قصور وتقصير.. هل أخطأ نواف الموسوي بتصريحاته الجدلية؟!
تاريخ النشر: 6th, March 2025 GMT
مجدّدًا، نجح مسؤول ملف الموارد والحدود في "حزب الله"، نواف الموسوي، بتصريحاتٍ وُصِفت بـ"الجدلية"، ربطًا بنتائج الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، حيث تحدّث فيها صراحةً عن "قصور وتقصير"، في معرض إشارته إلى أنّ ما يعتبره الاحتلال الإسرائيلي "إنجازات" حقّقها ضدّ الحزب في هذه الحرب، لا تتسم في واقع الأمر بالذكاء، "إنّما هي ناجمة عن قصور لدينا، وأحياناً تقصير"، وفق تعبيره.
وفي مقابلة تلفزيونية مع قناة الميادين، أفصح الموسوي عن الكثير، حيث أعرب عن استغرابه لبقاء الشهيد السيد حسن نصر الله في مكان استشهاده في الضاحية الجنوبية لبيروت، وتطرّق إلى "مجزرة البيجر"، منتقدًا كيف أنّ الجهات المعنية في الحزب لم تبادر إلى فحص أجهزة البيجر، ولكنّه قال إنّ الحزب قادر على تعريض الاحتلال لضربات "إذا عوّض القصور وأنهى التقصير وحلّ الاختراقات التقنية والبشرية"، وفق قوله.
وانقسم الرأي العام، بما في ذلك جمهور "حزب الله" نفسه، إزاء تصريحات الموسوي، التي وصفها جزء منه بـ"الجريئة والمتقدمة"، باعتبار أنّ حقّ الجمهور على القيادة أن تتوجّه إليه بمثل هذه "المصارحة"، بغضّ النظر عن كلّ التفاصيل، فيما رأى آخرون أنّها "تضرّ الحزب وتخدم خصومه إلى حدّ بعيد"، خصوصًا أنّ المراجعة المطلوبة يجب أن تنجَز خلف الغرف المغلقة، وليس عبر الإعلام، كما فعل الموسوي..
"جرأة.. وواقعية"
صحيح أن الآراء بما صدر عن الموسوي تباينات، حتى داخل البيئة الحاضنة لـ"حزب الله"، التي خرج فيها من يدعو إلى "مساءلة" الرجل، بل "طرده" من صفوف الحزب، باعتبار أنّها ليست المرة الأولى التي "يجتهد" فيها، فـ"يحرج" القيادة، وفق ما قال البعض، إلا أنّ الصحيح أيضًا أنّ الكثيرين في هذه البيئة أيضًا وجدوا في كلام الموسوي نوعًا من "فشّ الخلق"، أو ربما جزءًا من "المصارحة" التي تأخّر أوانها كثيرًا.
وفي هذا السياق، يرى العارفون أنّ كلام الموسوي يشكّل في مكانٍ ما، استكمالاً لما كان قد بدأه الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم في أحد خطاباته الأخيرة، حين اختار "المصارحة والمكاشفة" عنوانًا، لتفنيد بعض ملابسات الحرب الأخيرة، وإن بقيت "محدودة" نوعًا ما في سياقها، إما بانتظار اكتمال مرحلة التقييم والمراجعة داخل "حزب الله"، أو لأنّ الهدف منها كان "محصورًا" بتثبيت مبدأ "الصمود الأسطوري".
وإذا كان هناك من رأى في كلام الموسوي "جرأة وواقعية"، لم يسمعها الجمهور من أيّ من مسؤولي "حزب الله" وقياديّيه منذ انتهاء الحرب، التي تُعَدّ الأقسى في تاريخ الحزب، وهي ربما تتلاقى مع ما قاله الشهيد نصر الله في خطابه الأخير حول "مجزرة البيجر"، فإنّ العارفين يلفتون إلى أنّه يأتي أيضًا في سياق "المراجعة" التي يقوم بها الحزب، والتي كان رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد قد أشار إليها في كلمته أخيرًا أمام البرلمان في جلسات الثقة.
وجهتا نظر "متباينتان"
مع ذلك، يتحدّث العارفون عن وجهتي نظر "متباينتين" من كلام الموسوي "الجريء" إن صحّ التعبير، تنطلق الأولى من أنّ كلامًا من هذا النوع لا يمكن أن يخرج عن الرجل، من دون أن يكون "منسَّقًا" مع قيادة الحزب، بل "موجَّهًا" في مكان ما، حتى لو صحّ أنّ الموسوي عُرِف تاريخيًا بـ"جرأته" التي قد ترقى لمستوى "التهوّر"، والتي دفعت القيادة في مرات سابقة إلى إنذاره ومعاقبته، وصولاً إلى إجباره على تقديم استقالته من مجلس النواب.
في المقابل، واستنادًا إلى "تاريخ" الرجل، ثمّة من يرى أنّ الموسوي أخطأ بتصريحاته الأخيرة، التي لم تخدم الحزب، بمعزل عن "النوايا الحسنة"، فهو ربما أراد القول إنّ العدو الإسرائيلي لم يحقق "إنجازات" بقوته الذاتية، بل إنّ ما حقّقه ناجم عن "قصور" لدى الطرف الآخر، إلا أنّه بذلك رمى بأصابع الاتهام إلى الحزب، الذي بدا أنه ارتكب أخطاء، وربما خطايا، بشهادة أهل بيته، وهو ما يكفي ظاهريًا لإفراغ أيّ "انتصار" مفترض من مضمونه.
أكثر من ذلك، ثمّة من يرى أنّه حتى لو كانت الوقائع التي أشار إليها الموسوي صحيحة، فإنّ طريقة الكشف عنها بهذا الشكل وعبر الإعلام لم تكن مناسبة، خصوصًا أنّ مسار المراجعة الداخلية لم يكتمل بعد، وكان يفترض التريّث أكثر من أجل الوصول إلى استنتاجات "قاطعة"، يتمّ الإعلان عنها بطريقة منظّمة، وبعيدًا عن العاطفية والانفعالية، ومن قبل القيادة العليا، بعيدًا عن منطق "توزيع الرسائل" الذي لا يستقيم في مثل هذه الظروف.
تشير بعض المعطيات إلى "استياء واسع" في صفوف "حزب الله" من كلام الموسوي، وإن تلقّفته إيجابًا بعض الأوساط الشعبية في اليوم الأول، بل هناك من يشير إلى اتخاذ قرارات "تنظيمية" بحقّ الرجل، كان أولها تجميد عضويته الحزبية، ومنعه من الإطلالات الإعلامية. قد تكون هذه المعطيات دقيقة وقد لا تكون، إلا أنّ الأكيد أنّ "العاصفة" التي أثارتها تصريحات الموسوي، لن تنتهي، إلا بمكاشفة حقيقية وجادّة، ينتظرها مؤيّدو الحزب قبل خصومه!
المصدر: خاص لبنان24
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
رسائل اغتيال تلقاها حزب الله.. ماذا كشفت؟
المصارحة التي أطلقها النائب السابق نواف الموسوي عن الثغرات الأمنية ضمن "حزب الله" وإسهام ذلك في حصول اغتيالات إسرائيلية طالت الأمينين العامين السابقين للحزب الشهيدين السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين، إنما تعتبرُ أساسية وواضحة لكشف الكثير من الأمور الأخرى داخل الحزب والتي يصعب التغاضي عنها.في المبدأ، يخضع "حزب الله" الآن لورشة تدقيقٍ داخلية في إطار "نفضة شاملة"، كما قالت مصادر مقربة منه، كاشفة أنَّ "الحزب لا يريد حالياً إبراز أي تفصيل يرتبط بتحقيقاته قبل جلاء الحقائق كاملة".
المصادر تكشف أن "التوقيفات ضمن الحزب لم تتوقف بل شملت عناصر جديدة"، مشيرة إلى أنَّ الاغتيالات الإسرائيلية التي طالت قادة ميدانيين مؤخراً وآخرهم خضر هاشم من قوة "الرضوان"، تشير إلى أن النشاط الإسرائيليّ عبر الخروقات ما زال مستمراً وهناك ثغرات قائمة ويجب معالجتها.
وحالياً، فإن "حزب الله" يحاول التقليل من الوسائل والخطوات التي تؤدي إلى حصول ثغرات، لكن المسألة التي تُثار تساؤلات حولها ترتبط بأسباب عدم انكفاء القادة الميدانيين المهددين عن التحرك في الوقت الراهن وذلك بعد بروز تصعيدٍ بالاغتيالات.
المسألة هذه توقفت عندها مصادر معنية بالشأن العسكري فقالت لـ"لبنان24" إنَّ "حزب الله" لا يستطيع الآن ضبط تحركات كل عناصره، فيما الأمر الأكثر خطورة يرتبط بإمكانية وجود عملاء لإسرائيل في المناسبات التي يقيمها الحزب والتي يمكن اعتبارها سبيلاً سهلاً لاصطياد بعض الأشخاص عبر مراقبتهم.
المسائل الأمنية هذه تعتبرُ محورية ومفصلية خلال عملية إعادة الحزب بناء نفسه، وتعتبر المصادر أنَّ الاغتيالات تحمل رسائل جديدة مفادها أن إسرائيل تحاول عرقلة مسار تأهيل الحزب لصفوفه، وأن الخروقات ما زالت مستمرة كما أن كل من تولى مناصب جديدة قيادية ضمن "حزب الله" بات تحت الرصد والاغتيال، وبالتالي فإن تل أبيب لم تكتفِ بتصفية القادة السابقين بل شملت أيضاً الحاليين.
بالنسبة لكل ما تقدّم، فإن بناء "حزب الله" لنفسه استخباراتياً سيكون أيضاً بمثابة تحدّ للجانب الإيراني الذي يُشارك في هذه العملية، علماً أن "حزب الله"، وفق المصادر المقربة منه، إلى تغيير كل آليات التواصل والأمرُ يشمل أيضاً الجانب المعلوماتي حيث بات الحزب يحظر أي معلومة أو تفصيلٍ عن أي جهة عادية باعتبار أن هذا الأمر قد يمثل تسريباتٍ يمكن استغلالها ضده مُجدداً.
لهذا السبب، فإنّ مسألة تكوين "حزب الله" لنفسه مُجدداً تصطدم بعقبات وصعوبات، والسؤال الأبرز الذي تحدثت عنه المصادر المعنية بالشأن العسكري هو التالي: "ما هي قوة الردع الإستخباراتية التي سيخلقها لضمان الحفاظ على نفسه بمنأى عن الخروقات؟ كيف سيعالج أزمة العملاء وإلى أي مدى ستؤثر هذه الخروقات على صمود الحزب عسكرياً وداخلياً؟".
وفق المصادر، فإن الأمور مرهونة بالوقت، وقد يكون ما قاله نواف الموسوي رسالة تحذير عن أن "القصور" و "التقصير" الذي ما زال يعاني منه الحزب، سينعكس سلباً على ما تبقى من قوته، ولهذا السبب "الحذر" يجب أن يكون كبيراً.
المصدر: خاص لبنان24