في مشهد يحمل دلالات تاريخية، ظهر وزير الخارجية الأمريكي في لقاء تلفزيوني وعلى جبهته "صليب الرماد"، بينما كان يتحدث بلهجة تهديد تجاه غزة، معلنًا عن نفاد صبر بلاده بسبب مشاهد الأسرى الإسرائيليين.
هذا المشهد يعيد إلى الأذهان صورًا من العصور الوسطى، حيث كان فرسان الحملات الصليبية يخيطون الصلبان على ملابسهم قبل الانطلاق إلى حروبهم في الشرق.
هذه ليست المرة الأولى التي يظهر فيها هذا التداخل بين الدين والسياسة في الخطاب الأمريكي تجاه الشرق الأوسط. فمنذ أن وصف جورج بوش غزو العراق عام 2003 بأنه "حرب صليبية"، بات من الواضح أن بعض دوائر صنع القرار في واشنطن تتبنى رؤية دينية للصراع، وليس فقط رؤية سياسية. اليوم، يتكرر المشهد مع شخصيات نافذة في الإدارة الأمريكية، مثل وزير الدفاع الذي يرتدي "صليب القدس"، ويطالب علنًا بفرض السيطرة على المسجد الأقصى، في إشارة واضحة إلى الخلفيات العقائدية التي تؤثر في قرارات واشنطن.
لكن من الضروري التفريق بين "المسيحية الصهيونية"، التي تؤمن بأن دعم إسرائيل واجب ديني لتمهيد ظهور المسيح، وبين المسيحية التقليدية التي نعرفها في بلادنا.
المسيحية الصهيونية هي طائفة بروتستانتية متطرفة، منتشرة في الولايات المتحدة، وتختلف تمامًا عن الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية، مثل الكنيسة القبطية المصرية والكنيسة اليونانية والروسية، التي ترفض هذا الفكر بشكل قاطع. بل إن هناك حتى طوائف يهودية تعارض هذه العقيدة، لأنها ترى أنها تستغل الدين اليهودي لتحقيق أهداف سياسية.
إن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط لا تستند فقط إلى المصالح الاقتصادية أو العسكرية، بل يحركها أيضًا بُعد ديني قوي. هذا البعد هو ما يفسر الدعم غير المشروط لإسرائيل، والاستعداد الدائم لتبرير أي عدوان ضد الفلسطينيين تحت ذرائع مختلفة. لذلك، من المهم ألا يتم التعامل مع ما يحدث باعتباره مجرد سياسات متغيرة بين الإدارات الأمريكية، بل كنهج استراتيجي طويل الأمد، يستمد قوته من عقيدة راسخة لدى صناع القرار هناك.
ويبقى السؤال: هل المنطقة مستعدة لمواجهة هذه العقيدة الجديدة التي تُعيد إنتاج الحملات القديمة بطرق حديثة؟
لمن لا يعرف أنا مسيحي حتى لا يختلط الأمر على البسطاء الذين يتأثروا بتلك المشاهد الخادعة، نحن نكتب من أجل الوعي.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
حديث عن هجوم سيبراني.. «حالة طوارئ وطنية» في إسبانيا بعد انقطاع الكهرباء
أعلنت وزارة الداخلية الإسبانية، اليوم الاثنين، حالة طوارئ وطنية، بعد انقطاع التيار الكهربائي على مستوى البلاد، حسبما أفادت قناة القاهرة الإخبارية في خبر عاجل منذ قليل.
وغرقت إسبانيا وعدة دول أوروبية في ظلام دامس، إثر انقطاع كامل للتيار الكهربائي، مما شل نصف القارة، وأصاب مفاصل الحياة بالشلل التام، وتوقفت المطارات وأغلقت الطرق السريعة، وتجمدت حركة القطارات ومترو الأنفاق، فيما خمدت إشارات المرور، وغرقت الاتصالات في صمت ثقيل، مع انقطاع شبه كامل للهاتف المحمول وتباطؤ حاد في تدفق الرسائل.
وحتى اللحظة، لا تزال الأسباب الحقيقية لهذا الانهيار الطاقي طي الغموض، رغم أن الحكومة الإسبانية والاتحاد الأوروبي شرعا في تحقيقات مكثفة، وسط شبهات بكونه هجوماً إلكترونياً واسع النطاق.
وأكدت مصادر رسمية في البرتغال لوسائل الإعلام المحلية أن الانقطاع شمل البلاد بأسرها، في حين أوردت تقارير مماثلة من إسبانيا، وفق ما نقلته "يورو نيوز".
هجمات سيبرانية تهز القارةوفي تطور بالغ الخطورة، رجحت بروكسل أن تكون القارة العجوز تتعرض لـ «موجة غير مسبوقة من الهجمات الإلكترونية» مستهدفة 15 دولة أوروبية، في واحدة من أعنف الهجمات السيبرانية في التاريخ.
واتهمت وكالات الأمن الأوروبية مجموعات مدعومة من الدولة الروسية بالوقوف وراء هذه الهجمات، رغم أن الكرملين سارع إلى نفي الاتهامات، معتبراً إياها «لا أساس لها من الصحة واستفزازية».
وفي تصريح حازم، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين: «إنه هجوم مباشر على السيادة الأوروبية»، مؤكدة أن الرد سيكون عبر «الوحدة والقوة والمرونة».
وفي إسبانيا، شددت الحكومة إجراءاتها، وعقدت اجتماعاً طارئاً لمواجهة الأزمة غير المسبوقة، والتي ألقت بظلالها أيضاً على المستشفيات، حيث اضطرت السلطات إلى تأجيل العديد من العمليات الجراحية.
كما ناشدت المديرية العامة للسياحة المواطنين الامتناع عن السفر، فيما كررت إدارة الطوارئ مناشدتها بالاكتفاء بالاتصال برقم 112 للحالات الحرجة فقط.
اقرأ أيضاًانقطاع التيار الكهربائي عن 96 ألف منشأة بأمريكا
بعد انقطاع التيار الكهربائي كاملا في لبنان.. الجزائر تمد يد العون بـ الغاز (تفاصيل)
انقطاع التيار الكهربائي في جميع أنحاء لبنان