45 عاما مرت على رحيل الشيخ محمود خليل الحصري، الذي كان رئيسا للاتحاد العالمي لقراء القرآن الكريم، قرأ في معظم بلاد العالم، المسلمين وغير المسلمين، وقرأ في جبل عرفات والمسجد الحرام، وقرأ في الروضة الشريفة في المسجد النبوي بالمدينة المنورة، وقرأ في أوروبا وآسيا، وهو أول من استقبله الرئيس الأميركي جيمي كارتر ليقرأ القرآن في الكونغرس.

الرئيس الأميركي جيمي كارتر يرحب بالشيخ الحصري في البيت الأبيض ويظهر السفير المصري أشرف غربال (مواقع التواصل)

لم يؤثر عنه أنه كان يقوم بعمل في كل حياته إلا كونه خدمة للقرآن وسعيا في حفظ كتاب الله والعمل به، في عام 1961م عين بقرار جمهوري شيخا لعموم المقارئ المصرية، وفي العام التالي عين نائبا لرئيس لجنة مراجعة المصاحف وتصحيحها بالأزهر الشريف ثم رئيسا لها بعد ذلك.

ولد الشيخ القارئ محمود خليل الحصري، شيخ عموم المقارئ المصرية، رئيس لجنة تصحيح المصحف الأسبق، في 17 سبتمبر/أيلول من عام 1917، في قرية شبرا النملة إحدى قرى محافظة الغربية وتوفي في 24 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1980.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"حبيبتي غزة".. هكذا تغلّب الروائي يسري الغول على مآسي القتل والمجاعةlist 2 of 2تحت القصف في غزة.. فريق محلي ينقذ تاريخا مدفونا تحت الأنقاضend of list

والشيخ محمود خليل الحصري، سمي بهذا الاسم نسبة لمهنة والده، الذي كان يعمل بصناعة "الحصير" لفرش المساجد الصغيرة بالقرى المصرية قديما، قبل تعميم فرشها بالسجاد حديثا، وهبه والده لحفظ القرآن، فحفظه ولم يتعد عمره 8 سنوات، ودرس في المسجد الأحمدي في مدينة طنطا وتعلم القراءات العشر، وكل ما كتبه من كتب، وكل ما خطت يداه كان عن القرآن وأحكام قراءته، ووقفه وابتدائه، ومشاهير القراء واختلاف قراءاتهم للقرآن، بدأ قارئا في قريته ثم في القرى المجاورة، ثم قارئا في مسجد الحسين، ثم بعد ذلك عميد القراء ورئيس اتحاد قراء العالم.

الشيخ الحصري يصلي جماعة (مواقع التواصل) صاحب أول جمع صوتي للقرآن

وهنا نشير إلى الدور الكبير للشيخ الحصري في إنشاء أول إذاعة للقرآن الكريم في العالم، وقصة أول جمع صوتي للقرآن الكريم بعد 1400 سنة من أول جمع كتابي له في عهد خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبي بكر الصديق.

إعلان

في أوائل الستينيات من القرن الماضي، ظهرت طبعة فاخرة من المصحف تحوي تحريفات خبيثة لبعض آيات القرآن، منها قوله تعالى: "ومَن يَبتغِ غَيرَ الإسلام دِينا فلن يُقبَل منهُ وهو في الآخرة من الخاسرين {85}" (سورة آل عمران)، وطبعت مع حذف كلمة "غير"، فأصبحت الآية تعطي عكس معناها تماما، وفي زيارة خارجية للشيخ الحصري عام 1962، فوجئ بتحريف مخل لبعض آيات المصحف الشريف، فما كان منه إلا أن عرض المشكلة على شيخ الأزهر، ومجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة.

تمخضت الجهود والآراء عن تسجيل صوتي للمصحف المرتل برواية حفص عن عاصم بصوت القارئ الشيخ محمود خليل الحصري، على أسطوانات توزع نسخ منها على المسلمين في أنحاء العالم الإسلامي، ثم تبين أن هذه الوسيلة لم تكن فعالة في إنجاز الهدف المنشود من ورائها؛ نظرا لعجز القدرات والإمكانات المادية في الدول الإسلامية في ذلك الوقت، فصدر قرار جمهوري بإنشاء أول إذاعة للقرآن الكريم تبث في كل أنحاء العالم.

