الهوتو عرقية أفريقية نكّل بها الألمان والبلجيكيون
تاريخ النشر: 6th, March 2025 GMT
الهوتو عرقية تشكّل أغلبية السكان في رواندا وبوروندي إضافة إلى شرق الكونغو الديمقراطية، كما توجد في بعض الدول المجاورة بمنطقة البحيرات العظمى الأفريقية، وتنتمي لما يُعرَف بشعوب البانتو.
خضع الهوتو لحكم عرقية التوتسي التي سيطرت على المنطقة لعدة قرون، وتكرس نفوذها في عهد الاستعمار الألماني ثم البلجيكي، مقابل المرتبة الدونية لعرقية الهوتو، التي دخلت في سلسلة ثورات ابتداء من أواخر الخمسينيات من القرن العشرين.
ونتيجة لهذه الثورات سقطت مملكة التوتسي في رواندا، ووصل الهوتو إلى الحكم في المنطقة لأول مرة منذ عدة قرون، كما ظلت العرقيتان طرفي حروب أهلية شهدتها البلدان المذكورة في عقود ما بعد الاستقلال، وظلت تتجدد رغم اتفاقيات السلام العديدة.
العرق والأصولينتمي الهوتو لما تُعرف بشعوب البانتو، التي تسكن المنطقة الواقعة ما بين أفريقيا الجنوبية وأفريقيا الوسطى.
الدينتاريخيا كان الهوتو يعتنقون ديانات تقليدية، بينما انتشرت المسيحية مع قدوم الاستعمار، كما توجد أقلية تعتنق الدين الإسلامي.
اللغة
يتحدث الهوتو اللغة الكينيارواندوية، وهي لغة مشتركة مع التوتسي، وتصنف ضمن لغات البانتو المنتشرة في المنطقة.
النظام الاجتماعيتقوم البنية الاجتماعية لعرقية الهوتو على نظام العشيرة، ويحكمها ملوك يطلق عليهم الباهينزا، ويستمدون مكانتهم من الاعتقاد بقدرتهم على جلب الأمطار وحماية المحاصيل الزراعية.
التاريختشير بعض الروايات التاريخية إلى أن الهوتو وصلوا إلى منطقة البحيرات العظمى الأفريقية خلال القرن الحادي عشر الميلادي، قادمين من أراضي تشاد الحالية.
إعلانوسرعان ما أصبح الهوتو سادة أراضي رواندا وبوروندي الحاليتين، وبسطوا سيطرتهم على السكان الأصليين (التوا الأقزام سكان الغابات)، كما شكلوا ممالك صغيرة أقرب إلى حكم العشيرة.
واستمرت سيطرة الهوتو 4 قرون، قبل أن يصل التوتسي في القرن الخامس عشر ويصبحوا سادة على الجميع، وأصحاب النفوذ السياسي والاجتماعي والاقتصادي في المنطقة.
بينما تشير رواية أخرى إلى أن الهوتو والتوتسي عرقية واحدة، وأنهم أصبحوا سادة على التوا ابتداء من القرن الحادي عشر الميلادي، إلا أن التمايز الاجتماعي فرقهما إلى طبقتين، ثم تكرس التمايز مع مرور الزمن.
العهد الاستعماري
منذ بداية القرن الثامن عشر، وضمن الرحلات الاستكشافية بحثا عن منابع نهر النيل، وصل العديد من المستكشفين إلى مشارف منطقة وجود الهوتو الحالية، ثم بموجب مؤتمر برلين عام 1885 أصبحت من نصيب ألمانيا.
ولأنها تقع في تقاطع إمبراطوريات بريطانيا وبلجيكا وألمانيا، فقد كانت هذه المنطقة محطة صراع، قبل أن تتوصل الأطراف إلى اتفاق أصبحت بموجبه أراضي رواندا وبوروندي تحت سيطرة الألمان، ثم سيطر عليها البلجيكيون عام 1916.
