سواليف:
2025-03-09@03:47:08 GMT

الشيخ كمال الخطيب يكتب .. رمضان بين المخاض والميلاد

تاريخ النشر: 7th, March 2025 GMT

#سواليف

#رمضان بين #المخاض و #الميلاد


✍️ما أعظمه #فضل_الله علينا لما جعلنا نتعبّد له ونتقرّب إليه بعبادة #الصيام التي تعبّد وتقرب إليه بها أنبياء الله وأولياؤه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} آية 183 سورة البقرة.

وليس أنها عبادة نافلة، وإنما كان صيام شهر رمضان ركنًا من #أركان_الإسلام الخمسة، كما ورد في الحديث المشهور لما سأل جبريل عليه الصلاة والسلام رسول الله ﷺ: “يا محمد أخبرني عن الإسلام، قال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا”. فالحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة أن المسلم يتقرب إلى الله بعبادة صوم رمضان امتثالًا لأمر الله بالصيام {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} آية 185 سورة البقرة، ونتقرب إلى الله سبحانه بعبادة الصيام نافلة زيادة في الحب والطاعة كما سنّها لنا رسول الله ﷺ بصيام يومي الإثنين والخميس من كل أسبوع، وصيام ثلاثة أيام البيض من كل شهر، فلا يكون صيام رمضان إذا جاء كأنه مشقة لا نطيقها.
✍️قال رسول الله ﷺ: “من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه”. وقال ﷺ: “إن في الجنة بابًا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة ولا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلا يدخل منه أحد”. وقال ﷺ: “لا يصوم عبد يومًا في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفًا”. وقال ﷺ: “والصوم جُنّة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن قاتله أحد أو شاتمه فليقل إني صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أحب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصيامه”. وقال ﷺ: “يقول الله تبارك وتعالى: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع طعامه وشرابه وشهوته لأجلي”.
✍️كان سلفنا الصالح رضي الله عنهم ولشدة حبهم وشوقهم لرمضان، فكانوا يستعدون لاستقباله كما يستعد الأب لاستقبال ابنه الغائب يغمره الشوق والحنين لقائه. وقد رأينا وشاهدنا وشاهدت الدنيا معنا منذ أسابيع كيف كان استقبال الآباء والأمهات والأبناء والزوجات من أهلنا في الضفة الغربية والقدس الشريف وغزة لأبنائهم الأسرى الذين أطلق سراحهم وتم تحريرهم وقد غاب كثيرون عن أهلهم مدة عشرين سنة، وغاب آخرون في غياهب السجون أكثر من ثلاثين سنة.
✍️فبمثل ذلك الشوق والحنين كانوا يستعدون لاستقبال رمضان بتهذيب النفوس والأخلاق، ويتجرّدون من سلوكيات وأخلاق كانوا عليها قبل رمضان فيخلعونها كما يخلع الإنسان ثوبه الوسخ، فيلقي به ويلبس ثوبًا نظيفًا يزيّنه ويوشّحه التسامح والحب والصفاء والتقوى.
إذا المرء لم يلبس ثيابًا من التقى تقلّب عريانًا ولو كان كاسيًا
وخير ثياب المرء طاعة ربه ولا خير فيمن كان لربه عاصيًا
????الصيام والقرآن يشفعان
✍️ وإن من أعظم ما يتقرب به العبد الصائم إلى ربه سبحانه في رمضان، القيام والصدقات وصلة الأرحام وتفقّد أصحاب الحاجة، لكن الإقبال على القرآن الكريم قراءة وتدبرًا وفهمًا وتطبيقًا هو من أعظم القربات، كيف لا ورمضان هو شهر القرآن {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ} آية 185 سورة البقرة، حتى أن العلماء الذين كانوا يشغلون أنفسهم طيلة العام بطلب العلم ومجالس الإفتاء، فإنهم كانوا يدعونها ويقبلون بكل أوقاتهم فيجعلونها للقرآن الكريم تلاوة وتدبرًا.
