الرواية السودانية- رحلة تطور وتنوع في الأدب العربي والأفريقي
تاريخ النشر: 7th, March 2025 GMT
عند منتصف ليلة البارحة، بدأت حديثي مع أخي زهجان وبعض الاخوة والاخوات الكرام حول الرواية السودانية، وما تناوله النقاد من تفكيك وتحليل لأهم الكتابات والأقلام التي أثرت في هذا الفن الأدبي. لقد توصلوا إلى أن لدينا سبعة من أبرز كتّاب الرواية السودانية الذين يعتبرون الأهم في هذا المجال وهم: منصور الصويم، وبركة ساكن، وأمير تاج السر، وعماد البليك، وهشام آدم، وحامد الناظر، وحمور زيادة.
ولقد أهداني صديقي موفق معلوف رواية أثارت إعجابي بشدة وهي باللغة الإنجليزية، من تأليف الكاتبة السودانية صفية الهيلو. الرواية تحمل عنوان Home Is Not a Country (2021)، وهي رواية شعرية تحكي قصة نيما، فتاة مراهقة تعيش في الولايات المتحدة مع والدتها المهاجرة من بلد عربي غير محدد. تتناول الرواية مواضيع الهوية والانتماء، وتعكس رحلة نيما في اكتشاف نفسها عبر لقاءها بياسمين، الفتاة التي كانت ستكون لو وُلدت من قبل والدتها. تُحاكي الرواية قضايا الحنين والفقد باستخدام أسلوب سردي يمزج بين الشعر والخيال والواقعية السحرية، مما يجعلها من الأعمال الأدبية المؤثرة والمليئة بالصور الشعرية الرائعة.
أما عن النقد الأدبي للرواية السودانية، فقد أشار العديد من النقاد إلى أن الرواية السودانية المعاصرة، التي ظهرت منذ بداية التسعينيات من القرن العشرين، قد شهدت تطورًا ملحوظًا في الكم والنوعية. ففي الفترة بين 1948 و1989، تم نشر حوالي 90 رواية سودانية، بينما ازداد هذا العدد ليصل إلى حوالي 500 رواية من 1990 إلى 2020. وقد شهدت هذه الفترة تطورات هامة في الطرح الروائي، والتي تميزت بالتموضع الجدلي مع الواقع السوداني، وخاصة في ظل النظام الإسلامي الذي حكم السودان من 1989 إلى 2019، حيث فرض سياسات قمعية وأيديولوجية على الشعب السوداني.
كما استفاد الكتاب السودانيون من تقنيات السرد المختلفة مثل السيرة الذاتية والتاريخ والواقعية السحرية والتجريبية، مما أضاف بعدًا غنيًا لأعمالهم الأدبية. تركز الرواية السودانية أيضًا على الهمش والمهمشين، مثل النساء والأقليات والمهاجرين، حيث برز الصوت النسوي السردي الذي تحدى الوصاية الذكورية وسرد تجارب النساء السودانيات بكل جرأة. كما تم استخدام الشعر في السرد الروائي لإضفاء جماليات وعمق على النصوص.
البدايات والتطور في الرواية السودانية
تعود بدايات الرواية السودانية إلى الحكايات الشعبية السودانية التي كانت جزءًا من التراث الشفهي، ويُعد الطيب صالح من رواد الرواية السودانية الحديثة، حيث قدم روايته "موسم الهجرة إلى الشمال" (1966)، التي اعتُبرت علامة فارقة في الأدب العربي. الرواية ناقشت العلاقة بين الشرق والغرب بأسلوب سردي محكم وواقعي، مما جعلها من أبرز الأعمال الأدبية العربية. ومن بعدها، ظهرت أسماء أخرى ساهمت في بناء الهوية الروائية السودانية، مثل إبراهيم إسحق الذي تناول الحياة في دارفور، وعبد العزيز بركة ساكن الذي كسر المحظورات الاجتماعية في أعماله.
اتجاهات الرواية السودانية
يمكن تصنيف الرواية السودانية إلى عدة تيارات رئيسية حسب الموضوعات والأسلوب:
الواقعية الاجتماعية والتاريخية: مثل روايات إبراهيم إسحق وحامد الناظر، اللتين تناولتا حياة المجتمعات السودانية المهمشة والنزوح والصراعات القبلية.
