بغداد اليوم -  بغداد

تمثل العلاقة بين إيران والولايات المتحدة في العراق أحد أكثر الملفات حساسية، حيث تتداخل المصالح الاستراتيجية لكل من الطرفين، ما ينعكس بشكل مباشر على الوضع الأمني والسياسي في البلاد. وبينما تواصل واشنطن تعزيز وجودها العسكري، تؤكد طهران أن بقاء هذه القوات يشكل تهديدًا مباشرًا لعمقها الاستراتيجي.

في هذا السياق، يوضح الخبير الأمني صادق عبد الله أن المصالح الإيرانية في بغداد لا تتعلق فقط بملف الوجود الأمريكي، بل تشمل أبعادًا إقليمية أوسع.


العراق "ساحة المواجهة"

منذ سقوط النظام العراقي السابق عام 2003، تحول العراق إلى ساحة مواجهة غير مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران. فبينما عززت واشنطن وجودها العسكري، رأت طهران في ذلك تهديدًا لأمنها القومي، ما دفعها إلى دعم فصائل مسلحة لممارسة الضغط على القوات الأمريكية.

وأوضح عبد الله في حديثه لـ"بغداد اليوم"، أن "العداء بين طهران وواشنطن ليس وليد اللحظة، بل يعود إلى تغيير النظام الإيراني عام 1979، وهو ما جعل العلاقة بين الطرفين قائمة على التوتر الدائم"، مشيرًا إلى أن "بقاء القوات الأمريكية في العراق لا يخدم المصالح الإيرانية، بل يزيد من قلقها الأمني، ويدفعها إلى اتخاذ إجراءات وقائية لمواجهة أي تهديد محتمل".


محاولات إيرانية لتعزيز النفوذ

أكد عبد الله أن إيران تعمل على ترسيخ نفوذها في العراق عبر عدة مسارات، تشمل العلاقات الاقتصادية، والتأثير السياسي، ودعم الفصائل المسلحة التي تتبنى خطابًا مناهضًا للوجود الأمريكي. وأشار إلى أن "إيران كانت الداعم الرئيسي لعشرات الهجمات ضد القوات الأمريكية بعد 2003، كما أنها كثفت جهودها لإخراج هذه القوات، خصوصًا بعد اغتيال قاسم سليماني، الذي لعب دورًا محوريًا في بناء النفوذ الإيراني في المنطقة".

وأضاف أن "التحولات الإقليمية الأخيرة، مثل تراجع تأثير إيران في سوريا ولبنان، زادت من أهمية العراق كمنصة لنفوذها الاستراتيجي"، لافتًا إلى أن "طهران باتت ترى في العراق ركيزة أساسية في مواجهة الضغوط الأمريكية المتزايدة".


اعتراف بصعوبة المواجهة المباشرة

على الرغم من التصعيد المستمر بين الطرفين، يرى عبد الله أن الحرب المفتوحة بين إيران والولايات المتحدة لا تزال مستبعدة. وقال: "رغم العداء الممتد لعقود، فإن هناك ثوابت غير معلنة بين الطرفين، من بينها تجنب الدخول في مواجهة مباشرة قد تجر المنطقة إلى حرب شاملة".

وأشار إلى أن "طهران قد تلجأ إلى حلول دبلوماسية طويلة الأمد، تتضمن تفاهمات غير مباشرة مع واشنطن حول مستقبل العراق"، مضيفًا أن "الضغوط الاقتصادية والعقوبات المفروضة على إيران قد تدفعها إلى إعادة تقييم استراتيجياتها في العراق والمنطقة".


إرادات متعددة تفرض نفسها

يتضح أن العراق بات نقطة تقاطع لمصالح متعددة، حيث تسعى طهران للحفاظ على نفوذها، بينما تعمل واشنطن على تقويض هذا النفوذ وتعزيز تحالفاتها داخل البلاد. في الوقت ذاته، تواجه الحكومة العراقية تحديًا كبيرًا في تحقيق توازن دقيق بين المصالح الأمريكية والإيرانية، بما يضمن استقرار العراق وعدم تحوله إلى ساحة صراع دائم.

ويرى محللون أن التوصل إلى معادلة تحقق التوازن بين النفوذين الأمريكي والإيراني في العراق يتطلب جهودًا دبلوماسية مكثفة، إلى جانب تقوية مؤسسات الدولة العراقية بحيث لا تصبح ساحة مفتوحة للصراعات الخارجية.

ويبقى العراق محورًا رئيسيًا في الصراع الأمريكي-الإيراني، حيث تسعى كل من طهران وواشنطن إلى تحقيق أهدافهما الاستراتيجية ضمن حدوده. وبينما تواجه إيران تحديات اقتصادية وسياسية قد تدفعها إلى إعادة النظر في سياساتها الإقليمية، تستمر الولايات المتحدة في فرض مزيد من الضغوط لضمان تقييد النفوذ الإيراني. في هذا المشهد المعقد، يبدو أن العراق لا يزال في قلب معادلة التوازن الإقليمي، حيث ستحدد طبيعة التفاهمات بين الأطراف المختلفة مستقبل الاستقرار في المنطقة.


