تصاعدت خلال الأيام الأخيرة حدة أزمة بين المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" والحكومة في غينيا بيساو، وسط مخاوف من توسع دائرة الغاضبين من هذا التجمع الإقليمي الأكثر حيوية في القارة الأفريقية.

فخلال الأسابيع الأخيرة اندلعت أزمة سياسية في غينابيساو بعدما أعلن الرئيس إمبالو تأجيل الانتخابات التي كانت ستنظم في شباط/ فبراير الماضي، إلى تشرين الثاني/ نوفمبر القادم أي بنحو 10 أشهر.



وعقب قرار الرئيس إمبالو، تأجيل الانتخابات سارعت المعارضة لرفض القرار ولوحت بالنزول للشارع من أجل فرض تنظيم الانتخابات في موعدها.

هذا التصعيد السياسي دفع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" إلى التدخل في محاولة منها لجمع الأطراف على طاولة حوار لمنع تفاقم الأزمة، لكن المفاجأة أن الأزمة تحولت من أزمة سياسية بين المعارضة والرئيس إمبالو، إلى أزمة بين هذا الأخير و"إيكواس".


تهديد ومغادرة
فقد أعلنت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" قبل يومين، تعرض بعثتها إلى غينيا بيساو، لتهديد من رئيس البلاد عمرو سيسوكو إمبالو بالطرد، وذلك قبل مغادرتها أراضي غينابيساو.

وأوضحت المجموعة الغرب أفريقية في بيان أن بعثتها "أعدت مسودة اتفاق بشأن خارطة طريق لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في غينابيساو، وشرعت في تقديمها للمعنيين من أجل للحصول على موافقتهم"، قبل أن تتلقى التهديد من الرئيس البيساو غيني.

وأشارت إلى أنها أوفدت بعثة إلى بيساو بالتنسيق مع مكتب الأمم المتحدة هناك، وذلك للبحث عن إيجاد حل توافقي بين النظام والمعارضة، بعد تصاعد الخلافات بينهما بشأن موعد إجراء الانتخابات الرئاسية، لكنها تلقت تهديدا مباشرا من الرئيس عمرو سيسوكو إمبالو بالطرد.

وتأسست المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) سنة عام 1975 بهدف تعزيز التنمية الاقتصادية بين أعضائها.

وتضم المنظمة 15 دولة أفريقية هي: غامبيا وغينيا وغينيا بيساو وليبيريا ومالي والسنغال وسيراليون وبنين وبوركينا فاسو وغانا وساحل العاج والنيجر ونيجيريا وتوغو والرأس الأخضر.

ويبلغ مجموع سكان دول المجموعة 350 مليون نسمة، فيما تبلغ مساحتها الإجمالية 5 ملايين كيلومتر مربع، أي 17% من إجمالي مساحة قارة أفريقيا.


"لسنا جمهورية موز"
وفي أول تعليق له على تطورات الأزمة مع "إيكواس" قال الرئيس البيساو غيني عمرو سيسوكو إمبالو إن بلاده ليست "جمهورية موز"، وإن هناك "رئيسا، وقانونا، وهناك دستور، ومحكمة عليا"، مضيفا أن هذا لا ينبغي العبث به، متهما "إيكواس" بالسعي لخرق دستور بلاده.

وأضاف إمبالو في تصريح أدلى به لدى عودته إلى البلاد قادما من زيارة لفرنسا وروسيا، أنه شخصيا هو من أصدر الأوامر لطرد بعثة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" متهما إياها بعدم احترام "خارطة الطريق" القائمة، فيما تقول المعارضة في غينابيساو.

وكان الرئيس إمبالو قد وعد بتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية فبراير الماضي، لكنه عاد وأعلن تأجيلها بسبب ما قال إنها صعوبات لوجستية ومالية، فيما أثار هذا التأجيل غضب المعارضة، التي وصفت قرار التأجيل بالمخالف للدستور.

وخلال ولايته الحالية، حل الرئيس إمبالو، البرلمان مرتين، الأولى في 2021، والأخرى في ديسمبر 2023، إثر اشتباكات مسلحة وقعت في العاصمة، أُعلن رسميا أنها كانت محاولة انقلابية للإطاحة بإمبالو ونظامه.

هل تلتحق بيساو بركب المنسحبين من "إيكواس"
وأبدى متابعون للشأن الأفريقي، قلقهم من أن تكون الأزمة الحالية بين "إيكواس" وغينا بيساو، بداية لمسار انسحاب بيساو من المجموعة على غرار ما حصل مع ثلاثة من دول الساحل هي مالي والنيجر وبوركينافاسو.

فقد أعلنت هذه الدول الثلاثة نهاية كانون الثاني/ يناير الماضي رسميا مغادرة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) بعد أكثر من عام من التوترات الدبلوماسية الشديدة.

فقبل نحو عام اتهمت الدول الثلاثة إيكواس بفرض عقوبات "غير إنسانية وغير قانونية وغير شرعية" عليها بعد الانقلابات العسكرية التي وقعت فيها، وبأنها لم تساعدها بما يكفي لمكافحة الجماعات المسلحة، وبالتبعية لفرنسا.

لكن "إيكواس" أعلنت إبقاء أبوابها مفتوحة للحوار مع كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
يقول الصحفي السنغالي المختص في الشؤون الأفريقية، محمد جوب، إن هناك، مخاوف حقيقة من أن تتصرف غينابيساو، تماما كما تصرفت دول الساحل الثلاثة، وتقرر الانسحاب من "إيكواس".

