اكتشاف كنز عمره أكثر من 2300 عام في أنقاض معبد قرطاجي في تونس
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
اكتشف علماء الآثار في تونس عملات ذهبية نادرة عمرها 2300 عام وجرارا تحتوي على بقايا حيوانات ورُضّع وخُدّج في أنقاض مدينة قرطاج القديمة.
وقد عثر العلماء على المدافن وخمس عملات ذهبية بالقرب من أنقاض معبد "التوفاة" البوني الواقع على تلة في ضواحي تونس العاصمة.
وقالت وزارة الشؤون الثقافية التونسية في بيان على صفحتها على "فيسبوك" إن المعبد كان في السابق نصبا ريفيا مخصصا للإلهين البعل حمون والإلهة تانيت.
وكانت قرطاج دولة قوية أسسها الفينيقيون، وهم شعب عاش في الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، والمعروف أيضا باسم بلاد الشام، في القرن التاسع قبل الميلاد.
وازدهرت المدينة في القرن السادس قبل الميلاد. وتطورت إلى إمبراطورية تجارية عظيمة فرضت سيطرتها على جزء كبير من حوض البحر الأبيض المتوسط.
إقرأ المزيدوأصبحت قرطاج منافسة قوية لروما، وخلال الحروب البونيقية الطويلة بين عامي 264 قبل الميلاد و146 قبل الميلاد، جاء القرطاجيون لاحتلال أراضي تابعة لروما، لكن الأخيرة انتصرت ودمرت مدينة قرطاج (قرطاجة) الواقعة في شمال إفريقيا عام 146 قبل الميلاد. وتم بناء قرطاج رومانية ثانية على أنقاض الأولى. وأدرجت بقايا هذه الحضارة اليوم ضمن مواقع التراث العالمي لليونسكو.
وبحسب السلطات، عثر على خمس عملات ذهبية خلال أعمال التنقيب بمعبد " التوفاة" الشهير بقرطاج، في إطار مشروع وطني بدأ عام 2014.
ويبلغ قطر العملات الذهبية نحو 2.5 سم، وفقا لما ذكرته إذاعة "شمس إف إم" التونسية، وتصور الإلهة القديمة تانيت، رمز الخصوبة والأمومة عند القرطاجيين.
وقال ممثلو وزارة الشؤون الثقافية في البيان إن العملات اكتشاف نادر "يعكس ثراء تلك الفترة التاريخية ويؤكد القيمة الثقافية لقرطاج".
وأشار علماء الآثار إلى أن من المرجح أن القرطاجيين الأثرياء تركوا العملات المعدنية كهدية للآلهة، لكن ما يزال من غير الواضح ما إذا كان الأطفال المدفونون قد تمت التضحية بهم أو ماتوا ميتة طبيعية.
وعلى مدى القرن الماضي، كشفت الحفريات في أنقاض مدينة قرطاج عن آلاف شواهد القبور والجرار التي تحتوي على بقايا أطفال حديثي الولادة وأطفال حتى سن الرابعة، ويعتقد بعض الخبراء أنها قد تكون مثابة قرابين.
وقالت جوزفين كراولي كوين، أستاذة التاريخ القديم في جامعة أكسفورد بالمملكة المتحدة، في بيان صدر عام 2014: "إن الأدلة الأثرية والأدبية والوثائقية على التضحية بالأطفال هائلة. وربما كان ذلك بسبب التقوى والتعلق بأهداب الدين، أو الشعور بأن الخير الذي يمكن أن تجلبه التضحية للعائلة أو المجتمع ككل يفوق حياة الطفل".
المصدر: لايف ساينس
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا آثار اطفال اكتشافات مواقع اثرية قبل المیلاد
إقرأ أيضاً:
محاكمة تاريخية في تونس
محاكمة ثلة من القيادات المعارضة التي بدأت أمس في تونس في ما عرف بـ«قضية التآمر» هي بلا جدال أغرب محاكمة سياسية عرفتها البلاد منذ استقلالها عام 1956.
كثيرة هي المحاكمات التي شهدتها تونس في العقود الماضية سواء تعلقت بمجموعات يسارية، أو وزراء سابقين أو نقابيين أو قوميين موالين لليبيا رفعوا السلاح ضد الدولة أو إسلاميين، لكنها المرة الأولى التي تجمع فيها محاكمة واحدة كل هذه المثالب جميعها.
المحاكمة تجري، بشهادة كل المحامين، بملف فارغ بالكامل لا يعتدّ به في «مؤامرة ضد أمن الدولة الداخلي والخارجي» فلا وجود لمخطط لتغيير هيئة الدولة بالقوة أو جمع سلاح أو محاولات اختراق للمؤسستين العسكرية والأمنية ولا تخابر مع الخارج. الحقيقة أن الأمر لا يتعدّى مجموعة لقاءات علنية بين شخصيات معارضة تبحث عن سبل لتوحيد صفوفها وتقديم نفسها بديلا، أي هو عمل سياسي شرعي لا معنى لتجريمه أبدا.
