(المحاضرة الرمضانية السادسة)

استدراك :
ستظل شخصيات الدكتور أحمد ونجليه صلاح ومُنير تتواجد في جزئية محاضرات القصص القرآنية؛ لاتساقها مع موضوع المحاضرة وعدم تشتيت انتباه القارئ.

"الدكتور أحمد أستاذ الفقه المقارن في كلية العلوم الإسلامية بجامعة الجزائر.
أما نَجَلاه صلاح ومُنير، فيدرسان في كلية الطب بالجامعة ذاتها.

"
استضاف الدكتور احمد ابن شقيقه حازم ليتناول معهم الفطور والعشاء
" حازم من رفاق صلاح ومنير يدرس الهندسة المعمارية والده احد ضحايا العشرية السوداء التي شهدتها الجزائر بسبب الجماعات المتطرفة "

انتهوا ثلاثتهم من العشاء وبدأو باخذ اماكنهم للاستعداد لمشاهدة محاضرة الليلة ومنير يتحدث مع حازم :
- اليوم سنهديك هدية من نوع خاص ستشاهد محاضرة اليوم للسيد عبدالملك الذي اخبرناك عنه وستخبرنا برأيك.
انطلقت المحاضرة للتو وشد الاربعة حواسهم لمتابعتها بكل اهتمام :-

يقول الله سبحانه وتعالى: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ}[الأنعام:75]، تحدثنا بالأمس بداية الحديث عن هذه الآية المباركة، وعن سنة الله تعالى في إعداد أنبيائه ورسله لمهامهم العظيمة، وعن مستوى الأهمية لمهام الرسل والأنبياء، واختلافها عن الكثير من المهام، باعتبارها ذات خصوصية كبيرة جداً، تحتاج إلى مستوى عالٍ من الإعداد الكبير والتهيئة .

- يتحدث حازم ليتني استمعت لمحاضرة الامس فقد فاتني الحديث عن هذه الآية المباركة وسنة الله تعالى في إعداد أنبيائه ورسله لمهامهم العظيمة.

ولـذلك نلحظ فيما يتعلق بخاتم النبيين، وسيِّد المرسلين محمد "صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، أن الله أخبر أنه منحه من هذه الرعاية، من ضمن ذلك قوله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ}[الإسراء:1]، ما هو الهدف من هذه الرحلة العجيبة بما فيها من الآيات العجيبة؟ قال الله جل شأنه: {لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الإسراء:1]، فلها هذا الهدف: الإعداد النفسي والمعنوي، والإعداد على مستوى اليقين والمعرفة، والعمق، العمق في المعرفة نفسها وترسيخها، وفي نفس الوقت مستوى الثقة واليقين.

- هل سمعتم يا ابنائي الهدف الروحي من هذه الرحلة العجيبة بما فيها من الآيات العجيب كما شرحها السيد عبدالملك .

درجة اليقين عندما تكون درجة عالية ومستواه، لهذا أهمية كبيرة جداً فيما يتعلق بأداء المهام الكبرى، والمسؤوليات الكبرى، تحتاج ليس فقط إلى مستوى الإقرار، أو الإيمان بشكل مبدئي وعادي، تحتاج إلى درجة عالية من اليقين، ومستوى عظيم من اليقين،

مادة اليقين هي المعرفة الراسخة، والقناعة التامة، القناعة التامة بالحق، والإيمان الراسخ، والفهم العميق وبالتالي تكون رؤية الإنسان وقناعته ثابتة وقوية، وموقفه ثابت، ويستند إلى الحقائق التي يتيقنها ويتأكد منها، والحجج الدامغة، فهو على بصيرة، على بينة؛ وبالتالي على قناعة تامة وثقة، ثقة تامة، ليس هناك ولا أي نسبة بسيطة من الشك، أو الاضطراب، أو التردد.

