ما هي نهاية اللعبة لإسرائيل في سوريا؟
تاريخ النشر: 7th, March 2025 GMT
كتبت روزانا بو منصف في" النهار": في اتصال أجراه وزير الخارجية الأميركي مارکو روبیو برئيس الوزراء الإسرائيلي بنیامین نتنياهو، أكد الديبلوماسي الأميركي "أن دعم الولايات المتحدة الثابت الإسرائيل أولوية قصوى للرئيس دونالد ترامب". وفيما لا يحمل هذا التأكيد جديداً في لجهة الأولوية التي تحتلها إسرائيل في جدول الأعمال الأميركي، فإن هذا الأمر يكتسب بعداً خطيراً مع استثمار إسرائيل هذا الدعم وتوظيفه من أجل القيام بدور "البلطجة" في المنطقة وليس للدفاع عن حقوق إسرائيل.
تنطوي كل التجاوزات والانتهاكات الإسرائيلية على تحديات كبيرة للدول العربية وللمملكة العربية السعودية خاصة ومعها الدول الخليجية من أجل حمل مشروع مقنع لإدارة ترامب يرد على مراكمة إسرائيل عناصر أو أوراق احتلال في يدها للمساومة عليها لاحقا ويتوصل مع الإدارة التي أظهرت في أسلوب أدائها مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي درساً لطريقة تعاملها مع دول العالم وزعمائه إن لم تتجاوب هذه الدول مع رؤى سيد البيت الأبيض راهناً.
يرجح مراقبون سياسيون أن يكون الحنين قوياً لدى إسرائيل لزمن حكم آل الاسد الأب فالابن تتيح الفوضى وعدم الاستقرار الى نشوء تنظيمات متطرفة أو عودة بروز تنظيم الدولة الإسلامية لا سيما في ظل تبادل الانتقادات بين إيران وتركيا على الوضع في سوريا. ومن شأن ذلك في حال حدوثه أن ينعكس على دول الجوار وفي مقدمهم لبنان والعراق على نحو قد يؤدي إلى تفتت هذه الدول وربما تقسيمها بما من شأنه ألا يترك الأمور عند الحدود التي تقف عندها اليوم.
ولذلك تكبر تساؤلات عن الهدف من اللعبة التي تقوم بها إسرائيل وإلى أين تريد الوصول؟ يستند البعض إلى ما كان قاله وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في 14 شباط المنصرم عن الحاجة إلى اغتنام الفرصة لخلق الاستقرار في سوريا ومنعها من أن تصبح ملاذاً للإرهاب، علماً بأن إدارة ترامب لم تدل بدلوها فعلاً بعد في الشأن السوري. لكن روبيو قال قبل ذلك إنه "إن كانت هناك فرصة في سوريا لإنشاء مكان أكثر استقراراً مما كان لدينا تاريخياً وخاصة في عهد الأسد، حيث كانت إيران وروسيا تهيمنان وحيث كان تنظيم الدولة الإسلامية يعمل بحصانة، فنحن بحاجة إلى متابعة هذه الفرصة ومعرفة إلى أين يقود ذلك". وهذا يفترض من إسرائيل عدم تخريب ذلك خصوصاً أن روبيو تحدث كذلك عن أن التحولات في لبنان وسوريا قد تسهل الوصول إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: فی سوریا
إقرأ أيضاً:
هل أخرجت إسرائيل تركيا من سوريا؟
يوم الأربعاء الفائت، شنت المقاتلات "الإسرائيلية" عشرات الغارات المتزامنة على مواقع عسكرية واستراتيجية في كل من دمشق وحمص وحماة، في مقدمتها مبنى البحوث العلمية في دمشق والمطار العسكري في حماة وقاعدة تيفور قرب حمص.
وتحدث بيان الخارجية السورية عن عشرات الغارات "الإسرائيلية" على خمسة مواقع في البلاد خلال ثلاثين دقيقة، أدت إلى "تدمير شبه كامل لمطار حماة العسكري وإصابة عشرات المدنيين والعسكريين"، بينما تحدثت تقارير غير رسمية عن مقتل أربعة أشخاص.
كما شهدت الليلة نفسها توغلا جديدا في ريف درعا أسفر عن اشتباكات مع مواطنين تداعوا لصده، ما أسفر عن استشهاد تسعة أشخاص وجرح آخرين، فضلا عن إصابات بين جنود الاحتلال وفق تقارير لم تتأكد. وبعد أقل من 24 ساعة، أغارت طائرات "إسرائيلية" على مواقع ونقاط عسكرية في الفرقة الأولى في ريف دمشق الغربي واللواء 75 في ريف دمشق.