وصف قيس سعيّد قادة المعارضة المتهمين بعد أيام قليلة من اعتقالهم بأنهم «إرهابيون»
المحاكمة تجري لزهاء الأربعين شخصية من مشارب مختلفة، وقد تصل العقوبة فيها إلى الإعدام، بملف مثقل بعيوب لا تغتفر أبدا في أي عرف قضائي سليم. ظل المتهمون رهن الإيقاف لأكثر من عامين، لم يُستجوب فيهما أحد، ولم تجر أية مكافحة لهم مع من اتهموهم بالتآمر. أكثر من ذلك، حاكم التحقيق الذي أعد قرار ختم البحث، هارب الآن خارج تونس وملاحق بتهمة «التآمر (هكذاّ)!!. أما مدير الشرطة العدلية الذي أوقف المتهمين فهو في السجن، فيما يقبع شاهد رئيسي في القضية في السجن منذ 2017. وكل ما سبق كفيل وحده بإسقاط القضية لانعدام الذمة الأخلاقية والمهنية لكل من سبق ذكرهم.
المحاكمة تجري في وضع يعيش فيه القضاء «وضعية كارثية تتعمق يوماً بعد يوم، وسنة بعد أخرى، خاصة بعد نزع كل ضمانات الاستقلالية عنه» كما ورد في بيان أخير لجمعية القضاة التونسيين. لقد بات معروفا، وبالأسماء، من هم القضاة الذين وقع طردهم أو نقلهم تعسفيا لاعتبارات سياسية، دون أن ننسى «مجزرة القضاة» التي حدثت صيف 2022 بإعفاء رئيس الدولة لسبعة وخمسين قاضيا رفضت الدولة لاحقا إنصافهم حتى بعد أن أمرت «المحكمة الإدارية» بإعادة معظمهم إلى مناصبهم.
المحاكمة تجري في أجواء تهديد واضحة من رئيس الدولة شخصيا فقد وصف قيس سعيّد قادة المعارضة المتهمين بعد أيام قليلة من اعتقالهم بأنهم «إرهابيون» بل واعتبر أن من «يبرّئهم فهو شريك لهم» في نسف كامل ومسبق لمقومات المحاكمة العادلة. فضلا عن ذلك، يوجه الحقوقيون الاتهامات علنا إلى وزيرة العدل ليلى جفال باعتبارها المهندسة المباشرة لسير التحقيق وتعيين القضاة وفق أوامر سياسية لا علاقة لها بالعدل أو البحث عن الحقيقة.
المحاكمة تجري دون حضور المتهمين إلى قاعة المحاكمة فقد تقرر إجراؤها «عن بعد» في سابقة لم تعتمد إلا خلال جائحة كورونا، لمنع شلل المحاكم وتكدّس القضايا العالقة. لقد رفض المتهمون ألا تكون محاكمتهم مفتوحة وعلنية وأن يقفوا أمام كاميرات جامدة بعد أن انتظروا لعامين هذه الجلسة لدحض ما اتهموا به وجها لوجها، وأعينهم في عيني القاضي الذي ساقه قدره إلى هذا الموقف الذي سيدخل به التاريخ من الباب الذي سيختاره هو لنفسه.
المحاكمة تجري وسط تعتيم إعلامي غير مسبوق، فقد صدر قبل أشهر قرار غريب «يمنع التداول الإعلامي» في القضية مع أنه كان من المفروض أن يقف الرأي العام على تفاصيل خطيرة مزعومة تهدد أمن الدولة والسلم الاجتماعي. وبناء على ذلك، ظلت القضية لأكثر من عامين بعيدة عن الأضواء فلا المتهمون مثلوا أمام المحكمة ليقف الناس على حقائق الأمور، ولا الاعلام سُمح له بالقيام بدوره. ولولا جرأة بعض المحامين والصحافيين وبعض نشطاء حقوق الانسان في الداخل والخارج الذين تحدّوا القرار وخاضوا، في مواقع التواصل خاصة، في تفاصيل القضية وحيثيات تحقيقها لما عرفنا حجم الاخلالات الرهيبة التي شابتها. المفارقة هنا، أن السلطة التي تمنع الصحافيين والمحامين من كشف جوانب من القضية هي نفسها التي تفسح المجال واسعا لأحد أبواقها في برنامج تلفزيوني على قناة خاصة يهذي فيه لأكثر من ساعة دون وجود لرأي آخر، مما يدل على حجم الخوف وغياب الثقة في النفس.
سُمح في جلسة الأمس بدخول أهالي المتهمين، وبعضهم في حالة سراح، وكذلك بدخول الصحافيين، ولكن دون معدّاتهم، في حين كانت كل المحاكمات السياسية التي عرفتها تونس طوال عهدي الرئيسين الراحلين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي تجري تغطيتها دون قيود، حتى في أحلك فترات القمع، وكانت الصحف تفرد عديد الصفحات لنقل كل ما يقال في ردهات المحكمة دون رقيب.
المحاكمة تجري والسلطة السياسية في أعلى درجات انكشاف خواء خطابها وفشل سياساتها وتفاهة مؤيديها القلائل وافتضاح كذب ما سبق أن أعلنته من قبل من مؤامرات مزعومة، مثل قضية تسميم الرئيس، مما يجعل من هذه المحاكمة في النهاية محاولة يائسة لاغتيال العمل السياسي، وبالتالي فهي محاكمة لهذه السلطة قبل أن تكون لأي طرف آخر.
المصدر: القدس العربي