هل يحمل مقترح سياف رؤية جديدة لحل الأزمة في أفغانستان؟
تاريخ النشر: 7th, March 2025 GMT
كابل- قام زعيم حزب الدعوة الإسلامية في أفغانستان عبد رب الرسول سياف بزيارة لإيران تعد الأولى له خلال مسيرته السياسية والجهادية، حيث التقى مسؤولين إيرانيين، ودعا من طهران حركة طالبان لتشكيل مجلس شورى "أهل الحل والعقد" للخروج من أزمة عدم الاعتراف بالحكومة التي شكلتها طالبان منذ وصولها إلى السلطة.
وتحمل دعوة سياف دلالات سياسية وأمنية تتجاوز مجرد الاقتراح الذي قدمه، باعتباره شخصية جهادية سابقة ومناهضة لطالبان، التي لا ترغب بدورها إجراء انتخابات وبمشاركة حقيقية للأحزاب السياسية وزعماء القبائل في السلطة.
بينما يرى سياف -بحسب ما يتحدث المقربون منه- أن مقترحه قد يكون فرصة لإجبار طالبان على إشراك بعض الشخصيات من خارجها في عملية صنع القرار السياسي في أفغانستان، وأن خطته تحمل صبغة دينية لن تستطيع طالبان معارضتها علنا لأسباب دينية وتاريخية.
ويتحدث المقربون منه أنه يسعى إلى أن ترحب دول المنطقة -بما فيها إيران- باقتراحه، حيث تولي هذه الدول أهمية للممارسات المحلية مقارنة بالانتخابات التي تعتبرها ظاهرة غربية.
موقف طالباناكتفى المتحدث باسم الحكومة الأفغانية ذبيح الله مجاهد في حديثه للجزيرة نت بالقول "لا جديد في اقتراح سياف ولا يستحق التعليق، الشعب الأفغاني يعرف هذه الشخصيات بمعنى الكلمة ولن يثق بها مرة أخرى".
إعلانولكن مصدرا في القصر الرئاسي -فضل عدم ذكر اسمه- قال للجزيرة نت إن "الشعب الأفغاني جرب آلية شورى أهل الحل والعقد إبان انهيار الحكومة الشيوعية عام 1992، وفشلت في تحقيق الحل السلمي للأزمة الأفغانية، حيث من السهل جدا شراء أعضاء الشورى، لتحقيق أهداف الآخرين كما رأينا أيام حكومة المجاهدين".
وأضاف المصدر أن "بإمكان سياف وغيرهم العودة إلى أفغانستان والعيش فيها دون أن يفكروا في أن يكونوا جزءا من العملية السياسية، فالحلول المستوردة من الخارج جزء من المشكلة وتعقد المشهد أكثر".
ويقول رئيس الحزب الجمهوري الأفغاني شاه محمود مياخيل للجزيرة نت إن حركة طالبان وافقت قبيل وصولها إلى السلطة على مبدأ "أهل الحل والعقد" لكنها ترفض اليوم مقترح سياف، حيث إنها لم تظهر حتى الآن أي مؤشرات على قبول مشاركة مجموعة أخرى في السلطة.
وأضاف مياخيل الذي تولى منصب وزير الدفاع في الحكومة السابقة "إذا قبلت طالبان هذا العرض، فقد تكتسب بعض الشرعية دون إجراء انتخابات رسمية، ولكنها في الوقت نفسه ستضطر إلى تقاسم السلطة مع مجموعات أخرى، كما أن هذه الفكرة قد تسبب انقساما بين فصائل المعارضة ضد طالبان، إذ قد يكون بعضها مهتما بإصلاح السلطة تدريجيا من الداخل، بدلا من محاولة الإطاحة بطالبان".
ولكن في الوقت نفسه، يرى مياخيل أن الاقتراح يشكل نوعا من الضغط على طالبان للحصول على الشرعية، ليس فقط من خلال القوة والهيمنة العسكرية، بل عبر آلية تقليدية داخل جزء من المجتمع الأفغاني.
