شبكة انباء العراق:
2025-03-06@20:43:30 GMT

هل تقاتل اوكرانيا بقرون منطين !؟

تاريخ النشر: 6th, March 2025 GMT

بقلم : عمر الناصر ..

عندما ارى اثار الدمار في اوكرانيا اتذكر لعبة “ميدالية الشرف” medal of honor التي اعادت بي الذاكرة الى اصوات صافرات الانذار و دوي الصواريخ التي زارت بغداد في الماضي ، لادرك انها ستغنينا عن التفكير بسخافة ومزاح فايروس كورونا الثقيل الذي يخاطب عقولنا، فيقول اطمئنوا لن يكون للكمامة اهمية عندما نسمع قرقعة اصوات المدافع، لان رائحة الموت اصبحت تدور في كل مكان، وطعم الحياة لن يحتاج لفيتامين سي او زنك لرفع نسبة الاوكسجين لدى الابرياء.

ان اعظم شعور يعيشه الضمير عندما يعطي القاتل الوعد بالرحمة وقت الاجهاز وانزال القصاص بضحيته، لكونه يعلم سلفاً بحجم الخيانة التي تعرض لها الاخير، ولتدرك الضحية بعدها بأن الوقت لم يعد يكفي حتى لأن تتبجح بالقول بأن هنالك رد مزلزل سوف يأتي من حلفاءها الذين يقفون خلفها لتستطيع ان تحاجج به القاتل، على اعتبار ان ملامح الانكسار وتعابير الوجوه ستعكس الحقيقة الكاملة دون تزييف او مكابرة، تثبتها خيبة الامل في عيون غرقت بالدموع، لم تعد قادرة على الاحتفاظ بها بين المسامات لمنعها من السقوط ، فبانت اولى طلائعها في خطاب رئيس اوكرانيا زيلينسكي الموجه لدول الناتو ، بأنه قد لن يراهم مجدداً اي بمعنى ان الموت بدأ يدنوا من مقتربات حياته كلما اقتربت القوات الروسية من عاصمة بلاده ، فوقف حينها بين امرين احلاهما مر ، مكانته كرئيس دولة اوقعته اميركا ودول الحلف بفخ التصريحات الاستفزازية لروسيا التي تم ترجمتها كتهديد وجودي لروسيا ، فتخلت عنه القارة العجوز بأسرها ، وعدم الحصول على اجابة لسؤاله المصيري لاكثر من ٢٧ مسؤول من داخل الناتو ، اجيبوني بصراحة !! هل سوف توافقون على انضمام اوكرانيا لحلف شمال الاطلسي !؟ فلم يجيبه احد والكثير كان خائف ومتردد حتى من الاجابة ، فادرك حينها انهم تركوا اوكرانيا تواجه خطر الدب الروسي لوحدها .

اليوم باتت الحقيقة صادمة ومؤلمة تؤرق الكثير من الاوكرانيين، في ظل وجود خطأ استراتيجي فادح وعنجهية وغباء سياسي ارجعهم عدة قرون الى الوراء ليعيد بنا الذاكرة لمغامرات النظام السابق ، مابين طمعهم بالحصول على رضى العم سام ، ومابين حلم الانضمام لحلف شمال الاطلسي لضمان استمرارية الحماية من التهديدات الروسية ، لتجد اوكرانيا نفسها حائرة فيما بعد، حتى وان تعافت من ويلات الحرب والدمار فسيبقى التقسيم واقع حال لا مهرب منه ، لان النسبة المئوية لخيارات الجيدة في عملية الرجوع كدولة لها سيادة ومستقلة كما كانت في سابق عهدها أصبحت “صفر” ، وهذه النسبة بأعتقادي هي افضل الاسوء التي تتناسب مع حجمها المستقبلي ومكانتها التي تراجعت الى مراتب دول العالم النامي حسب المعطيات الموجودة على ارض الواقع .