المصدر: بغداد اليوم+ وكالات


المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: فی العراق عبد الله إلى أن

إقرأ أيضاً:

ملف عقود 7000.. ماذا وراء الفيديوهات المثيرة للجدل في ديالى؟ - عاجل

بغداد اليوم - بغداد

أعلن النائب مضر الكروي ،اليوم الإثنين (7 نيسان 2025)، عن تقديم أول طلب رسمي للتحقيق في ملف عقود 7000 في ديالى، بعد انتشار فيديوهات على منصات التواصل الاجتماعي تحدثت عن خروقات في هذا الملف.

وقال الكروي لـ"بغداد اليوم"، إنه تقدم بطلب رسمي إلى هيئة النزاهة للتحقيق في هذه الفيديوهات التي تكشف عن تورط بعض الشخصيات في الحصول على درجات وظيفية دون وجه حق". 

وأضاف، أن "الفيديوهات تستدعي مراجعة من قبل هيئة النزاهة والكشف عن نتائج التحقيق للرأي العام، خاصة وأن ملف العقود أثار جدلاً واسعًا ولم يُحسم إلا بعد مرور أكثر من 500 يوم".

وأكد أن "الطلب بالتحقيق يأتي استجابة لمناشدات أكثر من 150,000 متقدم لم يحالفهم الحظ في الحصول على عقود 7000"، مشددًا على أهمية التحقيق وكشف نتائجه لضمان معرفة حقيقة ما تم نشره، وهل المعلومات الواردة في الفيديوهات صحيحة أم أنها مجرد شائعات.

وأشار الكروي إلى أن "هذا الطلب هو الأول حول عقود 7000، داعيًا هيئة النزاهة إلى حسم الأمر خلال الأيام المقبلة". 

ونظم العشرات من خريجي الكليات والمعاهد، الأحد (6 نيسان 2025)، وقفة احتجاجية أمام مبنى الحكومة المحلية في محافظة ديالى وسط بعقوبة، للمطالبة بثلاثة مطالب رئيسية.

وقال عضو تنسيقية الوقفة الاحتجاجية محمد كريم، في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن "العشرات من خريجي الكليات والمعاهد نظموا وقفة احتجاجية أمام مبنى الحكومة المحلية في ديالى، ورفعوا لافتات تتضمن ثلاثة مطالب مشروعة، أبرزها الاستجابة للشكاوى المتعلقة بعقود الـ7000، وبيان الغموض الذي رافق إعلان أسماء المرشحين قبل عطلة عيد الفطر المبارك".

وأضاف، أن "المطلب الثاني يتمثل باستخدام المحافظ صلاحياته في إبرام العقود مع الخريجين، وفق القرارات الحكومية النافذة، أما المطلب الثالث فهو ضرورة المضي بعملية الحذف والاستحداث، لما لها من دور في توفير المزيد من فرص العمل للخريجين".

وأشار إلى أن "الوقفة تهدف إلى تسليط الضوء على ملفين في غاية الأهمية يتعلقان بجيش الخريجين العاطلين عن العمل، والذين يسعون للحصول على فرص حقيقية داخل مؤسسات الدولة"، مؤكداً أن "المطالب التي تم طرحها تمثل تطلعات آلاف الخريجين من مختلف الاختصاصات في عموم ديالى".

وتشهد محافظة ديالى بين الحين والآخر خروج تظاهرات للطلبة الخريجين للمطالبة بتوفير درجات وظيفية لهم في القطاع العام، من بينهم خريجو كليات الهندسة والتربية والمجموعة الطبية، إضافة إلى تظاهرات الطلبة الأوائل وحملة الشهادات العليا.


مقالات مشابهة

  • إيران ترفض إجراء مفاوضات مباشرة مع واشنطن وعرض روسي للوساطة
  • ملف عقود 7000.. ماذا وراء الفيديوهات المثيرة للجدل في ديالى؟ - عاجل
  • عاجل. رويترز: المجموعات المسلحة المدعومة من إيران في العراق قد تتجه نحو نزع سلاحها لتجنب التصعيد
  • طرح تشكيل حكومة طوارئ في العراق.. هل تنهي واشنطن هيمنة طهران؟
  • هل تدفع التحركات العسكرية الأمريكية إيران لامتلاك القنبلة النووية
  • تحرير العراق من إيران.. تصعيد امريكي لتأجيج الأوضاع في الشرق الأوسط - عاجل
  • عراقجي يعلن شروط إيران لاستئناف المحادثات مع واشنطن حول البرنامج النووي
  • دعوات تحرير العراق في واشنطن.. رؤية إدارة ترامب وتصعيد الموقف مع إيران
  • دعوات تحرير العراق في واشنطن.. رؤية إدارة ترامب وتصعيد الموقف مع إيران- عاجل
  • إعصار الرسوم الأمريكية يضرب أسواق العالم.. والاقتصاد العراقي في مهب الريح - عاجل