هذه الخاطرة تأخذ بُعدًا عاطفيًا عميقًا، لكنها تتجاوز مجرد البوح العاطفي إلى فلسفة الارتباط الروحي والوجودي. إنها رحلة تأملية في معنى الحب والزمن والتغير، حيث تتشابك الذكريات مع الواقع، ويصبح الحب أكثر من مجرد عاطفة، بل امتدادًا للروح في فضاء أبدي، حيث لا تحده قيود، ولا ينطفئ نوره مهما طالت الأيام وتقلبت الفصول.
*زاوية التحليل الجديدة:
أرى في نصك صراعًا داخليًا بين الرغبة في البوح والخوف من فقدان قدسية المشاعر. هناك إحساس بالعزلة، لكنه ليس عزلة جسدية، بل عزلة روحية، حيث يحتفظ القلب بمكانه في «أعماق لا يدركها أحد»، كمن يسكن في أعماق نفسه، يتجول بين أروقة الذكريات، ويخشى أن يفسد الزمن نقاء المشاعر التي لا تزال حيّة بداخله. الزهرة هنا ليست مجرد استعارة للحبيبة، بل رمز للنقاء، للانتظار، وربما للحب الذي لا يُلمس ولا يُمتلك، لكنه يظل حاضرًا كضوء القمر، يضيء دون أن يُطال، ويمنح دون أن يُطلب.
الزمن أيضًا يلعب دورًا خفيًا في النص: الليل والمطر، الفجر والمغيب، كلها رموز لحركة الحياة وتغيرها. ومع ذلك، يظل الراوي ثابتًا في مكانه، كمن يرفض مجاراة الزمن، كأنه يقاوم التغير الذي يحاول أن يفرضه عليه الواقع. حتى حين يسأله اللهب عن سبب تمسكه بالماضي، يظل الجواب غير محسوم، كأنه يؤمن أن بعض الأشياء لا يجب أن تتغير، أو ربما لا يمكن أن تتغير. وكأن بعض الذكريات تأبى أن تُمحى، تبقى رغم محاولات النسيان، كأنها وشمٌ على جدار الروح.
أما الأرض التي «لا تشابه أرضًا»، فهي ليست مجرد موقع جغرافي، بل حالة وجدانية، مكان يستمد قدسيته من المشاعر المرتبطة به، حيث لا يُنسى الحب، ولا تُمحى آثاره، وكأن الزمن نفسه عاجز عن محوه. إنها الأرض التي عاشت فيها الأحلام، وسكنت فيها الأرواح قبل أن تُفرقها الأقدار. إنها المساحة التي لا يطأها أحد إلا من حمل معه عبق الذكريات، وشغف الانتظار، وإيمانًا بأن الحب الصادق لا يعرف الزوال.
*في لحظة تجلٍّ:
بين الحين والآخر، يعتريني شعورٌ بالتخلي والتجلي، بسبب وجود الله ورحمته ونفحاته التي تهب علينا كما تهب النسمات في صباح هادئ، فتمنح القلب راحة، وتعيد للنفس صفاءها. ومن هنا، ترتقي نفسي، وترتقي الأرواح التي تشعر بهذا الشعور، فتتحرر من قيود المادة، وتسمو إلى حيث الطمأنينة الحقيقية. فالمشاعر ما هي إلا هبةٌ وهدايةٌ من المولى، توضع في قلوبنا لتكون دليلًا على أن في الحياة ما يستحق أن نعيشه بعمق، وأن للحب معنى أسمى من مجرد كلمات تُقال.
وأعود لأغوص في أعماق المشاعر الوجدانية، بين صراعات الحياة ومطباتها، لأعود إلى زهرتنا، تلك التي كان سببها الارتباط الروحي العميق. ذكرتُ سابقًا أنها تأملات من الامتنان في الفيض الأبدي، وأقدس هذه اللحظات التي تمنحني الصفاء، فتكون كالماء العذب يروي عطش القلب، وكالضوء الخافت الذي يرشد المسافر في ليلٍ حالك. فما أجمل أن نجد في هذا العالم فترات من النقاء، لحظات نتحرر فيها من ثقل الحياة ونستشعر فيها عظمة الحب وسمو الروح.