ويشكل الهوتو أغلبية السكان في مملكتي رواندا وبوروندي، اللتين دمجهما الألمان في مملكة واحدة عام 1890، بينما يشكل التوتسي أقلية لكنها تمتلك المال وتسيطر على الحكم.
وتعرض الهوتو على أيدي الألمان ثم البلجيكيين للقمع والتنكيل، واستغلوا التوتسي لهذا الغرض، ثم تفاقم التوتر الاجتماعي بين العرقيتين بسبب الإحصاء السكاني الذي حدد الهوية العرقية انطلاقا من الحالة المادية وشكل الجسم، وهو ما أدى إلى تكريس المرتبة الدونية للهوتو.
حكم روانداابتداء من أواخر خمسينيات القرن العشرين ثار الهوتو ضد التوتسي في رواندا، رفضا لتكريس التراتبية الاجتماعية من قِبل الاستعمار، الذي اعتمد سياسات تهمش أغلبية السكان.
إعلانوابتداء من مطلع الستينيات سقط النظام الملكي الذي ظل على مدى قرون رمزا لسيطرة التوتسي، وأصبحت السلطة بيد الهوتو في رواندا طيلة نحو 4 عقود.
إلا أن عقود حكم الهوتو شهدت علميات انتقام وتحريض ضد التوتسي، خصوصا بعد تولي الرئيس جوفينال هابياريمانا الحكم عبر انقلاب عسكري عام 1973.
وأثناء ثورة نهاية الخمسينيات قُتل أكثر من 20 ألفا من التوتسي على أيدي الهوتو، كما استهدفوا مواشيهم وبيوتهم بالإحراق والتدمير، ما تسبب في نزوح واسع إلى البلدان المجاورة مثل تنزانيا وأوغندا والكونغو الديمقراطية.
كما يُعَد نظام الهوتو مسؤولا عن الإبادة الجماعية التي جرت عام 1994 وقتل فيها نحو 800 ألف شخص معظمهم من التوتسي، إضافة إلى بعض الهوتو المعتدلين.
فاز الهوتو بالانتخابات البرلمانية في بوروندي عام 1965، لكن الملك موامبوتسا عيّن رئيس وزراء من التوتسي، ما أدى إلى اضطرابات قتل فيها نحو 5000 شخص.
كما شهدت البلاد ثورة قادها الهوتو عام 1972، وأدت إلى اضطرابات يقدر عدد ضحاياها بما بين 80 ألفا و210 آلاف، كما أدت إلى نزوح واسع للهوتو نحو الكونغو ورواندا وتنزانيا.
وتجددت الاضطرابات مع هجوم قادم من رواندا عام 1988 يقوده مسلحو الهوتو، فتعرضوا من جديد لمذابح بلغ عدد ضحاياها ما بين 5 آلاف و20 ألف شخص.
وفي عام 1993 فاز ميلشيور نداداي، الذي ينتمي لعرقية الهوتو، بأول انتخابات ديمقراطية، وأصبح أول رئيس من الهوتو، لكنه اغتيل بعد 3 أشهر، فاندلعت حرب أهلية دامت أكثر من 10 سنوات انتهت باتفاق سلام عام 2005 يقضي بتقاسم السلطة ودمج المتمردين الهوتو في الجيش.
لكن صراع الهوتو والتوتسي لم يتوقف، وظل اتفاق السلام هشا، فقد تعرض لهزات عديدة كادت تعصف باستقرار البلاد وتعيدها إلى المربع الأول.
ظل الهوتو طرفا في الصراعات العديدة ببعض الدول المجاورة لرواندا وبوروندي، فقد شهدت هذه الدول موجات نزوح إثر الحروب الأهلية في البلدين، بما في ذلك الكونغو الديمقراطية وأوغندا وتنزانيا.
إعلانوعلى وجه التحديد كانت المنطقة الشرقية من جمهورية الكونغو الديمقراطية، وخصوصا إقليم كيفو الشمالي، وجهة للنازحين الهوتو من رواندا الذين يقدر عددهم بنحو مليوني شخص.