الصلاة في الوادي المقدس بسيناء وفي الصورة من اليمين سيد مرعي، مصطفى خليل، أنور السادات، حسني مبارك، عثمان أحمد عثمان، الشيخ الحصري (مواقع التواصل)

وفي تمام الساعة السادسة صباح الأربعاء الموافق 11 ذي القعدة سنة 1338 هـ، الموافق 25 مارس/آذار سنة 1964، كان صوت الشيخ الحصري أول صوت يبث عبر أثير إذاعة القرآن الكريم، الذي حددت ساعات بثها في البداية لآيات القرآن الكريم بالقراءات العشر لمدة 14 ساعة يوميا.

وفي حوار مع الشيخ الحصري قال: "سجلت قراءة ورش في 68 أسطوانة، كل منها 40 دقيقة تقريبا، واستغرق مدة تسجيلها 3 أشهر، خلاف شهر البروفات، فيما لا يقل عن 8 ساعات تسجيل يوميا، وطلبت دولة المغرب الشقيق من مصر أن تسجل لها الرواية التي تعودوا قراءتها، وهي رواية ورش حتى يتم النفع في جميع أنحاء العالم".

إعلان

وتوالت تسجيلاته الخالدة للقرآن الكريم برواياته المختلفة لأول مرة في تاريخ الإسلام، فكان أول من سجل المصحف المرتل في أنحاء العالم برواية قالون ورواية الدوري وذلك عام 1968، وفي العام التالي كان أول من سجل المصحف المعلم في أنحاء العالم (طريقة التعليم)، وفي عام 1975 كان أول من رتل القرآن الكريم في العالم بطريقة المصحف المفسر (مصحف الوعظ)، وفي عام 1977 كان أيضا أول من رتل القرآن الكريم في أنحاء العالم الإسلامي في الأمم المتحدة أثناء زيارته لها بناء على طلب جميع الوفود العربية والإسلامية.

معهد الشيخ الحصري (مواقع التواصل) السفارات المقدسة

سافر الشيخ الحصري إلى الولايات المتحدة لأول مرة موفدا من وزارة الأوقاف للجاليات الإسلامية بأميركا الشمالية والجنوبية عامي 1971، 1973، وقرأ القرآن في الأمم المتحدة أثناء زيارته لها، كما قرأه في قاعة الكونغرس في البيت الأبيض، وخلال المؤتمر الإسلامي الأول في الهند، قرأ القرآن في حضور الرئيس جمال عبد الناصر والرئيس الهندي جواهر لال نهرو وزعيم المسلمين بالهند، بالإضافة إلى ترتيله للآيات الكريمة في القاعة الملكية وقاعة هايوارت المطلة على نهر التايمز في لندن، ودعاه مجلس الشؤون الإسلامية إلى المدينتين البريطانيتين ليفربول وشيفيلد للقراءة أمام الجاليات العربية والإسلامية في كل منها.

بعد ذلك وضع الحصري خطة إيفاد بعثات دينية لتلاوة القرآن للمسلمين في كل دول العالم، واصطحب الشيخ شلتوت، شيخ الأزهر، في جولة أخرى إلى باكستان والملايو والفلبين وهونغ كونغ وإندونيسيا، وتوالت البعثات في هذا العام، فخرجت 500 بعثة لتحيي شهر رمضان في كل أنحاء العالم.

شيخ الأزهر الأسبق محمود شلتوت والشيخ الحصري (مواقع التواصل)

أوصى الشيخ الحصري بثلث ماله لخدمة كتاب الله، وبناء معاهد القرآن الكريم، وبنى في قريته مسجدا ومعهدا لدراسة وحفظ القرآن، وأتم بناءهما قبل رحيله بعام واحد، إلى جانب مسجد في العجوزة بشارع الفلوجة، والثالث في ميدان الحصري بمدينة 6 أكتوبر، وصار اسمه معروفا بالجامع وبالميدان الذي بني المسجد فيه.

إعلان

امتدت رحلة الحصري لأكثر من 55 عاما، واستطاع من خلالها أن يكون خير سفير للقرآن الكريم، ففي 24 نوفمبر/تشرين الثاني 1980، عقب واحدة من تلك السفريات إلى الأراضي المقدسة، وفور انتهائه من صلاة العشاء، رحل الشيخ، خلال رحلة عمره التي أوقفها لخدمة القرآن الكريم، فخلد الله ذكره وكرمه أعظم تكريم، فلا يمر يوم إلا وملايين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يستمعون إلى صوته وينتفعون بطريقته في مختلف قراءات القرآن الكريم.

