لا يبدو أن الخطة العربية التي تبنتها قمة القاهرة ستكون في طريقها إلى التنفيذ بهذه السهولة التي يتصورها البعض، لاعتبارات كثيرة، بعضها ظهر مبكرا جدا.
الأزمة ستكمن في التنفيذ حيث كثير من التفاصيل، التي من أبرزها ملف تمويل إعادة الإعمار، ومن سيدفع، وما هي قيمة الدفعات، وهل ستكفي أم لا، ومدى تأثر الممولين بالذي تريده واشنطن من حيث إبقاء القطاع مدمرا لفرض سيناريو التهجير، وإذا كانت مصر سوف تستضيف مؤتمرا لإعادة الإعمار لاحقا، فإن اعتراضات واشنطن السرية ستؤدي إلى إحجام كثيرين عن دفع المال لقطاع غزة، وقد يغيب كثيرون أصلا، عن هكذا مؤتمر، لا تريده واشنطن أصلا.




بعد أن تم الإعلان عن الخطة العربية خرج المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي براين هيوز وقال إن الخطة العربية لإعمار القطاع تتجاهل واقع قطاع غزة المدمر، ولا تعالج حقيقة مفادها أن غزة غير صالحة للسكن حاليا، كما أن الخطة العربية لا تعالج حقيقة أنه لا يمكن لسكان غزة العيش بشكل إنساني في منطقة مغطاة بالحطام والذخائر غير المنفجرة، وهذه الإشارات الأميركية الأولى ضد الخطة ستتبعها اشارات ثانية في سياق إفشال أي حل عربي، من أجل الوصول إلى المستهدف التالي، أي احتلال القطاع، وإخراج الفلسطينيين منه بكل الوسائل.
إسرائيل من جهتها تريد إنهاء كل الأنظمة الحاكمة في غزة والضفة الغربية، أي حماس والسلطة الوطنية الفلسطينية ولذلك وصفت وزارة الخارجية الإسرائيلية الخطة العربية بكونها مغرقة في وجهات نظر عفا عليها الزمن، ورفضت الاعتماد على السلطة الفلسطينية وبقاء حماس في السلطة، لأن تل أبيب تريد إنهاء حماس كليا وتسليم سلاحها، واستسلام قادتها، وتريد أيضا تفكيك سلطة أوسلو، في الضفة الغربية تمهيدا للمرحلة المقبلة وهذا يستوجب أصلا منع السلطة من ممارسة اي دور داخل قطاع غزة في سياقات تفكيك مشروع الدولة الفلسطينية القائمة على جناحي غزة والضفة الغربية، وتوطئة لمخطط أكبر يرتبط فعليا بالتهجير.


حماس كانت ذكية حين أشادت بالخطة العربية وقالت إنها لا تريد أن تكون طرفا في الإدارة للقطاع، أما ملف السلاح، فأعلنت أنها لن تسلمه، كما أنها أيضا غير مضطرة لتسليمه في ظل هكذا معادلات تقوم على احتمالات عودة الحرب ومحاولة ذبح الفلسطينيين مجددا، وفي الحد الأدنى فإن ملف السلاح لأي مكن اتخاذ موقف علني بشأنه ما دامت الاتصالات السرية لم تصل إلى نتيجة حوله، في سياقات تتحدث عن سيناريو استراحة المحاربين بدلا من تسليم السلاح، إذا قبلت واشنطن وتل أبيب هكذا صيغة، وهو أمر مشكوك به لأنه يتعارض مع مخطط التهجير.
العرب يخططون لحمل الخطة والذهاب بها إلى واشنطن، والمؤشرات السلبية منذ الآن تقول إن هكذا زيارة قد لا تتم، وإذا تمت فستكون معرضة لأخطار كبيرة، خصوصا، أن الخطة العربية أغلقت كل نقاط الضعف التي كانت تتذرع بها إسرائيل، لكن الاحتلال ذاته لا يريد فعليا إعادة الإعمار، ولا يريد هيئة مدنية لحكم القطاع بعيدا عن الهياكل التقليدية، أي حماس والسلطة، ولديه مخطط محدد يتعلق بالأرض، وبوضع الفلسطينيين، وسيجد أي ذريعة للالتفاف على الخطة العربية.
مع وقف إسرائيل للمساعدات وتدفقها إلى القطاع قبل القمة بأيام، والمشاكل القائمة حول تمديد المرحلة الأولى للمفاوضات، أو بدء مرحلة ثانية، فإن ما سنراه خلال المرحلة المقبلة سيقوم على عدة محاور، أولها محاولة استعادة كل الأسرى الإسرائيليين، وثانيها إفشال خطة إعادة إعمار غزة ومنع نشوء هيئة مستدامة للحكم في القطاع بدلا عن الحكم الحالي، وثالثها توسع المخطط الإسرائيلي داخل الضفة الغربية، ورابعها تصعيد أعلى على جبهتي سورية ولبنان، وخامسها الدخول في مرحلة تحول على صعيد ملف التهجير بما يهدد مصر، والأردن في مرحلة متأخرة.


