لمواجهة الأزمات.. هولندا تحث مواطنيها على تجهيز حقيبة طوارئ تكفي ل 72 ساعة
تاريخ النشر: 7th, March 2025 GMT
في خطوة جديدة لتعزيز الجاهزية لمواجهة الأزمات، دعا وزير العدل والأمن الهولندي، فان ويل، يوم الأربعاء، جميع المواطنين إلى تجهيز حقيبة طوارئ تكفي لمدة 72 ساعة تحسبًا للكوارث الطبيعية، أو الهجمات السيبرانية، أو حتى النزاعات العسكرية.
ويأتي هذا التوجيه كتحديث لتوصيات سابقة كانت دعت إلى الاستعداد لمدة 48 ساعة فقط، وهو يعكس الحاجة إلى تعزيز قدرة الأفراد على التأقلم في ظل المخاطر المتزايدة.
ورغم أن فكرة تجهيز حقيبة طوارئ ليست جديدة، إلا أن استطلاعًا حديثًا أجرته شركة الأبحاث "إبسوس آي أند أو" كشف عن ارتفاع معدل الاستعداد بين المواطنين، حيث أظهر أن ربع سكان هولندا يمتلكون بالفعل حقيبة طوارئ، مقارنة بـ15% فقط في عام 2024. ويعكس هذا التحسن تأثير حملات التوعية التي أطلقتها الحكومة الهولندية والصليب الأحمر، والتي يبدو أنها بدأت تؤتي ثمارها.
ومع ذلك، لا يزال 17% من المشاركين في الاستطلاع يرون أن امتلاك حقيبة طوارئ غير ضروري، بينما أبدى آخرون اقتناعهم بأهميتها، مستشهدين بالمخاطر المحتملة مثل انقطاع الكهرباء والفيضانات كدوافع رئيسية للاستعداد.
دعوة في هولندا لتجهيز حقيبة طوارئ تكفي 72 ساعةوفي هذا السياق، شدد فان ويل على ضرورة رفع مستوى الوعي حول أهمية الاستعداد، مشيرًا إلى أن المجتمع كان أكثر جاهزية خلال فترة الحرب الباردة. وأوضح في حديث لصحيفة "دي تلغراف" أن المواطنين في ذلك الوقت كانوا يعرفون تمامًا كيفية التصرف عند انطلاق صافرات الإنذار. لكنه أشار إلى أن تفكيك أنظمة الدفاع المدني بعد سقوط جدار برلين أدى إلى تراجع القدرة المدنية على التعامل مع الأزمات.
وتتزامن هذه التصريحات مع اجتماع قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل لمناقشة زيادة الإنفاق الدفاعي، في ظل تصاعد المخاوف الأمنية في القارة، خاصة بعد التطورات الأخيرة في أوكرانيا.
وفي هذا الإطار، اقترحت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، تخفيف القيود على الميزانيات الوطنية للسماح للدول بزيادة إنفاقها الدفاعي. وتعتمد خطتها على قروض بقيمة 150 مليار يورو لشراء معدات عسكرية أساسية، إلا أن التحدي الأكبر يكمن في كيفية تمويل هذه الزيادة، خصوصًا مع معاناة العديد من الدول من مستويات ديون مرتفعة.
وفي سياق متصل، حذّر فان ويل من تداعيات تراجع الدعم الأمريكي لأوروبا، خاصة بعد إعلان إدارة ترامب تعليق جميع المساعدات لأوكرانيا، بما في ذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية. وأوضح الوزير الهولندي أن الحكومة قد تضطر في حالات الطوارئ الكبرى إلى تركيز جهودها على الدفاع الوطني ونشر القوات المسلحة، مما قد يستوجب على المواطنين تدبير أمورهم ذاتيًا لفترة من الزمن.
