الدب القطبي.. أعجوبة الخلق الذي لا يتجمد فراؤه مهما حصل
تاريخ النشر: 7th, March 2025 GMT
تتكيف الدببة القطبية بشكل مثالي مع موطنها البارد في القطب الشمالي، فهي تمتلك الفراء الأبيض، والجلد السميك الممتلئ، والمخالب الحادة، والركض بسرعة 40 كيلومترًا في الساعة.
والآن، اكتشف الباحثون أن هذه الحيوانات المفترسة الأكبر في القطب الشمالي تتمتع بقوة خارقة خفية يمكن لأي شخص شاهد فيلمًا وثائقيًا عن الحياة البرية أن يلاحظها، وهي عدم التصاق الجليد بفرائها.
وفقًا لدراسة جديدة نُشرت في مجلة "ساينس أدفانسز"، فإن مادة دهنية تفرزها الغدد الموجودة في جلد الدببة القطبية تساعد على بقائها على قيد الحياة في الطقس القاسي من خلال منع فرائها من التجمد في درجات حرارة تحت الصفر.
البحث عن حل للغزتقول المؤلفة الرئيسية للدراسة بوديل هولست، وهي فيزيائية في جامعة بيرغن في النرويج، إنها استلهمت فكرة البحث في فراء الدب القطبي بعد مشاهدتها برنامجًا تلفزيونيًا للمسابقات حول الحيوانات القطبية الشمالية قبل 5 سنوات، ولاحظت أن الدببة بالكاد تكون مرئية في كاميرات التصوير الحراري مما يعني أن فراءها له نفس درجة حرارة البيئة المحيطة.
وتضيف هولست في حديثها "للجزيرة نت" أنها "أدركت أن هذا يعني أن درجة حرارة فرائها الخارجي أقل من درجة التجمد، لكنها لم تر قط دبًا قطبيًا مغطى بالجليد في أي فيلم وثائقي عن الحياة البرية، حتى بعد القفز والسباحة في مياه تحت درجة التجمد ثم العودة إلى الأرض لأكل فريستها".
إعلانومن المعروف أن أغلب شعر الثدييات يمكن أن يتجمد عندما يبتل في درجات حرارة باردة، مما جعل هولست تتساءل: كيف لا يشكل التجمد مشكلة للدببة، تواجهها بالفعل العديد من الثدييات الأخرى في البيئات الباردة، من ثور المسك إلى المستكشفين القطبيين الملتحين في يوم شتوي شديد البرودة؟ ولماذا لا يُغطى جسمهم بالجليد حتى بعد الغوص في الماء في ظل هذه الظروف؟
سألت هولست الباحثين في المعهد القطبي النرويجي عما إذا كانوا يعرفون الإجابة على هذه الأسئلة، لكنها لم تحصل على إجابة، مما دفعها إلى جمع فريق دولي من 12 باحثا لاختبار مدى مقاومة فراء الدببة القطبية للتجمد.
في البداية، اعتقدت هولست أن تأثير مقاومة الجليد قد يكون مرتبطا ببنية شعر الدببة، لكن اختبارا مجهريا كشف أنه يشبه إلى حد كبير شعر الإنسان، لذلك تحولت بعد ذلك إلى التحقيق في دهون الفراء.
تركيبة دهنية مقاومة للجليد
في جهد متعدد التخصصات، جمَّد الباحثون كتلا من الجليد على عينات من مواد مختلفة، بما في ذلك فراء الدب القطبي المغسول وغير المغسول، بالإضافة إلى الشعر البشري الذي يحتوي على دهون طبيعية، وجلود الزلاجات المغطاة بمواد كيميائية تقلل الاحتكاك تسمى الفلوروكربونات، والتي تُستخدم لمساعدة الزلاجات على الانزلاق.
واختبر الباحثون مدى التصاق الجليد بهذه المواد عن طريق قياس مقدار القوة المطلوبة لتحريك كتلة الجليد من كل منها، حتى إن أحد الباحثين الرئيسيين في الدراسة جوليان كارولان، وهو كيميائي في كلية ترينيتي في دبلن، استخدم شعره الخاص في البحث.
ونتيجة لجهودهم، وجد الباحثون أن فراء الدب الدهني غير المغسول مماثلا في فعاليته لجلود الزلاجات المعالجة بالفلوروكربونات التي قاومت الالتصاق بالجليد، مقارنةً بعينات من الشعر البشري والفراء المغسول من الدهون.
