واشنطن: إنشاء حكومة موازية في السودان يهدد بتقسيم البلاد
تاريخ النشر: 6th, March 2025 GMT
دبي-الشرق/ أعربت وزارة الخارجية الأميركية، الأربعاء، عن "قلقها العميق" من توقيع قوات الدعم السريع وجماعات متحالفة معها "دستوراً انتقالياً" للسودان، معتبرةً أن محاولات إنشاء حكومة موازية "لا تساعد في تحقيق السلام والأمن في البلاد"، كما أنها "تهدد بمزيد من عدم الاستقرار والتقسيم الفعلي".
ووقعت قوات الدعم السريع، وجماعات متحالفة معها دستوراً انتقالياً، الثلاثاء، ما يمهد لإنشاء حكومة موازية، وينذر بتقسيم البلاد، على أن يحل محل الدستور الذي تم توقيعه بعد أن أطاح الجيش وقوات الدعم السريع بالرئيس السابق عمر البشير خلال انتفاضة عام 2019.
ومن بين الموقعين على الوثيقة الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال، وهي حركة نافذة ذات توجه علماني تسيطر على مناطق شاسعة من ولاية جنوب كردفان السودانية، وتنشط تحت مظلتها جماعات أخرى أصغر حجماً.
وقالت قوات الدعم السريع وحلفاؤها، إنه سيتم تشكيل الحكومة في الأسابيع المقبلة، لكن لم يُعرف بعد من سيشارك فيها أو أين سيكون مقرها.
وكانت قوات الدعم السريع وحلفاؤها اتفقت في أواخر فبراير الماضي، من حيث المبدأ على تشكيل حكومة جديدة في إطار سعيهم لتيسير دخول واردات الأسلحة المتقدمة إلى البلاد، وسحب الشرعية من الحكومة الحالية التي يقودها الجيش.
وينص الدستور الذي وقعت عليه قوات الدعم السريع وحلفاؤها على "تشكيل حكومة، ويرسم خريطة لما يصفه بالدولة الاتحادية العلمانية المقسمة إلى 8 أقاليم".
كما تضمن إلغاء الوثيقة الدستورية الانتقالية لسنة 2019، وجميع القوانين والقرارات والمراسيم السابقة، ونص على أن "السودان دولة علمانية ديمقراطية لا مركزية، ذات هوية سودانية، تقوم على فصل الدين عن الدولة، وكذلك فصل الهويات الثقافية والعرقية والجهوية عن الدولة، والتأكيد على أن المواطنة المتساوية هي الأساس للحقوق والواجبات".
وبشأن نظام الحكم في السودان أقر الدستور أنه يقوم على اللامركزية السياسية، والإدارية، والقانونية، والمالية.
وفيما يتصل بالوحدة الطوعية، أقر الدستور بأن الدولة السودانية تؤسس على الوحدة الطوعية، والإرادة الحرة لشعوبها، واحترام التنوع والتعدد العرقي والديني والثقافي والمساواة بين جميع الأفراد والشعوب في الحقوق والواجبات.
ونص الدستور على أن تكون الفترة الانتقالية من مرحلتين، وهما "الفترة ما قبل الانتقالية التأسيسية، الفترة الانتقالية التأسيسية". وتبدأ الفترة ما قبل الانتقالية التأسيسية من تاريخ سريان هذا الدستور، وتستمر حتى الإعلان الرسمي عن إنهاء الحروب.
كما تبدأ الفترة الانتقالية التأسيسية، فور الإعلان الرسمي عن إنهاء الحروب، وتمتد لمدة 10 سنوات.
وحدد الدستور عدداً من المهام لحكومة السلام الانتقالية المرتقبة، من بينها "إيقاف وإنهاء الحروب، وإحلال السلام العادل المستدام، وتهيئة المناخ لإطلاق عملية سياسية شاملة لتحقيق الأمن والاستقرار والعدالة والتنمية، بالإضافة لتعزيز دعائم الوحدة الوطنية الطوعية، وإحلال التعايش السلمي، ومحاربة خطاب الكراهية، ومجابهة الكارثة الإنسانية، وحماية المدنيين، وتأسيس وبناء مؤسسات الدولة، واستكمال مهام ثورة ديسمبر، وحماية الحقوق الدستورية لجميع المواطنين بدون تمييز، وتهيئة الظروف المناسبة لعودة النازحين واللاجئين، العمل على بناء وإعمار ما دمرته الحرب، وحشد الجهود الوطنية، والإقليمية والدولية لتوفير الموارد اللازمة".