Relatedما هي الدول الأوروبية التي ستشارك في "تحالف الراغبين" من أجل أوكرانيا؟هل تستطيع أوروبا أن تدعم أوكرانيا بمفردها؟زعماء أوروبا يسابقون الزمن لمناقشة مستقبل أوكرانيا قبل أن يباغتهم ترامب بعقد اتفاق سلام مع روسياإلى جانب التركيز على الاستعداد الفردي، تعمل الحكومة الهولندية على وضع خطط لحماية خمسة قطاعات حيوية أساسية: الأمن الغذائي والمائي، الكهرباء، الرعاية الصحية، البنية التحتية، والحكومة نفسها.
ومن المتوقع أن يتم قريبًا نشر تفاصيل دقيقة حول المستلزمات التي يُنصح بتخزينها في المنازل ضمن حقائب الطوارئ، لضمان استعداد السكان لمواجهة أي أزمة محتملة. وتأتي هذه الجهود في إطار استراتيجية شاملة تهدف إلى تعزيز قدرة هولندا على الصمود في وجه التحديات، سواء على المستوى المحلي أو ضمن المشهد الأمني الأوروبي الأوسع.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية أزمة غير مسبوقة في قطاع الصحة بالبرتغال: غرف طوارئ مغلقة وطوابير تمتد لـ30 ساعة الصين: فرق الطوارئ تواصل البحث عن 28 مفقودًا إثر انهيار أرضي في سيتشوان إثيوبيا في حالة طوارئ: إخلاء آلاف المدنيين بسبب تهديد بركاني طوارئهولندادفاعالمصدر: euronews
كلمات دلالية: دونالد ترامب الاتحاد الأوروبي أوروبا روسيا بولندا الحرب في أوكرانيا دونالد ترامب الاتحاد الأوروبي أوروبا روسيا بولندا الحرب في أوكرانيا طوارئ هولندا دفاع دونالد ترامب الاتحاد الأوروبي أوروبا روسيا بولندا الحرب في أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي سوريا المملكة المتحدة محكمة ألمانيا إسرائيل یعرض الآنNext
إقرأ أيضاً:
لا تزال أمريكا التي أحببتها موجودة برغم ترامب
ترجمة: أحمد شافعي -
يبدو الأمر محتوما بقدر حتمية الفوضى الاقتصادية التي أطلق دونالد ترامب عقالها بسيل تعريفاته الجمركية الجنوني: انخفاض حاد في عدد السياح الزائرين للولايات المتحدة، ومن المتوقع الآن أن يزداد ذلك سوءا عما كان متوقعا في البداية. ففي فبراير، انخفض السفر إلى الولايات المتحدة بنسبة 5% مقارنة بالعام السابق، والآن، يتوقع خبراء توقعات ذوو مصداقية انخفاضا يقارب ضعف هذا الحجم. وكلنا نعرف السبب. فالكلمات العدائية التي وجهها ترامب لكندا والمكسيك أثرت سلبا على أكبر سوقين سياحيين للولايات المتحدة. ويلاحظ أيضا سيل من التقارير عن غرباء وقعوا ضحية الصرامة القاسية التي يبدو أنها تسيطر الآن على السلطات الأمريكية، إذ تعرضت امرأة تبلغ من العمر ثمانية وعشرين عاما من شمال ويلز للاحتجاز لمدة تسعة عشر يوما في مركز احتجاز واقتيدت مقيدة بالسلاسل في طائرة إلى بلدها، وتم منع عالم فرنسي من دخول الولايات المتحدة دونما إجراءات قضائية بعد العثور في هاتفه على رسائل تنتقد الرئيس. وهذه الأخبار تؤكد جو الوحشية والعدائية السائد في إدارة ترامب، ويؤدي إلى بروز مخاوف مألوفة إلى السطح: من قبيل المخاوف من الأسلحة والبلطجة السياسية والبلد الذي يعيش حالة تقلب مخيفة. والنتيجة هي انتشار فهم فجائي للولايات المتحدة بوصفها مكان قد يحسن عدم زيارته، بما يؤدي إلى خسائر أليمة لملايين من الناس.