فبعد أن كانوا موجودين في هذه المنطقة في القرون السابقة، وصلوا إليها مجددا على مراحل نتيجة الصراع الذي شهدته رواندا وبوروندي ابتداء من أواخر خمسينيات القرن العشرين.
وبعد الإطاحة بنظام الرئيس الكونغولي موبوتو سيسي سيكو، أصبح شرق الكونغو ساحة لتصدير النزاعات والاضطرابات، خصوصا مع تعاظم نفوذ التوتسي في إقليم كيفو الشمالي وموجات النزوح الكبيرة للهوتو من رواندا.
وفي حين تتهم الكونغو رواندا بدعم حركة "إم 23"، التي تُعَد الجناح المسلح للتوتسي في كيفو، تقول رواندا إن الكونغو تدعم مليشيا من الهوتو لتنفيذ هجمات على أراضيها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان الکونغو الدیمقراطیة التوتسی فی فی رواندا ابتداء من
إقرأ أيضاً:
رئيس أفريقية النواب لـ صدى البلد: أتوقع وجود تقدم نحو دارفور لاستعادتها بعد السيطرة على الخرطوم.. وإسرائيل دربت كثير من القوات بدول القارة ودخلت في صناعة التعدين
شريف الجبلي.. رئيس لجنة الشئون الأفريقية بمجلس النواب في حواره لـ"صدى البلد":
إذا تمت استعادة دارفور ستعود السودان وتنتهي الحرب
واقعة طرد سفير إسرائيل من الاتحاد الأفريقي بسبب غضب دول القارة السمراء من جرائم الاحتلال في غزة
إسرائيل تلعب دور كبير جدا في القارة السمراء من الناحية الاقتصادية والعسكرية و الأمنية
40 % فقط من الدول الأفريقية مساندة لإسرائيل و60 % منهم مساندين للقضية الفلسطينية
سوق الدواء في أفريقيا يعادل حوالي 60 مليار دولار.. ونصيب مصر منه لايزيد عن 1 %
أتوقع أن نصل إلى 10 % من سوق الدواء المصري في أفريقيا الأشهر القادمة
مصر تعاملت بإيجابية وصبر طويل مع أزمة سد النهضة بأثيوبيا
اقترح حصول مصر على أراضي في دول أفريقية لزراعتها بالتعاون بين القطاع الخاص والحكومة
أطالب بتوجيه جزء من المساحة الإعلامية في قناة القاهرة الإخبارية للتوجه إلى عدد من الدول الأفريقية باللغات الإنجليزية والفرنسية
قال النائب شريف الجبلي ، رئيس لجنة الشئون الأفريقية بمجلس النواب ، إن استعادة الخرطوم أمر مهم جدا ، لكن لازال موضوع دارفور هو أمر أساسي في الأحداث في السودان ، وإذا تمت استعادة دارفور ستعود السودان وتنتهي الحرب ، وبسيطرة الشرعية على العاصمة السودانية الخرطوم والمطار هي خطوة كبيرة جدا ، وأتوقع بناءا على ماحدث خلال شهر ونصف مؤخرا أن يكون هناك تقدم نحو دارفور لاستعادتها ، لأنها أساسية في الصراع بالسودان.
وأشار الجبلي ، في حواره لـ"صدى البلد" ، إلى أن واقعة طرد سفير إسرائيل من الاتحاد الأفريقي بسبب أن الدول الأفريقية أو الجزء الأكبر من الدول الأفريقية أو الاتحاد الأفريقي توصل أخيرا إلى أن إسرائيل تلعب دور سيىء في المنطقة ، وأنها السبب في كثير من المشاكل في المنطقة.