مستويات الحكم والهيئة التشريعية
وفيما يتعلق بمستويات الحكم، نص الدستور على 3 مستويات للحكم، وهي "المستوى الاتحادي"، و"المستوى الإقليمي"، و"الحكم المحلي"، كما منح مستويات الحكم المختلفة اختصاصات، وسلطات حصرية ومشتركة وموارد يحددها القانون، كما يجوز لكلِ إقليم اختيار الاسم المناسب لمستوى الحكم المحلي.
وحدد الدستور عدد 8 أقاليم للسودان وهي "إقليم الخرطوم، الإقليم الشرقي، الإقليم الشمالي، إقليم دارفور، الإقليم الأوسط، إقليم كردفان، إقليم جنوب كردفان/جبال النوبة، إقليم الفونج الجديد".
وأقر أن يكون لكل إقليم دستور يراعى خصوصيته، دون المساس بطبيعة الدولة المنصوص عليها في هذا الدستور.
وبشأن هياكل السلطة، فقد نص الدستور على أن هياكل السلطة تتكون من الهيئة التشريعية التأسيسية وهي سلطة تشريعية مستقلة تتكون من مجلسي الأقاليم والنواب، حيث يتكون مجلس الأقاليم من 24 عضواً، ويتكون مجلس النواب من 177 عضواً، على أن يُراعى في تكوين الهيئة التشريعية التأسيسية تمثيل مكونات الشعوب السودانية بعدالة، على أن يمثل النساء في الهيئة التشريعية التأسيسية بنسبة لا تقل عن 40%.
تشكيل مجلس رئاسي
ونص الدستور على "تشكيل مجلس رئاسي، ليكون بمثابة السلطة السيادية لجمهورية السودان ورمز وحدتها الطوعية، ويتكون من 15 عضواً يختارهم تحالف السودان التأسيسي، يكون من ضمنهم حكام الأقاليم بحكم مناصبهم، وينوبون عن رئيس المجلس عن أقاليمهم".
وتتمثل اختصاصات المجلس الرئاسي في "تعيين وإقالة رئيس مجلس الوزراء، واعتماد تعيين الوزراء، وتعيين المجلس العدلي المؤقت من قانونيين وقضاة سابقين مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة، واعتماد تعيين رئيس القضاء ونوابه، وتعيين رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية، واعتماد النائب العام ومساعديه، واعتماد تعيين المراجع العام، اعتماد تعيين سفراء السودان بالخارج، واعتماد السفراء الأجانب بالسودان، وإعلان حالة الطوارئ بتوصية من مجلس الوزراء، واعتماد إعلان الحرب بناءً على قرار من مجلس الوزراء بعد مصادقة الهيئة التشريعية التأسيسية عليه".
تكوين مجلس الوزراء
وأقر الدستور أن يتم تكوين مجلس الوزراء دون محاصصة حزبية، من أشخاص مؤهلين وملتزمين بالدستور وميثاق السودان التأسيسي، ويتكون من رئيس للوزراء، تختاره القوى الموقعة على ميثاق السودان التأسيسي بالتشاور فيما بينهم، وعدد من الوزراء لا يجاوز 16 وزيراً يختارهم رئيس الوزراء بالتشاور مع كل أطراف ميثاق السودان التأسيسي، خلال فترة لا تجاوز 30 يوماً من تاريخ تعيينه.
وبشأن الأجهزة النظامية، فقد نص الدستور على أن تقوم حكومة السلام الانتقالية التأسيسية بالخطوات الضرورية لـ"تأسيس جيش وطني جديد موحَّد"، بعقيدة عسكرية جديدة، على أن يعكس في تكوينه التعدد والتنوع لكافة الشعوب السودانية، ويخضع منذ أول يوم من تأسيسه للرقابة والسيطرة المدنيتين.
على أن يعكس الجيش الجديد في تكوينه كافة أقاليم السودان على أساس التوزيع السكاني العادل، ويكون مستقلاً عن أي ولاء أيديولوجي أو انتماء سياسي أو حزبي أو جهوي أو قبلي، ويقتصر دوره على حماية البلاد وأراضيها وسيادتها الوطنية، والشعوب السودانية، وحماية النظام العلماني الديمقراطي، ويضمن احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وحماية النظام الدستوري، دون تدخل في الشأن السياسي أو الاقتصادي.
