بروكسل تحتضن محادثات حاسمة بشأن أوكرانيا والإنفاق الدفاعي الأوروبي
تاريخ النشر: 6th, March 2025 GMT
يلتقي زعماء الاتحاد الأوروبي في بروكسل، اليوم الخميس، في مسعى للتوصل إلى رد على تحول الولايات المتحدة الجذري في دعم أوكرانيا، التي مزقتها الحرب.
وفي سباق مع الزمن، يهدف زعماء الاتحاد الأوروبي إلى إيجاد حلول بشأن كيفية تعزيز الإنفاق الدفاعي لمزيد من دعم أوكرانيا، وتحسين قدرة أوروبا الدفاعية بصورة ملحوظة.
ومن المتوقع أن يلقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، كلمة أمام الاجتماع.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أعلن في وقت سابق الأسبوع الجاري عن خطط لوقف المساعدات العسكرية لكييف، بعد أيام من صدام علني مع زيلينسكي في البيت الأبيض.
وتنتاب حالة من القلق دول الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا بسبب احتمال سعي الولايات المتحدة وروسيا للتوصل إلى تسوية سلمية ثنائية، من شأنها أن تمنح موسكو تنازلات إقليمية، وأن تستبعد أوكرانيا من حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وتغلق الباب أمام مشاركة الولايات المتحدة في عمليات حفظ السلام في المستقبل.
ومن المقرر أن يبحث زعماء الاتحاد الأوروبي خطة طرحتها المفوضية الأوروبية لجمع نحو 800 مليار يورو (856 مليار دولار)، للمساعدات والاستثمارات الدفاعية لأوكرانيا.
واقترحت المفوضية الأوروبية تقديم 150 مليار يورو في صورة قروض، وتأمل يتم توفيرها برأس مال خاص وتمويل إضافي من "بنك الاستثمار الأوروبي".
ومن المقرر أن يتم إنفاق هذه الأموال على الدفاع الصاروخي، وأنظمة المدفعية، والصواريخ والذخيرة، والطائرات بدون طيار والأنظمة المضادة لها، والتعامل مع الاحتياجات الأخرى بداية من الأمن الإلكتروني ووصولاً إلى التنقل العسكري.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل صناع الأمل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الاتحاد الأوروبي زيلينسكي أوكرانيا الاتحاد الأوروبي أوكرانيا زيلينسكي الاتحاد الأوروبی
إقرأ أيضاً:
المفهوم الأوروبي من شارل ديغول إلى دونالد ترامب
ترجمت مشادة الرئيس الأمريكي مع الرئيس الأوكراني في البيت الأبيض، مدى حجم التباين والتباعد بين الموقف الأمريكي، الهادف إلى إيجاد الحلول التي تضمن وقف الحرب مع روسيا، والموقف الرسمي الأوكراني الذي تدعمه المجموعة الأوروبية، للوصول إلى سلام عادل ومستدام وشامل، يضمن سيادة أوكرانيا واستقلالها ووحدة أراضيها، ضمن حدودها المعترف بها دوليا، ومعرفة أسباب التعنت الأوروبي وتمسكه بحق القارة الأوروبية المشاركة في دائرة التفاوض، والمطالبة بخروج روسيا من الأراضي الأوكرانية، كشرط لنجاح اتفاق سلام يضمن الحماية والأمن لأوروبا، في الوقت الذي ترفض فيه الإدارة الأمريكية، مشاركة المجموعة الأوروبية في سعيها إعادة تقييم العلاقة مع روسيا، للوصول إلى وقف سريع لإطلاق النار في أوكرانيا، لتنهي فترة طويلة من التوافق السياسي والعسكري بين الغرب الأمريكي والغرب الأوروبي.
ليس من الصعب فهم طبيعة العلاقة التي جمعت الولايات المتحدة الأمريكية بحلفائها الأوروبيين منذ الانتصار الذي حققه الجانبان في الحرب العالمية الثانية، حين طلبت الدول الأوروبية المساعدة من الولايات المتحدة الأمريكية، بعد نقض ألمانيا النازية للمواثيق الدولية، واحتلالها تشيكوسلوفاكيا، ما زاد من تخوف أوروبا والولايات المتحدة من خطورة السيطرة والهيمنة الألمانية على العالم، ناهيك من تخوف واشنطن وحرصها على وقف ازدياد التوسع الياباني في الشرق الأقصى. ما جعل من هذه العوامل، ضرورة للتوغل الأمريكي في القارة العجوز، بعد ربط اقتصادها بالاقتصاد الأوروبي، من خلال مشروع مارشال، حيث أعاد التدخل الأمريكي التوازن في القارة الأوروبية، وساهم في إلحاق الهزيمة بالنازية، التي كانت في طريقها للسيطرة على القارة بأكملها.