واليوم يكون قد مر أكثر من 60 عاما على تسجيل أول نسخة للقرآن بصوته، وهي النسخة المرتلة التي قال إنها أفضل ما تركته في حياتي مع أسطوانات تعليم الصلاة بجميع اللغات ومشروع القرآن المعلم، وكان القصد منه تعليم القرآن على طريقة الترديد والإعادة.

جامع الحصري في مدينة السادس من أكتوبر (الجزيرة) الجميل والقبيح في القراءات

ولم تكن القراءة فقط هي سلاح الشيخ في خدمة كتاب الله، فقد ترك تراثا خالدا في توجيه أطفال وشباب وقراء القرآن الكريم للتمسك بأساليب القراءة الصحيحة بالقراءات العشر التي تعارف عليها القراء، وكان يحزنه جدا أن يرى بعض القراء وهم يحيدون عن تلك القراءات السليمة بالقفز فوق الآيات أو بالتغني بالقرآن، ولهذا خصص للقراء كتابا نادرا في أسلوبه، وهو يوجه القراء نحو القراءات الصحيحة السليمة.

ويقف كتاب "مع القرآن الكريم" موقفا حازما من بعض القراءات التي تركها كبار القراء أمثال الشيخ مصطفى إسماعيل، وهو من هو في إقراء القرآن، وكذلك شيخ آخر كانت له شهرة شعبية واسعة، وهو الشيخ عنتر مسلم رحمهما الله، فلم يستح من الشيخ مصطفى إسماعيل وانتقده بشدة في هذا الكتاب، وإن لم يذكر اسمه، بل أتى بقراءته ووصفها بالقراءة القبيحة، ومنع الشيخ عنتر مسلم من أن ينتسب قارئا في الإذاعة.

قائمة التعريف بالشيخ محمود خليل الحصري خارج المسجد (الجزيرة)

والكتاب لأهميته وعلو قيمته قدمه شيخ الأزهر الشيخ محمود شلتوت.

إعلان

والكتاب يناقش قضايا مهمة في فضل تلاوة القرآن واستماعه، وكيفية تلاوته ولماذا أنزل القرآن على 7 أحرف وحكمة ذلك، وحكم جمع القراءات في المحافل، وحكم التغني وتحسين الصوت به.

يقول الشيخ محمود خليل الحصري: "رأيت بعض قراء هذا العصر يجورون عن القصد ويميلون عن الجادة، وينحرفون عن الصواب في تلاوة القرآن الكريم، إذ يقرؤون من الآيات ما يوافق هواهم من دون رعاية للترتيب، وهم بذلك يقطعون ما وصل الله".

ويعمدون إلى إعادة الآية وتكرارها بروايات مختلفة، وقراءات متنوعة في المجلس الواحد، وتلك بدعة محدثة لم تؤثر عن سلف الأمة الصالح، فوضعت هذا الكتاب نصيحة لكتاب الله تعالى، وتبيينا للصواب في قراءته، وذودا عن أقدس ما يعتز به المسلمون، وإرشادا لجمهرة التالين والسامعين".

الشيخان المنشاوي (يمين) والحصري (مواقع التواصل) تحريم القفز بالآيات

ويقول إن ترتيب الآيات أمر توقيفي ليس من صنع البشر، بل هو متلقى من رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبريل عن رب العزة جل جلاله، وكذلك ترتيب السور، فإن جماهير العلماء من الخلف إلى السلف أجمعوا على أنه توقيفي كترتيب الآيات.

ولهذا الترتيب حكمة بالغة، وأسرار سامية تكفل علماء المسلمين بكشفها وبيانها، وكان الرسول وصحابته والتابعون يقرؤون القرآن على هذا الترتيب البديع، والتنسيق المعجز.

ولكن مما يؤسف له أن قراء القرآن الكريم في هذا العصر -إلا النزر اليسير- قد ابتدعوا في قراءتهم بدعة سيئة، وطريقة مقيتة، ينكرها الدين، ويأباها الشرع، وينفر منها قلب المؤمن المفعم بحب القرآن وتقديسه، الغيور على صيانته من عبث العابثين وهذيان اللاعبين.

