يمانيون:
2025-05-01@19:30:36 GMT

عن الثائر الأممي.. السيّد حسن نصر الله

تاريخ النشر: 6th, March 2025 GMT

عن الثائر الأممي.. السيّد حسن نصر الله

علي مهدي رعد

لم يكن استشهاد سيد شهداء الأمة، السيد حسن نصر الله، حدثاً مفصلياً وتاريخيًا في لبنان وحسب، بل طاول بثقله كل أحرار العالم على اختلاف مذاهبهم وتياراتهم الفكرية المتنوعة، وقد تجلّى ذلك في التشييع المليوني المهيب الذي أقيم في المدينة الرياضية، حين اجتمع الأحرار على قلب واحد، وصدحوا بلسان عربي وأعجمي: “إنّا على العهد يا نصر الله”.

هذا هو حال الثائرين الكبار في العالم الذين يواجهون طغاة الأرض منذ البداية حتى النهاية، ولا يختمون حياتهم إلاّ بالشهادة. كان التشييع بمنزلة استفتاء جماهيري واختبار لقوة المقاومة الفعلية ومستقبلها في المنطقة. وكالعادة، لم يتأخر المحبون، صغارًا وشبابًا ونساءً وشيوخًا عن الاستجابة العفوية والمشاركة في وداع قائد قلّ نظيره في المنطقة على الرغم من الحملات المغرضة التي مورست من الإعلام اللبناني المعادي والخليجي من أجل تثبيط العزيمة لدى جمهور المقاومة، فضلاً عن المضايقات والقرارات المجحفة التي اتُخذت بإيعاز أمريكي- إسرائيلي في مطار بيروت، وذلك بهدف عرقلة القادمين من كل حدب وصوب من حضور التشييع الكبير. وبالنتيجة، باءت كل رهانات الداخل والخارج بالفشل، وذلك بفضل الصورة التي رسمها المحبون في الساحات،” وكان “السَيفُ أَصدَقُ إنباءً مِنَ الكُتُبِ، فِي حَدِّهِ الحَدُّ بَيْنَ الجِدِّ وَاللَّعِبِ”.
يحضرنا في هذه المناسبة الأليمة التي ألمّت بنا أن نستحضر خطابه الاستثنائي والشامل الذي ألقاه في عام 2008 بذكرى أربعين القائد الكبير، الشهيد عماد مغنية، حين أجاب على السؤال الآتي: هل نستطيع أن نُزيل “إسرائيل” من الوجود؟ أجاب حينها: “نعم وألف نعم، يمكن أن تزول “إسرائيل” من الوجود”. لم يكن خطاب شهيدنا الأسمى حينها منطلقًا من دوافع عاطفية، بل كان يرتكز إلى الوقائع والتوصيف الموضوعي لحجم الخطر الإسرائيلي الحقيقي الذي يتربّص بشعوب المنطقة.
لنعد إلى التاريخ قليلاً، فبُعيد النكبة التي تعرّض لها الفلسطينيون في عام 1948 والتي أفضت إلى قتل وتهجير الآلاف من الفلسطينيين، وتلاها بعد ذلك حرب عام 1967، والتي انتهت بهزيمة العرب، على الرغم من الانتصار الجدلي الذي حققه العرب في ما بعد على “إسرائيل” في حرب عام 1973، حيث أسفرت هذه الحرب عن نتائج لم تخدم فلسطين على المدى البعيد، إذ انطلق قطار التطبيع من مصر مرورًا بمنظمة التحرير الفلسطينية، وصولاً إلى الأردن. وهكذا أصبح الشعب الفلسطيني ضحية هذه الاتفاقيات، وصارت “إسرائيل” تملك اليد العليا في المنطقة بدعم من الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية.
وللعلم، فإن هذه المرحلة أسست لفكرة مفادها، إن “إسرائيل” أضحت أمراً واقعًا في المنطقة العربية، بعدما استمدّت “شرعيتها” من الأمم المتحدة ككيان شرعي في المنطقة، بدعم من الدول الغربية. وفي تلك المرحلة بالذات، روّج المحللون الإسرائيليون والغربيون وبعض النخب العربية المرتهنة إلى الفكرة التي تقول، إنّ “إسرائيل” لا تُهزم، وقد أصبحت قدراً محتوماً، وعلينا التكيّف مع هذا الواقع المرير.
لقد سيطر الإحباط واليأس على الشعوب العربية، وأدرك الشعب الفلسطيني أنه تُرك لمصيره في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. استمر الوضع على ما هو عليه حتى ظهر إمام وقائد استثنائي يُدعى موسى الصدر، إذ تمكّن هذا المُغيّب الجليل من تشكيل النواة الأولى للمقاومة، وكان من بين هؤلاء المقاومين الأحرار، الشيخ راغب حرب، والسيد عباس الموسوي، والسيد حسن نصر الله.