يبدو واضحا أن أمريكا الترامبية لا تتفق مع رؤية وأسس تكوين الاتحاد الأوروبي بصيغته الحالية،
كان لمشروع مارشال الخاص بمساعدة أوروبا في النمو والاستثمار، وتحديث الصناعات والبنى التحتية الأوروبية، غداة خروجها من الحرب، الدور الكبير في تبعية أوروبا الاقتصادية لأمريكا، وكما كان لحصار الاتحاد السوفييتي لبرلين عام 1949، العامل المُكمل الآخر لانتشار القوات الأمريكية، وفرض هيمنتها العسكرية على القارة، من خلال منظمة حلف شمال الأطلسي، وإبعادها من الخطر السوفييتي المتصاعد، الذي رسم صورة من الشرعية لهذا الوجود الأمريكي، على الرغم من الخلافات الأولية الخاصة بالحرب الهندية ـ الصينية، وحرب فرنسا في فيتنام، ناهيك عن رفض الجنرال شارل ديغول مؤسس فرنسا الحرة، القبول بجميع بنود هذه العلاقة في نهاية الخمسينيات، حيث أبدى رغبته الواضحة في الانسحاب من القيادة العسكرية للحلف، والتأكيد على استمرار استقلالية فرنسا كقوة نووية حليفة لواشنطن، ولكن غير منحازة للاستراتيجية السياسية والعسكرية الأمريكية، نتيجة للرفض الأمريكي، تقاسم القيادة في منظمة حلف شمال الأطلسي.
ومنذ ذلك الحين لم تتأثر العلاقات الأوروبية ـ الأمريكية عبر تاريخها كما تأثرت أسس شراكتها اليوم مع وصول دونالد ترامب، حيث يرى العديد من متتبعي السياسة الأمريكية، أن الموقف الأوروبي المعادي لفلاديمير بوتين من الحرب في أوكرانيا، والعقوبات المفروضة على روسيا من قبل الاتحاد الأوروبي، قادرة على إعاقة استراتيجية دونالد ترامب الهادفة إلى إفشال عملية التقارب بين الصين وروسيا. في الوقت نفسه ترى الإدارة الأمريكية في طبيعة الموقف الأوروبي المعادي للأهداف الروسية في أوكرانيا، العامل المساعد في ولادة كتلة روسية ـ صينية، قد تُفشل تحقيق الأهداف المرسومة في جعل القارة الأمريكية الأكبر في العالم. وهذا ما يجعل من طبيعة وجود الهيكل السياسي الأوروبي القائم على مجموعة من الدول المختلفة والضعيفة، ومن خلال رؤية لا تعطي الأهمية لهوية الشعوب وفصل الحدود، بمثابة القبول بولادة تكتل صيني ـ روسي، وبدعم من دول “البريكس” هدفه مجابهة خطط الإدارة الأمريكية الجديدة. لا شك أن نجاح جهود الرئيس الأمريكي ترامب في إيجاد حل لوقف الحرب في أوكرانيا وإهمال الدور الأوروبي، في إعادة تقييم العلاقة مع روسيا، للوصول إلى وقف سريع لإطلاق النار في أوكرانيا وعودة موسكو إلى دائرة الكبار، يهدف إلى منع موسكو من التقارب المفرط مع بكين، ويضرب من خلاله عرض الحائط أسس التحالف الاستراتيجي، الذي وحّد الغرب على مدى ثمانين عاماً، وينهي علاقة الحلفاء الأوروبيين من دائرة الأهداف المشتركة، ويبعد استراتيجيتهم في العديد من القضايا والمعادلات الدولية في بقاع العالم.
من هنا يبدو واضحا أن أمريكا الترامبية لا تتفق مع رؤية وأسس تكوين الاتحاد الأوروبي بصيغته الحالية، كممثل ومسؤول ضعيف لتجمع من الدول، ما قد يدفعها إلى تحجيم أهمية دور المجموعة الأوروبية، الضعيف سياسيا وعسكريا، مقارنة بالدول العظمى كالصين وروسيا والهند. أن ما يأمل في تنفيذه الرئيس الأمريكي الجديد من خلال شعار “أمريكا أولا” هو تغيير الشكل والمضمون لعالم متعدد الأقطاب وجعله قابلا للهيمنة الأمريكية، يسمح للولايات المتحدة الأمريكية التحكم والتوافق مباشرة مع القوى المهمة في العالم، وعلى حساب القارة الأوروبية. ومن خلال بيئة جيوسياسية، تفصل الغرب الأوروبي عن الغرب الأمريكي، وتنهي التوافق النسبي لدول الحلف الأطلسي الشريكة لواشنطن في تمثيل العالم الغربي في علاقات الغرب الأمريكي السياسية والاقتصادية مع العالم.
ان رغبة الإدارة الأمريكية بحصر التفاوض المباشر مع روسيا، ورفضها لانضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، ومطالبة الأوروبيين برفع عقوباتهم الاقتصادية المفروضة على روسيا، إذا أرادوا المشاركة في المحادثات، قد يعيد للنخبة الفرنسية تقييمهم لموقف الجنرال ديغول الواضح، ورغبته في الانسحاب من القيادة العسكرية للحلف الأطلسي، ومن ثم معرفة ما إذا كانت الولايات المتحدة، لا تزال الحليفة الدائمة للمصالح الفرنسية وسياستها في العالم. إن إعادة رسم مفهوم العلاقة الأوروبية من خلال العودة إلى فكرة الجنرال ديغول، للمفهوم السياسي والتاريخي لأوروبا، وأهمية الحفاظ على السيادة الوطنية لفرنسا في علاقتها مع الأمم، هي رؤية تتمثل في أهمية أوروبا من “المحيط الأطلسي حتى جبال الأورال” كأمم مستقلة عن بعضها بعضا، حرة في تعاملها مع العالم، تضمن لها سيادتها في أن تكون في الوقت نفسه، حليفة لأمريكا ورافضة للانحياز لسياسة إدارة دونالد ترامب وشعارها المتمثل في أمريكا أولاً.
المصدر: القدس العربي