك وقد نجحت".

مقالات مشابهة

  • هل تسخين الشاي في الميكروويف “جريمة نكهة” أم حل عملي؟
  • الأشغال تعدل مواقيت رحلات "طرامواي" الدار البيضاء
  • رضا شحاته: راتب زيزو سيخلق أزمة كبيرة في الأهلي
  • رضا شحاتة: راتب زيزو سيخلق أزمة رواتب في الأهلي
  • بولت يتجاهل ميسي ويختار رونالدو في قائمة أعظم 3 لاعبين
  • ماكرون في مصر| ما الذي تقدمه هذه الزيارة؟.. محمد أبو شامة يوضح
  • راسل براند يرد على الاتهامات الموجهة إليه “كنت أحمقًا.. لكنني لست مغتصبًا”
  • توجيه حكومي بطرح ملف الدراما على مائدة الحوار الوطني.. ونواب: بداية التطوير وخطوة لدعم استقرار الدولة
  • برلماني: طرح ملف الدراما بالحوار الوطني بداية تطوير يستهدف تنوير العقول
  • برلمانية: مناقشة الحوار الوطني لملف الدراما يعزز من مسار الإصلاح الديمقراطي