وفي خضم كل ذلك، ظهرت المقاومة كخيار وحيد للمواجهة، وكان حزب الله الأكثر تأثيراً في تلك المرحلة، خاصة بعد العمليات النوعية التي نفذها ضد “إسرائيل”. ومن أبرز تلك العمليات كانت عملية الاستشهادي أحمد قصير التي حولت مقر الحاكم العسكري إلى أنقاض، وأسفرت عن مقتل 76 جنديًا وضابطًا من القوات الصهيونية وإصابة 188 آخرين. ومنذ ذلك الحين توالت العمليات والإنجازات النوعية حتى تحرير كل الأراضي اللبنانية في عام 2000، وتبعها بعد ذلك الانتصار في حرب تموز عام 2006. وكان لهذه الإنجازات والتراكمات النوعية التي حققتها المقاومة اللبنانية تأثير كبير في اندلاع الانتفاضة الثانية في فلسطين المُحتلّة، أو ما يُعرف بانتفاضة الأقصى عام 2000.
هنا تغير المشهد كلياً، وأرخى بظلاله على طبيعة الصراع بين “إسرائيل” وحركات المقاومة لناحية الأسلوب والتكتيك، والذي يُعبّر عنه بالحروب غير المتناظرة (Asymmetric Warfare) والذي انتهجته المقاومة في فلسطين ولبنان لتعويض فارق القوة الصلبة (Hard Power) التي تتميز بها “إسرائيل”. بالإضافة إلى ذلك، نجحت المقاومة اللبنانية في إنشاء حالة من الوعي الجماهيري، استطاعت أن تثبت فيه بأنّ الكيان الصهيوني قابل للزوال عندما تتوفر إرداة القتال، بمعزل عن الإمكانات المادية والدعم الغربي المفتوح الذي يتلقاه على الدوام. وهنا، نود أن نشير – بعيدًا عن الجمل الإنشائية – إلى أن العقيدة القتالية هي الأساس والقوة المحركة التي تدفع الأفراد للمضي قدماً نحو تحقيق النصر، وكما يشير المُفكر الأمريكي في العلاقات الدولية، كينيث والتز (Kenneth Waltz)، إلى أنّ الأيديولوجيا (Ideology) لها تأثير جماعي وقوي، حيث ترتبط بشكل وثيق بحق تقرير المصير (Self-determination)، مما يضمن عمليًا أن الشعوب التي تعاني من الاحتلال ستثور ضد المُحتلّ، فالأيديولوجيا أحد عناصر القوة الأساسية التي يمكن أن تحملها الشعوب. لذا، فإنّ أقوى إنسان في العالم هو ذلك الشخص الذي يحمل أفكارًا ثورية تدفعه إلى أن يكون مستعداً ليفني ذاته في سبيل قضية مشروعة، فكيف إذا كانت هذه القضية هي فلسطين؟ وقد رأينا كيف أن المقاومة في لبنان وفلسطين زاحمت الموت وذابت في الأرض. وهنا نستذكر كلام المتحدث باسم المقاومة الفلسطينية في غزّة، حينما توجّه للعدو الإسرائيلي قائلاً: أنتم أتيتم بأهمّ الأسلحة العسكرية والتكنولوجية، ونحن صنعنا أقوى الرجال في العالم قبل أن نصنع العتاد.
وفي معركة “طوفان الأقصى” التي مثلّت أكبر إخفاق عسكري في تاريخ الكيان الإسرائيلي، مما دفع بعض المسؤولين الإسرائيليين إلى التحدث عن مستقبل “إسرائيل” في المنطقة، وخصوصاً مع التحديات الوجودية التي فرضها محور المقاومة. على الرغم من الخسائر الكبيرة التي تكبدها المحور في دعمه لغزة، والتي تجسدت في استشهاد السيد حسن نصر الله وعدد كبير من القادة، فإنّ الهدف كان أن تنتصر غزة، وها هي اليوم تحرر أسراها من سجون العدو بعدما أجبرته على التفاوض وتبادل الأسرى.
صحيح أنّ “إسرائيل” اغتالت أهم قائد للمقاومة في المنطقة، إلا أن هذا الاغتيال لن يزيد المقاومة إلاّ عزمًا وزخمًا وصلابة في مواجهة المحتلين. فالمقاومة في جوهرها فكرة، ولا يمكن اغتيال الفكرة، بل على العكس من ذلك، تزداد المقاومة قوة بقدر ما تزداد حجم التضحيات. لذلك، فإننا على المسار السليم والمستقيم ولو كانت التضحيات جِساماً.
لقد كان شهيدنا الأعزّ، أمة في رجل، ومخلصاً في نصرته لفلسطين ودفاعه عن لبنان حتى فناء الذات في سبيل الله، والذي يُمثل ذروة العطاء. كان ضنيناً على فلسطين كضنين الأب على أبنائه، لذا فمن حقه علينا أن نحمل أهدافه ومشروعه لنصرة المستضعفين والمقهورين في هذا العالم البائس الذي لا مكان فيه إلاّ للأقوياء. وفي محضر طيفه، لا يسعنا إلاّ أن نقول” ألا إنّ نصر الله قريب”.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: د حسن نصر الله فی المنطقة إلى أن