كل هذا يقول إننا عالقون في المنطقة الرمادية هذه الأيام، وسوف تثبت الأيام أن تل أبيب وواشنطن لديهما مخطط مختلف، ولن تقفا عند كل الحلول العربية البديلة.
الرئيس الأميركي يقول إنه لا يريد حربا في غزة، وفي الوقت ذاته لا يبدو أن واشنطن ستقبل خطة العرب لغزة بصيغتها الحالية، فماذا سيتبقى لحظتها سوى التهجير، وهو خيار يتطابق مع مخططات الإسرائيليين تجاه القطاع ثم الضفة؟.





تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا


طباعة المشاهدات: 630  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 06-03-2025 10:29 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
"بفارق سنتيمترات" .. عائلة تنجو من سقوط شجرة ضخمة في مدينة نيويورك - فيديو سرقة بطاقة ائتمانية تقود إلى جائزة يانصيب ضخمة: قصة فريدة في فرنسا تقليد غريب .. مسجد إندونيسي يصلي التراويح 23 ركعة في 10 دقائق الراتب المثالي للوصول إلى مليون دولار عند التقاعد! بالفيديو .. الرئيس الموريتاني يُعزي عشيرة الحويان... رئيس لجنة "التعليم النيابية" النائب محمد... المحامي بشار البطوش يوضح لسرايا الجوانب القانونية... أمطارغزيرة وسيول ورياح مثيرة للغبار وحالة من عدم... "جرحى مدنيون وتدمير مبان" .. مقاتلة... رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد يعلن 2025 عام حربشاهد بالفيديو .. ميكروفون مفتوح يفضح حديثًا بين...في مشهد غير مسبوق .. وزير الخارجية الأميركي ماركو..."قائمة سوداء لدول" يحظر على سكانها دخول..."بتهمة القيادة تحت تأثير الكحول" .....محادثات بين حلفاء لترامب ومعارضين لزيلينسكي"جرحى مدنيون وتدمير مبان" .. مقاتلة..."البنتاغون" يؤكد تعليق جميع المساعدات...دول أوروبية تؤكد رفضها "أي دور" لحماس في غزة ترامب يوجه ما أسماه التحذير الأخير لحماس رانيا محمود ياسين في تصريح صادم: "أتغدر بيا من... أحمد العوضي يكشف سر زواجه بعد رمضان .. والعروس مفاجأة بسمة بوسيل تخرج عن صمتها:" ليس ذنبي أنني تزوجت... دينا الشربيني تعلن انفصالها عن خطيبها بعد 14 عاماً في المنفى .. مازن الناطور نقيباً... برشلونة "المنقوص" على مشارف ربع نهائي الأبطال عصابة إيطالية تسافر إلى إنجلترا ل"السطو" على منزل نجم نيوكاسل قطر تستضيف كأس العرب 2025 نهاية العام الحالي مليار دولار جوائز مالية لمونديال الأندية الجديد ديمبلي ضد صلاح .. التشكيلة الأساسية لمواجهة باريس سان جيرمان وليفربول على طريقة هوليوود .. اختطاف رجل أعمال في المغرب ظاهرة فلكية نادرة لا تفوتها .. حرف "إكس" عملاق يظهر على القمر تطاير ملايين الليرات على أوتوستراد حمص - دمشق في حادثة مثيرة .. لص يسرق ويبتلع أقراطا بقيمة 770 ألف دولار وفاة غامضة لرضيعة سورية في تركيا والشرطة تحقق في الحادثة ظاهرة "'قمر الدم" تزين السماء قريبًا ودول عربية من بين الأوفر حظًا برؤيتها وفاة "الرجل ذي الذراع الذهبية" .. دمه أنقذ آلاف الأرواح فتحوّل لبطل قومي مفاجأة عن الفئران .. تقدم "الإسعافات الأولية" لرفاقها فاقدي الوعي إعلان شوكولا لبشار الأسد بالذكاء الاصطناعي يثير موجة سخرية الوجه الخفي لبرامج المقالب .. كيف تؤثر على صحة الأطفال النفسية؟