*وعودة إلى الواقع:
نعود إلى واقعنا الذي يلامس المكابدة والمعاناة، فالحياة كدٌّ في كدّ، ومسيرتها لا تخلو من التحديات. تمر الأيام، ويظل الإنسان يسعى، يصارع، ويحلم، لكنه يدرك أن لكل شيء ثمنًا، ولكل محطة في حياته أثرًا. فكما تهب الرياح، وتمضي السحب، وتتبدل الفصول، كذلك تمضي بنا الحياة، تأخذ منا وتعطينا، لكنها لا تتوقف أبدًا.
ومع ذلك، هناك دائمًا مساحات صغيرة من السعادة تتسلل إلينا، لحظات من الدفء وسط برودة الأيام، لمسات من الحب رغم ضجيج الحياة، وكأنها تذكير بأننا لم نُخلق عبثًا، وأن كل شعور، مهما كان بسيطًا، له مكانته في رحلتنا. فلا يجب أن نُثقل أنفسنا بحمل ما مضى، بل يجب أن ندرك أن لكل لحظة قيمتها، وأن الذكريات التي تسكننا ليست عبئًا، بل إرثًا عاطفيًا نحتفظ به، يمنحنا القوة حين نحتاجها.
وأخيرًا:
الحياة محطات عبور، من الأيام والمشاعر والعواصف، من الفرح والحزن، من البهجة والسرور. لذا، أعطِ كل شعورٍ حقه، لكي تعبر وأنت سالم. لا تهرب من الذكريات، ولا تحاول محوها، بل اجعلها جزءًا من نضوجك، من حكمتك، من روحك التي تصبح أقوى كلما تعلمت كيف تحتضن الماضي دون أن تعلق فيه.
كن صديقًا للحياة، لا خصمًا لها. تقبل مرور الزمن، لكن لا تفقد ذاتك في دوامة التغيرات، كن نهرًا يجري، لكنه لا يفقد نقاءه، وكن كالشمس التي تشرق كل يوم، رغم كل ما مر عليها من ليالٍ طويلة.
دمتم بالحب الذي لا ينتهي.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
حسيت بكسرة قلبي.. كارولين عزمي تتحدث عن قصة حب سامة دمرت حياتها
استعادت الفنانة كارولين عزمي ذكريات أول قصة حب في حياتها التي وصفتها بالمؤلمة، وذلك بعد أن قرر حبيبها تركها فجأة دون أي سبب، ليتسبب هذا الفراق في مرورها بأزمة نفسية رهيبة.
وروت كارولين هذه الواقعة أثناء استضافتها في برنامج "MIRROR"، الذي يقدمه الإعلامي خالد فرج قائلة: "عشت قصة حب كبيرة مع أحد الأشخاص، ولكن لم يحدث توافق بيننا رغم أن علاقتنا استمرت لسنوات،ن وحينما قرر إنهاء العلاقة شعرت بكسرة قلبي، وأتذكر أنني سألت ربنا: "ليه يا رب حطيت حبه في قلبي؟".
وأضافت: تولد بداخلي شعور بعدم الرضا وكنت أكره نفسي ولا أريد أن أقابل أحد، وكنت بنام لمدة ٢١ ساعة كل يوم للهروب من الواقع، كما أن وزني زاد بشكل ملحوظ، وعلاقتي بأهلي توترت إلى حد كبير، حيث كنت تائهة بشكل لم أتخيل نفسي فيه.
وفجرت كارولين مفاجأة بإعلانها عن رغبة هذا الشخص في العودة إليها بعد فترة من انتهاء علاقتهما، متابعة: نزلت قابلته ولكني فوجئت بأنه لم يعد الشخص الذي أحببته، حيث سرد أسبابا واهية دعته إلى إنهاء علاقتنا، ولكنها لم تقتنع ولم تشغل ذهنها بالتفكير فيما قاله، لأنها شعرت بعد مغادرتها للمكان بأن حبه في قلبها قد انتهى تماما دون رجعة".
وأكدت كارولين أنها في العلاقات العاطفية تحب بقلبها وعقلها وتكون أشبه بـ "المعمية" التي تنساق وراء حبيبها دون تفكير، متابعة: "أنا نحنوحة جدا في الحب، وبحب أكلم اللي بحبه كل شوية، أنا فعلا ملزقة جدا لإن الحب هو أحلى حاجة في الدنيا، مفيش أحلى ولا أجمل من الحب".