اليقين مسألة مهمة وأساسية في دين الله، يعني: ليس فقط على مستوى الأنبياء، الأنبياء درجتهم في اليقين درجة عالية جداً، رسل الله وأنبياؤه لن يصل أحد إلى مستوى يقينهم، لكن مسألة اليقين هي مسألة أساسية في طريق الإيمان بالله سبحانه وتعالى، لكل المؤمنين،

ولهذا يأتي في مواصفات المتقين في القرآن الكريم يقول الله تعالى: {وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ}[البقرة:4]، يقول الله جل شأنه: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}[الحجرات:15].
{ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا}،

آثار وتجليات اليقين، فهي:
في بدايتها: حالة الاطمئنان التام، حالة الاطمئنان التام والثقة التامة بما أنت عليه، ما أنت عليه من الحق، من الموقف، من الإيمان، تنطلق بيقينك وأنت مطمئن النفس، واثق، واثقٌ تماماً، ليس عندك أدنى تردد، أو قلق، أو اضطراب.

كذلك أن تكون عظيم الثقة بالله سبحانه وتعالى؛ وبالتالي أنت من يتفاعل من موقع الثقة التامة مع وعوده سبحانه وتعالى، ما وعد به، ومع وعيده

- تحدث حازم بكل حماس واعجاب :
- لم استمع يوما عن اليقين بهذه الطريقة الروحية المتكاملة التي طرحها السيد اليمني.
أومأ ثلاثتهم برؤوسهم موافقين و مبتسمين له .
تشاهد الأمة في قضية واضحة، من أوضح القضايا، مظلومية الشعب الفلسطيني، تشاهد الأمة ما يجري هناك من طغيان، وعدوان، وإجرام أمريكي وإسرائيلي، وهي قضية ليس فيها أي التباس أبداً، في كونها قضية حق واضح للشعب الفلسطيني، ومظلومية واضحة، مع ذلك الغالب على موقف الكثير من أبناء الأمة، وفي المقدم الحكومات والأنظمة والزعماء، هو عدم القيام بمسؤوليتهم، التي هي مسؤولية دينية يحاسبون عنها يوم القيامة، بل لتفريطهم فيها تبعات وعقوبات، منها ما يأتي في عاجل الدنيا، ومنها ما يأتي في الآخرة، هو انعدام اليقين

- هل استمعتم كيف ربط السيد عبدالملك قضية فلسطين وموقف القادة وروساء الانظمة والبلدان من ابناء الامة الاسلامية بقضية عدم اليقين . . هكذا تحدث الدكتور احمد .

في المقابل، نرى- مثلاً- البعض من أبناء أُمَّتنا ينطلقون من ظروف في نقطة الصفر، على حسب الإمكانات المادية، ولكنهم ينطلقون ويستجيبون لله تعالى بثقة، لماذا؟ ما الذي ميَّز موقف هؤلاء عن أولئك؟ هو اليقين، الثقة بوعد الله سبحانه وتعالى، كانوا متأكدين، ومتيقنين، وواثقين بأنهم حينما يستجيبون لله تعالى فهو سيفي بوعده لهم، فلليقين أهميته الكبيرة جداً في قوة الموقف، في الثبات على الموقف، في الاندفاعة اللازمة، التي هي تعبِّر عن تفاعل حقيقي.

- هل استمعتم كيف قدم السيد عبدالملك الموقف المقابل الموقف الاخر وهم موقف الاسناد لغزة رغم ضعف امكاناتهم وربطه بقوة اليقين لديهم .

في الوعيد الإلهي، عندما نرى وعيد الله في القرآن الكريم، في تقصير الإنسان بتقوى الله سبحانه وتعالى، وتفريطه في واجباته ومسؤولياته، وعصيانه لله تعالى في أوامره ونواهيه، أن العاقبة هي جهنم، بكل ما وصفها الله به من شدة العذاب:

الاحتراق بين جحيمها، ونيرانها المتسعرة، ولهبها الشديد.

وفي نفس الوقت شرب حميمها الساخن، وصديدها.

