ما الذي منحه الإسلام للمرأة وكيف حالها في ظلِّه؟
تاريخ النشر: 6th, March 2025 GMT
وقد منح الإسلام المرأة مكانة خاصة وحصَّنها معنويا وماديا ولم يسمح للرجل بالتعدي عليها أو احتقارها كما كانت الحال في أيام الجاهلية التي كانت تنظر للمرأة كأداة متعة تابعة للرجل ولا قيمة لها، كما قالت الأستاذة بكلية الشريعة في دمشق الدكتور لينا الحمصي.
ووفقا لما قالته لينا الحمصي في حلقة 2025/3/6 من برنامج "الشريعة والحياة في رمضان"، فقد وصل امتهان المجتمع للمرأة قبل الإسلام أن سلبها حقها في اختيار الزواج وكذلك في الطلاق ولم يعترف بحقها في الامتلاك ولا في الإرث، حتى إنها كانت أحيانا تعتبر جزءا من ميراث الرجال.
ولم يكن وضع المرأة في الجانب الغربي من العالم بأفضل مما كانت عليه في بلاد العرب، ففي أوروبا الغربية والدولة البيزنطية كانت المرأة أفضل حالا لكنها كانت ممتهنة أيضا لدرجة أن الرجل كان بإمكانه بيعها في حال عجز عن الإنفاق عليها، كما تقول الدكتورة لينا.
لكن الإسلام -كما تقول الأستاذة بكلية الشريعة- أزال هذا الجور المجتمعي، فكرّم المرأة وانتقل بها من الانحدار للرقي وأجاز لها حق البيعة كما حدث مع الصحابية نسيبة بنت كعب التي شاركت في بيعة العقبة وشهدت الحروب مع النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي مشهد آخر، أجارت أم هانئ رجلا أهدر النبي دمه ومنعت علي بن أبي طالب من قتله، ولما تخاصما إلى النبي قال صلى الله عليه وسلم "نجير من أجارته أم هانئ".
إعلان لا حرج في خروج المرأةكما سمح النبي للمرأة بالخروج مع الرجال للقتال لرعاية الجرحى وتوفير الطعام والشراب وخوض القتال إذا اقتضى الأمر ذلك كما حدث مع نسيبة رضي الله عنها في أكثر من حرب.
ونزلت المرأة في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- للسوق فباعت واشترت ولم ينكر النبي عليها هذا، مما يعني أنها لم تكن سجينة عند الرجل كما يشيع البعض، وفق لينا الحمصي.
وفي دليل على أهمية وعظم دور المرأة في الإسلام، لفتت إلى أن المسلمين أخذوا جزءا كبيرا من دينهم عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- والتي كانت تفتي للمسلمين في أمور دينهم من وراء حجاب، حتى قيل إن ربع الشريعة نقلت عنها.
ليس هذا وحسب، فقد روت السيدة عائشة -رضي الله عنها- ما يصل إلى 2200 حديث، وكان الصحابي أبو موسى الأشعري يقول "ما التبس علينا نحن الصحابة شيئا إلا ووجدنا عند عائشة له حلا".
ومن بين الأدلة على انخراط المرأة في المجتمع، ما روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا رأي الخنساء يقول لها "أسمعينا من شعرك".
ومع ذلك، فقد أمر المرأة بغض البصر كما أمر الرجل تماما، ومن ثم فقد عرف الإسلام الاختلاط بين الجنسين لكن ضمن ضوابط شرعية، حسب لينا الحمصي.
المرأة والمناصبوحسب لينا الحمصي، فإن الإسلام لم يحرّم الكلام بين المرأة والرجل ومن ذلك ما جاء في سورة القصص عن سيدنا موسى -عليه السلام- وحديثه مع ابنتي نبي الله شعيب وسقيه لهما، مما يعني أن الحديث من أجل المساعدة مباح.
وحتى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (سلطة الرقابة) الذي هو مقرون بالعمل والاختلاط مع الناس لم تُمنع المرأة منه في الإسلام، حيث ولَّى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الشفاء العدوية -التي كانت تعلم أم المؤمنين حفصة القراءة والكتابة- حسبة السوق.
ومن الثابت أن السيدة نفيسة وهي من نسل الحسن بن علي -رضي الله عنهم- كان لها مجلس تروي فيه الحديث، ويقال إن الإمام الشافعي سمع منها في مجلسها هذا، كما تقول لينا الحمصي.