ولقد تشكل فهم كثير منا للعالم، في نهاية المطاف، على يد ما يسميه البعض بالقوة الناعمة الأمريكية. فلقد بدأ إحساسي الأول بجاذبية الولايات المتحدة الأمريكية عندما كنت في الرابعة من عمري وأنا أشاهد برنامج «شارع سمسم» التعليمي الرائع، إذ افتتنت بفريق عمله متعدد الأعراق، وتقديمه لرؤية مثيرة للحروف والأرقام ـ والحياة ـ تفوق إثارة البرامج التقليدية التي كنا نشاهدها على قناتي بي بي سي وآي تي في. ثم حدث بعد ذلك بقليل أن كان بعض أصدقاء الطفولة المحظوظين يرجعون من إجازات في أمريكا ـ هي في فلوريدا عادة ـ وهم يحملون معهم قصصا مصورة وحلوى زادت من إحساسي بالولايات المتحدة بوصفها أرض الأحلام الساحرة. ثم جاءت اللحظة الحاسمة: جبل ضخم من الموسيقى، لا يزال يشكل جوهر فهمي لماهية الولايات المتحدة، وكيف إنها قد تكون قادرة على تجاوز أزمتها الحالية.
وليس أفضل الموسيقى الأمريكية بشيء ما افتقر إلى الصدق: فهي، بالنسبة لي، بمثابة تصحيح لأي أفكار وردية كانت لدي عن الولايات المتحدة، كما أنها جعلتني، في الوقت نفسه، أكثر افتتانا. وينطبق هذا تماما على سلسلة من التسجيلات التي صدرت بين أواخر الستينيات ومنتصف السبعينيات من القرن الماضي، وما زلت أعود إليها مرارا وتكرارا: من قبيل موسيقى صاحب الرأي الاجتماعي البارع كورتيس مايفيلد، أو المزيج من الآراء السياسية البسيطة والتحقيق المبهج للذات الذي يتخلل ذروة أعمال ستيفي وندر، من ألبوم «موسيقى عقلي» (1972) إلى ألبوم «أغاني على إيقاع الحياة» (1976). فعن طريق الاستماع إلى ذلك الشيء شديد الاختلاف، عندما انغمست في الموسيقى الريفية للمرة الأولى، استمعت إلى نوع آخر من الحقيقة الأمريكية في صوت رجال يبحثون عن مساحة للجرح والانكسار والضعف، فذلك يبدو ـ بأثر رجعي ـ النقيض الصارخ للرجولة الهشة التي استولى عليها ترامب.
ثم ذهبت في نهاية المطاف إلى هناك: فزرت أولا المدن الكبرى المعتادة، ثم مناطق غالبا ما يغفلها السائحون. فقبل نحو عشرين عاما، رحلت مرارا إلى أقصى الجنوب، أي الميسيسيبي، وألاباما، ولويزيانا، وجورجيا، فوجدت نفسي في الوقت نفسه أسير تيارين من الأفكار المتناقضة تماما. أحدهما يتعلق بالتقاطع المروع بين العنصرية ـ الممأسسة واليومية ـ والفقر، وحقيقة صارخة تقول: إن أغنى دولة في العالم قد تركت الكثير من الناس للغرق. والتيار الآخر هو الشعور بأن بعض هذه الأماكن على الأقل يحرز تقدما متقطعا ومترددا إلى ما هو أفضل. وقد جاء في أحد أدلتي السياحية حديث عن منطقة تمر بما يشبه الرحلة التي خاضتها جنوب إفريقيا بعد نهاية نظام الأبارتيد: وفي يوم جميل، كان من الممكن تصديق ذلك.
