مفاوضات موسكو ودمشق.. كيف تسعى روسيا لتعزيز نفوذها في سوريا؟
تاريخ النشر: 6th, March 2025 GMT
مع تزايد رغبة روسيا في إعادة بناء نفوذها في سوريا، يتوقع أن تكون المفاوضات بين البلدين بداية لمرحلة جديدة من العلاقات، حيث قد تجد دمشق في موسكو حليفا قادرا على مواجهة التحديات الإقليمية.
وتمثل المصالحة السياسية بين موسكو ودمشق تحولا لافتا في مواقف روسيا، التي لعبت دورا حاسما في الحفاظ على النظام السوري خلال الحرب مع الفصائل المسلحة منذ أكثر من عقد.
وقد سمحت القواعد العسكرية الروسية على سواحل سوريا لموسكو بتعزيز وجودها العسكري في البحر المتوسط وشمال إفريقيا، بينما كانت تدير ضربات ضد الفصائل المسلحة، بمن فيها هيئة تحرير الشام، التي أسقطت نظلم بشار الأسد وأجبرت الرئيس المعزول على المغادرة إلى موسكو.
دعم مالي روسي
ومن أبرز مؤشرات تعزيز العلاقات بين روسيا وسوريا، وفق تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، تقديم موسكو نحو 23 مليون دولار للعملة السورية إلى البنك المركزي في دمشق الشهر الماضي، وهي خطوة أثارت قلق بعض الدول الغربية التي تتجنب دعم الاقتصاد السوري بسبب المخاوف من العقوبات.
وقالت الزميلة في معهد واشنطن آنا بورتشيفسكايا، إن "ميزة روسيا في التعامل مع سوريا تكمن في أنها غير مقيدة بأي اعتبارات أخلاقية، مما يتيح لها تنفيذ قراراتها بحرية من دون الحاجة إلى إجماع".
واعتبرت أن "السؤال الأكبر هو كيفية تعامل الغرب مع الوضع في سوريا لتقليل تبعيتها لروسيا".
مفاوضات روسية سورية
يتمثل الهدف الرئيسي لروسيا من مفاوضاتها مع سوريا في الحفاظ على قواعدها العسكرية هناك، وهي خطوة تعزز من نفوذها الاستراتيجي بينما تواجه تحديات في أوكرانيا.
وقد تناولت المفاوضات الروسية السورية العديد من المواضيع، من بينها مليارات الدولارات من الاستثمارات في حقول الغاز والموانئ، مع طرح إمكانية اعتذار من موسكو عن دورها في قصف المدنيين أثناء حملات دعم نظام الأسد.
من جهة أخرى، رفضت موسكو مناقشة تسليم الأسد، وهو طلب طرحتته الحكومة السورية في الفترة الانتقالية.
وفي وقت كان به المسؤولون الأميركيون يترددون في تقديم خطة واضحة للمستقبل السوري، قال الدبلوماسي الأميركي السابق دافيد شنكر، إن "قلة تفاعل واشنطن في سوريا يجعل من الصعب عليها معارضة عودة روسيا إلى الساحة".
دعم الاقتصاد
لم يقتصر الروس والسوريون على مناقشة القضايا العسكرية فقط، بل امتدت المحادثات لتشمل تعزيز الروابط الاقتصادية بين البلدين.
وقد بدأت المفاوضات بين روسيا وسوريا في يناير الماضي، بعد وصول نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف ومبعوثها الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرينتيف، حيث ناقشا مستقبل القواعد العسكرية الروسية في حميميم وطرطوس، إلى جانب فرص الاستثمار في حقول الغاز والموانئ السورية.
وبالتزامن مع ذلك، سعت دمشق لتوسيع دائرة تحالفاتها بعيدا عن تركيا، التي كان لها دور في دعم هيئة تحرير الشام.
في المقابل، أبدت سوريا استعدادا للتفاوض مع روسيا في محاولة لتعويض الخسائر التي تكبدتها جراء الحروب الروسية ضد المدنيين السوريين، خصوصا في مجالات إعادة البناء والاستثمارات.
وقد تضمنت المفاوضات أيضا مطالبات بتعويضات عن الأموال التي حولها النظام السابق إلى روسيا، ومن بينها 250 مليون دولار أرسلها البنك المركزي السوري إلى موسكو عامي 2018 و2019.
وكانت روسيا تشارك في مشاريع استثمارية ضخمة في سوريا قبل اندلاع الحرب، بما في ذلك مشروعات النفط والغاز.