للاسف اقول لايوجد شيء بالامكان ان يكتب عنه التاريخ الاوكراني عنه الا المقاومة والاستبسال ،لان قرار الدخول في حرب غير متكافئة كان قرار متهور غير محسوب من قبل الادارة الاوكرانية، في وقت لم تضمن الاخيرة وقوف جميع دول اوروبا معها ، لانها غير مهيأة تماما لقرار الحرب المفاجئ، ولان عملية المغامرة بدخول حرب استنزاف لقدراتها العسكرية والاقتصادية يكون الخاسر الاكبر فيها هم دافعي الضرائب التي تعتمد عليهم الدول الاوروبية في رفع اقتصادياتها ورفاهيتها ،لان القارة العجوز لاتؤمن بزمن المعجزات ولا تراهن على رجوع نبي الله يوسف لكي يمسح على وجهها لاعادتها شابة بوجهها الجميل.

من الناحية السياسية للموضوع فهو معقد للغاية وهذه الفرصة تعد اكثر من مناسبة، ووقت ملائم جاء من صالح ثلاث دول، اولها روسيا التي استغلت ضعف بايدن وموضوع فرض العقوبات عليها سواء دخلت الى اوكرانيا او لم تدخل ، والصين التي استغلت الفرصة ربما لغرض ضم تايوان اليها، وما قرار رفع جهوزية القوات الصينية وتحليق الطيران الصيني في خليج تايوان ، وتصريحها بأن دخول روسيا لاوكرانيا لايعد عملية غزو، بالاضافة الى قرب حسم مفاوضات ٤+١ في فيننا لانهاء ملف برنامج ايران النووي الذي تنتظره منذ فترة طويلة ربما يكون حل حقيقي لمشاكلها ووقف تدخلاتها في منطقة الشرق الاوسط.

قد يفكر البعض بأن روسيا لجأت الى استخدام سياسة ” الارض المحروقة ” لتبرير الهجوم على اوكرانيا، فلم تعد البنى التحتية العسكرية بمأمن على الاطلاق ، وحتى المنشأت المدنية قد تعرضت لخطر الدمار والانهيار، والبعض الاخر يرى العالم من وراء اصبعه ، وسط خوف وقلق وتردد من قبل الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي من اصدار اي قرار يثير حفيظة روسيا خوفاً على مصالحهم واقتصادياتهم التي تعاني اليوم من ازمات اقتصادية كبيرة، وتدفق عالي لموجات اللاجئين الى اراضيها، لكن بنهاية المطاف ان قرار شن الحرب على اوكرانيا اظهر عورة “النمر المصنوع من الورق” ولتبقى التساؤلات تطرح من قبل الكثير من المختصين، لماذا تخلى العالم عن نصرة كييف ؟

انتهى …

خارج النص|| الادانة والشجب والاستنكار قتال بقرون من طين لاتفي بالغرض اثناء المبارزة ..

عمر الناصر

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

الديمقراطية العربية التي يجب أن نبني

عندما نتساءل أي مستقبل للعرب، لنقل من هنا لمنتصف القرن، يتبادر للذهن ثلاثة سيناريوهات كبرى:

 الأول: تواصل الاستبداد – أكان علمانيًا أم دينيًا- بتشبِيبه وتأقلمه واستعماله المحكم تقنيات التضليل والمراقبة، مما يعني تواصل الوضع الكارثيّ للشعوب والدول. الثاني: صراع مُتزايد الحدّة والوتيرة بين الثورات والثورات المضادّة، مما ستنتج عنه حالة من الفوضى قد تصل لمصافّ الانتحار الجماعي للمجتمع والدولة (السودان والصومال إنذارًا).  الثالث: نجاح المشروع الديمقراطي في التمكن والبقاء والتطور.

لقائل أن يقول أين الإسلام السياسي في هذه السيناريوهات التي تلغي وجوده، والحال أنه اليوم المنتصر في سوريا، المقاوم في غزة، والمستعدّ للعودة في أكثر من بلد بعد الفشل المخزي للثّورات المضادّة؟

قناعتي أن تيارًا منه سيعود لجولة استبدادية عبثية جديدة؛ لأنه سيواجه بمقاومة المكوّن الثابت الآخر للمجتمع؛ أي المكون العلماني، وأن تيارًا آخرَ سينخرط في المشروع الديمقراطي ليثريه وينعشه بالقيم المتجذرّة في ثقافة المجتمع. مما يعني أننا لن نخرج، حتى بإقحام الإسلام السياسي، من السيناريوهات الثلاثة.

