هل تستطيع أوروبا تقليص "دولة الرفاه" لتعزيز القتال؟
تاريخ النشر: 6th, March 2025 GMT
في تصريح نادر، أثبت التاريخ صحته، أعربت المستشارة الألمانية السابقة عن قلقها من أن أوروبا تمثل 7% من سكان العالم وربع ناتجه الاقتصادي ونصف إنفاقه الاجتماعي.
بحسب الكاتب السياسي في صحيفة "فاينانشال تايمز" جنان غانيش، تغيرت هذه الأرقام إلى حد ما في الأعوام الثلاثة عشر اللاحقة، لكن جوهر وجهة نظرها لا يزال قائماً.
أكثر من ذلك، اكتسبت هذه القضية إلحاحاً جديداً. كان السبب وراء رغبة ميركل ببعض التخفيضات في الرعاية الاجتماعية هو الحفاظ على "أسلوب حياة" الأوروبيين. وتتمثل المهمة الآن في الدفاع عن حياة الأوروبيين. إن لم يكن من خلال دولة أصغر من الرعاية الاجتماعية، كيف يمكن تمويل قارة أفضل تسليحاً؟ خيار الاقتراض
أضاف الكاتب أن بريطانيا وفرنسا مرتا بلحظات متوترة مع مستثمري السندات في الآونة الأخيرة. يقترب الدين العام أو يتجاوز الناتج الوطني في كل من البلدين، كما هو الحال في إيطاليا. قد يكون أحد السبل للتغلب على هذا هو بعض من أورَبَة الديون. يمكن تخيل هنا عقد تقترض بموجبه ألمانيا المزيد من المال لتغطية تكاليف الحشد العسكري في بلدان أخرى، والتي تستطيع بدورها أن تقوم بأشياء مثل بناء الأسلحة النووية، ونشر قوات بالقرب من روسيا، وهي أمور قد يكون من المحرم جداً على برلين أن تفعلها بنفسها.
Europe must trim its welfare state to build a warfare state via #FTEdit https://t.co/teBngRyZaB pic.twitter.com/QTfndNKzsW
— john milbank (@johnmilbank3) March 6, 2025والمشكلة هنا أن مجرد وصف هذه الصفقة الكبرى بالكلمات يجعل المرء يرتعد خوفاً من احتمالات حدوثها، على الأقل في الأمد القريب. وهذا هو الأمد الذي يهم، بالنظر إلى الحافز الذي تتمتع به روسيا للعمل على تحقيق طموحاتها الإقليمية قبل أن تعيد أوروبا تسليح نفسها.
ماذا عن الضرائب؟ على الهامش، قد يحدث هذا. ولكن هل تحدث زيادات كبيرة؟ في قارة هي أساساً غير دينامية؟ من المؤكد وفق غانيش أن أوروبا لم تتعلم شيئاً من عقود من الخمول الاقتصادي، أو من التقارير التي لا تنتهي عن القدرة التنافسية، أو من أمريكا.ومن غير الواضح حتى ما إذا كانت الزيادات الضريبية أكثر قابلية للتسويق بين الناخبين من خفض الإنفاق. في بريطانيا، لم تتعاف الحكومة التي تتمتع بتفويض ضخم تماماً من موازنة الخريف التي فرضت زيادة ضريبية، حتى بالرغم من أن العبء الأكبر كان يقع على عاتق الأعمال التجارية. لقد أثار إيمانويل ماكرون مرتين احتجاجات هزت الدولة الفرنسية. كانت الأولى ضد زيادة الضرائب. ظروف غريبة
يمكن تقديم عذر لأي شخص يقل عمره عن 80 عاماً أمضى حياته في أوروبا لاعتباره دولة الرفاهة العملاقة هي الطريقة الطبيعية للأشياء. في الحقيقة، كانت نتاجاً لظروف تاريخية غريبة سادت في النصف الثاني من القرن العشرين ولم تعد كذلك. كان أحد هذه الظروف الدعم الأمريكي الضمني من خلال حلف شمال الأطلسي، والذي سمح للحكومات الأوروبية بإنفاق مبلغ معين على الزبدة كان ممكناً أن يذهب إلى الأسلحة، بالرغم من إنفاق الكثير على كليهما.