وإلى نص الحوار…
في البداية ما تعليقك على الأحداث في السودان وانتصارات الجيش واسترداده العاصمة السودانية الخرطوم؟
هذا هو الوضع الطبيعي بأن تعود الشرعية إلى مكانها الطبيعي في السودان ، حيث تتمثل هذه الشرعية في القوات المسلحة السودانية والشعب السوداني الذي يؤيدها ضد حركة انفصالية ، ونتمنى أن تظل السودان بلد واحدة لايوجد بها أي تقسيم ، لأنه كان الهدف الأساسي هو تقسيم السودان ، وهو أمر غير حميد بالمرة.
كيف ترى دور مصر في تهدئة الأوضاع بالسودان؟
مصر منذ أول يوم وهي تؤيد الشرعية في السودان ، وهذا كان واضح جدا في جميع لقاءات الرئيس السيسي مع الفريق أول عبد الفتاح البرهان ، رئيس مجلس السيادة السوداني سواء كان في القاهرة ، حينما جاء عدة مرات في زيارة إلى مصر ، وكانت هناك زيارات أيضا من وزير الخارجية المصري إلى السودان ، وكل هذه دلائل على أن موقف مصر صريح ومؤيد للشرعية في السودان ، وهذا واضح جدا ، وهو الموقف الطبيعي.
في رأيك متى تنتهي الحرب في السودان؟
استعادة الخرطوم أمر مهم جدا ، لكن لازال موضوع دارفور هو أمر أساسي في الأحداث في السودان ، وإذا تمت استعادة دارفور ستعود السودان وتنتهي الحرب ، وبسيطرة الشرعية على العاصمة السودانية الخرطوم والمطار هي خطوة كبيرة جدا ، وأتوقع بناءا على ماحدث خلال شهر ونصف مؤخرا أن يكون هناك تقدم نحو دارفور لاستعادتها ، لأنها أساسية في الصراع بالسودان ، حيث أنها بها جزء كبير من الثروات المعدنية في السودان من الذهب وغيرها.
ما تعليقك على واقعة طرد سفير إسرائيل في أثيوبيا من مقر الاتحاد الأفريقي؟
هذه الواقعة تعبر عن أن الدول الأفريقية أو الجزء الأكبر من الدول الأفريقية أو الاتحاد الأفريقي توصل أخيرا إلى أن إسرائيل تلعب دور سيىء في المنطقة ، وأنها السبب في كثير من المشاكل في المنطقة ، لأنه كانت هناك رؤية من جانب عدد من الدول الأفريقية بشأن التعاون مع إسرائيل ، خاصة وأن إسرائيل تلعب دور كبير جدا في أفريقيا ولايجب أن ننسى ذلك سواء من الناحية الاقتصادية أو العسكرية أو الأمنية في عدد كبير من الدول الأفريقية سواء في الشرق أو الغرب ، وبالتالي فإن هذه الواقعة خطوة مهمة جدا.
"أفريقية النواب" أعلنت أنها تبحث تنظيم لقاء موسعًا لتعزيز التواجد المصرى بالقارة السمراء .. ماهي آخر التطورات؟
آخر شيء توصلنا إليه هو إنشاء 6 صداقات برلمانية مع عدد من الدول الأفريقية ، من ضمنها جنوب أفريقيا وتنزانيا وجيبوتي والصومال ، وهذه المجموعات من الصداقات البرلمانية من المفترض أن تقوم بزيارات متبادلة مع المنظمين لها في هذه الدول ، على اعتبار أن الدبلوماسية الشعبية جزء مهم جدا من الدبلوماسية الرسمية ، وهذه تعتبر خطوة مهمة جدا ، ونتمنى تفعيلها خلال الفترة القادمة ، وسنقوم بعدد من الزيارات لهذه الدول خلال الفترة القادمة.
ناقشت أفريقية النواب استراتيجية ورؤية هيئة الدواء للتعامل مع السوق الأفريقية.. حدثنا عنها وكيف تستعيد مصر دورها كأكبر سوق للدواء في أفريقيا؟
موضوع سوق الدواء في أفريقيا معقد جدا ، لأن مصر حاولت في عدة سنوات أن تدخل سوق الدواء في أفريقيا ، لكن كانت هناك مقاومة شديدة من بعض الدول بدون ذكر أسماءها والتي تسيطر على سوق الدواء في أفريقيا.