أي من هذه السيناريوهات سيتحقق؟

رغم استحالة التنبّؤ، هناك احتمالات محدودة قد تكون هي مصيرنا. يمكن أن تتجاور داخل الفضاء العربي – بغض النظر عن الحدود- مناطقُ يحكمها الاستبداد، ومناطق سيدتها الفوضى المدمرة، أو مناطق فوضى، ومناطق تحكمها ديمقراطية متفاوتة النجاح، أو واحات ديمقراطية بجانب قلاع استبدادية، أو مناطق فوضى فظيعة بجانب مناطق فوضى أفظع.

إعلان

ما علّمنا التاريخ، هو أن المستقبل قلّما يتمخّض عما نأمل، أو عما نخشى، والعادة أنه يتمخّض عما يفاجئنا ولم نتوقعه لحظة.

لكن الثابت أنه لا شيءَ مقدرًا أو مكتوبًا، فانتصار الديمقراطية -ونهاية التاريخ حسب فوكو ياما- ليس أكثر حتمية من انتصار الشيوعية، كما كانت قناعة الماركسيين في القرن العشرين. وفي نفس الوقت لا شيء يمنع من هذا الانتصار.

السؤال هو: لماذا يجب أن نتشبّث بهذا الخيار رغم ما يعاني في عالَمنا المعاصر من أزمات، وما شروط ثباته ثبات البذرة الطيبة في أرض قاحلة وجفاف مخيف؟

لنبدأ بالتأكد من وجود تصوّر جامع للديمقراطيين العرب، إذ كيف نناضل من أجل شيء مبهم أو غير متّفق على أبجدياته.

للبتّ في فهم مشترك للديمقراطية، عقد المجلس العربي مؤتمرًا في سراييفو في أكتوبر/ تشرين الأوَّل 2024، ناقشَ فيه أكثر من مئة من السياسيين والمثقّفين والإعلاميين من مختلف الأجيال، ورقةً تحضيريةً أعدتها قيادة المجلس، وانتهوا بعد ثلاثة أيام بالاتفاق على تصوُّر ضُمّن في وثيقة سُمّيت العهد الديمقراطي العربي (موجودة على موقع المجلس).

إنها الوثيقة التأسيسية لشبكة الديمقراطيين العرب، وخارطة الطريق لنضالات الأجيال المقبلة، وتبدأ بالعودة إلى أهمّ سؤال: لماذا الإصرار على الديمقراطية وهي اليوم كاليتيم على مأدبة اللئام؟

تُختزل الديمقراطية عند أغلب الناس في الحريات الفردية والحريات العامة والقضاء المستقل والانتخابات الحرة والنزيهة. لكن هذه وسائل وآليات الديمقراطية وليست لبّها وهدفها.

أحسن مدخل لفهم هدفها هو تصوّر غيابها المطلق، كما هو الحال في أقسى الدكتاتوريات: النظام السوري الأسدي نموذجًا.

الظاهرة الأساسية في كل مجتمع منكوب بمثل هذا النظام: خوف المجتمع من الدولة، وخوف الدولة من المجتمع.

إنه خوف المحكومين من الحيطان التي لها آذان، من زوّار الفجر، من مراكز الشرطة، من غرف التعذيب، من السجون والمنافي.

إعلان

إنه خوف الحكام من المؤامرات الصامتة، من الثورات الصاخبة، من اكتشاف فضائحهم وجرائمهم ربما الخوف الأكبر اكتشاف أنهم ليسوا أشخاصًا استثنائيين كما يدعون، وإنما أشخاص عاديون وأحيانًا حتى أقل من العاديين.