Godmorgen venner,
"Europe must trim its welfare state to build a warfare state"
I kan lige så godt vænne jer til tanken, for det er den vej det kommer til at gå.
Kan i have en god dag på arbejdet, hvor i snart må arbejde hårdt for den nye krigsstat???? pic.twitter.com/9eqEqaXck7
وكان العامل الثاني واقع أنه خلال العصر الذهبي للرفاهة، لم تواجه أوروبا سوى القليل من المنافسة من الصين أو حتى الهند، واللتين لم تندمجا حقاً في الاقتصاد العالمي حتى تسعينات القرن العشرين. لقد تم تغذية "السوق الاجتماعية" في شرنقة.
ماذا عن الثالث؟ كان العامل الثالث المفيد هو فتوة السكان. كان 13% من البريطانيين فوق سن 65 عاماً سنة 1972. الآن أصبح نحو خمسهم كذلك. إن الأرقام في فرنسا متشابهة، وألمانيا أعلى بقليل، حيث من المتوقع أن تشيخ الدول الثلاث بشكل أسرع بكثير مع مرور القرن. وكانت هذه الالتزامات المتعلقة بالمعاشات التقاعدية والرعاية الصحية صعبة بما يكفي للسكان العاملين حتى قبل الصدمة الدفاعية الحالية. أما الآن فقد أصبحت هذه الالتزامات غير معقولة، ناهيكم عن المشهد الأخلاقي المتمثل في مطالبة الشباب بحمل السلاح وإبقاء كبار السن على نمط معين.وستضطر الحكومات إلى أن تكون أكثر بخلاً مع كبار السن. أو إذا كان هذا أمراً غير وارد بسبب ثقل أصواتهم، فسيكون لزاماً على الحكومات أن توجه نَصْلها إلى مجالات أكثر إنتاجية من الإنفاق. وفي كلتا الحالتين، يجب أن تتراجع دولة الرفاهة، كما عرفها الأوروبيون إلى حد ما: ليس إلى الحد الذي يجعلهم يتوقفون عن تسميتها بهذا الاسم، ولكن إلى الحد الذي يؤذي. لم يتم تصميمها قط لعالم حيث يصبح العيش حتى سن المئة أمراً عادياً. هل يقبل الرأي العام؟ لقد أصبح الكاتب يشك في قدرة المجتمعات الغنية الديمقراطية على إجراء إصلاحات صعبة، إلا خلال أزمة. فالانزعاج المزمن ليس كافياً. لا بد من عنصر خوف حقيقي، كما يحدث الآن ربما. وهناك سبب آخر للاعتقاد بأن بيع خفض الإنفاق لصالح الدفاع أسهل من بيعه لصالح فكرة عامة عن الكفاءة. يتمتع الدفاع نفسه بخصائص الرفاهة الاجتماعية. فالجيش الأمريكي يعمل أيضاً بصفته مدرباً مهنياً وراعياً للشهادات الجامعية والأهم بصفته صاحب توظيف.
إذا اقتربت موازنات الدفاع الأوروبية من 4% من الناتج المحلي الإجمالي، فإن إمكانية نمو وظيفتها الاجتماعية معها ليست تافهة. لكن ليس هذا الغرض من الدفاع، ويتعين على الساسة الإصرار على هذه النقطة. فالغرض هو النجاة. لا ينبغي لأوروبا أن تجد نفسها مرة أخرى في موقف، حيث يتمتع أمثال نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس بسلطة الحياة والموت عليها. وكل الأولويات الأخرى ثانوية. استنتاج القارئ الذكي بحلول الآن، لا بد من أن القراء الأذكياء قد أدركوا ما يمكن أن تستحضره قارة أكثر تعسكراً وأقل رفاهية: القوة العظمى التي تبتعد عنها. بنتيجة التباعد الجيوسياسي بينهما، قد ينتهي الأمر بأوروبا وأمريكا إلى أن تبدوا أكثر تشابهاً مما كانتا عليه في أي وقت مضى، عندما كانتا كتلتين من "الغرب" المتماسك. بحسب غانيش، سواء أكان هذا عبثاً أو مفارقة أو شيئاً آخر، فإنه يكفي لإثارة نصف ابتسامة، لو كانت الظروف أقل يأساً.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل صناع الأمل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الحرب الأوكرانية
إقرأ أيضاً:
هل تستطيع أوروبا تعويض كييف المعدات العسكرية التي أوقفتها واشنطن.. خبراء يجيبون
لا شك أن تجميد المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا لفترة طويلة سيكون له تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين التعويض عنها، لكن بعض المجالات أسهل من غيرها مثل القذائف، وفقا لخبراء.
