7 مارس، 2025

بغداد/المسلة: قال المحلل الاقتصادي زياد الهاشمي إن ظاهرة “اقتصاد المظاهر” بدأت تتوسع بشكل لافت في العراق، حيث يعتمد الأفراد بشكل متزايد على الاستهلاك المظهري والتفاخر الاجتماعي، بدلاً من التركيز على القيم الجوهرية والإنتاج الحقيقي. وأوضح أن هذا السلوك يؤدي إلى إنفاق غير عقلاني يستهلك موارد الأفراد دون تحقيق قيمة اقتصادية حقيقية، ما يزيد من الضغوط المالية على الأسر والمجتمع ككل.

وقال الهاشمي ان الافراد أو المجموعات يميلون إلى إنفاق الموارد المالية والمادية بشكل مفرط للحفاظ على صورة معينة أمام الآخرين، سواء كان ذلك من خلال اقتناء السلع الفاخرة، إقامة المناسبات الباذخة، أو السعي لمواكبة الموضة والمعايير الاجتماعية السطحية!

واعتبر أن هذا الانفاق الأعمى يؤدي الى إهمال الأولويات مثل التعليم والصحة والتثقيف والادخار وتطوير المهارات ويؤدي الى تدهور إمكانات الفرد وقدرته على تقديم منفعة حقيقية للمجتمع او الاقتصاد!

وهذا النمط من السلوك الانفاقي الشاذ بدأ بالانتشار بشكل شرس في المجتمع العراقي وبطريقة ملفتة للنظر وأنتج ضغوط اقتصادية على الافراد والمجتمع وساهم في تعميق الفجوة الاجتماعية بين الطبقات!

لذلك من المهم تكثيف الجهود لمحاربة هذه الحالة السلبية والعمل بشكل منهجي ومدروس للعودة للاقتصاد القائم على القيم والعمل والاجتهاد، بعيداً عن سطوة “المظاهر”!

وذكر خبراء اقتصاديون أن هذه الظاهرة تعكس اختلالات في الثقافة الاستهلاكية، حيث يميل كثيرون إلى شراء سلع فاخرة، وإنفاق مبالغ ضخمة على المناسبات الاجتماعية، والسعي لمجاراة المعايير الاجتماعية السطحية، حتى لو كان ذلك على حساب الاستقرار المالي الشخصي. وأكدوا أن هذا النمط يؤثر بشكل مباشر على القرارات المالية للأفراد، مما يؤدي إلى تراجع معدلات الادخار والاستثمار في مجالات أساسية مثل التعليم والصحة وتنمية المهارات.

واعتبر مختصون في علم الاجتماع أن انتشار هذه الظاهرة مرتبط بغياب الوعي المالي وسيادة ثقافة الاستهلاك السريع، مدفوعة بوسائل التواصل الاجتماعي التي تعزز نمط الحياة الفاخر حتى لدى من لا يستطيعون تحمله. وأوضحوا أن هذا السلوك يؤدي إلى تفاقم الفجوة الاجتماعية بين الطبقات، حيث تجد الأسر محدودة الدخل نفسها تحت ضغط نفسي واجتماعي لمحاولة مواكبة نمط حياة لا يتناسب مع إمكانياتها.

وأظهرت دراسات اقتصادية أن العراق شهد خلال السنوات الأخيرة ارتفاعًا في معدلات الاستدانة الشخصية لتمويل مظاهر الترف، حيث زادت طلبات القروض الشخصية لأغراض غير إنتاجية مثل شراء السيارات الفاخرة أو تنظيم حفلات زفاف باهظة التكاليف. وأشار تقرير صادر عن البنك الدولي في عام 2023 إلى أن نسب الادخار في العراق لا تزال منخفضة مقارنة بالدول المجاورة، حيث يفضل كثيرون الإنفاق الفوري على الاحتياجات الترفيهية بدلًا من الاستثمار في المستقبل.

وحذر محللون ماليون من أن استمرار هذا النمط من الاستهلاك غير الرشيد قد يؤدي إلى أزمات مالية أعمق على المستوى الفردي والمجتمعي، خاصة مع التحديات الاقتصادية التي يواجهها العراق، مثل تذبذب أسعار النفط وتزايد معدلات البطالة. وأكدوا أن الحل يكمن في تعزيز الوعي المالي وتشجيع ثقافة الادخار والاستثمار في مشاريع تنموية تساهم في خلق فرص عمل وتعزيز الإنتاج المحلي.