هذا الخوف العام هو أبرز مظاهر الحرب الصامتة والمتفجرة دوريًا بين الدولة والمجتمع في شكل انقلابات وثورات.

أما السبب الأول، فمصادرة شخص أو عصابة، مدنية أو عسكرية، طائفية أو أيديولوجية، الثروةَ والسلطة والاعتبار، بالعنف والإذلال والحكم على الأغلبية بالعيش على فتات هذه الثلاثية في ظلّ الخوف والمذلّة.

لهذا يقول العهد الديمقراطي:

"الديمقراطية ليست فقط نظام حكم، بل هي عملية تحرير شاملة من الخوف والإذلال الجماعي".

إن عبقرية الديمقراطية في قدرتها على تحرير الحاكم من ضرورة التخويف والإذلال للبقاء في الحكم وحتى على قيد الحياة.

هي أيضًا في تحرير المحكوم من ضرورة الخنوع للخوف والمذلة لمواصلة العيش التعيس.

لا يحدث هذا بإلغاء سبب الحرب الأهلية الصامتة، حيث لا قدرة لأحد بين عشية وضحاها على توزيع عادل للثروة والسلطة والاعتبار، وإنما بقدرة الديمقراطية على نقل الصراع من العنف الجسدي إلى العنف الرمزي.

هكذا تنظم آلياتُها الأربع المعروفة الصراع السلمي بين جيوش رمزية هي الأحزاب السياسية والسلاح هو الكلمات لا اللكمات. تأتي الانتخابات الحرة والنزيهة للتداول السلمي على السلطة كمعركة تفصل مرحليًا بين المتنازعين فيعلَن منتصرًا من صفف أكبر عدد ممكن من الجنود على ساحة المعركة.

بعد إعلان الفوز يُتوج الفائز الجديد وينصرف القديم إلى بيته محافظًا على رأسه. لا يبقى على المهزومين إلا قبول وضع يعرفونه مؤقتًا؛ لأن اللعب مفتوح، وثمة دومًا أمل بالانتصار في المعركة السلمية المقبلة.

من أحوج منا -نحن العرب- لمثل هذا النظام لكي ننتهي من الصراع الدموي على السلطة الذي نعاني منه منذ معركة الجمل، حتى يعيش الحكام بلا خوف من المحكومين، والمحكومون بلا خوف من الحكام، حتى ننهي حربًا أزلية بين دولة قامعة ومجتمع مقموع، لا انتصار فيها إلا وكان عابرًا باهظ الثمن للجميع؟

إعلان

لقائل أن يقول: بهذا المفهوم كل المجتمعات بحاجة لنَفَس الديمقراطية كما هي بحاجة لنفس الهواء النقي والغذاء الكافي، فما الداعي لإضافة "العربي" لتوصيف العهد؟ هل للتعريف الجغرافي أم لإفراغ المصطلح من فحواه، كما حدث من قبل بتسميات من نوع: ديمقراطية اشتراكية، وديمقراطية مسؤولة، وديمقراطية شعبية؟

لا هذا ولا ذاك. نحن – العرب- بحاجة ككل الشعوب للديمقراطية، لكن لنا فيها بحكم وضعنا الكارثي أربعة مآرب أخرى، هي أيضًا الشروط الأساسية لنجاحها وبقائها.

لماذا ديمقراطية اجتماعية؟

كان ولا يزال مدخل الانقلابيين والشعبويين للإطاحة بكل الأنظمة الديمقراطية الجنينية، هو السخرية من الحريات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، والوعد بتحقيق الرفاهية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية. النتيجة – كما جرّبنا على امتداد سبعين سنة في أكثر من بلد- هي مصادرة الحرية دون تحقيق العدالة، أكانت سياسية أم اجتماعية.

هكذا تعلمنا من تجربة المعارضة والحكم، أن ديمقراطية لا تحمل في طياتها التقدم الاقتصادي والعدالة الاجتماعية، هي مجرد فاصل بين جولتين استبداديتين.