✍️ إنهم كانوا يعلمون أن القرآن ورمضان يشفعان للعبد يوم القيامة، فكانوا يكثرون من هذا الزاد. فلقد كان أحد الصالحين يحتضر في ساعة موته فكان يدخل في غيبوبة ثم يصحو وهكذا، وكان يجلس إلى جانبه أخ له في الله هو من أقرب الناس إليه يذكّره بالله عند صحوته، وهذا هو منهج الصالحين. وفي واحدة من تلك اللحظات كان فيها يرجّيه بربه خيرًا ويؤمّله برحمته ومغفرته، فلّما سمع تلك الكلمات منه فكأنما دبّت فيه الحياة وعادت إليه العزيمة، فالتفت إليه مبتسمًا يقول له: “وكيف لا أرجوه وأنا الذي صمت له ثمانين رمضان”.
✍️ومثل إقبالهم على الصيام لعلمهم بأنه سيشفع لهم عند الله يوم القيامة، فكذلك كان حالهم وإقبالهم على القرآن لعلمهم كذلك بأنه يشفع لهم يوم القيامة. فقد كان رجل من الصالحين واسمه عبد الله بن إدريس يحتضر، وكانت ابنته تقف عند رأسه وهو يشهق شهقات الموت، فكان كلّما شهق بكت، فنظر إليها وقال لها: لا تبكي على أبيك يا ابنتي، فوالله إن أباك قد ختم القرآن الكريم في هذه الغرفة أربع آلاف ختمة استعدادًا لهذه اللحظة، يا ابنتي ألم تسمعي قول رسول الله ﷺ: “إن رمضان وإن القرآن ليشفعان للعبد يوم القيامة، يقول رمضان: أي ربي لطالما منعته الطعام والشراب فشفّعني فيه، ويقول القرآن: أي ربي لطالما منعته النوم فشفّعني فيه فيشفعان”.
✍️ إن جمع المسلم بين عبادتي الصيام والقرآن في رمضان لهو الجمع بين خيرين ونورين، وإن هذا الجمع هو من أسباب رحمة الله بعبده وحفظه له، لأنه يكون بذلك قد جمع بين عبادتين بل بين جهادين: جهاد بالنهار على الصيام وجهاد بالليل على القيام.
✍️ قال كعب: “ينادي يوم القيامة منادٍ أن كل حارث يعطى بحرثه ويزاد، غير أهل القرآن والصيام فإنهم يعطون أجورهم بغير حساب ويشفعان له عند الله عز وجل”.
✍️ كان النبي ﷺ يقوم في رمضان أكثر من غيره، يقول حذيفة رضي الله عنه: “صليت ليلة مع رسول الله ﷺ في رمضان فقرأ بالبقرة ثم آل عمران ثم النساء، لا يمر بآية تخويف إلا وقف وسأل، فما صلى الركعتين حتى جاء بلال يؤذن صلاة الفجر”.
✍️ومثل حبيبهم ﷺ فقد كان السلف يتلون القرآن الكريم في رمضان في الصلاة وفي غيرها، فكان الأسود بن يزيد يقرأ القرآن كله في كل ليلة في رمضان، وكان قتادة يقرأه كل ثلاث ليال وفي العشر الأواخر كان يقرأه كل ليلة، وأما الإمام الشافعي فكان له في رمضان ستين ختمة في غير الصلاة.
✍️لقد كانوا يجهدون أنفسهم في ذلك لعلمهم عظيم ثواب الله تعالى لأهل القرآن، فقد حكى بعض السلف يقول: “إذا احتضر المؤمن يقال للملك: شمّ رأسه، فيقول: أجد في رأسه القرآن، فيقال: ثم قلبه، فيقول: أجد في قلبه الصيام، فيقال: ثم قدميه، فيقول: أجد في قدميه القيام، فيقال: حفظ نفسه فحفظه الله عز وجل”.
????الصوم ثورة على الظلم
✍️ إنه الفارق الكبير فيما كنّا عليه وفيما صرنا إليه من فهم رسالة الصيام وفلسفته ومغازيه، وأنه يتجاوز مفهوم الامتناع عن الطعام والشراب من طلوع الشمس إلى غروبها ثم إذا كان الإفطار فإنها التخمة والبذخ.