كما تطرق الدستور لـ"تأسيس قوات شرطة" تعكس في تشكيلاتها كافة أقاليم السودان وفق توزيع عادل ومتوازن، وتلتزم بالحياد والاستقلالية، وليس لها أي ولاء أيديولوجي أو حزبي أو جهوي أو قبلي، وتضطلع بمسؤولياتها في حماية المواطنين، وضمان احترام حقوق الإنسان، وترسيخ سيادة حكم القانون، وفق معايير مهنية تضمن النزاهة والشفافية والعدالة.
مصير قوات الدعم السريع
وتحدث الدستور كذلك عن "تأسيس جهاز أمن ومخابرات" مهني مستقل، لا يخضع لأي ولاء أيديولوجي أو سياسي أو حزبي أو جهوي أو قبلي، ويعكس في تشكيلاته التوازن السكاني بين كافة أقاليم السودان، ويقتصر دوره على جمع وتحليل المعلومات لحماية أمن السودان الداخلي والخارجي وتقديمها للجهات المختصة، وصون النظام الديمقراطي، وضمان حقوق الإنسان وسيادة حكم القانون، في إطار الشفافية والمساءلة واحترام الدستور.
وفيما يتصل بتكوين الجيش الجديد، فقد نص الدستور على أن "تكون قوات الدعم السريع والجيش الشعبي لتحرير السودان وحركات الكفاح المسلح الموقعة على ميثاق السودان التأسيسي نواةً للجيش الوطني الجديدة".
وأقر الدستور "حل المليشيات التابعة للمؤتمر الوطني والحركة الإسلامية وجميع المليشيات الأخرى اعتباراً من تاريخ إجازة وسريان هذا الدستور".
تحذير أميركي
وكانت الولايات المتحدة، حذرت، الأسبوع الماضي، من محاولة الدعم السريع وجماعات متحالفة معها تشكيل حكومة في مناطق سيطرتها موازية لتلك التي يمثلها مجلس السيادة السوداني، حيث اعتبرت أنها تمثل خطراً يهدد "بتقسيم" البلاد، فيما تعهدت حكومة الخرطوم بالرد على التحرّك الذي وصفته بأنه "سابقة خطيرة".
وقال متحدث باسم الخارجية الأميركية لـ"الشرق"، إن "محاولات الدعم السريع وحلفائها تشكيل حكومة في مناطق سيطرتها لن تساعد في جلب السلام والأمن في السودان".
واستنكرت وزارة الخارجية السودانية في بيان سابق، موقف الحكومة الكينية، و"تبنيها الحكومة الموازية التي تنوي مليشيا الإبادة الجماعية وتابعيها إعلانها في بعض الجيوب التي تبقت لها"، على حد تعبيرها.
وشدد البيان، على أن الحكومة السودانية ستمضي في اتخاذ الخطوات الكفيلة بالرد على هذا "السلوك العدائي غير المسؤول"، ووصفته بأنه "سابقة خطيرة، وخروج كامل على ميثاق الأمم المتحدة، والأمر التأسيسي للاتحاد الإفريقي، وتهديد بالغ للأمن والسلم الإقليميين".
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الانتقالیة التأسیسیة قوات الدعم السریع مجلس الوزراء تشکیل حکومة
إقرأ أيضاً:
حمدوك يطلق مبادرة جديدة لإنهاء الحرب في السودان تحت عنوان "نداء سلام السودان"
في خطوة تهدف إلى إنهاء الحرب المستمرة في السودان منذ عامين، أطلق رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك يوم الثلاثاء دعوة جديدة تحت اسم "نداء سلام السودان".
تأتي هذه الدعوة في وقت بالغ الحساسية، حيث يواجه السودان تدهورا غير مسبوق في الوضع الإنساني، مع تدمير واسع للبنية التحتية، نزوح جماعي للسكان، وارتفاع حاد في معدلات الجوع والعنف.
ماذا ينص "نداء سلام السودان"؟ضمن "نداء سلام السودان"، حدد حمدوك مجموعة من الخطوات التي تسهم في دفع العملية السياسية والإنسانية للأمام. وأولى هذه الخطوات هي دعوته إلى عقد اجتماع مشترك بين مجلس الأمن الدولي ومجلس السلم والأمن الإفريقي.