إقرأ أيضاً:

بأكثر من نصف مليار ريال.. أمير تبوك يطّلع على المشاريع التي تنفذها أمانة المنطقة

تبوك – واس

اطَّلع صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة تبوك، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سعود بن عبدالله بن فيصل بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة تبوك، على عددٍ من المشاريع البلدية والإسكانية التي تنفذها وزارة البلديات والإسكان بالمنطقة، وتنوعت ما بين مشاريع البُنى التحتية، وسفلتة الطرق، وتطوير الميادين، وأنسنة المدن، وتصريف مياه الأمطار، ودرء أخطار السيول، إضافةً إلى مشاريع إسكانية، واستثمارية وبيئية، وبُنى تحتية مستقبلية تقدر تكلفتها الإجمالية بـ 4.335 مليارات ريال.

جاء ذلك خلال لقاء سموه مساء أمس، بالقصر الحكومي، المواطنين ورؤساء المحاكم والقضاة ومشايخ القبائل ومديري الإدارات الحكومية بالمنطقة، حيث بدأ اللقاء بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، ثم استُعرضت أبرز المشاريع البلدية والإسكانية والاستثمارية والخدمية، التي قدَّم أمين منطقة تبوك المهندس حسام بن موفق اليوسف عنها عرضًا مرئيًا موجزًا لسموه والحضور، تضمّنت أكثر من 43 مشروعًا يجري تنفيذ البعض منها وترسية الأخرى، بقيمة إجمالية تصل لـ674 مليون ريال، في مجالات متعددة شملت النقل العام بالحافلات، وسفلتة مخططات المنح، وتطوير الطرق الرئيسة بالمنطقة، إضافة إلى رفع كفاءة الطرق بإنشاء جسرين على تقاطع طريق الملك فيصل مع طريق الأمير فهد بن سلطان (دوار صحاري) وتقاطع طريق الأمير محمد بن سلمان مع طريق الملك فهد، وأنسنة المنطقة من خلال تطوير ساحات عدد من الجوامع، وتنفيذ شبكات تصريف مياه الأمطار، والتي ستسهم في معالجة 32 نقطة تجمع صغيرة، و3 أخرى كبيرة؛ ليصل مجموع ما تم معالجته من نقاط التجمع الكبيرة لـ 20 نقطة من أصل 24، وتنفيذ مشاريع لدرء أخطار السيول، ومشاريع مستقبلية تتجاوز تكلفتها التقديرية مليارين وست مئة مليون ريال.