أتت تلك الغارات المكثفة على المواقع العسكرية في ظل تقارير ألمحت إلى خوض سوريا وتركيا محادثات بخصوص إمكانية عقد اتفاقية دفاع مشترك أو تعاون دفاعي بالحد الأدنى، لا سيما وأن التقارير أشارت إلى أن أنقرة بصدد نشر منظومات دفاعية على الأراضي السورية وخصوصا في قاعدة تيفور، بل إن بعضها ادعى توجّه وفد تقني تركي لدراسة وضع القاعدة واحتياجاتها.
يصبح التحليل بأن القصف "الإسرائيلي" رسالة لتركيا بقدر ما هو لسوريا منطقيا وله شواهده، والتي تبدأ من عام 2021 حين وضعت تقارير الأمن القومي تركيا لأول مرة ضمن المهددات لدولة الاحتلال، ولا تنتهي عند تقرير لجنة ناجل خلال الحرب الحالية والتي دعت حكومة الاحتلال للاستعداد لاحتمال المواجهة العسكرية مع تركيا في سوريا خلال سنوات، وما بينهما الإشارات الرسمية المتعددة لتركيا كتهديد، والإعلان العلني عن دعم قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في مواجهتها
كما أن مسؤولين "إسرائيليين" عضّدوا فكرة أن الغارات توجه رسالة لأنقرة بقدر ما تسعى لتقويض إمكانات دمشق العسكرية ومقدراتها الاستراتيجية. فقد اتهم وزير خارجية الاحتلال جدعون ساعر تركيا بـ"لعب دور سلبي في سوريا"، محذرا الرئيس السوري أحمد الشرع من "دفع ثمن باهظ" في حال "سمح للقوى المعادية" بدخول بلاده وتهديد "إسرائيل".
كما قال وزير الحرب يسرائيل كاتس إن الغارات الأخيرة "رسالة واضحة وتحذير للمستقبل"، وعلى أن "إسرائيل لن تسمح بأي ضرر يلحق بأمنها". وبشكل أكثر وضوحا ومباشرة، حذر كاتس الرئيس السوري (مستخدما اسم الجولاني في دلالة لا تخفى) من "دفع ثمن باهظ في حال سمح للقوات المعادية بدخول سوريا وتهديد مصالح الأمن الإسرائيلي".
وكانت قوات الاحتلال استغلت سقوط النظام السوري لفرض أمر واقع على القيادة السورية الجديدة، من خلال التوغل في المنطقة العازلة ثم درعا، وقصف الكثير من مقدرات الدولة السورية من سلاح وعتاد ومقار عسكرية ومراكز بحوث. يدفع هذا الانكشاف العسكري والاستراتيجي أمام دولة الاحتلال للبحث عن حلفاء وشركاء أو دولة حامية، ومن البديهي أن تركيا في مقدمة الدول المرشحة للعب دور من هذا القبيل لعدة أسباب؛ في مقدمتها العلاقة الجيدة التي تربطها بـ"سوريا الجديدة"، ورغبتها في نفوذ مستدام في سوريا، وعلاقاتها المتوترة مع "إسرائيل" خلال الحرب على غزة.
وقد أثبتت التصريحات والمواقف المتواترة عن مسؤولين أتراك أن أنقرة ترى في استقرار سوريا مصلحة عليا مشتركة، وأنها مستعدة للعب دور بارز في دعم دمشق في المجالات العسكرية والأمنية وخصوصا التدريب والتسليح. وقد دفعت أنقرة بتعزيزات عسكرية إلى سوريا خلال معركة "ردع العدوان" التي أسقطت نظام الأسد، وكذلك مؤخرا خلال أحداث الساحل السوري في دلالة واضحة على هذا الحرص.
من هنا، يصبح التحليل بأن القصف "الإسرائيلي" رسالة لتركيا بقدر ما هو لسوريا منطقيا وله شواهده، والتي تبدأ من عام 2021 حين وضعت تقارير الأمن القومي تركيا لأول مرة ضمن المهددات لدولة الاحتلال، ولا تنتهي عند تقرير لجنة ناجل خلال الحرب الحالية والتي دعت حكومة الاحتلال للاستعداد لاحتمال المواجهة العسكرية مع تركيا في سوريا خلال سنوات، وما بينهما الإشارات الرسمية المتعددة لتركيا كتهديد، والإعلان العلني عن دعم قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في مواجهتها.