وسيشمل الاجتماع الأطراف الرئيسية في النزاع، وهم: قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، وقائد الحركة الشعبية لتحرير السودان في شمال السودان عبد العزيز الحلو، بالإضافة إلى القائد عبد الواحد نور.
ويهدف الاجتماع إلى تحقيق هدنة إنسانية ووقف فوري لإطلاق النار، فضلاً عن إنشاء آليات لبناء الثقة بين الأطراف المتنازعة، في خطوة تهدف إلى وقف التصعيد وتحقيق السلام في البلاد.
وفيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية، دعا حمدوك إلى فتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات إلى المناطق المتضررة سواء داخل السودان أو عبر الحدود.
هذه المساعدات تشمل الأغذية، الأدوية، والمساعدات الأساسية التي تساهم في دعم المدنيين المتضررين. كما شدد على ضرورة التنسيق مع القوى الإقليمية والدولية لضمان الحصول على الدعم اللازم.
وأوضح حمدوك، أن الاتفاق سيتضمن ترتيبات دستورية انتقالية تستند إلى توافق بين الأطراف السودانية، العسكرية والمدنية، لإعادة البلاد إلى مسار ثورة ديسمبر 2018، التي طالبت بانتقال إلى حكومة مدنية ديمقراطية وتحقيق تطلعات الشعب السوداني في الحرية والعدالة والسلام.
كما أشار إلى ضرورة إعادة بناء النظام الأمني والعسكري في السودان بشكل موحد بعيدًا عن التسييس. وشدد على أهمية تفعيل عملية العدالة الانتقالية التي تشمل محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، واستعادة الحقوق إلى أصحابها.
وفي ختام دعوته، أكد حمدوك على ضرورة تشكيل حكومة مدنية انتقالية تتمتع بصلاحيات كاملة لقيادة البلاد إلى انتخابات حرة بعد تصفية آثار الحرب وإعادة الإعمار.
وفي وقت تعصف فيه الحرب بالسودان، وقّعت "قوات الدعم السريع" السودانية والجماعات الحليفة لها اليوم دستورا انتقاليا يعكس توجهاتها نحو تأسيس حكومة موازية.
وقد تسببت الحرب في نزوح جماعي للمدنيين، فضلا عن تفشي الجوع والعنف، بما في ذلك العنف العرقي والجسدي. في هذا السياق، شنت "قوات الدعم السريع" هجوما على محطة توليد الكهرباء في سد مروي باستخدام الطائرات المسيرة، ما أسفر عن انقطاع التيار الكهربائي في عدة مناطق بشمال السودان، مما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني في البلاد.
يهدف الدستور الذي طرحته "قوات الدعم" إلى استبدال الدستور الموقع بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 2019. ويشمل الدستور الجديد خططًا لإنشاء دولة فيدرالية علمانية مقسمة إلى 8 مناطق، مع ضمان حقوق الإقليم في تقرير مصيره في حال عدم تحقيق شروط أساسية مثل فصل الدين عن الدولة.
كما ينص الدستور على ضرورة وجود جيش وطني موحد ويعتبر الموقعين عليه "نواة" هذه القوات.
وبينما يشير الدستور إلى الانتخابات كإحدى مخرجات الفترة الانتقالية، فإنه لا يحدد جدولًا زمنيًا واضحًا لها، مما يترك الغموض قائمًا بشأن تفاصيل الحكومة المقترحة، والأسماء التي ستشغل المناصب الحكومية أو مكان الحكومة المنتظرة.
وعلى الرغم من إعلان" قوات الدعم السريع" عن نيتها تشكيل حكومة في الأسابيع القادمة، إلا أن التفاصيل المتعلقة بمن سيشغل المناصب الحكومية والمكان الذي ستعمل منه هذه الحكومة تبقى غير واضحة.
ومع استمرار التوترات العسكرية، تبقى مخاطر الانقسام السياسي قائمة، مما يجعل من الصعب التنبؤ بمستقبل الوضع السياسي في السودان.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية السودان: أكثر من 60 قتيلا في هجوم لقوات الدعم السريع على سوق شعبي في أم درمان الصحة العالمية تدعو لوقف الهجمات على المنشآت الصحية في السودان بعد مقتل 70 شخصاً أبرزها مصر والإمارات.. كيف تستغل القوى الإقليمية الحرب السودانية لتحقيق مكاسبها؟ قوات الدعم السريع - السودانمحمد حمدان دقلو (حميدتي)عبد الفتاح البرهان محادثات - مفاوضاتجمهورية السودان