إعلانووجدوا أيضًا أن القوة المطلوبة لإزالة الجليد من فراء الدب القطبي كانت ربع ما هو مطلوب للفراء المغسول الذي فقد إلى حد كبير خصائصه المضادة للتجمد، أو شعر الإنسان على الرغم من أنه دهني أيضًا، مما يعني أن الدببة يمكنها التخلص بسهولة من أي جليد.
وأظهرت هولست وزملاؤها أن مقاومة فراء الدب القطبي للجليد ترجع إلى الدهون الطبيعية التي تفرزها على الشعر، وليس إلى خصيصة الفراء نفسه، مما يشير إلى أن الطبقة الدهنية على الشعر -وهي جزء مما يحتويه الفراء- هي المفتاح لتأثير مضاد للجليد.
وأظهر تحليل كيميائي أجراه الباحثون للدهون الموجودة على فراء الدببة، ويطلق عليها العلماء اسم الزهم، أنها تحتوي على خليط من الكوليسترول وثنائي أسيل الجلسرين والأحماض الدهنية الأخرى التي تميزه عن الزهم الذي تفرزه الغدد الدهنية الموجودة لدى العديد من الثدييات، بما في ذلك البشر.
بالإضافة إلى ذلك، وجد الباحثون أن دهون الدب القطبي تفتقر إلى مركب يسمى "السكوالين"، وهو مادة ذات كثافة قليلة تحتوي على بعض الأحماض الدهنية غير العادية، ولها خصائص تجعل الجليد يلتصق بها بسهولة، وتوجد عادة في شعر البشر وثعالب الماء والعديد من الثدييات البحرية الأخرى، مما يشير إلى أن هذا النقص يمكن أن يساعد في مقاومة الجليد، وفقًا لبيان صادر عن كلية ترينيتي في دبلن.
هذه الوصفة بتركيبها الفريد من نوعه في الدببة القطبية تقلل بشكل كبير من قدرة الجليد على الالتصاق بالفراء، وهو ما يجعل هذه الحيوانات تقاوم الجليد في الطقس القطبي البارد.
تميز نتائج الدراسة الدببة القطبية عن الحيوانات الأخرى التي تعيش في الطقس البارد، مثل البطاريق، التي تأتي خصائصها المضادة للتجمد من بنية ريشها، في حين تأتي آلية الدببة المضادة للتجمد من الدهون وليس من فرائها.
كما تعزز هذه النتائج أيضًا المعرفة الأصلية حول الدببة التي تعيش في القطب الشمالي، حيث تؤكد هولست أن فريقها ليس أول من اكتشف هذه الخصائص الخاصة المضادة للتجمد، فقد كان هذا معروفًا منذ قرون للسكان الأصليين في القطب الشمالي.
إعلاناستغل سكان القطب الشمالي مثل الإنويت هذه الخصائص المقاومة للجليد، فقد اعتادوا على تحضير فراء الدب القطبي بطريقة تحافظ على الزهم، على عكس الطرق المستخدمة في فراء أنواع أخرى.
كما استخدموا الفراء بطرق مختلفة، حتى أن صيادي الإنويت في غرينلاند ارتدوا ملابس فرو الدب القطبي للتحرك بهدوء على الأسطح الجليدية، ووضعوا قطعًا من فراء الدب القطبي تحت أرجل المقاعد التي يستخدمها الصيادون لمنعها من الالتصاق بالجليد في أقسى الظروف المناخية.
كما صنعوا أحذية من جلود الدببة القطبية للتحرك في صمت تام عبر الجليد أثناء مطاردة الحيوانات، وهو ما تعتمد عليه الدببة القطبية كصيادين حين تتربص بالفقمة والفرائس الأخرى بالقرب من ثقوب الجليد البحري حتى تظهر على السطح لتنقض عليها بأقل قدر من الاحتكاك بين الفراء والجليد.
بعد فهم كيفية بقاء الدببة القطبية دافئة وجافة في القطب الشمالي، تقول هولست إن "الدراسة تقدم رؤى وإلهاما لتطوير مواد مقاومة للجليد يتم الحصول عليها من مصادر طبيعية، وتوفر حلا أكثر ملاءمة للبيئة لمشكلة الجليد طويلة الأمد دون التسبب في ضرر".