ودعت جهات اقتصادية إلى ضرورة إطلاق حملات توعية واسعة لتشجيع المواطنين على التخطيط المالي السليم، وتوجيه الإنفاق نحو القطاعات المنتجة التي تساهم في تحسين جودة الحياة على المدى الطويل. وأكدت أن الحكومات والمؤسسات المالية تتحمل مسؤولية كبيرة في تقديم برامج توعوية تدعم الأفراد في اتخاذ قرارات مالية أكثر حكمة.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: یؤدی إلى أن هذا

إقرأ أيضاً:

رسوم ترامب تضرب بغداد.. من الخاسر الحقيقي في المعادلة النفطية؟

4 أبريل، 2025

بغداد/المسلة: في الوقت الذي تسعى فيه بغداد وواشنطن إلى الحفاظ على توازن هش في علاقاتهما الاقتصادية، جاءت قرارات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة بشأن الرسوم الجمركية لتثير تساؤلات عميقة حول مستقبل هذا التبادل التجاري المتشابك، فالعراق، الذي لطالما اعتمد على السوق الأمريكية لتصريف جزء من صادراته النفطية، يجد نفسه اليوم في مرمى سياسة حمائية قد تعيد رسم خارطة المصالح بين البلدين.

خلال فعالية أُقيمت في البيت الأبيض، أعلن ترامب فرض رسوم جمركية شاملة على معظم الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، تراوحت بين 10% و49%. اللافت في القائمة أن العراق جاء في المرتبة الثانية عربياً من حيث ارتفاع نسبة الرسوم، التي بلغت 39%، وهو رقم يثير الكثير من الجدل في الأوساط الاقتصادية العراقية، لا سيما وأن الميزان التجاري بين الطرفين يميل منذ سنوات لصالح العراق.

في تغريدة له، وصف الخبير الاقتصادي زياد الهاشمي هذه السياسة بأنها “أشبه بتسديد كرة مرتدة”، موضحاً أن “العراق يحقق فائضاً تجارياً يتجاوز 6 مليارات دولار، أغلبه ناتج عن تصدير النفط الخام إلى الولايات المتحدة”. وتابع أن “التأثير الحقيقي للرسوم الجديدة قد يطال المستهلك الأمريكي أولاً، وليس العراق”.

بحسب بيانات رسمية، فإن التبادل التجاري بين العراق والولايات المتحدة شهد نمواً كبيراً في السنوات الأخيرة، حيث تجاوزت صادرات العراق إلى واشنطن حاجز الـ10 مليارات دولار سنوياً، معظمها صادرات نفطية. أما الواردات، فشملت طيفاً واسعاً من السلع، من بينها سيارات ومعدات ثقيلة وأجهزة طبية، إلى جانب مواد غذائية ومنتجات استهلاكية أخرى.

ويشير تقرير  إلى أن العراق صدّر عام 2021 سلعاً غير نفطية بقيمة تجاوزت 700 ألف دولار، بينها الجبس وخبز التنور والتمور وبعض المطبوعات، ما يوضح محدودية الصادرات غير النفطية، ويجعلها أكثر عرضة لتأثير الرسوم الجمركية.

من جانبه، حاول الخبير نبيل المرسومي التقليل من حجم التأثير المحتمل، مشدداً على أن “واردات الولايات المتحدة من النفط والغاز ما زالت مستثناة من الرسوم”، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى أن “التأثير السلبي قد يظهر في تراجع أسعار الخام عالمياً، وهو ما حدث بالفعل حين انخفض السعر بمقدار دولارين فور إعلان ترامب قراره”.

في ظل هذه التطورات، يبدو أن العراق سيضطر إلى إعادة النظر في أولوياته التصديرية وربما البحث عن أسواق بديلة لتصريف نفطه، بينما تواجه الشركات الأمريكية تحدياً إضافياً يتمثل في ارتفاع كلفة الاستيراد من العراق، ما قد يدفعها إلى تقليص تعاملاتها في المنطقة.

وفي خضم كل ذلك، تبقى الرسالة الأهم أن العلاقات الاقتصادية بين بغداد وواشنطن باتت تخضع لحسابات أكثر تعقيداً من ذي قبل، وسط عالم يتغير بوتيرة متسارعة، وسياسات لم تعد تخضع لقواعد الشراكة التقليدية بقدر ما تمليها المصالح الآنية وتوازنات القوة.

 

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • مخاوف أسعار النفط تُشعل القلق.. هل تتكرر سيناريوهات التقشف؟
  • تصريحات غامضة من وراء البحار تُقلق نوم بغداد
  • التاخر بالاستثمار يصيب العراق بالوهن الاقتصادي
  • الخلايا النائمة…أفاعي كومة القش
  • هل طالب كاساس بالبقاء في منصبه مدرباً لمنتخب العراق؟
  • دعوة أممية لتحرك عاجل لحماية أطفال العراق من مخاطر الألغام
  • حكومة طوارئ أم انقلاب باسم الأزمة؟
  • رسوم ترامب تضرب بغداد.. من الخاسر الحقيقي في المعادلة النفطية؟
  • المعلمون في العراق: إضراب من أجل الحقوق يهز التعليم
  • نواب في الكونغرس الامريكي يقدمون مشروع “تحرير العراق من إيران”