ويقول للجزيرة نت إن "سياف يتحدث نيابة عن نفسه، ولا يمثل كافة الأحزاب والتيارات المعارضة لحركة طالبان، ولا أعتقد أن المقترح يساعد في حل المشكلة الأفغانية".
إعلانوأضاف أن "إيران تلعب دور الوسيط، وتحاول تشكيل نظام بنسخة سنية في أفغانستان، لكنها لا تريد نظاما يشكل على أسس الديمقراطية، حيث سيعتبر بمثابة تحدٍ للنظام الإيراني".
يقول رئيس اللجنة السياسية في المعارضة المسلحة الأفغانية عبد الله خنجاني للجزيرة نت إن إيران توصلت إلى استنتاج مفاده أن "طالبان لن تغادر السلطة قريبا"، وبالتالي فإن اقتراح سياف لعقد شورى "أهل الحل والعقد" قد يشكل آلية بديلة لإضفاء الشرعية على طالبان في صيغة تقليدية وليس ديمقراطية.
ويوضح خنجاني أن المقترح "يضمن مصالح إيران السياسية والاقتصادية، ويمنعها من الوقوع في فخ الدول الغربية -خاصة الولايات المتحدة- ويحافظ على نفوذها السياسي ومكانتها الدبلوماسية".
وأكد قائلا "موقفنا واضح بشأن القضية الأفغانية، ونرى الحل في تشكيل نظام يمثل كافة أطياف المجتمع الأفغاني، ونحتكم إلى الصندوق وليس إلى الطرق التقليدية، ولا ندخل في أي عملية أو آلية تؤدي إلى إضفاء الشرعية على نظام طالبان أو تقويته أو استمراره بشكله وصورته الحالية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان للجزیرة نت إن فی أفغانستان
إقرأ أيضاً:
بنجامين ستورا يحمل ريتايو مسؤولية توتر العلاقات مع الجزائر وتصاعد الإسلاموفوبيا
وجّه المؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا انتقادات لاذعة لرئيس كتلة الجمهوريين في مجلس الشيوخ الفرنسي، برونو ريتايو، محمّلاً إياه جزءاً كبيراً من المسؤولية في تدهور العلاقات بين الجزائر وفرنسا، إضافة إلى مساهمته في تفاقم ظاهرة الإسلاموفوبيا داخل فرنسا.
ولدى استضافته عبر تلفزيون النهار ، اعتبر ستورا أن الخطاب السياسي الذي يروّج له ريتايو يُعمّق الانقسامات ويعيق أي تقدم في مسار التهدئة بين البلدين، مؤكداً أن مثل هذه المواقف لا تخدم مصالح فرنسا ولا تحترم عمق العلاقات التاريخية التي تربطها بالجزائر.
وقال ستورا إن ريتايو “يساهم في تكريس خطاب الكراهية والانغلاق”، مشيراً إلى أن تصريحاته ومواقفه السياسية تُغذي مشاعر العداء وتشوش على مساعي التهدئة بين باريس والجزائر.
وأضاف ستورا أن هذه التطورات الخطيرة تؤكد مجدداً الحاجة إلى مواجهة حازمة لخطابات الكراهية والعنصرية، ودعا إلى فتح نقاش وطني جاد حول العلاقة بين فرنسا ومواطنيها من أصول مغاربية، مؤكدًا أن “الإسلاموفوبيا لم تعد مجرد ظاهرة هامشية، بل باتت تهدد السلم الأهلي”.
كما أعاد ستورا التذكير بملف “الذاكرة” ، مبدياً أسفه لما وصفه بالعزلة التي واجهها حين طالب الدولة الفرنسية بالاعتراف بمسؤولياتها التاريخية في جرائم الحقبة الاستعمارية، وعلى رأسها اغتيال المناضل الجزائري العربي بن مهيدي.
وأوضح أن المصالحة الحقيقية بين الجزائر وفرنسا لن تتحقق إلا من خلال الاعتراف الواضح بالحقائق التاريخية، بعيداً عن المزايدات السياسية أو محاولات طمس الذاكرة.