حسن الترابي الأثر الذي لن يمحى في يومنا ولا غدنا
تاريخ النشر: 6th, March 2025 GMT
حسن الترابي الأثر الذي لن يمحى في يومنا ولا غدنا
الدكتور فضل الله أحمد عبدالله
” جوزيه ساراماغوا ” الكاتب الروائي البرتغالي ، أعطى ما يزيد على ثلاثين مؤلفا في الرواية والشعر والمقاربة والمسرح ، بيعت كتبه نحوا من أربعين ملايين نسخة وترجمت إلى أكثر من ثلاثين لغة ، وحاز على جائزة نوبل للآداب عام 1998م .
أديب فارع الذكاء ، أو هكذا ذهبت بوصفه ” جمانة حداد ” الكاتبة الصحفية اللبنانية ، أشارت في حواراها المبدع معه ، أنه كيف ظل ” ساراماغوا ” مفتونا بمواطنه الشاعر الراحل ” فرناندو بيسوا ” فتونا مسيطرا ، حتى زاره في إحدي شخصياته الروائية ” ريكاردو ريس ” في روايته ” سنة موت ريكاردو ريس ” ..
سألته ” جمانة حداد ” كيف تقدم ” بيسوا ” الميت في كتابك كشخص حقيقي وعلى قيد الحياة ، ويقول لنا أن : ” الجدار الذي يفصل الأحياء في ما بينهم ليس أقل سماكة من الجدار الذي يفصل الأحياء عن الأموات ” .
هل كان ذلك الكتاب طريقتك في إختراق الجدار بينك وبين بيسوا ؟
قال :
الأموات ” الحقيقيون ” لا يمكن أن يموتوا إذا ظللنا نفكر بهم .
فذاكرتنا متصلة بهم ، وأعمالهم بقيت لدينا ، مثل كل ما فعلوه وتركوه وراءهم .
فإذا توقفنا عن الهجس بفكرة أنهم ماتوا ، سوف نستطيع أن نهزم الكثير من العوائق التي نبنيها بين الأحياء والأموات ، وسنتمكن من العيش معهم من خلال الذاكرة .
ولست أعني فقط ذكريات الماضي ، أي كل ما كان قيد الوجود يوما ورحل ، بل أيضا ذكريات المستقبل ، أي الأمور التي نقوم بها وتترك أثرا لا يمحى في غدنا .
وأنا أقرأ ما قاله ” ساراماغوا ” في إجابته تلك ، لسؤال ” جمانة حداد ” ..
إسقط في يدي ذلك المعنى ، في تلك الشخصية ، لا الفارعة الذكاء فحسب ، بل ملك الذكاءات المتعددة في الفكر الناقد ، وأسلوبية التكلم والخطاب ، والكتابة الحاذقة .
هو وحده من الناس ليس غيره الدكتور حسن عبدالله الترابي – رحمه الله وغفر له – الذي رحل عن دنيانا ولم يرحل ، مات ولم يمت في حيواتنا .
اليوم يفكر المفكرون ، لا أنصاره ومريدوه فحسب ، بل المختلفون معه ، والمخاصمون له ، تجد الدكتور حسن عبدالله الترابي هو الشيخ المحيط بهم أينما ذهبت افكارهم ، لطالما يسكنهم ، في تلافيف الذاكرة ويلمسونه في كل فضاءات ذواتهم .
الترابي ترك بصمته المميزة ، التي لا يمكن أن يتعامى عنها راء .
وضع الترابي حتى أسس الرسم للرسام والنحات في ” حوار الدين والفن ” .
وشق للمرأة طريقا عامرا بالحياة في رسالته ” المرأة بين تعاليم الدين وتقاليد المجتمع ” ..
ولأن هدف الدكتور الشيخ حسن عبدالله الترابي هو أن لا يترك الذين يأتون إلى هذه الحياة في العتمة كان كتابه ” الإيمان وأثره في الحياة ” وكتابه ” الصلاة عماد الدين ” و ” التفسير التوحيدي ” وغيرها من الكتب الرصينة التي ذهبت في إتجاهات الإحياء والتجديد .
في كل فصل مدرسي ، وقاعة تدريس جامعي ، تجد له تلاميذ وتلميذات وتوقيع أسمه المنير على كراساتهم المعرفية .
جاهد بما له من ملكات مبدعة خلاقة أن يحول دون أن يقع الناس في الهاوية .
الترابي يزور حيواتنا ، مخترقا كل الجدر الفاصلة ، فلا أحد من المشتغلين بالإنتاج الذهني أن يتخيل فكرة من الأفكار ، أو ، يصوغ قولا من الأقوال دون تحوم في في مخيلته ، صورة الشيخ حسن عبدالله الترابي بتناغم إيقاعات حركته المهابة لحظة الكلام والمشي وسكونه الصنو للوقار .
__________
* تنبيه :
هذا المنشور مجتزأ من مقال مطول لم أنشره حتى الآن ، على أمل نشره كامل النص في وقت لاحق بإذن الله . إنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
هل القلب هو محل العقل كما ذكر القرآن؟.. الدكتور علي جمعة يجيب
أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي مصر الأسبق، أن هناك علاقة وثيقة بين العقل والقلب داخل الإنسان، موضحًا أن العقل يُعد محل التفكير، بينما القلب هو موضع المشاعر والشعور.
وأضاف عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي مصر الأسبق، خلال بودكاست "مع نور الدين"، المذاع على قناة الناس، اليوم الخميس، أن هناك اصطلاحًا يرى أن العقل والقلب شيء واحد، مستشهدًا بقول الله تعالى: "لهم قلوب لا يعقلون بها"، مما يدل على أن القلب هو الذي يعقل ويدرك.
وأشار إلى أن القرآن الكريم وصف القلب بصفات متعددة، بعضها محبوب عند الله، وبعضها مكروه، مثل الطبع على القلوب والقسوة، وذكر أن بعض العلماء أحصوا عشرة أوصاف للقلب في القرآن، بينما وجد آخرون 24 صفة.
وأوضح أن الإنسان مكوّن من جسد وروح ونفس، وله عقل وقلب وجوارح وسلوك، مشيرًا إلى أن القلب يُسمى أيضًا بالفؤاد واللُب والعقل في بعض الاصطلاحات، وشبّه القلب بالمكعب الذي له عدة أوجه، ولكل وجه خصائص مختلفة، مثل الكعبة التي تضم الملتزم وحِجر إسماعيل والركن اليماني.
و تابع بأن القلب ينبغي أن يعلو العقل، والعقل بدوره يجب أن يعلو الجوارح، مما يؤكد أهمية ترتيب الأولويات في الإنسان لتحقيق التوازن بين التفكير والمشاعر والسلوك.