إعلانوكانت أم الدرداء الصغرى تدرس الحديث والفقه في الجامع الأموي وكان يحضره الرجال والنساء، وقد تتلمذ على يديها الخليفة عبد الملك بن مرْوان، ورجاء بن حيوة الذي تعلَّم على يديه الخليفة عمر بن عبد العزيز.
وعندما نتحدث عن دور المرأة الأساسي في الإسلام فهو -وفق لينا الحمصي- الإنجاب والتربية وتعليم الأولاد حتى يكبروا رجالا يمكنهم حمل لواء الدين والذود عنه والنهوض بأمر الأمة.
دور في الأدب والسياسة والعلمولا يعني هذا ألا تقوم المرأة بعمل آخر سوى الولادة والتربية إذا كانت قادرة على ذلك بزعم أولوية الوجود في البيوت، وفق لينا الحمصي التي أعادت التأكيد على ضرورة وجود الضوابط في التعامل.
والخلاصة أن الإسلام ظل يصعد بالمرأة منذ بعثة النبي وحتى القرن الثامن الهجري عندما بدأ انحدار الأمة جمعاء فصارت المرأة رهينة المحبسين (البيت والفراش) كما تقول لينا الحمصي.
وحتى تفسير قوله تعالى "الرجال قوامون على النساء" بأنه يعني أفضليته عليها فهو غير صحيح كما تقول لينا الحمصي، مؤكدة أن القوامة تعني الرعاية ولا تعني الأفضلية.
واستدلت الحمصي على عدم تواضع شأن المرأة بقولها إن عمر بن الخطاب عندما قال لزوجته إن الرجال أفضل من النساء ردت عليه "كيف، ونساء النبي يحاججنه وتهجره إحداهن في الليل ومن بينهن ابنتك حفصة".
كما أن بعض النساء المسلمات كان لهن باع في الأدب والسياسة والعلم في القرنين الماضيين، ومنهن ثريا الحافظ التي قادت المظاهرات ضد الاحتلال الفرنسي في سوريا، وأيضا السيدة سكينة بنت الحسين التي كان لها مجلس أدبي نسائي.
وهناك أيضا فاطمة الفهوية المغربية التي أسست جامعة القرويين، وعائشة الطائية وفاطمة النبهاني وغيرهن من النساء اللاتي كان لها شأن في المجتمع، حسب لينا الحمصي.
وخلصت لينا الحمصي إلى أن النساء أنفسهن لم يعدن يدافعن عن حقوقهن التي منحها لهن الشرع في كثير من الأحيان عندما يحتقرن أنفسهن ويعتبرن أنهن أقل شأنا من الرجال.
إعلانويزخر تاريخ الإسلام في مختلف العصور بنماذج لأمهات وجدّات تمكنّ من صناعة التاريخ، وساهمن في التشكيل الروحي لأئمة المستقبل، ومنهن أم الإمام الشافعي وأم محمد الفاتح وأم عبد القادر الجيلاني وخالته وجدة الشيخ زروق بالمغرب، وغيرهن كثيرات.
6/3/2025المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان صلى الله علیه وسلم المرأة فی کما تقول رضی الله التی کان
إقرأ أيضاً:
أبوظبي تستضيف مؤتمراً لتسريع التمكين الاقتصادي للمرأة
تحت رعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية «أم الإمارات»، نظمت هيئة الأمم المتحدة للمرأة بالتعاون مع الاتحاد النسائي العام ووزارة الخارجية، مؤتمر «تمكينها» في العاصمة أبوظبي، للاحتفال بإطلاق برنامج «تسريع التمكين الاقتصادي للمرأة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية» الذي عقد في إطار الشراكة الاستراتيجية الرائدة بين دولة الإمارات وهيئة الأمم المتحدة للمرأة.
عقد المؤتمر في الاتحاد النسائي العام، أمس، بحضور الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان وزير دولة، ونورة بنت محمد الكعبي وزيرة دولة، وعلياء بنت عبدالله المزروعي وزيرة دولة لريادة الأعمال، وأحمد جاسم الزعابي رئيس دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي، والشيخة الدكتورة موزة بنت طحنون بن محمد آل نهيان، مستشارة في وزارة الخارجية.