الحميم الذي يشوي الوجوه، ويقطع الأمعاء.

الصديد الذي يتجرعه من يتورط- والعياذ بالله- في ذلك العذاب ولا يكاد يسيغه.

الملابس التي هي ملابس نارية: {قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ}[الحج:19]، ومن القطران أيضاً، {سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ}[إبراهيم:50].

كل ذلك الهم، والغم، والحزن، والأسى، والكرب، والشدَّة، والضيق، وهم مقيدون بسلاسل جهنم، يتعذبون للأبد بين أطباق نيرانها، ويسحبون بين حميمها، أمر رهيب جداً

- ارتعدت اجسادهم وهم يستمعون لعقوبات وعيد الله في القرآن الكريم، في عصيان الإنسان لله تعالى وانواع العذاب التي سردها السيد عبدالملك

ولذلك برز نبي الله إبراهيم عليه السلام فتىً قوياً، مستبصراً، ثابتاً، وفي نفس الوقت حكيماً، قدَّم احتجاجاً قوياً، عرض براهين مقنعة لقومه، كان له فيهم مقامات متعددة، لكن الخطوة الأولى تتعلق بكيف يستخدم معهم طريقةً حكيمةً مناسبة، يتمكن من خلالها إلى إفهامهم بالحقيقة الكبرى، التي يريد أن يستوعبوها، وهي: أن تلك الأصنام غير جديرة بالألوهية، وأنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له،

هو بحاجة إلى أن تكون الخطوة التي يبدأ بها معهم بالشكل الذي تلفت نظرهم، بالتدرج؛ حتى يوصلهم إلى استيعاب هذه الحقيقة؛ لأن الهدف هو هدايتهم، كيف يفهمون، هذه المسألة المهمة، يعني: ليس المطلوب أن يذهب من اليوم الأول، من اللحظة الأولى، ليستفزهم، وليفتعل معهم ضجة ومشكلة، وانتهى الأمر؛ هو رسولٌ إليهم ليهديهم؛ وبالتـالي مطلوبٌ أن يسعى لإيصال الحقيقة إليهم،

- هل ادركتم كيف بدأ نبي الله ابراهيم عليه السلام رحلة هداية قومه كما شرحها السيد عبدالملك .

ولأن الكثير من الناس أيضاً يحتاجون إلى الأساليب العملية، لا ينفع معهم الكلام، يحتاجون إلى أسلوب عملي ووقائع، حتى تتزحزح قناعتهم بالباطل، ويتقبَّلون الحق؛ لكثرة ما أدمنوا على الباطل، فاتَّجه في الأسلوب العملي، وفق ما ورد في القرآن الكريم، بصورة باحث عن الحقيقة، وذهب إليهم، واستعرض معهم هذا الاستعراض التأملي، الذي ورد في الآيات القرآنية: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[الأنعام:76-79].
نتحدث على ضوء هذه الآيات المباركة في المحاضرة القادمة إن شاء الله.

- انتهت المحاضرة وجميعهم في حالة رضى واعجاب بطرح السيد عبدالملك ليقاطعهم حازم بسؤاله :
- متى موعد المحاضرة القادمة ؟ . .

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: الله سبحانه وتعالى فی القرآن الکریم السید عبدالملک لله تعالى تعالى فی

إقرأ أيضاً:

كبار العلماء: لا يجوز الحج دون أخذ تصريح وأن من حج دون تصريح فهو آثم

الرياض

جدّدت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء التأكيد على ما صدر عن هيئة كبار العلماء ببيانها المؤرخ في 12 شوال 1445هـ، بخصوص وجوب استخراج التصريح لمن أراد الذهاب إلى الحج، وأنه لا يجوز الذهاب إلى الحج دون أخذ تصريح، وأن من حج دون تصريح فهو آثم.

