العرفان والحق.. ليسوا بغرماء .. صمتنا يفتك بنا أكثر مما يفعل الرصاص
تاريخ النشر: 6th, March 2025 GMT
Keep my ass, I mind yours
من المفاهيم الضمنية التي يبدو أنها مسئولة عن واحدة من عقدنا الإجتماعية، هي الإعتقاد بأن التعتيم والإمساك عن الشهادة بالحق يمكن أن تعد واحدة من أوجه الإحسان ورد الجميل لمن نعتقد بأن له أيادٍ سابقات علينا.
قبل أيام حدث أن شاركت خبرا لمسلحين من المقاومة الشعبية وهم ينتهكون أحد منازل المدنيين في الخرطوم وأعتبرت أن الخطوة لا تبشر بخير إذ لن تتغير أقدار الناس ومصائرهم حتى في أعقاب خروج الدعم السريع.
لكن ما أنا بصدده هنا هو تقريع شنه علي أحد الأصدقاء الأقارب، كان من خلاله يستنكر كوني أتناول بالنقد أناسا، كانت لهم عليّ أيادٍ في سابق الأيام وان "داري ولحم أكتافي" والقول له.. تعود لهم..
ما فهمته من هذه المداخلة أن الرجل يفترض أن المعتدين ينتمون لشرائح الإسلاميين الذين كانت لبعضهم علي فضائل.. لست هنا لأن أنكر ذلك، فأنا حدث لي أن عملت في مؤسسات تابعة لأحد المصارف التي كانت محسوبة على الإسلاميين، لكنني كنت أجيرا في تلك المؤسسات تارة، أو متعاقدا معها كمدير منشأة تارة أخرى. لم أكن مالكا أو مساهما فيها، كما أن ما نلته منها من أجر ومصلحة من مدرائها وملاكها كان مقابل عملي فيها.. لأ أريد أن أعدد الأسماء لكن رؤسائي ذلك الوقت كانوا رجالا أفاضل وعفيفين، رغم إمتناني لهم، لكن ربما تعذر علي تصنيف علاقة عمل كتلك أنها باب من أبواب الإحسان..
كان صديقي، وفق ما تبين لي أنه بما يعتقده قد إنهال عليّ من النعم والإحسان، قد كان ينتظر مني أن أكون آخر من عليه أن يُذكّرهم، أي الإسلاميين، بعللهم وأخطائهم إذا أخطأوا وأن أكون آخر من ينتقدهم على إنتهاك جنوه في حق الآخرين.. بإعتبار أن في صمتي عن الشهادة بذلك العدوان أو استنكاره إنما ينضوي تحت ما كان ينتظره مني من عرفان واعتراف بالفضل والإمتنان، على نعم وفضائل كانت قد سبقت.
إن هذه القناعات وأمثالها هي ما يقف وراء التستر والكتمان الكبير على أخطاء فادحةٍ صاحبت تجربة حكم الإسلاميين في عهد الإنقاذ.. لدرجة تراكمت فيها تلك العلل وتسببت مجتمعة في إضعاف صولتهم وإنفلات الأمر من بين أيديهم. حتى بدأ التذمر في أنفسهم وفي أوساط عضوية حزبهم قبل أن يتحول الأمر إلى مظاهرات غاضبة إنتظمت الشوارع في معظم مدن السودان.
لو أن الإحسان يقف حائلا أمام الجهر بما نحسبه حقا، لما بلّغ موسى ربيب فرعون رسالته، ولما أعلن النبي معارضا في وجه عمه أبي طالب أنه "يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر على يساري على ان أترك هذا الأمر، ما تركته حتى يظهره الله، أو أهلك دونه".
ليس من الفطنة إعتبار الصمت عن الحق بابا من أبواب رد الجميل، لأن كاتم الشهادة آثم، وشاهد الزور آثم، وأن شهادتك فيما تعلم من الحق ليست تفضلا، إنما هي حقٌ وواجبٌ عليك، لا يعفيك منها إن ذهبت شهادتك على حساب من تدين لهم بالولاء والإحسان والعرفان ورد الجميل.. أو لم تذهب، الأمر سيّان..