وبعد المكالمة الهاتفية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس السوري في الفترة الانتقالية أحمد الشرع، سافر وزير الخارجية السوري إلى موسكو لمناقشة إعادة النظر في الاتفاقيات الموقعة بين البلدين في عهد الأسد، بما في ذلك المشاريع التي تم تعليقها مثل بناء ميناء طرطوس وتطوير امتيازات الغاز الطبيعي في سوريا.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات روسيا النظام السوري القواعد العسكرية الروسية الاقتصاد السوري أوكرانيا الحكومة السورية روسيا مشاريع استثمارية روسيا سوريا وروسيا سوريا فلاديمير بوتين أحمد الشرع روسيا النظام السوري القواعد العسكرية الروسية الاقتصاد السوري أوكرانيا الحكومة السورية روسيا مشاريع استثمارية أخبار سوريا فی سوریا
إقرأ أيضاً:
بين عناد كييف واشتراط موسكو.. ما موقف روسيا من السلام والحرب؟
موسكو- بدأ موضوع مفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا، الذي كان قد تراجع إلى الخلف بسبب "الحروب الجمركية"، يعود بسرعة إلى جدول الأعمال.
فمنذ أيام، بدأت الصحافة الغربية تنشر معلومات "من الداخل" حول كيفية سير المفاوضات لإنهاء الأعمال العدائية والشروط التي يطرحها طرفا النزاع.
وأثارت مقالة نشرتها صحيفة فايننشال تايمز، في 22 من أبريل/نيسان الجاري، ضجة كبيرة، حيث زعمت أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اقترح على الولايات المتحدة وقف الأعمال العسكرية على طول خطوط المواجهة الحالية.
لكن الكرملين رد بسرعة على هذه المعلومات على لسان المتحدث باسمه، ديمتري بيسكوف، بقوله "هناك الكثير من الأخبار المزيفة التي يجري نشرها الآن ومن مصادر محترمة، لذلك يجب الاستماع فقط إلى المصادر الأصلية".
"العرض الأخير"يأتي ذلك بينما تجري مناقشات مكثفة لتفاصيل "العرض الأخير" للسلام الذي قدَّمته واشنطن إلى كييف في 17 أبريل/نيسان، وينتظر البيت الأبيض الرد عليه.
وقال نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس إن أميركا قدَّمت لروسيا وأوكرانيا "اقتراحا واضحا للغاية للتوصل لاتفاق سلام، ويجب على الطرفين الآن إما قبوله وإما مواصلة عملية التفاوض دون الولايات المتحدة"، ناصحا طرفي النزاع بـ"وضع أسلحتهما، وتجميد الصراع، والاتجاه نحو بناء بلديهما".
إعلانوزعمت وسائل الإعلام الغربية أن العرض الروسي جاء خلال اللقاء بين الرئيس الروسي والمبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترامب في 11 أبريل/ نيسان الجاري واستغرق أكثر من 4 ساعات.
وحسب الكرملين، كان الموضوع الرئيسي للمفاوضات هو تسوية الصراع الأوكراني، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.
الكرملين: الصراع في #أوكرانيا سينتهي فورا إذا سحبت كييف قواتها من المناطق الأربع المنصوص عليها في دستورنا pic.twitter.com/wS3OVDgsZ0
— قناة الجزيرة (@AJArabic) April 23, 2025
مصالح روسياويرى الباحث في النزاعات الدولية فيودور كوزمين، أن الهدنة التي أعلنتها موسكو في عيد الفصح كانت خطوة في سياق البحث عن حل سلمي للصراع الأوكراني لكنها لم تلق الرد "المناسب" من كييف، وبالتالي من غير الممكن اليوم التنبؤ بما إذا كانت المفاوضات التي بدأتها الولايات المتحدة بين موسكو وكييف ستؤتي ثمارها.
ويقول كوزمين للجزيرة نت، إنه في حال واصلت كييف موقف "العناد" ولم تتوصل لإبرام اتفاق مع موسكو، فقد تتوقف واشنطن عن "خدماتها" كوسيط، وتتخذ -ردا على ذلك- مواقف متشددة تجاه أوكرانيا.
ويتابع أن روسيا من خلال إجراء العملية التفاوضية، تعلم مُسبقا أن أوكرانيا غير مستعدة للسلام بأي شكل من الأشكال.