✍️لقد فهم المسلمون أنه سلاح فتّاك في إرادة الإنسان في قهر شهوته والانتصار عليها والتحكم بها، وليس أن تتحكم هي به، لتتحول تلك الإرادة الفردية إلى إرادة جماعية ولتصبح طاقة هادرة وقوة لا يمكن أن يتحداها أحد بإذن الله تعالى. وليس أن المسلمين فهموا ذلك، بل إن الزعيم الهندي غاندي قد فهم رسالة الصيام أنه طاقة روحية ومعنوية هائلة استغلها في العام 1932 خلال مواجهته لغطرسة الاستعمار الإنجليزي لبلاده، فكانت حملته بعنوان “صيام حتى الموت”.
✍️ لقد صام غاندي وامتنع عن أكل أي من المنتوجات الإنجليزية وصل إلى حدّ عدم أكل الخبز لأنه مستعمل في صناعته الملح المستورد من بريطانيا، وكذلك امتنع عن لبس الثياب المصنوعة في بريطانيا وأصبح لا يلبس إلا الخشن من الثياب.
✍️كانت نتيجة هذه الإرادة التي أساسها الصيام، أن تحولت إلى حالة شعبية وحملة هندية وطنية شاملة، فتعطّلت مصانع الأغذية والألبسة في بريطانيا وضرب الكساد هذه الصناعات حتى تكللت تلك الحملة بقرار جلاء الاحتلال الإنجليزي عن الهند سنة 1947، وفي هذا قال الشاعر:
لقد صام هندي فجوّع أمة وما ضرّ علجًا صوم مليار مسلم
✍️وإذا كان الصيام في مذهب غاندي هو مجرد سلاح ووسيلة لمواجهة ظلم الإنجليز، فإن الصيام في ديننا نحن المسلمين هو عبادة لله تعالى وركن من أركان الإسلام فيه يستطيع المسلم أن يحرم نفسه من الطعام والشراب نهارًا كاملًا مدة ثلاثين يومًا، والمسلم الذي يكبح جماح نفسه ويصوم عن كل طعام وشراب، فهل يعجز عن الصيام بالامتناع عن استخدام وشراء كل المنتوجات التي تصنعها الشركات الأجنبية التي تدعم الظلم الواقع على شعوبنا عامة وعلى شعبنا الفلسطيني خاصة.
✍️لقد اثبتت الأشهر الماضية أن الإرادة بالصوم عن إغراء الأسماء وبريق ولمعان الشهرة لماركات عالمية في مجال الطعام والشراب قد آتت أكلها في عديد من بلاد العالم الإسلامي، فأغلقت أبوابها وكانت خسارتها فادحة جزاء وفاقًا لمواقف أصحابها في دعم وتمويل الظلم الواقع على أهلنا وشعبنا في غزة.
قد جئت يا رمضان بالدرس الذي لو أتقنوه لما عرتَ أعتاب
لكنهم جحدوا الحقيقة ويحهم فطغى على فهم اليقين حجاب
الله قوتنا التي لا تنتهي آثارها وبها يعزّ جناب
المسلمين فإنهم قد أصبحوا شيعًا يعيث بأرضهم أذناب
فإلى رحاب الله عودوا واهتدوا بالوحي فهو المنقذ الغلّاب.
???? المخاض والميلاد
✍️ثقة بوعد الله تعالى، وتصديقًا لبشارة رسوله ﷺ، وقراءة عميقة للواقع، واستحضارًا للتاريخ، وفراسة ثاقبة في الأشخاص والأحداث إقليميًا وعالميًا، كل هذه جعلتني أصف المشهد أنه مخاض بكل ما فيه من آلام وزفرات ودموع ودماء، لكنه المخاض الذي يسبق الميلاد.
وإن كل ما يجري هو في تقديري وقناعتي رسم ٌوتشكّل للملامح الأخيرة والنهائية للمشهد القادم، مشهد الفرج والتمكين بغضّ النظر عن عدد السنين وإن كنت مطمئنًا أنه قريب قريب.
✍️وإذا كان يقال أن رمضان أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، فإنني أقول وبعلم الله، أن ما بعد رمضان فرجًا وخلاصًا من كيد الأعداء ومن ظلم وبغيّ الجبابرة والطواغيت والعملاء.
???? اللهم لا يهلّ علينا هلال رمضان القادم إلا وقد أبدلت ذلّنا عزًا وضعفنا قوة وتفرقنا وحدة، وقد رفعت للإسلام راية ولم تحقق للظالمين غاية يا أكرم الأكرمين يا رب العالمين.
نحن إلى الفرج أقرب فأبشروا.
رحم الله قارئًا دعا لي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة.
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