لذلك يقول العهد الديمقراطي: "نحن ندرك من خلال التجربة في أكثر من بلد عربي أن الديمقراطية التي تركز فقط على شكل النظام السياسي، والمهووسة بفكرة الحرية، كما تروّج لها الأنظمة الليبرالية الغربية، لا حظوظ لها في ربح معركة العقول والقلوب في منطقتنا.

أولوية الأولويات بالنسبة لنا، هي الخروج من الفقر، والتصدي للفساد، وبناء التنمية المستدامة، وتحقيق العدالة في توزيع الثروة الجماعية".

لماذا ديمقراطية اتحادية؟

إن الأزمة السياسية الخانقة في بلداننا، ليست فقط أزمة النظام السياسي وإنما أزمة الدولة القُطرية، فباستثناء أربع دول بترولية، لا قدرة لثماني عشرة دولة عربية أخرى على تلبية الحاجيات الاقتصادية لأغلبية سكانها، حتى ولو حكمتها أحسن الأنظمة وأقلها فسادًا.

إعلان

هذا ما فهمه باكرًا الوحدويون والقوميون العرب، لكن ما لم يفهموه أن النظم الاستبدادية التي يقدّسون لا تتّحد، والدليل صراع البعثيين الذين حكموا سوريا، والعراق في سبعينيات القرن الماضي.

النموذج المعاكس هو قدرة الأوروبيين على بناء الاتحاد الأوروبي بعد انهيار الدكتاتوريات الشيوعية والنازية والفاشية، وحكم فرانكو في إسبانيا. لهذا يقول العهد :"نحن أمة عظيمة، فخورة بتاريخها وهويتها وحضارتها العريقة ومساهمتها في تاريخ البشرية.

لكننا اليوم نشهد في عجز تام التنكيل بالشعب الفلسطيني، أشجع شعوبنا، نتيجة تفرّق الأمة إلى اثنتين وعشرين دولة ضعيفة، تابعة، ومتناحرة، عاجزة عن التعاون حتى في أبسط المجالات، فما بالك بتشكيل وحدة صلبة تستطيع حماية الأمن القومي للأمة أو لشعب من شعوبها.

هذا العجز سببه طبيعة الأنظمة الاستبدادية التي لا تتحد فيما بينها أبدًا، بل تتنازع على النفوذ. لذا نرى أن الديمقراطية، كما أثبتت تجربة الاتحاد الأوروبي، هي السبيل الوحيد لبناء اتحاد الشعوب العربية الحرة والدول المستقلة، القادر وحدَه على الدفاع عن مصالحنا وحقوقنا المشروعة".

لماذا ديمقراطية سيادية؟

المستبدون في العالم العربي تبّع، يدينون ببقائهم في السلطة لتبعيتهم لهذه الدولة الخارجية، أو تلك، ومنها دول غير غربية مثل إيران، أو روسيا، وإسرائيل.

الديمقراطية، إذن، ليست الضمان الأكبر لتمتُّعنا بالحريات الفردية والجماعية فقط، وإنما أيضًا بالاستقلال الوطني الذي أصبح في ظل تبعية الاستبداد مجرد شعار أفرغ من كل مضمون.

لهذا يقول العهد الديمقراطي: "نرى في الديمقراطية، ليس فقط وسيلة للتحرّر من الاستعمار الداخلي الذي هو الاستبداد، بل امتدادًا لمعارك الاستقلال الأول التي خاضها آباؤنا وأجدادنا. هدفنا هو تحقيق السيادة الحقيقية، وقطع كل أشكال التبعية المهينة، حيث إن الاستبداد ليس إلا وكيلًا ووريثًا للاستعمار".

إعلان لماذا ديمقراطية مواطنية؟

لأنها الشرط الضروري للعيش المشترك في مجتمع سليم وفعّال. هذه المواطنية التي يجب أن تفرضها الدولة الديمقراطية وتتعهدها عادات وتقاليد وثقافة المجتمع، هي في نفس الوقت حق وواجب.