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: الخطة العربیة

إقرأ أيضاً:

مسودة الخطة المصرية بشأن غزة

#سواليف

نشرت وكالة رويترز، الاثنين #مسودة #الخطة_المقترحة لإعادة #إعمار #قطاع_غزة، حيث تقدم الخطة تصورا لقوة استقرار دولية تتشكل في المقام الأول من دول عربية تتسلم دور توفير الأمن في القطاع

ووفقا لرويترز،فإن الخطة لا تحدد الرؤية المصرية لغزة، والتي من المقرر تقديمها في قمة جامعة الدول العربية الثلاثاء، ما إذا كان سيتم تنفيذ الاقتراح قبل أو بعد أي اتفاق سلام دائم لإنهاء الحرب التي اندلعت في القطاع منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وبموجب الخطة المصرية، ستحل “بعثة مساعدة على الحكم” محل الحكومة التي تديرها حماس في غزة لفترة مؤقتة غير محددة وستكون مسؤولة عن المساعدات الإنسانية وبدء إعادة إعمار القطاع الذي دمرته الحرب.

مقالات ذات صلة لأول مرة بالأردن.. نجاح عملية لجراحة المنظار بتصحيح تشوهات جمجمة الأطفال 2025/03/03

وجاء في مقدمة تحدد أهداف مسودة الخطة المصرية أنه لن يكون هناك تمويل دولي كبير لإعادة تأهيل وإعادة بناء غزة إذا ظلت حماس العنصر السياسي داخل القطاع.

ولم تحدد الخطة من سيدير “بعثة الحكم”، وتنص على أنها ستستعين بخبرة الفلسطينيين في غزة وأماكن أخرى لمساعدة القطاع على التعافي في أسرع وقت ممكن.

وترفض الخطة بشدة الاقتراح الأميركي بالتهجير الجماعي للفلسطينيين من غزة، والذي تعتبره دول عربية مثل مصر والأردن تهديدا أمنيا.

ويقدم الاقتراح تصورا لقوة استقرار دولية تتشكل في المقام الأول من دول عربية تتسلم دور توفير الأمن، مع تأسيس قوة شرطة محلية جديدة في نهاية المطاف.

ولا تتناول المسودة مسألة الإجراءات التي يمكن اتخاذها إذا رفضت حماس نزع السلاح أو التنحي عن العمل السياسي.

ووفقا للخطة، تتولى لجنة توجيهية مهام “ترتيب وتوجيه والإشراف على” كل من الهيئات الأمنية والإدارية.

ولم تشر المسودة إلى انتخابات مستقبلية في غزة.

وأشارت مسودة الخطة إلى أن اللجنة ستضم دولا عربية رئيسية وأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي وكذلك الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي ودولا أعضاء فيه وآخرين.

ولا تتضمن الخطة تفاصيل عن دور حكومي مركزي للسلطة الوطنية الفلسطينية.

مسؤول فلسطيني، قال إنّ غزة، مثل الضفة الغربية، تقع تحت سلطة السلطة الفلسطينية ويجب أن يديرها فلسطينيون.

وأضاف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، “نحن اتفقنا مع المصريين على أن لجنة مكونة من خبراء فلسطينيين ستساعد في إدارة غزة لمدة 6 شهور وستعمل بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية واللجنة لا تتبع لأي جهة غير فلسطينية”.

مقالات مشابهة

  • ترامب يتعهد باستعادة المحتجزين وانتقادات أميركية لقرارات القمة العربية
  • أبو الغيط: القمة العربية أكدت رفض التهجير واعتمدت خطة مصرية فلسطينية لإعمار غزة
  • محلل اقتصادي: القمة العربية تؤكد قوة مصر ورفض مخططات التهجير عمليا
  • «أبو الغيط»: القمة العربية ترفض التهجير وتدعم الخطة المصرية لإعمار غزة
  • الوعي: كلمة الرئيس السيسي بالقمة العربية حاسمة في رفض مخططات التهجير
  • الخطة البديلة لسيناريو التهجير
  • حزب الاتحاد: الرئيس السيسي جدد ثوابت مصر في رفض التهجير أمام القمة العربية
  • الرئيس السيسي يعلن عن الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة في القمة العربية الطارئة
  • مسودة الخطة المصرية بشأن غزة