ويأمل الباحثون أن تمهد دراسة التركيبة التي تقوم عليها دهون الدب القطبي الطريق أمام ابتكارات جديدة، وتطوير بدائل أكثر صحة للمواد المقاومة للجليد المحملة بمواد بيرفلورو ألكيل وبولي فلورو ألكيل.
على سبيل المثال، قد تلهم نسبة الجلسرين والشمع في دهون الدب القطبي أنواعًا جديدة من الطلاءات المقاومة للجليد للزلاجات وأنواع أخرى من الأسطح، بعضها يحتوي حاليًا على مواد كيميائية صناعية سامة.
تُستخدم هذه المواد المعروفة أيضًا باسم "المواد الكيميائية الدائمة"، بسبب طول فترة بقائها في البيئة غالبًا، على نطاق واسع في صنع مواد أواني الطهي غير اللاصقة والملابس المقاومة للماء وتغليف الأطعمة وخيط تنظيف الأسنان ومجموعة متنوعة من المنتجات الأخرى.
إعلانلكن الأدلة المتزايدة تشير إلى أن العديد منها يمكنها الانتقال عبر التربة لتلويث مياه الشرب، وترتبط بمجموعة من المشاكل الصحية لدى البشر والحياة البرية، وتشكل مخاطر الإصابة بالسرطان والعقم ومشاكل صحية أخرى للأشخاص حتى عند مستويات منخفضة من التعرض.
وتنافس قدرة جلود الدببة الدهنية الطبيعية على مقاومة الجليد قدرة بعض أكثر الألياف الصناعية تقدمًا والمطلية بهذه المواد الكيميائية، والتي تستخدم لمقاومة الزيت والحرارة والماء والجليد.
ويستكشف فريق هولست حاليًا تطبيقات محتملة جديدة وأكثر صداقة للبيئة، لا تحتوي على مركبات الفلوروكربون طويلة الأمد المستخدمة حاليًا لمقاومة الجليد في إنشاء شمع التزلج (مادة توضع على قاع زلاجات الثلج تم حظرها في النرويج لأسباب بيئية) ومواد التشحيم وحتى سوائل إزالة الجليد من الطائرات.
ويقول الباحثون إن المهندسين يمكنهم استخدام المكونات الموجودة في دهون الدببة القطبية -مثل شمع الشعر- إنشاء منتجات أكثر أمانًا للأشخاص الذين يعملون في بيئات باردة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان فی القطب الشمالی الدببة القطبیة الباحثون أن الجلید فی القطبی ا
إقرأ أيضاً:
ما الذي يجري في سوريا؟
سرايا - أعلنت إدارة الأمن العام في سوريا حظر التجوال في اللاذقية وحمص، في حين عمّت المظاهرات مختلف المدن السورية تأييدا لعمليات وزارة الدفاع وقوات جهاز الأمن الداخلي في ريف اللاذقية لملاحقة فلول النظام المخلوع والتي بدأت مساء الخميس في ريف اللاذقية وجبلة.
فمن جهتها أعلنت إدارة الأمن العام في مدينة حمص فرض حظر تجوال عام، اعتبارا من الساعة 10 مساء الخميس، وحتى الساعة 8 صباحا من يوم الجمعة، كما أعلنت إدارة الأمن العام في اللاذقية فرض حظر تجوال من الساعة 10 مساء وحتى الساعة 10 صباحا في محافظة اللاذقية وريفها.
مظاهرات حاشدة مؤيدة للحكومة
في الأثناء، عمت المظاهرات مختلف المدن السورية دعما لعمليات وزارة الدفاع السورية والقوات الأمنية ضد فلول النظام السابق في ريف اللاذقية، حيث أفادت قناة "الجزيرة" بخروج مظاهرات كبيرة في مدن دمشق وريفها وحمص وحماة وحلب ودرعا ودير الزور والبوكمال.
وأضافت أن المتظاهرين رددوا هتافات ورفعوا لافتات داعمة للعملية الأمنية وللحكومة السورية في مساعيها بإعادة الأمن والاستقرار على كامل التراب السوري.
وأشارت إلى خروج مواطنين سوريين للساحات في دمشق وريفها دعما لعملية قوات وزارة الدفاع في اللاذقية، ورافق ذلك انتشار مكثف للأمن العام وقوات وزارة الدفاع السورية في ساحة الأمويين بدمشق.
وفي حماة، انطلقت مظاهرات شعبية لأهالي المنطقة عقب صلاة التراويح وسط مدينة حماة تأييدا لعمليات وزارة الدفاع السورية وقوات جهاز الأمن الداخلي في ملاحقة فلول النظام المخلوع.