وفي جانب الاستثمارات، استعرض المهندس اليوسف المشاريع الاستثمارية الجاري تنفيذها، والتي تجاوز عددها 48 مشروعًا بتكلفة إنشاء تقديرية تتخطى المليار ومئتي مليون ريال، تشمل قطاعات طبية وتعليمية ورياضية وترفيهية ولوجستية، بما يلبي احتياجات السكان والزوار، ويفتح آفاقًا جديدة لفرص العمل المباشرة وغير المباشرة، ومن بين هذه المشاريع: مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بسعة 200 سرير و100 عيادة طبية، ومركز ألفا الطبي الذي يضم أربع عيادات متخصصة، وصيدلية وشققًا فندقية (90 غرفة)، ومركز رؤية الطبي الذي يحتوي على 18 قسمًا، ومركز غسيل كلى مجاني، إضافة إلى مشروع فندق المريديان الذي يضم 150 غرفة وجناحًا فندقيًا، ومركزًا لإيواء أكثر من ألفي معدة ثقيلة لضمان عدم تعطّلها داخل الأحياء السكنية.

وفي الشأن البيئي، تناول العرض مشروع المردم البيئي الجديد، الذي يمثل نقلة نوعية في إدارة النفايات بالمنطقة، حيث تم إنشاؤه بأكثر من 35 مليون ريال شرق مدينة تبوك، وبعكس اتجاه الرياح، وبمعدات أوروبية حديثة تضمن معالجة النفايات الصلبة بطريقة علمية متطورة، ويتضمن المشروع محطة طاقة استيعابية تصل إلى 80 طنًا في الساعة، وخلايا هندسية عازلة لمنع تسرب العصارات، إلى جانب منظومة متكاملة لفرز النفايات وإعادة تدوير المواد القابلة للاستفادة، وتحويل المخلفات العضوية مستقبلًا إلى طاقة بديلة وسماد عضوي.

كما اطلع سموه والحضور على مجسم لواجهة فالي تبوك والتي تقع على مساحة إجمالية تقدر بـ 778 ألف متر مربع، تتضمن 874 وحدة سكنية، و4 مساجد وجوامع، و5 حدائق ومتنزهات، وعدد 5 مراكز تجارية ومجمعات تعليمية تحتوي على 5 مدارس.

وفي ختام اللقاء، ثمّن سمو أمير منطقة تبوك جهود أمانة تبوك في تنفيذ هذه المشاريع الحيوية، مؤكدًا أهمية استكمالها بما يسهم في تعزيز التنمية المستدامة، وتحسين جودة الحياة، وتحقيق تطلعات سكان منطقة تبوك ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030.

وقال سموه في تصريح صحفي: “بأن هذه المشاريع و-لله الحمد- مشاريع مبشرة بالخير وتصب في خدمة المواطن والمواطنة، وتوفر الخدمات اللازمة لهم”, منوهًا بما توليه القيادة الحكيمة -أيدها الله- من اهتمام وعناية بكل ما يخدم الوطن والمواطن من المشروعات التنموية، وتسهم في رفع مستوى جودة الحياة، وتعزز النقلة الحضارية الكبيرة التي تعيشها المنطقة، داعيًا المستثمرين ورجال الأعمال للاستفادة من الفرص الاستثمارية الواعدة التي تطرحها أمانة المنطقة والبلديات التابعة لها بالمحافظات.

مقالات مشابهة

  • دفع الله الحاج.. او الرجل الذي يبحث عنه البرهان ..!!
  • المبعوث الأممي بيدرسون يندد بهجمات إسرائيل على سوريا
  • إسرائيل التي تحترف إشعال الحرائق عاجزة عن إطفاء حرائقها
  • المجد للبندقية التي حرست المواطن ليعود الى بيته الذي كانت قحت تبرر للجنجويد احتلاله
  • بأكثر من نصف مليار ريال.. أمير تبوك يطّلع على المشاريع التي تنفذها أمانة المنطقة
  • “حسام شبات” الذي اغتالته إسرائيل.. لكنه فضحهم إلى الأبد
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • صمت حزب الله… بين الردع المتراكم والصبر الاستراتيجي
  • الشاب الذي اغتالته إسرائيل.. لكنه فضحهم إلى الأبد
  • دور اليمن في تعزيز محور المقاومة.. كيف يشكل أنصار الله ركيزة لفلسطين؟