من أكثر ذكرياتي وضوحا ذكرى ليلة خانقة في بلدة كلاركسديل في دلتا المسيسيبي، ولا تزال هذه البلدة تعد رمزا لزراعة القطن والعبودية، وإرثهما الطويل والمروع. في حانة مملوكة للممثل مورجان فريمان، شاهدت مراهقة من الشرق الأوسط - تنتمي إلى أسرة من اللاجئين ـ وهي ذات موهوبة مذهلة، تعلمت بفضل برنامج تعليمي يديره متحف البلوز في المدينة عزف الجيتار الرئيسي بأسلوب آسر على طريقة نجوم مثل بادي جاي وألبرت كينج. وكانت تؤدي عروضها أمام حشد مختلط، لم يصبهم الذهول وحسب، بل بدا أنهم يشاركوننا فكرة أن ما نشاهده يمثل رمزا صغيرا لتحسن الأوضاع.
ولم يمض وقت طويل حتى بدا أن وصول باراك أوباما إلى الرئاسة قد جسد بشكل مذهل بعضا من الشعور نفسه بالأمل وبذلك القول الأمريكي المقتبس من ديباجة الدستور حول التقدم إلى اتحاد أكثر كمالا. ومهما يكن معنى ذلك ـ وبرغم كل الكراهية والنفاق والمجازر والقسوة الداخلة في نسيج التاريخ الأمريكي ـ فإنني لا أزال أشعر بقوته.
لكن من الواضح أن ترامب يريد أن يأخذ بلده في الاتجاه المعاكس، وذلك جزئيا من خلال محاولة إعادة تشكيل ثقافة البلد والصورة التي يقدمها للعالم. ومن بين عشرات الإجراءات الأخرى يعني هذا إزالة الأمريكيين السود من المواد التعليمية التي تنتجها مقبرة أرلينجتون الوطنية، وهجماته على «الأيديولوجية غير اللائقة أو المثيرة للانقسام أو المعادية لأمريكا» داخل شبكة متاحف سميثسونيان، وتنصيبه نفسه رئيسا لمركز جون إف كينيدي للفنون الأدائية في واشنطن العاصمة. بل إن بعض المشرعين الجمهوريين، مثل عضوة الكونجرس مارجوري تايلور جرين، صاحبة الغباء السريالي، يريدون سحب التمويل من برنامج «شارع سمسم». وفي خضم كل تلك السياسات الاقتصادية غير المنضبطة والهجمات على العلوم والأوساط الأكاديمية، قد يكون هناك خطر بألا ينتبه الناس إلى هذه التحركات، برغم أنها لا تقل أهمية.
تبلغ ابنتي من العمر خمسة عشر عاما، وهي مهتمة بالولايات المتحدة بقدر ما كنت مهتما بها وأنا في مثل سنها، وهو أمر يعززه أن الولايات المتحدة في ما بين عامي 1789 و1900 جزء من منهجها الدراسي للتاريخ في شهادة الثانوية العامة. وهي ترغب في زيارة متحف الحقوق المدنية في ممفيس بولاية تينيسي، واستوديوهات صن التي انطلقت موسيقى الروك أند رول منها للمرة الأولى. وعندما تصل في النهاية إلى نيويورك، ستشمل أولى محطاتها متحف الفن الحديث وما تبقى من قرية جرينتش القديمة.
ولكنني أتساءل الآن: هل يجدر بنا أن نذهب؟ وبرغم هذا أعتقد أننا سوف نذهب، لسبب شديد الوجاهة: ففي النهاية، كل ما تمثله هذه الأماكن والمؤسسات سيثبت أنه سبب هلاك ترامب. بعبارة أخرى، ترامب ليس أمريكا. وبالنسبة لنا نحن الذين ما زلنا مفتونين بالولايات المتحدة، فإن أفضل رد على سوء حكمه ليس الانصراف عن الولايات المتحدة، بل الحفاظ على الثقة بالأمريكيين الذين يدركون ذلك، لا بوصفنا غرباء منبهرين، بل بوصفنا بشرا يعتمد مستقبلهم على ما هو أفضل.
جون هاريس من كتاب الرأي في صحيفة ذي جارديان