وفي هذه الحالة، يواصل كوزمين، ستكون مهمة المفاوض الروسي هي إدارة المفاوضات لأطول فترة ممكنة، لأن هذه العملية تصب في مصلحتها، فضلا عن أنها مفيدة لكل من روسيا والولايات المتحدة في آن واحد.
وحسب قوله، فإن اقتراح بوتين "بإعادة صياغة" مبادرة دونالد ترامب "المتسرعة" لوقف إطلاق النار غير المشروط في أوكرانيا، مع الأخذ في الاعتبار المصالح الروسية، يسمح لموسكو بمحاولة "الاستيلاء" على المبادرة في عملية التفاوض بشأن أوكرانيا.
ويتابع، أنه لتحقيق هذه الغاية يتعين إقناع واشنطن بعدم الاستماع كثيرا بشأن "الخطوط الحمر" التي وضعتها كييف ومبادرات الدول الأوروبية.
إعلانويضيف الباحث كوزمين أن الكرملين خرج من "فخ الاختبار" الأميركي لمدى صدق الرغبة في السلام، وفي الوقت ذاته، أبقى بوتين قضية شرعية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على جدول الأعمال، ويعمل على أن يقوم ترامب بحلها قبل إعلان وقف إطلاق النار، بحيث يبقى السؤال فقط حول من سيعطي الأوامر للقوات المسلحة الأوكرانية بوقف إطلاق النار وعن ثمن تلك الأوامر.
ضماناتمن جهته، يرى مدير مركز التنبؤات السياسية، دينيس كركودينوف، أن بوتين يروج لصيغة يتم فيها إجراء مفاوضات السلام بين اللاعبين الرئيسيين، روسيا والولايات المتحدة، في حين يتابع المشاركون الآخرون الأخبار فقط، حسب قوله.
ويقول للجزيرة نت إن موسكو أكدت مرارا وتكرارا على مختلف المستويات أن الضمانات الخارجية للامتثال للاتفاقيات مهمة بالنسبة لها، حتى لا تتكرر تجربة اتفاقية مينسك 2.
وعلى هذا الأساس -يضيف كركودينوف- من المهم لروسيا أن "تستبعد" أوكرانيا ودول الاتحاد الأوروبي من المناقشات مع أميركا بشأن العناصر الرئيسية للتسوية المستقبلية، بحيث تؤدي لتشكيل مسار إستراتيجي جديد للعلاقات بين موسكو وواشنطن، وتبقى أوكرانيا مجرد أحد المواضيع في سياق المفاوضات بين الطرفين، مثل البرنامج النووي الإيراني أو مشاريع الغاز في القطب الشمالي.
ويضيف أن صيغة المفاوضات المغلقة مع المبعوث الأميركي الخاص ستيفن ويتكوف، مناسبة "بشكل مثالي" لتحقيق هذا الهدف.
سلاح ليزر جديد من طراز "تريزوب" أوكراني حيث تشترط روسيا نزع أسلحة كييف (مواقع التواصل)
اشتراطات دسمةويشير إلى أن روسيا لم تكن راضية عن النسخة الأميركية الأوكرانية، التي تدعو إلى وقف فوري للأعمال العدائية في البر والجو والبحر، تليها مفاوضات بشأن شروط السلام.
في حين تتواصل العمليات "السلبية" بالنسبة لموسكو، بل تتكثف، مثل استمرار المساعدات العسكرية الغربية واسعة النطاق لكييف والنقاش حول نشر "قوات الدعم" الأوروبية في شكل ألوية تابعة لحلف شمال الأطلسي على الأراضي الأوكرانية.
إعلانويلفت الخبير السياسي كركودينوف، إلى أن الشروط الأولية التي وضعتها روسيا لوقف إطلاق النار، كوقف تسليم الأسلحة الغربية للقوات الأوكرانية، وإلغاء التعبئة القسرية، ووقف تدريب وإعادة تجهيز الوحدات الجديدة، والتحقق من الامتثال لهذه المتطلبات، حددت على الفور الإطار الذي تحتاجه موسكو.
ويختم بأنه في مرحلة الاتفاق على وقف إطلاق النار، يتحرك الكرملين في اتجاه خيارات "نزع السلاح" في أوكرانيا التي نوقشت في وقت سابق في إسطنبول، وتتمثل بوضع "قيود صارمة" على الإمكانات القتالية للقوات الأوكرانية وعدد أفرادها وملف التعبئة، فضلا عن القيود المفروضة على الإمدادات الغربية من الأسلحة وأنواع أخرى من المساعدات العسكرية.