ولفت جوب في تصريح لـ"عربي21" إلى أن الزيارة الأخيرة التي أداها الرئيس البيساو غيني عمرو سيسوكو إمبالو، إلى روسيا تزيد من المخاوف من أن تنسيقا قد بدأ بين موسكو وبيساو، ما قد يمهد الطريق للالتحاق بركب المنحازين للمعسكر الروسي، وفي المحصلة يعني بداية مسار القطيعة مع "إيكواس" واتساع دائرة النفوذ الروسي بالمنطقة.

وأضاف: "حتى الآن علاقات غينا بيساو وروسيا، علاقات خجولة، حيث أنه لا توجد ثورات معدنية تغري روسيا بإنفاق أموال وتسليح هذا البلد، لكن رغبة موسكو في بسط نفوذها في القارة الأفريقية، قد يدفعها لدعم غينابيساو عسكريا واقتصاديا".

ولفت إلى أن مغادرة بعثة مجموعة "إيكواس" تزامنت مع عودة الرئيس إمبالو من زيارة لروسيا، التقى خلالها الرئيس فلاديمير بوتين.

وفي الوقت الذي أشاد فيه إمبالو بالعلاقات الجيدة التي تربط بلاده مع موسكو، قال الرئيس فلاديمير بوتين إن الشركات الروسية تظهر اهتماما متزايدا بالعمل في سوق غينيا بيساو.


"شريك الأمس خصم اليوم"
وحتى قبل أسابيع قليلة كانت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، الشريك الأساسي للرئيس إمبالو، فهي أول من اعترف بنتائج الانتخابات التي نجح فيها سنة 2020، حيث كان خصومه يرفضون فوزه والقبول به رئيسا منتخبا.

كما أحبطت "إيكواس" العديد من المحاولات الانقلابية في غينابيساو، وكان آخرها عام 2022 حيث قامت بنشر قوة لبسط الاستقرار بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة على نظام الرئيس إمبالو.


معلومات عن غينابيساو
تقع في غرب أفريقيا وهي مستعمرة برتغالية سابقة، تحدها شمالا السنغال، وشرقا وجنوبا غينيا، ويبلغ عدد سكانها 1.8 مليون نسمة.

تعد العاصمة بيساو، هي أكبر مدن الدولة ومركزها الاقتصادي والسياسي الرئيسي، وفيها أكبر ميناء بحري في البلاد.

ومنذ استقلالها عن البرتغال عام 1974، شهدت جمهورية غينيا بيساو 4 انقلابات ناجحة وأكثر من 10 محاولات انقلاب فاشلة.

تنقسم غينيا بيساو إلى 8 أقاليم، وتنقسم هذه الأقاليم إلى 37 قطاعا.

عانت غينابيساو، طيلة سنوات من عدم الاستقرار السياسي، وهي تنصف ضمن أفقر الدول الأفريقية، وتعيش حوالي 75 إلى 80 في المائة من القوة العاملة بها في المناطق الريفية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية أزمة أفريقيا إيكواس الانتخابات أفريقيا أزمة الانتخابات إيكواس المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المجموعة الاقتصادیة لدول غرب أفریقیا الرئیس إمبالو غینیا بیساو

إقرأ أيضاً:

العراق.. ساحة الرؤى المتشابكة بين مرآة واشنطن وظلال طهران

بغداد اليوم - ترجمة

وصف مساعد وزير الخارجية الامريكية لشؤون الشرق الأدنى السابق ديفيد شينكر، سياسة الولايات المتحدة تجاه العراق بانها "تراه كما ترى ايران"، مؤكدا أن التوجه الحالي للإدارة الامريكية في البيت الأبيض ستعتمد سياسات أكثر حدة في التعامل مع الحكومة العراقية. 

وقال شينكر في مقابلة صحفية ترجمتها "بغداد اليوم"، الأربعاء (5 آذار 2025)، إن "الحكومة الامريكية الحالية برئاسة دونالد ترامب، تختلف عن سابقتها بقيادة الرئيس السابق جو بايدن"، موضحا أن "الحكومة الامريكية الحالية تنظر الى العراق بعدسة ايران"، مضيفا: "ترامب ينظر الى العراق بذات نظرته لإيران". 

وتابع: "لقد اصدر الرئيس الامريكي مذكرة أمنية الى الأجهزة المختصة تشدد على أهمية العراق في الحد من النفوذ الإيراني وقدرته على تبييض الأموال وإعادة الدولارات الامريكية باستخدام القنوات العراقية"، مشيرا الى "المكالمة الهاتفية بين رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ووزير الخارجية الامريكية ماركو روبيو"، مشددا على أن "المكالمة تضمنت حديثا صريحا حول الحد من النفوذ الإيراني داخل العراق". 

يشار إلى أن الولايات المتحدة تمارس الآن ضغوطا مستمرة بحسب وسائل إعلام أمريكية، على السلطات العراقية للحد من التعاون الاقتصادي والأمني بين البلدين، وخصوصا فيما يتعلق بتجارة العملة وتهريب النفط الإيراني.

مقالات مشابهة

  • التحديات والفرص.. مؤشرات الحكم والحريات بأفريقيا
  • خبير علاقات دولية: الخطة العربية ناجحة تساهم في الإعمار دون تهجير
  • عاجل | رويترز: الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعين ألكسندر دارتشييف سفيرا جديدا لدى الولايات المتحدة
  • تصاعد الصراع الإيراني التركي على النفوذ في سوريا والعراق
  • العراق.. ساحة الرؤى المتشابكة بين مرآة واشنطن وظلال طهران
  • إيران تنفي "اتهامات" بمحاولتها تهديد الأمن البريطاني
  • تحذير فلسطيني من اتساع دائرة المجاعة مرة أخرى في قطاع غزة
  • نظامك الغذائي أحدها.. 4 عوامل تساهم في تلف وتساقط الشعر في رمضان
  • مخيمات النازحين في غزة تزداد اتساعًا.. دمارٌ وركامٌ وانتظارٌ لمصير مجهول