توزيع الثروات في العراق.. من الفقر إلى الاستدامة
تاريخ النشر: 7th, March 2025 GMT
7 مارس، 2025
بغداد/المسلة: أعلنت وزارة التخطيط العراقية في نهاية شهر فبراير عن نتائج التعداد السكاني لعام 2024، والتي كشفت عن أرقام مؤثرة قد يكون لها دور كبير في صياغة السياسات المستقبلية للعراق.
وبلغ عدد سكان العراق في تلك الفترة 46 مليون نسمة، مما يتيح فرصة لفهم واقع المجتمع العراقي بشكل دقيق.
وتمثل البيانات أساسًا يمكن البناء عليه في استراتيجيات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، خاصة فيما يتعلق بالبطالة والفقر، التي ما زالت من أبرز التحديات التي تواجه البلاد.
وتُظهر البيانات التي تم الإعلان عنها أن نسبة كبيرة من السكان تنتمي إلى فئة سن العمل، حيث بلغت هذه الفئة 60.44%، ما يعكس حجم القوة العاملة التي يمكن استثمارها في التنمية.
كما أظهرت البيانات أن نسبة 70% من السكان يعيشون في المدن، بينما يعيش 30% منهم في المناطق الريفية، وهو ما يشير إلى تفاوت في توزيع التنمية بين المناطق الحضرية والريفية. هذا التوزيع له آثار كبيرة على السياسات المستقبلية، خصوصًا فيما يتعلق بتوجيه الاستثمارات والمشاريع التنموية.
ومن المهم ملاحظة أن التعداد السكاني قد ألقى الضوء على بعض التحديات الاقتصادية الكبرى التي تعاني منها العديد من المناطق، مثل الفقر والبطالة. وفقًا للمسح الاجتماعي والاقتصادي الأخير، تراجعت نسبة الفقر في العراق إلى 17.5%، وهو انخفاض ملحوظ عن 20.05% في عام 2018. ومع ذلك، تظل هذه النسبة مرتفعة جدًا، مما يستدعي اتخاذ تدابير عاجلة لتحفيز التنمية الاقتصادية بشكل فعّال. يمكن أن تساهم نتائج التعداد السكاني في تحسين توزيع الموارد بين المحافظات، مع التركيز على المناطق الأكثر حاجة.
وكما أشار المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، إلى أن هذه البيانات ستساهم في تعديل الموازنة العامة، حيث سيتم تخصيص المزيد من الموارد للمناطق التي تعاني من العجز التنموي. ووفقًا للهنداوي، ستساعد البيانات في توجيه المشاريع الخدمية بشكل دقيق نحو المناطق الأكثر حاجة، بما في ذلك تحسين بنية تحتية مثل الصحة والتعليم والنقل. هذا التوجه يتماشى مع الحاجة الملحة لتوزيع عادل للثروات والمشاريع، خاصة في المناطق التي شهدت نموًا سكانيًا كبيرًا.
وأوضح الاقتصاديون، مثل أحمد الأنصاري، أن التعداد السكاني يسهم في تحديد أنواع المشاريع التي يجب أن تركز عليها الحكومة في المستقبل. مع ارتفاع نسبة الشباب في المجتمع، يصبح من الضروري استهداف مشاريع تركز على تعزيز فرص العمل في القطاعات الحيوية مثل الصناعة والزراعة، فضلًا عن تحسين مستوى التعليم والصحة. كما أن التعداد يساعد في تحديد المتطلبات الدقيقة للبنية التحتية مثل المواصلات العامة والإسكان.
وتستمر التحديات الاجتماعية والاقتصادية في العراق في التحجيم على الرغم من تحسن بعض الأرقام. النقص في التعليم لا يزال يمثل عائقًا كبيرًا أمام تحقيق التنمية المستدامة، إذ تبلغ نسبة الأمية 15.31% على مستوى البلاد، وتزيد هذه النسبة في إقليم كردستان إلى 16.23%. هذه الأرقام تشير إلى ضرورة التركيز على قطاع التعليم كأداة رئيسية لمكافحة الفقر وتحقيق التنمية الشاملة.
وفي المقابل، أكد حسين السعبري، نائب رئيس لجنة الاستثمار في البرلمان، على أهمية النتائج التي تم إعلانها في وضع الخطط الإستراتيجية والخمسية للمستقبل. وبين أن هذه البيانات ستساعد بشكل كبير في تخصيص الموارد بشكل أكثر فعالية، وسيكون لها تأثير كبير على وضع السياسات العامة التي تستهدف تقليل الفقر وخلق فرص العمل. هذه البيانات توفر صورة دقيقة عن التوزيع السكاني، مما يتيح للحكومة والمجتمع المدني تفعيل خطط التنمية بما يتماشى مع الاحتياجات الحقيقية للسكان.
ويُنتظر أن تُستخدم هذه البيانات في صياغة سياسات تهدف إلى تحسين المستوى المعيشي للمواطنين، إضافة إلى تعزيز القدرة الاقتصادية من خلال توجيه المشاريع التنموية بشكل يتناسب مع احتياجات السكان في مختلف المناطق. التحليل الدقيق لتلك البيانات يُعد نقطة انطلاق أساسية لمرحلة جديدة من النمو المستدام في العراق.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: التعداد السکانی هذه البیانات فی العراق
إقرأ أيضاً:
مناقشة مفهوم المحاسبة البيئية بشمال الشرقية
نظمت هيئة البيئة بمحافظة شمال الشرقية دورة تدريبية متخصصة بعنوان "المحاسبة البيئية والمسؤولية الاجتماعية للشركات"، بالتعاون مع جامعة التقنية والعلوم التطبيقية "فرع إبراء"، وذلك ضمن جهود الهيئة لتعزيز مفاهيم الاستدامة البيئية والممارسات المسؤولة في القطاعين العام والخاص.
وركزت الدورة على أهمية المحاسبة البيئية كأداة رئيسية لتقييم وتحليل التأثيرات البيئية الناتجة عن الأنشطة الاقتصادية، حيث تساعد المؤسسات على قياس تكاليف التدهور البيئي، وتحليل الاستثمارات في تقنيات الحد من التلوث، ودمج الاعتبارات البيئية في عمليات التخطيط، كما تم تسليط الضوء على آليات تقييم المشاريع والأنشطة والتكاليف البيئية غير المباشرة، بالإضافة إلى تأثير الامتثال البيئي على الأداء الاقتصادي للمؤسسات.
كما تناولت الدورة مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات "CSR" ودورها في تعزيز التنمية المستدامة، وشملت المناقشات استراتيجيات الشركات في تقليل التأثير البيئي، والاستثمار في مشاريع الاستدامة، وتعزيز الشفافية البيئية من خلال التقارير الدورية، وتضمن البرنامج عرض نماذج لشركات تطبق سياسات بيئية متقدمة، مثل تحقيق الحياد الكربوني، وإعادة التدوير، واستخدام مصادر الطاقة المتجددة.
وأكدت هيئة البيئة على ضرورة تكامل المحاسبة البيئية مع الأنظمة المالية لضمان تقييم حقيقي لأثر الأنشطة الاقتصادية على البيئة، مما يسهم في تحقيق الأهداف البيئية والاقتصادية بشكل متوازن.