دمشق-سانا‏

على قطعة دائرية مصنوعة من الطحين والماء ترتسم خيوط من الدبس فوقها، ‏مكونة لوحة تزين موائد السوريين في الشهر الكريم بطعم حلو محبب للكبار والصغار‏، هي الجرادق “الناعم” التي حافظت على مكانتها في طعام الإفطار وتنافس ‏أشهى الحلويات، و‏تؤكد تمسك السوريين بطقوس رمضانية تميز بلدهم. ‏

 صوت بائع الناعم محمد العلي، وهو يجوب الطرقات قبيل موعد الإفطار، مردداً “‏رماك الهوا يا ناعم، قرب عالناعم يا ناعم”، وغيرها من العبارات، يجذب الكثير من المارة لشرائه.

ورأى محمد الذي يعمل في هذه المهنة منذ 20 عاماً، بعد أن ورثها عن أجداده، ‏أن مائدة الإفطار بدمشق مهما تنوعت فيها أصناف الحلويات من معكروك وقطايف يبقى الخبز الناعم مفضلاً لدى الكثيرين، ‏مبيناً أنه يعمل على إعداد هذه الحلوى قبل بدء رمضان بأشهر، حيث يتم ‏إعداد العجينة المكونة من الطحين والماء، وصبها في أوعية نحاسية، ثم ‏تشميعها ونشرها لمدة شهرين، تمهيداً لاستكمال إعدادها في الشهر الفضيل.‏

وأوضح محمد في حديث لـ سانا أنه مع قدوم شهر رمضان يتم تجهيز أطباق الناعم، ووضعها في ‏الزيت وقليها حتى تنضج، ومن ثم رشها بدبس العنب أو التمر، وتغليفها في ‏أكياس ليصار إلى بيعها للزبائن، معتبراً أنها من الحلوى الشعبية التي يناسب سعرها الجميع.

‏”لا تكتمل فرحتنا بأجواء رمضان دون الناعم”، هذا ما قالته أم محمد، وهي تشتري كيساً من خبز الناعم، مشيرة إلى أن طعم الناعم يذكرها بطفولتها حين كانت ‏ترافق والدها إلى السوق لشرائه، وهي تصطحب اليوم ولدها لشرائه، ومؤكدة أن هذا النوع من الحلوى التي اشتهرت بها دمشق أصبح تراثاً نحرص على الحفاظ عليه.

الباحث في التراث الدمشقي محي الدين قرنفلة، بين أن الأصل في التسمية ‏لرغيف الناعم عند الدمشقيين هو “جرادق”، وتعني الرغيف الغليظ أو ‏الرغيف الكبير، وكان ‏تصنيعه يتم داخل محلات معينة في أحياء وحارات دمشق القديمة، موضحاً أنه بعد الانتهاء من عملية ‏التحضير تتم تعبئته في أقفاص مصنعة من سعف النخل، وينطلق البائع ‏حاملاً قفصه قاصداً أسواق المدينة، والأماكن المزدحمة ليبيع ما معه، فيما ‏البعض يذهب ليتجول في الحارات، وصوته يسبقه وهو ينادي “يلي الهوا ‏رماك يا ناعم”.

ولفت قرنفلة إلى أن طبق الناعم قديماً كان يُعد حلوى الفقير، لأن سعره ‏رخيص مقارنة بأسعار بقية الأنواع من الحلويات الدمشقية، وهو اليوم‏  جزء من التراث الشعبي والذاكرة الشعبية لمدينة دمشق، وانتقلت صناعته من دمشق إلى كثيرٍ ‏من الدول العربية، مثل مصر والأردن والسعودية ولبنان، لتغدو نكهة مميزة ‏في رمضان.‏

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

إقرأ أيضاً:

فيلم الرقيب الخالد… يصور جرائم النظام البائد في الغوطة الشرقية

دمشق-سانا

أتاحت تظاهرة “بداية” الثقافية الفرصة للجمهور السوري لمتابعة الفيلم الوثائقي “الرقيب الخالد” الذي أنتج عام 2014 للمخرج زياد كلثوم، ويصور جرائم النظام البائد في الغوطة الشرقية، وقصفه المدن والبلدات.

الفيلم الذي نال جوائز عالمية عدة يعرض خلال 72 دقيقة قصة مخرجه كلثوم، عندما ساقته سلطات النظام البائد، ليكون جندياً في جيشها برتبة رقيب مجند في جبهة المليحة بالغوطة الشرقية، حيث يصور حياته العسكرية داخل قطعة عسكرية، وبالوقت نفسه حياته المدنية، حين يرافق صديقه المخرج محمد ملص كمساعد له لتصوير الفيلم.

وما يميز فيلم الرقيب الخالد تصويره لتلك الحالة الانفصامية بين شاهد على يوميات جنود النظام البائد، وعمله كمخرج مساعد يلتقي مع شخوص فيلم ملص، والمارة بالطريق ليسألهم عن الحرب وآثارها الكارثية.