واحدة من الواجبات الواقعة على أفراد المؤسسات المدنية والأمنية على السواء أن يصدعوا بالحق وأن يشهدوا به دون أن يضاروا بشهاداتهم في ذلك، مثلما فعل يوما النقيب شرطة أبو زيد الذي حدث أن دفع لقاء قول الحق ثمنا باهظا كلّفه رزقه وحريته كليهما. بالطبع أن يتم ذلك وفق لوائح تنظمه لكنها لا تقف عائقا في وجهه دون إخلال بالإنضباط. إن إمتناع منسوبيها عن الإنحياز للحق والجهر به، أحال تلك المؤسسات من ناحية مفاهيمية على الأقل إلى أوثان. لدرجةٍ دفعت بثلاثمائة ضابط من جهاز الشرطة في عهد الإنقاذ أن يتقدموا بإستقالاتهم دفعةً واحدة، ممانعةً واستكبارا على إيقاع حكم العدالة والقصاص على زميل لهم أطلق الرصاص ليردي عوضية عجبنا صريعة أمام باب دارها ثم تمادى ومنع الآخرين من أن يمدوا لها يد العون.. لقد قال المولى جلّ وعلا ضمن موجبات ما أنزله من البلاء على بني إسرائيل أنهم "كانوا لا يتناهون عن منكرٍ فعلوه"..
ربما لو أن الإنقاذ تواضع فيها الإسلاميون وإستمعوا للحق دون استكبار وتحرّوه في أقوال ضحاياهم ممن كانوا يُنكِلُّونَ بهم بحسبانهم خصوما لله، ربما لو فعلوا ذلك لحكمونا ألف عام، ولأكلوا من بين أيديهم ومن فوقهم.
إنتهى..
Email: nagibabiker@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
الصعق والحقن وإطلاق الرصاص.. 5 طرق لتنفيذ الإعدام على الطريقة الأمريكية
تستعد ولاية كارولينا الجنوبية في الولايات المتحدة هذا الأسبوع لإعدام رجلًا رميًا بالرصاص، وهي طريقة لعقوبة الإعدام لم يتم استخدامها في الولايات المتحدة منذ ما يقرب من 15 عامًا.
الإعدام على الطريقة الأمريكيةومنذ أن رفعت المحكمة العليا الأمريكية حظرها على عقوبة الإعدام في عام 1976، استخدمت الولايات خمس طرق إعدام مختلفة: الحقن المميت، والصعق بالكهرباء، والغازات السامة القاتلة، وفرق الإعدام رميًا بالرصاص، والشنق.
ومن المقرر أن تنفذ عقوبة الإعدام ضد براد سيجمون يوم الجمعة في كارولينا الجنوبية حيث أدين بقتل والدي صديقته السابقة بمضرب بيسبول في منزلهما في عام 2001
لكن كيف تُنفذ عقوبة الإعدام في الولايات المتحدة ؟
الحقن المميتخيار أمريكا الأول في معظم عمليات الإعدام، حيث تعد هي الطريقة المفضلة في العصر الحديث، إذ تم تنفيذ 1428 عملية إعدام بها منذ عام 1976.
ووفقًا لمركز معلومات عقوبة الإعدام، وهو مركز غير ربحي مقره واشنطن العاصمة، فإن ولاية تكساس هي الأكثر استخدامًا للحقن المميت إذ أعدمت 593 سجينًا بها.
وتسمح ثمان وعشرون ولاية وكذلك الجيش والحكومة الأمريكية بالإعدام بالحقن المميت، حيث يتم حقن مزيج قاتل من العقاقير في النزيل أثناء ربطه بنقالة.