يرى معهد كيل الألماني أن الولايات المتحدة قدمت بمفردها نحو نصف قيمة المساعدات العسكرية لأوكرانيا في الفترة من 2022 إلى 2024. ويقول مصدر عسكري أوروبي لوكالة "فرانس برس" إن جزءا من المساعدات سُلم بالفعل، ولكن إذا لم يشهد الوضع على الجبهة تحولا في مواجهة الروس "فسيكون الأمر معقدا في أيار/ مايو وحزيران/ يونيو، بدون مساعدات جديدة" بالنسبة للأوكرانيين.
ويقول المحلل الأوكراني فولوديمير فيسينكو: "إذا أخذنا في الحسبان ما تم تسليمه وما لدينا وما ننتجه، فإننا قادرون على دعم المجهود الحربي لستة أشهر على الأقل من دون تغيير طبيعة الحرب بشكل كبير".
ويرى يوهان ميشال، الباحث في جامعة ليون 3، أن "في معادلة حرب الاستنزاف أنت تضحي إما بالرجال أو بالأرض أو بالذخيرة. وإذا نفدت ذخيرتك، فإنك إما أن تنسحب أو تضحي بالرجال".
في ما يلي أربعة مجالات عسكرية قد تتأثر بتعليق المساعدات الأمريكية:
الدفاع المضاد للطائرات
تتعرض أوكرانيا باستمرار لوابل من الصواريخ والمُسيَّرات ضد مدنها وبلداتها أو بنيتها التحتية. تؤدي هذه الهجمات الكبيرة إلى إنهاك الدفاعات الأوكرانية وإجبارها على استخدام كميات كبيرة من الذخيرة.
بعيدا عن خط المواجهة، تمتلك أوكرانيا سبعة أنظمة باتريوت أمريكية حصلت عليها من الولايات المتحدة وألمانيا ورومانيا، ونظامين أوروبيين من طراز "SAMP/T" حصلت عليهما من روما وباريس لتنفيذ عمليات اعتراض على ارتفاعات عالية. ولدى كييف قدراتها الخاصة وحصلت على أنظمة أخرى تعمل على مدى أقل.
يقول الباحث الأوكراني ميخايلو ساموس، مدير شبكة أبحاث الجغرافيا السياسية الجديدة، وهي مؤسسة بحثية في كييف، إن "الصواريخ البالستية مهمة جدا لحماية مدننا، وليس قواتنا. لذا فإن ترامب سيساعد بوتين على قتل المدنيين".
ويشرح ليو بيريا-بينييه من مركز إيفري الفرنسي للأبحاث "مع الباتريوت، كما هي الحال مع جميع الأنظمة الأمريكية، لدينا مشكلتان، مشكلة الذخائر ومشكلة قطع الغيار للصيانة. في ما يخص قطع الغيار، هل سنتمكن من شرائها من الأمريكيين وتسليمها للأوكرانيين أم أن الأمريكيين سيعارضون ذلك؟ لا نعلم".
لتوفير ذخائر الباتريوت، تقوم ألمانيا ببناء أول مصنع لها خارج الولايات المتحدة، ولكن من غير المتوقع أن يبدأ الإنتاج قبل عام 2027. وسوف تجد أوروبا صعوبة في تعويض أي نقص في هذا المجال.