مقالات ذات صلة توضيح من الأمن حول شام الأصيل وفتاة أخرى 2025/03/07

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف المخاض الميلاد فضل الله الصيام أركان الإسلام الطعام والشراب یوم القیامة رسول الله ﷺ فی رمضان إذا کان وقال ﷺ

إقرأ أيضاً:

افتتاح 3 مساجد جديدة في كفر الشيخ | صور

أعلن اللواء دكتور علاء عبد المعطي، محافظ كفر الشيخ، اليوم الجمعة، عن افتتاح 3 مساجد بمراكز المحافظة تضمنت افتتاح مسجد التوحيد، بقرية الخبي، مركز الرياض، ومسجد العياش الشرقي، بقرية العياش، مركز بلطيم، ومسجد جامع، بقرية قومسيون، مركز مطوبس.

جاء ذلك تحت شعار "خدمة بيوت الله شرف"، بحضور الشيخ معين رمضان يونس، وكيل وزارة الأوقاف بكفرالشيخ، والدكتور عبدالقادر سليم، مدير عام الدعوة، والشيخ ياسر الغول، مدير شئون الإدارات، وعدد من نواب مجلسي النواب والشيوخ، وعلماء الأوقاف والأزهر الشريف.

يأتي ذلك امتدادًا لسلسلة من الافتتاحات التي تواكب الجمهورية الجديدة، تحت شعار "خدمة بيوت الله شرف"، وفي إطار اهتمام وزارة الأوقاف بالمساجد مبنى ومعنى، والحرص المستمر على عمارة بيوت الله وتشيدها، ونشر الفكر الوسطي المستنير، وتعميق الحس الايماني لدى المواطنين، برعاية الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف. 

وقد ألقى خطبة الجمعة الدكتور عبدالقادر سليم مدير عام الدعوة، وكانت تحت عنوان "تَعْزِيزُ الهُوِيَّةِ وَدَوْرُهَا فِي صِنَاعَةِ الحَضَارَةِ"، وقال أن الهدف من هذه الخطبة هو التوعية بضرورة تعزيز الهوية المصرية ودورها في صناعة الحضارة، فضلًا عن تتناول التحذير البالغ من السلوكيات الخاطئة في شهر رمضان المعظم.

ومن جانبه، أكد الشيخ معين رمضان يونس، وكيل وزارة الأوقاف بكفرالشيخ، أن جميع المساجد قد التزمت بالوقت المحدد والخطبة الموحدة على مستوى المحافظة، داعيًا الله تعالى أن يحفظ مصر وأهلها وأن يجعلها فى أمانه وضمانه واحة للأمن والأمان والاستقرار، وأن تظل مصر قبلة المساجد والمآذن، وأن يحفظ الله الوطن قيادةً وشعبًا.

مقالات مشابهة

  • امتداد للمدرسة المنشاوية..الشيخ عبدالصمد المنشاوىسيرة عطرة تتجدد في رمضان
  • لماذا فرض الله الصيام في رمضان؟ اعرف الحكمة الإلهية
  • أبو اليزيد سلامة: القرآن شفيع للعبد يوم القيامة
  • مفتي الجمهورية القرآن الكريم معجزة باقية إلى يوم القيامة وهو صالح لكل زمان ومكان
  • مفتي الجمهورية: القرآن معجزة باقية ليوم القيامة.. ويصلح لكل زمان ومكان
  • افتتاح 3 مساجد جديدة في كفر الشيخ | صور
  • الشيخ الحصري.. مسيرة حياة كرست لخدمة القرآن الكريم
  • فتاوى :يجيب عنها فضيلة الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عمان
  • هل يستحب ختم المصحف في رمضان؟.. دار الإفتاء توضح