كما أن سوق الدواء في أفريقيا يعادل حوالي 60 مليار دولار ، وكان نصيب مصر منه لايزيد عن 1 % ، وهو رقم لا يتناسب مع صناعة الدواء في مصر ، وكانت دائما المشكلة التي تواجه مصر هى مشكلة التسجيل ، حيث ترى بعض الدول أن مصر غير مسجلة دوليا في منطمة الصحة العالمية أو غيرها من المنظمات التي تعتمد الدواء عالميا ، وكانت هذه العقبة التي تواجهها مصر ، ولكن بعد إنشاء مدينة الدواء وهيئة الدواء استطاعت مصر أن تحصل على الشهادة الدولية لها للدواء المصري ، مما يفتح الطريق أمام مصر لكي تدخل السوق الأفريقي للدواء بقوة.
ونحن نؤيد وندعم هيئة الدواء في تواجدها في السوق الأفريقي ، وبدأنا بالفعل تبيع الدواء في بعض الدول الأفريقية مثل زيمبابوي وزامبيا ، واعتقد أنه خلال الأشهر القادمة سيكون هناك تواجد أكبر لسوق الدواء المصري في أفريقيا ، بحيث نصل على الأقل إلى 10 % من سوق الدواء في أفريقيا ، حيث أنه من المفترض أن نبيع الدواء في أفريقيا بما لايقل عن 6 مليار دولار في السنة ، خاصة وأن العقبة التي كانت أمامنا أزيلت.
ونحن كلجنة الشئون الأفريقية بمجلس النواب سنقوم بعمل أي شيىء مع الهيئات المناظرة لهيئة الدواء في أفريقيا ، وسنقدم أي دعم مطلوب مننا من الناحية السياسية ، لأن أي أمور فنية من اختصاص هيئة الدواء المصرية.
أعلنت إثيوبيا اكتمال 98% من أعمال سد النهضة وتشغيل 6 وحدات توليد كهربائي.. ما تعليقك؟
هناك تعنت من الجانب الإثيوبي بشأن سد النهضة ، كما أن إثيوبيا ترفض تماما التوصل إلى أي حلول تتوافق مع الدول الثلاثة مصر والسودان ولإثيوبيا ، كما أن إثيوبيا تسير في هذا الطريق واعتقد أنه عند نقطة معينة لو حدث أي ضرر سيكون لمصر دور في هذا الموضوع.
وكيف ترى تعامل مصر مع أزمة سد النهضة؟
مصر تعاملت بإيجابية وصبر طويل مع أزمة سد النهضة ، حيث لجأت مصر إلى كل السبل ، ولم يكون هناك طريق تم التوصل إليه ولم تكن مصر موجودة فيه ، ولكن بالعكس بإيجابية تامة ، ولكن كان هناك تعنت واضح من الجانب الآخر ممثل في إثيوبيا.
كما أنه في الفترة الأولى لولاية الرئيس الأمريكي ترامب كان التوقيع للاتفاقية بشأن أزمة سد النهضة ، إلا أن إثيوبيا لم توقع ، كما أننا تواصنا مع الاتحاد الأفريقي ولم نصل إلى أي نتائج ، كما أن مصر لم تغفل حق إثيوبيا في التنمية ، ولكن في نفس الوقت لابد من الحفاظ على حقوقنا في مياه نهر النيل لأن الأمن المائي يعتبر بمثابة أمن قومي.
كيف استعادت مصر ريادتها الأفريقية في ظل حكم الرئيس السيسي؟
مصر استمرت لفترة طويلة في تراجع للدور الأفريقي لمدة 30 عام ، مما أفقدنا أرضية كبيرة جدا في أفريقيا سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية ، إلا ان مافعله الرئيس السيسي من استعادة دور مصر في أفريقيا كان دور رائع ، حيث أنه أعاد مصر بهذه السرعة وبقوة إلى الساحة الأفريقية ، وظهر ذلك من خلال عدد الزيارات التي يقوم بها رؤساء الدول الأفريقية إلى مصر ، حيث أن كل رؤساء الدول الأفريقية تقريبا تزور مصر ، حيث استعادت مصر دورها في أفريقيا بشكل كبير جدا من الناحية السياسية ، وهذه من الأمور الواضحة جدا للجميع.