ويقول ميشال: "إن أوروبا تعاني من بعض القصور في هذا المجال؛ فأنظمة "SAMP/T" جيدة جدا ولكنها ليست متنقلة، ويتم إنتاجها بأعداد صغيرة جدا. لابد من زيادة الإنتاج، حتى ولو كان ذلك يعني تصنيعها في أماكن أخرى غير فرنسا وإيطاليا". لكن الأمر سيستغرق بعض الوقت. ويؤكد بيريا-بينييه أن "العملية كان ينبغي أن تبدأ قبل عامين".
ويضيف يوهان ميشال: "إن إحدى طرق التعويض تتمثل في توفير مزيد من الطائرات المقاتلة لتنفيذ عمليات اعتراض جوي وصد القاذفات الروسية التي تضرب أوكرانيا"، فالأوروبيون زودوا أوكرانيا بطائرات "إف-16" و"ميراج 2000-5"، ولديهم مجال لزيادة جهودهم في هذا المجال.
ضربات في العمق
يمكن للمعدات الأمريكية توجيه ضربات من مسافة بعيدة خلف خط المواجهة، وهو ما يجعلها بالغة الأهمية بفضل صواريخ "أتاكمس أرض-أرض" التي تطلقها راجمات "هايمارز" التي أعطت واشنطن نحو أربعين منها لأوكرانيا.
ويشير ميشال إلى أنها "إحدى المنصات القليلة في أوروبا".
ويقول بيريا-بينييه: "إن أولئك الذين يملكونها يبدون مترددين في التخلي عنها، مثل اليونانيين". ويقترح ميشال أن "هناك أنظمة تشيكية، ولكنها أقل شأنا. يتعين على الأوروبيين أن يطوروا بسرعة أنظمة خاصة بهم، أو إذا كانوا غير قادرين على ذلك، أن يشتروا أنظمة كورية جنوبية".
ويشير ساموس إلى أن هناك إمكانية لتوجيه ضربات عميقة من الجو، ولدى "الأوروبيين والأوكرانيين الوسائل التي تمكنهم من ذلك"، مثل صواريخ "سكالب" الفرنسية، و"ستورم شادو" البريطانية.
ولكن بيريا-بينييه يشير إلى أن "المشكلة هي أننا لسنا متأكدين على الإطلاق من أن هناك أوامر أخرى صدرت بعد تلك التي أُعلن عنها".
القذائف المدفعية والأنظمة المضادة للدبابات
في هذا المجال، الأوروبيون في وضع أفضل.
يقول ميشال: "ربما يكون مجال الأسلحة المضادة للدبابات هو الذي طور فيه الأوكرانيون أنظمتهم الخاصة. فالصواريخ، مثل صواريخ جافلين الشهيرة التي زودتهم بها الولايات المتحدة، تكمل أنظمة المُسيَّرات "FPV" بشكل جيد".
وفي ما يتعلق بالمدفعية، يشير بيريا-بينييه إلى أن "أوروبا حققت زيادة حقيقية في القدرة الإنتاجية، وأوكرانيا في وضع أقل سوءا".
في أوروبا، تسارعت وتيرة إنتاج القذائف وتسليمها إلى أوكرانيا، ويخطط الاتحاد الأوروبي لإنتاج قذائف عيار 155 ملم بمعدل 1,5 مليون وحدة بحلول عام 2025، وهذا يزيد عن 1,2 مليون وحدة تنتجها الولايات المتحدة.
الاستطلاع/الاستعلام
تشتد الحاجة إلى الولايات المتحدة في هذا المجال الأساسي بفضل أقمارها الاصطناعية وطائراتها ومُسيَّراتها التي تقوم بجمع المعلومات ومعالجتها.
ويقول فيسينكو: "من المهم جدا أن نستمر في تلقي صور الأقمار الاصطناعية".
ويشير ميشال إلى أن "الأوروبيين لديهم بعض الأدوات، ولكنها ليست بالحجم نفسه على الإطلاق، والعديد منهم يعتمدون بشكل كامل على الولايات المتحدة في هذا المجال".