وقال معالي الأمين العام لهيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور فهد بن سعد الماجد: “إن فتوى هيئة كبار العلماء بهذا الخصوص استندت إلى عددٍ من الأدلة والقواعد الشرعية، يأتي في طليعتها ما تقرره الشريعة الإسلامية من التيسير على العباد في القيام بعبادتهم وشعائرهم، ورفع الحرج عنهم، قال الله تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)، وقال تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج)، والإلزام باستخراج تصريح الحج إنما جاء بقصد تنظيم الحجاج، بما يمكِّن هذه الجموع الكبيرة من أداء مناسكهم بسكينة وسلامة، وهذا مقصد شرعي صحيح تُقرره أدلة الشريعة.

وهو كذلك -أي الالتزام باستخراج التصريح- يتفق والمصلحة المطلوبة شرعًا، ذلك أن الجهات الحكومية المعنية بتنظيم الحج، ترسم خطة موسم الحج بجوانبها المتعدِّدة، الأمنية، والصحية، والإيواء والإعاشة، وفق الأعداد المصرَّحة لها، وكلما كان عدد الحجاج متوافقًا مع المصرَّح لهم، كان ذلك محقِّقًا لجودة الخدمات التي تُقدّم للحجاج، وهذا مقصود شرعًا، كما في قوله تعالى: (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود).

وأضاف معاليه: “إن الالتزام باستخراج التصريح هو من طاعة ولي الأمر في المعروف، قال الله تعالى:( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، والنصوص في ذلك كثيرة كلها تؤكد وجوب طاعة ولي الأمر في المعروف، وحرمة مخالفة أمره، والالتزام باستخراج التصريح من الطاعة في المعروف، يُثاب من التزم به، ويأثم من خالفه، ويستحق العقوبة المقرَّرة من ولي الأمر”.

وأوصت هيئة كبار العلماء بالالتزام باستخراج التصريح؛ ذلك أن الالتزام بذلك يدفع -بحول الله- أضرارًا كبيرة، ومخاطر متعدِّدة تنشأ عن عدم الالتزام باستخراج هذا التصريح، منها التأثير على سلامة الحجاج وصحتهم، وعلى جودة الخدمات المقدَّمة لهم وعلى خطط تنقلاتهم وتفويجهم بين المشاعر.

وأوضحت الهيئة أن الحج بلا تصريح لا يقتصر الضرر المترتِّب عليه على الحاج نفسه، وإنما يتعدى ضرره إلى غيره من الحجاج الذين التزموا بالنظام، ومن المقرَّر شرعًا أن الضرر المتعدي أعظم إثمًا من الضرر القاصر، وفي الحديث المتفق عليه عنه صلى الله عليه وسلم: “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده”، وعنه صلى الله عليه وسلم: “لا ضرر ولا ضرار”.

وختمت بيانها بأن الالتزام باستخراج التصريح هو من تقوى الله تعالى؛ فإن هذه الأنظمة والتعليمات ما قُرِّرت إلا لمصلحة الحجاج، يقول الله تعالى: (فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج).

مقالات مشابهة

  • علي جمعة: تعظيم النبي أمر إلهي وليس اختراعا بشريا
  • كيفية اختيار الأصدقاء .. الأزهر للفتوى يوضح
  • كبار العلماء: لا يجوز الحج دون أخذ تصريح وأن من حج دون تصريح فهو آثم
  • ما هي مفاتيح النجاة؟.. علي جمعة يكشف عنها
  • علي جمعة: التوكل على الله من مفاتيح النجاة
  • أذكار الصباح اليوم الأحد 27 أبريل 2027
  • التعليم ووتيرة عالم عدم اليقين
  • بالصور والتفاصيل.. لقاءات قبلية مسلحة في صعدة تؤكد الجهوزية الكاملة وتجدد التفويض للسيد القائد
  • تغلق كل شر.. علي جمعة: 3 أعمال تفتح لك أبواب الغفران والخير
  • أرض الوحي والانتصارات.. خطيب الأوقاف بسيناء يعدد مكانة أرض سيناء المباركة