ويعد هذا المؤتمر باكورة المؤتمرات السنوية التي ستُنظم تباعاً، ضمن التعاون العالمي الذي تقوده دولة الإمارات العربية المتحدة لدعم المرأة في المجال الاقتصادي.
وركز المؤتمر على تعزيز فرص العمل، وتوسيع فرص ريادة الأعمال، ودفع عجلة النمو الاقتصادي الشامل والمستدام للمرأة، لا سيما في الأسواق الناشئة.
وأكد الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان، في كلمته الافتتاحية للمؤتمر، أن أهداف هذا المؤتمر تعكس رؤية دولة الإمارات، والتي تقوم على تعزيز الترابط، وفتح آفاق واسعة من الفرص، وبناء جسور التواصل والتعاون بين الشعوب، بما يخلق مناخاً متجدداً من النمو والازدهار المشترك.
وقال: «في ظل الرؤية المستقبلية والطموحة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، تواصل دولة الإمارات نهجها الراسخ في تعزيز تمكين المرأة، باعتباره محركاً أساسياً لمستقبل أكثر استدامة وازدهاراً، وانطلاقاً من إرث المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، يجدد سموه التزامه بدعم وتوسيع نطاق المبادرات والبرامج التي تفتح آفاقاً أوسع لمشاركة المرأة اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، إيماناً منه بأن التعاون المستمر ومد جسور الشراكة الدولية هما السبيل لتحقيق تطلعات الشعوب نحو التنمية والرخاء».
وأضاف: «أود أن أعبر عن جزيل الشكر والتقدير والامتنان لصاحبة الفضل سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك «أم الإمارات»، التي كرّست جهودها المخلصة وعطاءها المتواصل لتمكين المرأة والطفل في دولة الإمارات وخارجها، وكانت شريكةً حقيقيةً في مسيرة البناء والتنمية إلى جانب المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات «طيب الله ثراه»، الذي رسّخ مبكراً مبدأ تمكين المرأة كركيزة أساسية في نهضة المجتمع».
من جهتها قالت نورة بنت محمد الكعبي، في كلمتها إن هذا الحدث يجسد اللقاء الدولي الرفيع، روح التعاون والشراكة الـعالمـية مـن أجـل تـمكين المـرأة وتـعزيـز أدوارهـا فـي مـجتمعاتـها واقـتصاداتـها، وإنـه لمـن دواعـي الفخـر أن نـحتفي الـيوم بـإطـلاق بـرنـامـج «تسريع التمكين الاقتصادي للمرأة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية».
إن انعقاد هذا المؤتمر برعاية الإمارات واستضافة الاتحاد النسائــي العام، يبعث برسالة واضحة للعالم مفادها أن التمكين الحقيقي للمرأة هو مفتاح للتنمية المستدامة والسلام المجتمعي والازدهار الاقتصادي ويحتاج منا جميعاً التعاون والشراكات.
من ناحيته، قال أحمد جاسم الزعابي رئيس دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي إن تمكين المرأة ليس مجرد هدف اقتصادي، بل ضرورة استراتيجية لتحفيز النمو وتعزيز تنافسية أبوظبي على الساحة العالمية، وفي دائرة التنمية الاقتصادية - أبوظبي، نعمل على دمج مبادئ الشمول في الهيكل الأساسي لنموذجنا الاقتصادي، بهدف تسريع التنويع، واستحداث محركات جديدة للنمو، وتعزيز التنافسية المستدامة.
وأضاف أن الدائرة تعمل على دعم مشاركة المرأة في القطاعات الاقتصادية الحيوية، مثل الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، لتكون جزءاً فاعلاً في مسيرة الابتكار وتعزيز الإنتاجية.
بدورها قالت نورة السويدي، الأمينة العامة للاتحاد النسائي العام في كلمتها إن هذا المؤتمر يعكس إلتزام دولة الإمارات الراسخ بدعم قضايا المرأة وتمكينها على مستوى العالم، وذلك في ظل القيادة الرشيدة، والرعاية الكريمة لسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك «أم الإمارات»، وتُجسد هذه المبادرة رؤية الدولة في تعزيز المشاركة العادلة والفاعلة للمرأة، خصوصاً في المجال الاقتصادي، باعتبارها دعامة أساسية لتحقيق التوازن بين الجنسين وتسريع وتيرة التنمية المستدامة حول العالم.