تلك الطريقة القبيحة المستهجنة، والبدعة الضالة المحدثة هي: أن القارئ يخالف الترتيب الذي أنزل الله القرآن عليه، فيبدأ قراءته بسورة معينة أو جزء مخصوص من القرآن الكريم، ولكنه لا يصل الآيات بعضها ببعض، بل ينتقي آيات معينة على مزاجه الخاص، ويترك آيات أخرى لا توافق مزاجه، ولا تلائم هواه، وقد يعمد في قراءته إلى الاقتصار على آيات الوعد والبشارة، دون آيات الوعيد والنذارة، وقد صرح البعض غفر الله له، بأنه ترك آيات الزجر والإنذار رعاية لشعور السامعين وإحساسهم.

إعلان

والقارئ الذي يقتصر في قراءته على آيات الوعد والتبشير كأنه أكثر أدبا وأشد رعاية لشعور السامعين من القرآن الكريم، وكأنه يزعم أن عنده من الرحمة بالخلق والإشفاق عليهم ما ليس عند أرحم الراحمين وليس عند المبعوث رحمة للعالمين.

الحصري يستقبل السادات في مسجد الحسين (مواقع التواصل)

إن هذه الطريقة تذهب بجانب هام من آيات الإعجاز للقرآن الكريم، وهي إحكام نسجه، وتناسق نظمه وتعانق جمله وكلمه، والعلاقة الكاملة بين سوره وآياته، حيث إن جميع آياته بمثابة الحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها.

ثم هي في الوقت نفسه تشوش على السامع، وتوقعه في حيرة ولبس، وتحول دون فهمه لكتاب الله وتدبره، والانتفاع بهديه ورشاده.

ذلك أن بين آي القرآن وثيق الصلة، ووشيج التناسق، وكمال الارتباط، فتكون النتيجة الحتمية لذلك التشويش على القارئ، وبلبلة فكره وتشتت فهمه. ولذلك نهى الله عن اتباع هذه الطريقة، وأمر أن يقرأ القرآن بترتيب الله لا بترتيب عباده، قال تعالى: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" (الحشر -7).

ويوجه الحصري حديثه للقراء: ونتوجه إلى السادة القراء في جميع البلاد والأقاليم، وخصوصا قراء الإذاعة بالرجاء الأكيد والأمل الوطيد أن يلتزموا القراءة من مكان واحد، وأن يصلوا الآيات بعضها ببعض، وأن يعدلوا عن هذه السنة الهوجاء، سنة القفز والالتقاط، هذه السنة السمجة التي تمزق كتاب الله عز وجل، وتبعد المسلمين عن فهم أسراره والانتفاع بأنواره.

وكان بعض كبار القراء أمثال الشيخ مصطفى إسماعيل كثيرا ما يجمعون بين القراءات السبع أو العشر في بعض آيات أو آية واحدة، حيث يقرأ الآية برواية، ثم يعيدها برواية أخرى، ووصفها بأنها قراءة مبتدعة ومستحدثة ولم تكن في العصر النبوي ولا في عهد الخلفاء الراشدين، ولا في الصدر الأول، ولا في عصر الأئمة المجتهدين.

مسجد الحصري من الداخل (الجزيرة)

ومن أقبح أنواع الجمع ما يسمونه الجمع الحرفي، وهو أن يعمد القارئ إلى كلمة مشتملة على روايات متعددة، أو أوجه متنوعة فيعيد هذه الكلمة بعدد ما فيها من الروايات أو الأوجه في نفس واحد.

إعلان

فيقول مثلا كما جاء في سورة يوسف على لسان امرأة العزيز: "وقالت هيت لك. وقالت هيت لك. وقالت هيت لك. وقالت هئت لك. وقالت هئت لك" يقصد القارئ بذلك الإغراب على السامعين، وإيهامهم أن عنده من كثرة الروايات والأوجه ما ليس عند غيره.

ويضيف الحصري: "وكل من عنده أدنى مسكة من فهم أو ذوق يدرك أن هذا النوع يخل بنظم القرآن، ويضيع رونق التلاوة، ويذهب بجمال الأداء، والقارئ الذي في قلبه بقية من دين، وأثارة من توقير القرآن وتقديسه، لا يرتكب هذه الجريمة النكراء في تلاوة كلام رب العالمين".