الرواية التجريبية والمسكوت عنه: مثل أعمال عبد العزيز بركة ساكن، التي تميزت بأسلوب سردي مكثف وصادم، كما في رواية "الجنقو مسامير الأرض"، التي تعرض معاناة المهمشين.
أدب الهوية والاغتراب: حيث كتب بعض الكتاب السودانيين بالإنجليزية لتسليط الضوء على قضايا الهوية السودانية في الشتات، مثل ليلى أبو العلا التي تناولت مسائل الهوية الثقافية والدين.
الواقعية السحرية والأسطورة: مثل أعمال منصور الصويم وطالب الطيب، التي مزجت بين الفانتازيا والواقع، لتسرد قصصًا تحمل دلالات ثقافية عميقة.
أبرز الأسماء في الرواية السودانية
هناك العديد من الكتاب الذين قدموا مساهمات هامة في هذا المجال، مثل أحمد الملك الذي يتميز بأسلوبه البسيط والعميق، وأبكر آدم إسماعيل الذي دمج النظريات السياسية في السرد، وعماد البليك الذي تناول قضايا فلسفية وتاريخية، بالإضافة إلى أسماء مثل جمال محجوب وآن الصافي ورانيا مأمون.
الرواية السودانية في الأدب العربي
على الرغم من أن الرواية السودانية لم تحظ بنفس الانتشار مثل الروايات المصرية أو المغاربية، إلا أنها أصبحت واحدة من أهم الفنون الأدبية في العالم العربي. حازت أعمال مثل شوق الدرويش والجنقو مسامير الأرض على جوائز مرموقة، وساهمت ترجمات أعمال الكتاب السودانيين في تعزيز حضور الرواية السودانية على المستوى العالمي.
تواصل الرواية السودانية اليوم تطورها ونضوجها، حيث تسلط الضوء على قضايا اجتماعية وسياسية مهمة، وتقدم أصواتًا جديدة ومختلفة تعكس تحولات المجتمع السوداني. ومع تزايد الاهتمام النقدي والإعلامي بها، من المتوقع أن تستمر في إثراء المشهد الأدبي العربي والعالمي
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: السودانیة ا
إقرأ أيضاً:
هل يمكن فصل الهوية المهنية عن الشخصية؟ دراسة توضح
أشارت نتائج تقرير “Workplace Identity” الأخير إلى ظاهرة متزايدة بين الموظفين في أمريكا، حيث أبدى 35٪ منهم رغبتهم في فصل هويتهم المهنية عن هويتهم الشخصية إذا كان ذلك ممكناً، في خطوة مشابهة للمفهوم الخيالي الذي يظهر في مسلسل "سيفيرانس" (Severance).
تأتي هذة المطالبات في ظل الضغط المتزايد في أماكن العمل. كما أشارت الدراسة إلى تزايد هذة الرغبة بشكل خاص بين النساء وجيل "زد" (Generation Z)، والسبب الرئيس يعود إلى تأثير بيئة العمل السامة على حياتهم الشخصية. إذ كشف التقرير أن 46٪ من المشاركين في الدراسة يعتبرون أن التوتر في العمل يؤثر بشكل كبير على حياتهم الشخصية، بينما يرى 12٪ أن فكرة الفصل قد تساهم في الهروب من بيئة عمل سامة، فيما اعتقد آخرون أن ذلك قد يحسّن التركيز والإنتاجية.الدمج الصحيواعتبرت خبيرة الصحة النفسية "مارجوري موريسون" أن رغبة الموظفين في فصل هويتهم المهنية هي بمثابة مؤشر على بيئة عمل غير آمنة نفسياً، وأكدت أن الدمج الصحي بين الحياة الشخصية والعمل مع تعزيز الصحة النفسية في أماكن العمل، هو الحل الأمثل لتحقيق بيئة عمل أكثر استدامة وإنتاجية.
أخبار متعلقة سمو للاستثمار الدولي وجولف نورث تعلنان شراكة استراتيجية لتطوير وجهات لرياضة الغولف ونمط حياة فاخر في السعودية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيالصحة نفسية وبدنية.. 4 خطوات تقلل من ضغوط العمليطرح هذا التقرير تساؤلات هامة حول الثقافة الحالية في بيئات العمل: هل أصبح الاحتراق الوظيفي مجرد علامة على الإلتزام؟ وهل ثقافة العمل الحالية تعزز التوازن بين الحياة والعمل أم تكافئ أولئك الذين يتجاهلونه؟