ويعتمد تصوير الفيلم على الأصوات الطبيعية الخارجية كصوت وقع أقدام كلثوم وهو يسير مصوراً خلسة داخل القطعة العسكرية، وأصوات الإذاعة والتلفزيون وحديث ضباط جيش النظام البائد عما يجري، وأصوات تحليق طيران الأسد وقصفه بلدات الغوطة، وأصوات الانفجارات العنيفة، كما يتزامن صوت المجرم بشار الأسد مع صوت دعسات الحذاء العسكري، وعبارات الشعب يريد إسقاط النظام.

ويظل الانفصام هو حالة زياد ومعظم من ظهر بالفيلم، إذ إنه يعيش صباحاً جندياً ومسؤولاً عن صالة السينما بالجيش، وبقية النهار مساعداً للمخرج بشوارع دمشق، كما تعاني شخصية “أوسانا” (وهي زوجة جندي بالنظام) انفصاماً واضحاً بين ما تتحدث به وتمجيد القاتل، وبين الجرائم على أرض الواقع.

ونعيش في الفيلم على لسان الشخوص عذابات المعتقلين بسجون النظام، ورعب الناس من المخابرات والأمن، وبكاء الرجال على جرائم وانتهاكات ومجازر قوات النظام، وإذلالهم للناس، ليختتم الفيلم بمشاهد الطيران في سماء دمشق، وسحابة دخان عملاقة بعد القصف، تصاحبها موسيقا تصويرية، وفي النهاية رنين منبه الساعة الذي بدأ به الفيلم.

ويلفت المخرج إلى انشقاقه عن جيش النظام البائد وسفره إلى أوروبا، ورغبته بالحرية والسلام، وأن السلاح الوحيد الذي يستطيع حمله في هذه الحياة هو .. كاميرته.

وخلال جلسة حوارية عبر الإنترنت أعقبت العرض، قال كلثوم من ألمانيا: “لم أخطط لأن أكون مخرجاً، لكني كنت أعيش واقعاً عبثياً لا بد من توثيقه”.

ويروي كلثوم كيف بدأ بتصوير يومياته سراً في صالة السينما التي كان يُشرف عليها، ليتحوّل لاحقاً إلى شريك في صناعة فيلم “السلم إلى دمشق” مع المخرج ملص، ثم إلى مخرج لفيلمه الخاص، الذي أكمل مونتاجه في دمشق رغم التهديدات، حفاظاً على روح الخوف والترقّب التي عايشها.

ويؤكد كلثوم أن الفيلم يوثّق لحظة انكشاف الحقيقة، حين بدأنا ندرك أن من نحاربهم ليسوا أعداء، بل أهلنا… لقد كانت لحظة ولادة الوعي… تماماً كما هو اسم المعرض “بداية”.

ورداً على سؤال لمراسلة سانا قال كلثوم: إن عرض الفيلم بدمشق يعني لي بشكل شخصي أمراً عظيماً وحلماً تحقق بعد 14 سنة، وبعد أن كان ممنوعاً من العرض، ليشارك الجمهور السوري ويرى ما تم تصويره خلال تلك الفترة، وننتظر تنفيذ أعمال أخرى حول مدينتي حمص، حين أعود لسوريا.

يُشار إلى أن تظاهرة “بداية” لأجل ذكرى الثورة السورية التي انطلقت في بيت فارحي بدمشق القديمة مستمرة حتى يوم الإثنين القادم.

تابعوا أخبار سانا على 

مقالات مشابهة

  • آلاف الأطنان… دولة عربية تستورد “نفايات ثمينة” من أوروبا لتحويلها إلى ثروة
  • فيلم مسكون للواء يازجي…أرواح السوريين المعلقة في بيوتهم رغم القصف والتهجير
  • فيلم “٣٠٠ميل”… رصد لمحطات في الثورة السورية من درعا إلى حلب
  • شاهد.. بأزياء مثيرة للجدل وعلى طريقة الفنان محمد رمضان.. طه سليمان يطلق الفيديو كليب المنتظر “سوداني كياني”
  • “بحب أغيظهم”.. محمد رمضان بعد حفله في «كوتشيلا»: «التاريخ لن ينسى أنني أول مصري غنّى هناك»
  • “تحية إلى عبد الباسط الساروت”… معرض فني طلابي بمدينة حماة
  • فيلم الرقيب الخالد… يصور جرائم النظام البائد في الغوطة الشرقية
  • الآثار والمتاحف تبحث مع منظمة “أليف” سبل التعاون لحماية الآثار السورية وترميمها
  • “وما أدراك ما صيدنايا”… فيلم يوثّق أقسى فصول الذاكرة السورية
  • “هالة الشمس” تزين قبة شماء جنوب السعودية