وقصارى القول إنه يجب على القارئ أن يقرأ لراوٍ واحد، سواء كان حفص أم غيره، وإذا قرأ حزبا أو نصفه أو ربعه لراوٍ كورش مثلا، وأراد أن يقرأ حزبا آخر فله أن ينتقل لراوٍ آخر، وعليه ألا يقرأ لراوٍ ما، إلا إذا كان واثقا مما يقرأ متثبتا من أصول الراوي وفرشه، فإذا شك في وجه أو طريق فعليه أن يدع ما يريبه إلى ما لا يريبه، ويقرأ بما هو مثبت منه، حتى لا يخلط بين رواية ورواية، وحتى لا يقرأ بما لم يرد عن الراوي الذي يقرأ له.

الموسيقى والتطريب

وعن حكم التغني وتحسين الصوت بالقرآن فقد كان للشيخ الحصري بحث طويل أفرد فيه رأي المؤيدين والرافضين، حيث اختلف العلماء في التطريب بالقرآن، والترجيع فيه، والتغني به، وتحسين الصوت بقراءته. فذهب فريق إلى كراهيته وإنكاره، ومن هؤلاء أنس بن مالك، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، والحسن البصري، وابن سيرين، ومالك بن أنس، وأحمد بن حنبل، ولهم أدلتهم القوية في هذا المذهب.

وذهب فريق إلى إباحة التطريب بالقرآن، وتحسين الصوت عند قراءته، ومن هذا الفريق عبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود، وعطاء بن رباح، وأبو حنيفة وأصحابه، والشافعي وأصحابه، وابن المبارك، والطبري، وابن العربي، وغيرهم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "زينوا القرآن بأصواتكم"، وفي لفظ عند الدارمي "حسنوا القرآن بأصواتكم، فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا".

إعلان

وانتهى الحصري إلى أن تحسين الصوت والتطريب به حال القراءة مستحب ومطلوب شرعا، ومحل اختلاف العلماء في القراءة بالألحان، إذا كانت دائرة في القواعد المحددة والأحكام المقررة التي وضعها علماء التجويد، واستنباطها من القراءة التي وصلت إلينا بالتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم، والخروج عن القواعد والأحكام المنظمة للقراءة أجمع العلماء على حرمتها.

ويقول الشيخ الحصري في نهاية بحثه: "يجوز للقارئ أن يقرأ بآية نغمة من النغمات الموسيقية، الحجاز، النهاوند، العشاق، الصبا، العجم، الرسب، إلى غير ذلك من النغمات، بشرط أن يحافظ كل المحافظة على قواعد التجويد، ويجعل التزامه بالقواعد في المحل الأول، قبل مراعاة قواعد الموسيقى، وضبط الكلمة القرآنية من ناحية التجويد، ولو ترتب عليه الإخلال بقواعد الموسيقى".

أما إذا كانت القراءة بهذه النغمات تؤدي إلى الإخلال بأصول التلاوة وأحكام الأداء، فإن القراءة بها تكون محرمة بإجماع المسلمين، يأثم القارئ بقراءتها، ويأثم المستمع بسماعها، بحسب الشيخ الحصري.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان اجتماعي الشیخ محمود خلیل الحصری صلى الله علیه وسلم فی أنحاء العالم للقرآن الکریم مواقع التواصل القرآن الکریم الشیخ الحصری قراء القرآن شیخ الأزهر فی قراءته الحصری فی الکریم فی کتاب الله أن یقرأ فی هذا أول من

إقرأ أيضاً:

الشيخ كمال الخطيب يكتب .. رمضان بين المخاض والميلاد

#سواليف

#رمضان بين #المخاض و #الميلاد


✍️ما أعظمه #فضل_الله علينا لما جعلنا نتعبّد له ونتقرّب إليه بعبادة #الصيام التي تعبّد وتقرب إليه بها أنبياء الله وأولياؤه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} آية 183 سورة البقرة. وليس أنها عبادة نافلة، وإنما كان صيام شهر رمضان ركنًا من #أركان_الإسلام الخمسة، كما ورد في الحديث المشهور لما سأل جبريل عليه الصلاة والسلام رسول الله ﷺ: “يا محمد أخبرني عن الإسلام، قال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا”. فالحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة أن المسلم يتقرب إلى الله بعبادة صوم رمضان امتثالًا لأمر الله بالصيام {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} آية 185 سورة البقرة، ونتقرب إلى الله سبحانه بعبادة الصيام نافلة زيادة في الحب والطاعة كما سنّها لنا رسول الله ﷺ بصيام يومي الإثنين والخميس من كل أسبوع، وصيام ثلاثة أيام البيض من كل شهر، فلا يكون صيام رمضان إذا جاء كأنه مشقة لا نطيقها.
✍️قال رسول الله ﷺ: “من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه”. وقال ﷺ: “إن في الجنة بابًا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة ولا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلا يدخل منه أحد”. وقال ﷺ: “لا يصوم عبد يومًا في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفًا”. وقال ﷺ: “والصوم جُنّة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن قاتله أحد أو شاتمه فليقل إني صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أحب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصيامه”. وقال ﷺ: “يقول الله تبارك وتعالى: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع طعامه وشرابه وشهوته لأجلي”.
✍️كان سلفنا الصالح رضي الله عنهم ولشدة حبهم وشوقهم لرمضان، فكانوا يستعدون لاستقباله كما يستعد الأب لاستقبال ابنه الغائب يغمره الشوق والحنين لقائه. وقد رأينا وشاهدنا وشاهدت الدنيا معنا منذ أسابيع كيف كان استقبال الآباء والأمهات والأبناء والزوجات من أهلنا في الضفة الغربية والقدس الشريف وغزة لأبنائهم الأسرى الذين أطلق سراحهم وتم تحريرهم وقد غاب كثيرون عن أهلهم مدة عشرين سنة، وغاب آخرون في غياهب السجون أكثر من ثلاثين سنة.
✍️فبمثل ذلك الشوق والحنين كانوا يستعدون لاستقبال رمضان بتهذيب النفوس والأخلاق، ويتجرّدون من سلوكيات وأخلاق كانوا عليها قبل رمضان فيخلعونها كما يخلع الإنسان ثوبه الوسخ، فيلقي به ويلبس ثوبًا نظيفًا يزيّنه ويوشّحه التسامح والحب والصفاء والتقوى.
إذا المرء لم يلبس ثيابًا من التقى تقلّب عريانًا ولو كان كاسيًا
وخير ثياب المرء طاعة ربه ولا خير فيمن كان لربه عاصيًا
????الصيام والقرآن يشفعان
✍️ وإن من أعظم ما يتقرب به العبد الصائم إلى ربه سبحانه في رمضان، القيام والصدقات وصلة الأرحام وتفقّد أصحاب الحاجة، لكن الإقبال على القرآن الكريم قراءة وتدبرًا وفهمًا وتطبيقًا هو من أعظم القربات، كيف لا ورمضان هو شهر القرآن {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ} آية 185 سورة البقرة، حتى أن العلماء الذين كانوا يشغلون أنفسهم طيلة العام بطلب العلم ومجالس الإفتاء، فإنهم كانوا يدعونها ويقبلون بكل أوقاتهم فيجعلونها للقرآن الكريم تلاوة وتدبرًا.