أما الحق فهو مساواة كل أفراد المجتمع أمام القانون فلا فضل لرجل على امرأة، لغني على فقير، لطائفة على طائفة… إلخ، في التمتُّع بكل الحقوق التي ضمنها الإعلان العالمي، وأساسًا الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. أما الواجب فضرورة اضطلاع تلقائي حرّ لكل الأفراد بمسؤولياتهم تجاه الآخرين.

هكذا يمكن أن نعرّف المواطنية بأنها المواقف والتصرفات لأشخاص أحرار يتمتعون بكل حقوقهم، لا يتخلون عن أي منها مهما سُلط عليهم من قمع، ويضطلعون بمسؤولياتهم تلقائيًا دون أدنى إكراه.

مجمل القول:

أن تكون اليوم مواطنيًا أي وريثًا عنيدًا لحُلم الحقوقيين بمجتمع كل أفراده يتمتعون بنفس الحقوق ويضطلعون بنفس الواجبات، لا مدخل اليوم غير الديمقراطية، كما عرّفها العهد الديمقراطي العربي.

أن تكون تقدميًا اشتراكيًا، وريثًا عنيدًا لحُلم العدالة الاجتماعية، لا مدخل اليوم غير الديمقراطية، كما عرّفها العهد الديمقراطي العربي.

أن تكون سياديًا استقلاليًا، وريثًا عنيدًا لحُلم الآباء والأجداد بدولة غير مستعمرة غير تابعة، غير "محمية"، لا مدخل اليوم غير الديمقراطية، كما عرّفها العهد الديمقراطي العربي.

أن تكون عروبيًا وحدويًا وريثًا عنيدًا لحُلم أمة عربية واحدة ذات رسالة إنسانية خالدة، لا مدخل اليوم غير الديمقراطية، كما عرّفها العهد الديمقراطي العربي.

خلاصة الخلاصة: لا أمل لهذه الأمة في مستقبل واعد إلا إن استطاعت بناء ثلاثية العهد الديمقراطي العربي: دول قانون ومؤسسات، شعوب من المواطنين، اتحاد شعوب حرة ودول مستقلة، والأداة الوحيدة القادرة على تحقيق المشروع العظيم: (ديمقراطية اجتماعية، اتحادية، سيادية، مواطنية).

إعلان

لقائل أن يقول: مشروع جميل لكن ما حظوظه من التحقيق، خاصة في ظل انحسار الديمقراطية في العالم والتهاب الشعبوية في كل مكان، ومتانة الأنظمة الاستبدادية التي قد تشكل الثورة التكنولوجية طوق نجاتها بما توفر من إمكانات غير مسبوقة للتحكم في العقول وفي الأجساد؟

هذا ما يحملنا للتحول من مستوى التنظير إلى المستوى العملي.

لكي ينجح أي مشروع سياسي عظيم، لا بدّ من قوى اجتماعية وازنة تجد فيه ضالتها ومن مناضلين صادقين يجاهدون طوال حياتهم لفرضه وسياسيين حكيمين يفعلون كل ما في وسعهم لتعهده وحمايته.

أين نحن من هذه الشروط الموضوعية التي قد تعطي للديمقراطية العربية -كما حددها العهد- بعضَ حظوظ الفوز في سباقها مع الاستبداد المخيف والفوضى المرعبة؟

وللحديث بقية

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • البرلمان الأوروبي: لابد من الوقوف إلى جانب أوكرانيا لأنها تقاتل من أجلنا
  • بين جحيم ترامب، وتهديد حميدتی!!
  • روسيا تصدر جوازات سفر بالمناطق التي سيطرت عليها في أوكرانيا
  • شاهد| أهم الأشياء التي تقي من التأثر بالضلال
  • حماس: نرحب بخطة إعادة إعمار غزة التي اعتمدتها القمة العربية
  • المحيبس.. لعبة رمضان التي يجتمع عليها العراقيون (صور)
  • وادي محرم.. البلاد التي نُغادرها ولا تُغـادرنا
  • الفرقة الرابعة.. الإمبراطورية التي نهبت اقتصاد سوريا
  • الديمقراطية العربية التي يجب أن نبني