ولكن خلال فترة استخدام تلك الطريقة فإنها واجهت العديد من المشكلات، منها التأخير في العثور على الأوردة المناسبة، وانسداد الإبر أو فك ارتباطها، ومشاكل في تأمين ما يكفي من العقاقير المطلوبة. الأمر الذي جعل عدد من الولايات يلجأ إلى تجربة طرق جديدة للإعدام.
الصعق بالكهرباءرغم انخفاض معدل استخدامه في عمليات الإعدام منذ العام 2000، إلا أن هناك تسع ولايات تسمح باستخدامه، بما في ذلك ألاباما وأركنساس وفلوريدا وكنتاكي ولويزيانا وميسيسيبي وأوكلاهوما وكارولينا الجنوبية وتينيسي. ومنذ عام 1976، تم تنفيذ 163 عملية صعق كهربائي، لكن تم إجراء 19 فقط منذ عام 2000.
في هذه الطريقة، يتم ربط الشخص بكرسي حديدي ووضع أقطاب كهربائية على رأسه وساقه قبل أن تمر هزة تتراوح بين 500 و 2000 فولت عبر جسمه.
وتم تنفيذ آخر عملية إعدام صعقًا بالكهرباء في العام 2020 في ولاية تينيسي.
الغازات السامةتستخدم الغازات السامة في عمليات الإعدام كطريقة تنفيذ افتراضية في سبع ولايات بخلاف ألاباما، حيث تستخدمها أيضًا أريزونا وكاليفورنيا ولويزيانا وميسيسيبي وميسوري وأوكلاهوما ووايومنغ.
وتتم عملية الإعدام هنا من خلال ربط السجين بكرسي في غرفة محكمة الإغلاق قبل ملئها بغاز السيانيد، أو يتم وضع قناع على وجه السجين ومن ثم ضخ غاز النيتروجين فيه، مما يحرم الشخص من الأكسجين ويؤدي إلى الوفاة مباشرة.
في عام 2024، أعادت ولاية ألاباما إحياء هذه الطريقة عندما أصبحت أول ولاية تستخدم غاز النيتروجين لإعدام كينيث يوجين سميث. وتم تنفيذ آخر عملية إعدام من هذا القبيل في الولاية ذاتها في فبراير الماضي.
فرق إطلاق النارتسمح خمس ولايات بما في ذلك أيداهو وميسيسيبي وأوكلاهوما وكارولينا الجنوبية، ويوتا باستخدام الإعدام رميًا بالرصاص إلا أنها ليست طريقة التنفيذ الأولية لتلك الولايات.
وينفذ حكم الإعدام بهذه الطريقة من خلال تقييد المحكوم بكرسي ثم إطلاق النار على منطقة القلب مباشرة من قبل مجموعة من موظفي السجن حيث يقفون على بعد 6 إلى 7.6 أمتار.
ووفقًا لمركز معلومات عقوبة الإعدام الأمريكي، فمنذ عام 1977، تم إعدام ثلاثة سجناء فقط رمياً بالرصاص وكانوا جميعاً في ولاية يوتا، وكان آخرهم في عام 2010.
الإعدام شنقًاكان الشنق هو الطريقة الرئيسية للإعدام حتى تسعينيات القرن التاسع عشر، وفقًا لمركز معلومات عقوبة الإعدام،
ووفقًا لبيانات بحثية متخصصة في عمليات الإعدام داخل الولايات المتحدة فإن الفترة من 1608 إلى 2002 قد شهدت تنفيذ 9322 حكمًا بالإعدام شنقًا، حيث يتم وضع السجين معصوب العينين ثم توثيق أيديهم وأرجلهم قبل وضع حبل المشنقة حول الرقبة ليسقط من خلال باب مصيدة.
ولكن في العصر الحديث لم تستخدم عقوبة الإعدام إلا ثلاث مرات. وتلجأ نيو هامبشاير إلى إعدام السجين المحكوم، شنقًا، إذا لم تكن الحقنة المميتة متاحة.