✍️ إنهم كانوا يعلمون أن القرآن ورمضان يشفعان للعبد يوم القيامة، فكانوا يكثرون من هذا الزاد. فلقد كان أحد الصالحين يحتضر في ساعة موته فكان يدخل في غيبوبة ثم يصحو وهكذا، وكان يجلس إلى جانبه أخ له في الله هو من أقرب الناس إليه يذكّره بالله عند صحوته، وهذا هو منهج الصالحين. وفي واحدة من تلك اللحظات كان فيها يرجّيه بربه خيرًا ويؤمّله برحمته ومغفرته، فلّما سمع تلك الكلمات منه فكأنما دبّت فيه الحياة وعادت إليه العزيمة، فالتفت إليه مبتسمًا يقول له: “وكيف لا أرجوه وأنا الذي صمت له ثمانين رمضان”.
✍️ومثل إقبالهم على الصيام لعلمهم بأنه سيشفع لهم عند الله يوم القيامة، فكذلك كان حالهم وإقبالهم على القرآن لعلمهم كذلك بأنه يشفع لهم يوم القيامة. فقد كان رجل من الصالحين واسمه عبد الله بن إدريس يحتضر، وكانت ابنته تقف عند رأسه وهو يشهق شهقات الموت، فكان كلّما شهق بكت، فنظر إليها وقال لها: لا تبكي على أبيك يا ابنتي، فوالله إن أباك قد ختم القرآن الكريم في هذه الغرفة أربع آلاف ختمة استعدادًا لهذه اللحظة، يا ابنتي ألم تسمعي قول رسول الله ﷺ: “إن رمضان وإن القرآن ليشفعان للعبد يوم القيامة، يقول رمضان: أي ربي لطالما منعته الطعام والشراب فشفّعني فيه، ويقول القرآن: أي ربي لطالما منعته النوم فشفّعني فيه فيشفعان”.
✍️ إن جمع المسلم بين عبادتي الصيام والقرآن في رمضان لهو الجمع بين خيرين ونورين، وإن هذا الجمع هو من أسباب رحمة الله بعبده وحفظه له، لأنه يكون بذلك قد جمع بين عبادتين بل بين جهادين: جهاد بالنهار على الصيام وجهاد بالليل على القيام.
✍️ قال كعب: “ينادي يوم القيامة منادٍ أن كل حارث يعطى بحرثه ويزاد، غير أهل القرآن والصيام فإنهم يعطون أجورهم بغير حساب ويشفعان له عند الله عز وجل”.
✍️ كان النبي ﷺ يقوم في رمضان أكثر من غيره، يقول حذيفة رضي الله عنه: “صليت ليلة مع رسول الله ﷺ في رمضان فقرأ بالبقرة ثم آل عمران ثم النساء، لا يمر بآية تخويف إلا وقف وسأل، فما صلى الركعتين حتى جاء بلال يؤذن صلاة الفجر”.
✍️ومثل حبيبهم ﷺ فقد كان السلف يتلون القرآن الكريم في رمضان في الصلاة وفي غيرها، فكان الأسود بن يزيد يقرأ القرآن كله في كل ليلة في رمضان، وكان قتادة يقرأه كل ثلاث ليال وفي العشر الأواخر كان يقرأه كل ليلة، وأما الإمام الشافعي فكان له في رمضان ستين ختمة في غير الصلاة.
✍️لقد كانوا يجهدون أنفسهم في ذلك لعلمهم عظيم ثواب الله تعالى لأهل القرآن، فقد حكى بعض السلف يقول: “إذا احتضر المؤمن يقال للملك: شمّ رأسه، فيقول: أجد في رأسه القرآن، فيقال: ثم قلبه، فيقول: أجد في قلبه الصيام، فيقال: ثم قدميه، فيقول: أجد في قدميه القيام، فيقال: حفظ نفسه فحفظه الله عز وجل”.
????الصوم ثورة على الظلم
✍️ إنه الفارق الكبير فيما كنّا عليه وفيما صرنا إليه من فهم رسالة الصيام وفلسفته ومغازيه، وأنه يتجاوز مفهوم الامتناع عن الطعام والشراب من طلوع الشمس إلى غروبها ثم إذا كان الإفطار فإنها التخمة والبذخ.
✍️لقد فهم المسلمون أنه سلاح فتّاك في إرادة الإنسان في قهر شهوته والانتصار عليها والتحكم بها، وليس أن تتحكم هي به، لتتحول تلك الإرادة الفردية إلى إرادة جماعية ولتصبح طاقة هادرة وقوة لا يمكن أن يتحداها أحد بإذن الله تعالى. وليس أن المسلمين فهموا ذلك، بل إن الزعيم الهندي غاندي قد فهم رسالة الصيام أنه طاقة روحية ومعنوية هائلة استغلها في العام 1932 خلال مواجهته لغطرسة الاستعمار الإنجليزي لبلاده، فكانت حملته بعنوان “صيام حتى الموت”.
✍️ لقد صام غاندي وامتنع عن أكل أي من المنتوجات الإنجليزية وصل إلى حدّ عدم أكل الخبز لأنه مستعمل في صناعته الملح المستورد من بريطانيا، وكذلك امتنع عن لبس الثياب المصنوعة في بريطانيا وأصبح لا يلبس إلا الخشن من الثياب.