ودعا الأهالي خلال المظاهرة إلى ضرورة ملاحقة مجموعات الفلول التابعة لنظام الأسد، وضرورة محاسبتهم بعد عمليات تهديد استقرار الأمن والسلام في الساحل السوري.
كما أيد المتظاهرون الأرتال العسكرية التابعة لوزارة الدفاع التي انطلقت من محافظة حماة باتجاه ريف اللاذقية ومدينة جبلة، والتي مرّ بعضها وسط جمهرة الأهالي في ساحة العاصي.
وشدّد المتظاهرون خلال هتافاتهم على استعدادهم للوقوف إلى جانب وزارة الدفاع السورية، للدفاع عن وحدة الأراضي السورية ومحاسبة المجموعات التي تهدد هذه الوحدة.
وفي دير الزور، احتشد جمع غفير من المواطنين تعبيرا عن دعمهم لوزارة الدفاع وقوات الأمن العام في محاربة فلول مليشيات الأسد والعصابات الخارجة عن القانون بمنطقة جبلة وريفها.
كما تجمع حشد كبير من أهالي حمص عند دوار الساعة الجديدة دعما لقوات الأمن العام ووزارة الدفاع في عمليتها لبسط الأمن والاستقرار في مدينة جبلة وريفها.
وفي حلب، أكد أهالي المدينة وقوفهم إلى جانب قوى الأمن العام ووزارة الدفاع وجهودها لبسط الأمن والاستقرار على كامل الأراضي السورية.
علاقة بشار وماهر الأسد بالأحداث
وذكرت قناة "الجزيرة" أنها حصلت على معلومات من مصادر أمنية خاصة تتعلق بتحركات خلايا تابعة للنظام السابق التي نفذت عمليات في ريف اللاذقية.
وذكر مصدر أمني لـ"الجزيرة"، أن الرئيس المخلوع بشار الأسد على علم بالتنسيق الجاري بين جميع المجموعات المسلحة بدعم وإشراف دولة خارجية.
كما قال إن المجلس العسكري الذي شكله العميد غياث دلا بدأ بتوسيع نفوذه على الأرض وأنشأ تحالفات مع قيادات سابقة في جيش المخلوع، وأضاف أن دلا تلقى دعما ماليا من حزب الله والمليشيات العراقية، كما حصل على تسهيلات لوجستية من قوات سوريا الديمقراطية.
كما ذكر المصدر الأمني أن دلا أنشأ تحالفا مع محمد محرز جابر قائد قوات صقور الصحراء سابقا والمقيم حاليا بين روسيا والعراق، وأقام أيضا تحالفا مع ياسر رمضان الحجل الذي كان قائدا ميدانيا ضمن مجموعات سهيل الحسن التابع للنظام المخلوع.
وأضاف أن دلا فرض سيطرته الميدانية على ريف قوتلي بالساحل وهو اليد التنفيذية لماهر الأسد في العمليات الجارية حاليا، مشيرا إلى أن ماهر الأسد غادر الأراضي العراقية أمس الأربعاء متجها إلى روسيا لمقابلة بشار الأسد.
من جهة أخرى، أشار المصدر إلى اعتقال اللواء إبراهيم حويجة رئيس المخابرات الجوية السابق الذي كان ينسق مع تلك الخلايا بشكل مباشر، كما أكد إفشال هجوم من فلول النظام على الأمن الجنائي في مدينة اللاذقية ومقتل أحد المهاجمين واعتقال 3 آخرين.
وكان مصدر أمني سوري أفاد لقناة "الجزيرة" في وقت سابق، بارتفاع عدد قتلى الأمن العام إلى 15 في كمائن مسلحة لفلول النظام في ريف اللاذقية شمال غرب سوريا، في وقت أعلن فيه مصدر في إدارة الأمن العام السوري اعتقال اللواء إبراهيم حويجة رئيس المخابرات الجوية السابق بالنظام المخلوع.
وقال المصدر الأمني إن المجموعات المتحصنة باللاذقية تضم "مجرمي حرب" تابعين للضابط بالنظام السابق سهيل الحسن، وإن وزارة الدفاع وقوات الأمن تنفذان عمليات ميدانية لضبط الأمن وملاحقة المجرمين في المحافظة.
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 07-03-2025 10:25 AM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية