تحمل الزيارة السريعة التي قام بها رئيس الجمهوريّة العماد جوزاف عون إلى المملكة العربيّة السعوديّة، ولقاؤه بوليّ العهد الأمير محمد بن سلمان دلالات عديدة، أوّلها إعادة العلاقات اللبنانيّة مع الرياض إلى سابق عهدها، بعدما ابتعد لبنان عن الحضن العربيّ خلال ولاية الرئيس ميشال عون، بسبب السياسة الخارجيّة التي انتهجها و"حزب الله" تجاه العرب.


 
وشدّد العماد جوزاف عون بعد انتخابه، على ضرورة عدم التعرّض أو التدخّل في شؤون البلدان العربيّة، ما يدلّ على رغبة رئيس الجمهوريّة في إعادة لبنان إلى الحضن العربيّ، من بوابة المملكة العربيّة السعوديّة. وبحسب أوساط سياسيّة، فإنّ بناء علاقات جيّدة بين بيروت والرياض سينسحب على بقيّة الدول العربيّة وخصوصاً الخليجيّة منها، وستعود كلّها إلى مُمارسة دورها الفاعل في لبنان، القائم على التبادل التجاريّ والإقتصاديّ والإستثمار في كافة المجالات، وتنشيط وإنعاش السياحة وقطاعاتها التي تأثّرت جدّاً بسبب غياب السياح الخليجيين لسنوات.
 
ولأنّ السعوديّة هي المفتاح لإعادة وضع لبنان على الخارطة العربيّة، أراد عون أنّ تكون أولى محطاته الخارجيّة بعد انتخابه، وخصوصاً وأنّ الرياض كانت ولا تزال معنيّة بالملف اللبنانيّ، وكان لها دورٌ في إنهاء الفراغ الرئاسيّ وتشكيل الحكومة. ويقول مراقبون في هذا الصدد، إنّ المملكة مرتاحة لوصول عون إلى بعبدا، كونه لم يكن مرشّح "حزب الله" الأساسيّ، كذلك، من المُرتقب أنّ تكون هناك زيارة ثانية إلى السعوديّة بعد رمضان، للتوقيع على الإتّفاقيّات بين البلدين.
 
وبعد المصادقة بين لبنان والسعوديّة على هذه الإتّفاقيّات، يكون عون وفريق عمله الحكوميّ قد نجحا في ترميم العلاقة بين بيروت والرياض التي تضرّرت في السنوات الماضيّة الأخيرة. ويُشير المراقبون إلى أنّ الطريقة التي يعمل بها الرئيس الجديد تختلف كليّاً عما فعله سلفه من العام 2016 إلى الـ2022، حيث اتّهم بتغطيّة "حزب الله" وتعزيز دوره السياسيّ والعسكريّ، والتغاضي عن انتقاده للمملكة وحلفائها الخليجيين، وخصوصاً في ما يتعلّق بالملف اليمنيّ والقضيّة الفلسطينيّة، والتطبيع مع إسرائيل.
 
ويُضيف المراقبون أنّ ما يهمّ الرئيس جوزاف عون هو تحسين علاقة لبنان بأشقائه العرب، وأيضاً سوريا هي من بين هذه البلدان، بعد سقوط نظام بشار الأسد، مع رغبة شريحة كبيرة من اللبنانيين وبشكل خاصّ المعارضين والسياديين، في التنسيق مع السلطات السوريّة الجديدة لحلّ مواضيع شائكة، أبرزها ملف النزوح السوريّ وضبط الحدود، والكشف عن مصير المخفيين والمعتقلين السياسيين في دمشق.
 
ولعلّ الحرب الإسرائيليّة الأخيرة على لبنان، إضافة إلى سقوط الأسد في سوريا، تُعتبر تحوّلات كبيرة في المنطقة، وقد أثّرت سلبيّاً على إيران و"محور المقاومة" بما فيه "حزب الله". كما أنّ انتخاب الرئيس عون وتشكيل حكومة برئاسة نواف سلام، وتطبيق القرار 1701 عبر نشر الجيش في الجنوب وتغطيته سياسيّاً، وترقّب تقديم المُساعدات له من الخارج، كلّها عوامل تُساعد في إضعاف دور "الحزب" لصالح بناء دولة.
 
ويلفت المراقبون إلى أنّ السعوديّة تُريد بالفعل قيام دولة في لبنان مقابل إنحسار دور "الحزب" عسكريّاً، وهي تُؤمن بأنّ خطاب قسم الرئيس عون وبيان الحكومة الوزاريّ مُقدّمة لذلك، لذا، وجّهت دعوة لرئيس الجمهوريّة لزيارة الرياض، وستتعاون مع الإدارة اللبنانيّة الجديدة التي تختلف كثيراً عن فريق عمل الرئيس ميشال عون.
 
كذلك، أفاد بيان لبنانيّ – سعوديّ مشترك على هامش إجتماع عون بالأمير محمد بن سلمان، أنّ الأخير تلقى دعوة من رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة لزيارة لبنان. ويُوضح مصدر سياسيّ في هذا الإطار، أنّ قدوم ولي العهد إلى بيروت إذا توفّرت الظروف الأمنيّة المناسبة لمجيئه، سيعني حكماً عودة الرياض بقوّة إلى لبنان، وأنّ العهد الجديد نجح في وضع البلاد في الحضن العربيّ وحافظ على هويّته، بعدما حاول "حزب الله" وحلفاؤه التوجّه شرقاً نحو إيران والصين.
  المصدر: خاص لبنان24

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الجمهوری ة السعودی ة العربی ة حزب الله ة التی

إقرأ أيضاً:

الحريري: التلاقي العربي - التركي يحفظ وحدة سوريا من خطر إسرائيل وإيران

جدد الأمين العام لـ"تيار المستقبل" أحمد الحريري "المباركة للشعب السوري بالتحرر من نظام الديكتاتور المجرم، وببداية مرحلة جديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع لبناء دولة طبيعية تحفظ حرية وكرامة الشعب السوري"، مشيراً إلى أن "ما يقوم به الشرع هو فن الممكن بعد حرب طاحنة، من الحوار الوطني الداخلي، إلى لجان صياغة الدستور، وصولاً إلى الزيارات الخارجية لحشد الدعم، ما يعطي أملاً بأن سوريا تسير على الطريق الصحيح في مواجهة كل التحديات والمخاطر".

وشدد في حديث إلى "تلفزيون سوريا"  على أن "التلاقي العربي – التركي ضرورة لحفظ استقرار سوريا ووحدتها، في مقابل الأطماع الإسرائيلية التوسعية التي تتلاقى مع المصالح الإيرانية في التخريب والفوضى"، داعياً اللبنانيين والسوريين في ضوء كل ما يحصل إلى "التحصن بالوحدة الوطنية لمواجهة كل الأطماع، والتوحد حول فكرة إعادة بناء المؤسسات، والعمل على إعادة الاعمار".

وأوضح رداً على سؤال عن عودة "تيار المستقبل" إلى الساحة السياسية أنها "عودة متدحرجة، والرئيس سعد الحريري ارتأى في الذكرى العشرين لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري أن يكون له كلمة يخاطب فيها جمهورنا وكل اللبنانيين، ويحدد فيه موقفنا بكل صراحة من كل المتغيرات الحاصلة في لبنان والمنطقة، ولا سيما بعد سقوط معادلة الوهم والسلاح غير الشرعي الذي لم يحم لبنان، ومن ثم السقوط المدوي لنظام الأسد المجرم".ورد أحمد الحريري على سؤال عن زيارة لــ"تيار المستقبل" إلى سوريا بالقول :"نتابع عن كثب تطورات المرحلة الانتقالية في سوريا، وعندما سألنا الرئيس الحريري عن الأمر، أجابنا بأنه سيكون له زيارة إلى سوريا و"كل شي بوقته حلو"، أي بالتوقيت الذي يراه مناسباً ، واليوم نحن في انتظار إعادة صياغة العلاقات بين البلدين على الصعيد الرسمي، من خلال اللقاء بين الرئيس اللبناني العماد جوزاف عون والرئيس السوري احمد الشرع، وبين حكومة البلدين، مع الأخذ بعين الاعتبار أن زيارة الحريري من شأنها أن تلعب دوراً مهماً في تثبيت هذه العلاقات، بفعل مكانته لدى السوريين الذين يقدرون له أنه كان سباقاً في دعم ثورتهم ضد نظام الأسد، سياسياً وإعلامياً ومعنوياً، وبفعل حضوره الشعبي الوازن في لبنان".

وأكد "التعويل على عهد الرئيس العماد جوزاف عون في تدشين مرحلة جديدة من العلاقات الندية بين لبنان وسوريا، وإيجاد حلول جذرية لكل الملفات العالقة، وفي مقدمها ترسيم الحدود وتنفيذ القرار 1680، ضبط التهريب، تأمين عودة النازحين السوريين، خصوصاً وأن لبنان تحمل أعباءً كبيرة جراء هذا النزوح لم تتحملها أي دولة ثانية، ولم يقصر في حسن استضافتهم، وأي سلوكيات عنصرية حصلت ضدهم لم تكن بالطبع تمثل اللبنانيين، بل تمثل أصحابها".

وإذ رأى أن "كل اللبنانيين شعروا بأن ايران التي استخدمت ورقة "حزب الله" طوال عقود لتحقيق مصالحها، باعت الحزب في الحرب الأخيرة،"، أشار إلى أن "لبنان اليوم أصبح خارج النفوذ الإيراني، بفعل العودة العربية المباركة بقيادة المملكة العربية السعودية، وهي عودة ميمونة وكريمة لحماية لبنان وحفظ استقراره ومساعدته على مواجهة تحديات المرحلة المقبلة، وهذا ما اعتادناه من السعودية منذ رعايتها لاتفاق الطائف الذي أوقف الحريري الاهلية في لبنان".

وإذ وصف الأسد "بأكبر الدجالين الذين عرفهم التاريخ"، شدد أحمد الحريري في رده على أسئلة عما يعنيه سقوط نظام الأسد لآل الحريري وللبنانيين على أن "سقوط نظام الأسد يعني سقوط النظام الذي شارك في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ودعوتنا للإدارة السورية الجديدة بقيادة الرئيس الشرع، أن تكشف لنا دور هذا النظام المجرم في اغتيال الحريري وباقي الاغتيالات، كي يكتمل مشهد الحقيقة بالنسبة لكل اللبنانيين والعرب والعالم"، مستشهداً بكتاب الوزير السابق باسم السبع "لبنان في ظلال جهنم"، الذي صدر مؤخراً، وما تضمنه من وقائع سياسية وأمنية تدين نظام الأسد بالاغتيال.

وأكد "أن سقوط نظام الأسد يعني أيضاً سقوط النظام الذي قتل حلم كل اللبنانيين والسوريين ببناء دولة طبيعية في لبنان وسوريا، وقمع كل الطاقات والمشاريع التي كانت تريد الخير للبنان سوريا، كما يعني تحقق العدالة الإلهية، وامتزاج دماء اللبنانيين بدماء السوريين وكل المظلومين الذين خرجوا من سجون النظام على أمل أن يكتمل مشهد المرحلة الجديدة بخروج الموقوفين المظلومين في السجون اللبنانية، ولا سيما الموقوفين الإسلاميين".

 

مقالات مشابهة

  • ما هي الرسائل السياسية التي تحملها زيارة الرئيس اللبناني إلى السعودية اليوم؟
  • نقطة تحوّل... هكذا تنظر إسرائيل إلى زيارة الرئيس عون للسعوديّة
  • الحريري: التلاقي العربي - التركي يحفظ وحدة سوريا من خطر إسرائيل وإيران
  • ولي العهد السعودي يبحث مع الرئيس اللبناني مستجدات الأوضاع في لبنان والمنطقة (صور)
  • عون يلتقي ولي العهد السعودي في أول زيارة خارجية منذ انتخابه
  • عناق ولي العهد السعودي ورئيس لبنان يثير تفاعلا أثناء زيارة عون إلى الرياض
  • بعد مغادرته السعودية متوجها إلى القاهرة... برقية شكر من الرئيس عون إلى ولي العهد السعودي
  • كرامي: نأمل ان يستعيد لبنان الدور الاقتصادي السعودي
  • الرئيس اللبناني: أتطلع إلى المحادثات التي سأجريها مع الأمير محمد بن سلمان