✍️كانت نتيجة هذه الإرادة التي أساسها الصيام، أن تحولت إلى حالة شعبية وحملة هندية وطنية شاملة، فتعطّلت مصانع الأغذية والألبسة في بريطانيا وضرب الكساد هذه الصناعات حتى تكللت تلك الحملة بقرار جلاء الاحتلال الإنجليزي عن الهند سنة 1947، وفي هذا قال الشاعر:
لقد صام هندي فجوّع أمة وما ضرّ علجًا صوم مليار مسلم
✍️وإذا كان الصيام في مذهب غاندي هو مجرد سلاح ووسيلة لمواجهة ظلم الإنجليز، فإن الصيام في ديننا نحن المسلمين هو عبادة لله تعالى وركن من أركان الإسلام فيه يستطيع المسلم أن يحرم نفسه من الطعام والشراب نهارًا كاملًا مدة ثلاثين يومًا، والمسلم الذي يكبح جماح نفسه ويصوم عن كل طعام وشراب، فهل يعجز عن الصيام بالامتناع عن استخدام وشراء كل المنتوجات التي تصنعها الشركات الأجنبية التي تدعم الظلم الواقع على شعوبنا عامة وعلى شعبنا الفلسطيني خاصة.
✍️لقد اثبتت الأشهر الماضية أن الإرادة بالصوم عن إغراء الأسماء وبريق ولمعان الشهرة لماركات عالمية في مجال الطعام والشراب قد آتت أكلها في عديد من بلاد العالم الإسلامي، فأغلقت أبوابها وكانت خسارتها فادحة جزاء وفاقًا لمواقف أصحابها في دعم وتمويل الظلم الواقع على أهلنا وشعبنا في غزة.
قد جئت يا رمضان بالدرس الذي لو أتقنوه لما عرتَ أعتاب
لكنهم جحدوا الحقيقة ويحهم فطغى على فهم اليقين حجاب
الله قوتنا التي لا تنتهي آثارها وبها يعزّ جناب
المسلمين فإنهم قد أصبحوا شيعًا يعيث بأرضهم أذناب
فإلى رحاب الله عودوا واهتدوا بالوحي فهو المنقذ الغلّاب.
???? المخاض والميلاد
✍️ثقة بوعد الله تعالى، وتصديقًا لبشارة رسوله ﷺ، وقراءة عميقة للواقع، واستحضارًا للتاريخ، وفراسة ثاقبة في الأشخاص والأحداث إقليميًا وعالميًا، كل هذه جعلتني أصف المشهد أنه مخاض بكل ما فيه من آلام وزفرات ودموع ودماء، لكنه المخاض الذي يسبق الميلاد.
وإن كل ما يجري هو في تقديري وقناعتي رسم ٌوتشكّل للملامح الأخيرة والنهائية للمشهد القادم، مشهد الفرج والتمكين بغضّ النظر عن عدد السنين وإن كنت مطمئنًا أنه قريب قريب.
✍️وإذا كان يقال أن رمضان أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، فإنني أقول وبعلم الله، أن ما بعد رمضان فرجًا وخلاصًا من كيد الأعداء ومن ظلم وبغيّ الجبابرة والطواغيت والعملاء.
???? اللهم لا يهلّ علينا هلال رمضان القادم إلا وقد أبدلت ذلّنا عزًا وضعفنا قوة وتفرقنا وحدة، وقد رفعت للإسلام راية ولم تحقق للظالمين غاية يا أكرم الأكرمين يا رب العالمين.
نحن إلى الفرج أقرب فأبشروا.
رحم الله قارئًا دعا لي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة.
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

مقالات ذات صلة توضيح من الأمن حول شام الأصيل وفتاة أخرى 2025/03/07

مقالات مشابهة

  • شيخ الأزهر: الله حفظ القرآن الكريم من التحريف والتبديل والضياع
  • تكريم 60 من حفظة القرآن الكريم بقرية أبو رقبة بالمنوفية
  • مفتي الجمهورية القرآن الكريم معجزة باقية إلى يوم القيامة وهو صالح لكل زمان ومكان
  • الشيخ كمال الخطيب يكتب .. رمضان بين المخاض والميلاد
  • بمشاركة 580 متنافسًا .. مسابقة لحفظ القرآن الكريم في كفر الشيخ
  • درس التراويح بالجامع الأزهر.. القرآن الكريم أعظم هدية ربانية للبشرية
  • التحالف الوطني يطلق أكبر مسابقة لحفظ القرآن الكريم بكفر الشيخ| صور
  • رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق: رمضان شهر الدعاء والقرآن والأجر مضاعف 700 مرة
  • رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق: الأجر في رمضان مضاعف 700 مرة