في ردها على الغارات، قالت وزارة الخارجية التركية إن "إسرائيل باتت أكبر تهديد لأمن المنطقة"، وأنها تزعزع استقرارها عبر "التسبب بالفوضى وتغذية الإرهاب"، داعية إياها "للتخلي عن سياساتها التوسعية، والانسحاب من الأراضي التي تحتلها، والكف عن تقويض جهود إرساء الاستقرار في سوريا".
بيد أن الأنظار توجهت أكثر لتصريح وزير الخارجية هاكان فيدان، الذي قال إن بلاده "لا تريد مواجهة مع إسرائيل في سوريا"، مشيرا -في تصريحات لوكالة رويترز- إلى أنه "إذا كانت الإدارة الجديدة في سوريا ترغب في التوصل لتفاهمات معينة مع إسرائيل فهذا شأنها الخاص".
فهل يعني ذلك أن أنقرة رضخت لرسائل الضغط "الإسرائيلية" وأن القصف المتكرر أدى غرضه بردعها وثنيها عن خطط التمركز العسكري في سوريا؟
لا يبدو ذلك دقيقا ولا مؤشرات منطقية عليه. الواضح، ومنذ البداية، أن تركيا لا تريد فعلا مواجهة عسكرية مباشرة مع "إسرائيل"، وتحديدا إذا كانت وفق توقيت الأخيرة والطريقة التي تفضلها وتختارها، لتداعيات ذلك المتوقعة وتأثيرها المحتمل على العلاقات مع الإدارة الأمريكية.
قد تعوّل أنقرة لاحقا على إمكانية التوصل لتفاهمات غير مباشرة مع "إسرائيل" عن طريق واشنطن، بحيث يمكن رسم خرائط النفوذ والمصالح بشكل يحول دون الصدام، وهو ما ترى أنقرة أنه ممكن على المدى البعيد كما كان ممكنا سابقا مع روسيا وإيران رغم تعارض المصالح
فتركيا تعول كثيرا على الموقف الأمريكي من سوريا عموما، وتحديدا مسألة رفع العقوبات ودعم المرحلة الانتقالية، لكن وبشكل أكثر أهمية وأولوية موقفها من دعم قسد وبقاء القوات الأمريكية على الأراضي السورية. ولذلك تحديدا، تراهن أنقرة على زيارة مرتقبة لأردوغان للبيت الأبيض ولقاء ترامب، الذي ما زال يكيل المديح للأخير والعلاقات الطيبة التي تجمعهما، ولا تريد أن تترك ذريعة لنتنياهو لتقويض فرص هذه الزيارة في تحقيق اختراقات مهمة في الملف السوري، وكذلك على صعيد العلاقات الثنائية بين البلدين ولا سيما في ملف التسليح.
ولذلك، تفضل تركيا في الوقت الحالي تجنب المواجهة مع "إسرائيل"، ومحاولة الضغط عليها من خلال إدارة ترامب، الذي كانت تصريحاته خلال استقباله نتنياهو إيجابية نسبيا بالنسبة لها، ولا سيما رفضه الضمني لفكرة الصدام مع تركيا في سوريا. كما أن أنقرة ستسعى على المدى البعيد لفرض أمر واقع بخصوص تواجدها في سوريا، فهي تقدّر بأن جرأة "إسرائيل" على القصف والاستهداف بعد تواجد قوات وأسلحة لها ستكون أقل بكثير مما هي عليه الآن، إذ أن القصف الحالي قد يمنع أنقرة من الاستقرار ومد النفوذ، لكن تعرض قواتها لاستهداف مباشر قد يشعل فتيل مواجهة مباشرة لا يريدها الطرفان.
أكثر من ذلك، قد تعوّل أنقرة لاحقا على إمكانية التوصل لتفاهمات غير مباشرة مع "إسرائيل" عن طريق واشنطن، بحيث يمكن رسم خرائط النفوذ والمصالح بشكل يحول دون الصدام، وهو ما ترى أنقرة أنه ممكن على المدى البعيد كما كان ممكنا سابقا مع روسيا وإيران رغم تعارض المصالح.
ولعل تصريحات ترامب خلال استقباله نتنياهو، وتصريح الأخير أنه بحث مع الرئيس الأمريكي "تدهور علاقاتنا مع تركيا وكيفية تفادي حصول أزمة معها" تعزز هذا المنطق، وهو ما سيحكم عليه الوقت والتطورات اللاحقة. لكن تركيا، بكل الأحوال، ليست في وارد التخلي عن دعم سوريا ولا عن مصالح أمنها القومي والفرص التي فتحتها لها "سوريا الجديدة".
x.com/saidelhaj