واستطاع الرئيس السيسي أن يستحدم أدواته في عودة علاقة مصر بالدول الأفريقية من خلال علاقاته الشخصية مع الرؤساء وأسلوب تعامله مع رؤساء الدول الأفريقية ، حيث أن الجزء الشخصي يلعب دور كبير في عودة العلاقات بين مصر ودول القارة الأفريقية ، كما أن الرئيس السيسي لديه خبرات كبيرة جدا في التعامل مع الشأن الأفريقي ، مما سهل من عودة العلاقة بين مصر ودول أفريقيا.
كيف تنظر دول القارة الأفريقية لمصر وما هي نقاط التحول في علاقتنا بإفريقيا؟
مصر كانت رائدة في أفريقيا منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، وكانت مصر لها دور أساسي في حركات التحرر في أفريقيا ، وفي دعم الشأن الأفريقي اقتصاديا ، حيث كانت مصر متواجدة بشكل كبير جدا في أفريقيا ، وكانت لها الريادة في أفريقيا بشكل واضح سواء في غرب أفريقيا أو شرق أفريقيا أو وسط أفريقيا أو الجنوب الأفريقي ، حيث كان لها دور كبير جدا ، وكان لها دور كبير جدا اقتصاديا ، ثم تقلص هذه الدور إلى حد كبير.
وكانت المشكلة أن هناك أجيال كبيرة من دول أفريقيا ظهرت ولم تكن موجودة في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، وبالتالي فأصبحنا نتعامل مع جيل جديد وهو لايعرف بالدرجة التي كانت تعرفه أباءهم من الأجيال السابقة في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
ولذلك فإننا علينا دور كبير للعمل على عودة علاقة مصر بالدول الأفريقية سواء من الناحية السياسية والتي بدأت تعود مع دول أفريقيا ، ولكننا نحتاج إلى تعزيز علاقتنا بأفريقيا من الناحية الاقتصادية ، ويجب أن يكون لمصر تواجد في أفريقيا بشكل أكبر ، خاصة وأن مصر لها تواجد من ناحية التعليم والأزهر ، ووزارة الأوقاف لها دور كبير ، ولدينا مزارع تجريبية في عدد من الدول الأفريقية ، ومن ناحية الصحة لنا مراكز صحية وعيادات أقيمت في عدد من الدول الأفريقية ، ولكننا نحتاج إلى دور أكبر لمصر خلال الفترة القادمة لكي تعرف الأجيال الجديدة في الدول الأفريقية من هي مصر.
كما أن مصر بدأت تعود للحضن الأفريقي بالتدريج ، بحيث يكون هناك التواصل المطلوب مع أفريقيا الحديثة التي تطورت جدا من حيث ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي ، وكل هذه عوامل جديدة لابد من التعامل معها.
ويجب أن يكون لمصر دور أكبر في استيعاب أكبر عدد ممكن الطلبة الأفارقة للتعليم في مصر سواء في الجامعات أو الأكاديميات العسكرية ، حيث أنه من المهم تواجدهم ، ولابد من عمل مراكز ثقافية في عدد من الدول الأفريقية المحورية من خلال تعليم اللغة العربية والتعريف بمصر ، حيث أن هناك عدد من كبير الدول الأفريقية لديها مراكز ثقافية ومنها تركيا لها مراكز ثقافية في أفريقيا ، ولابد من نشر القوى الناعمة لمصر في أفريقيا من مسلسلات وأفلام ويتم ترجمتها باللغة السواحلية وغيرها ، مما يخلق تواجد لمصر في أفريقيا ، وكل لك قوى ناعمة لمصر لاتحتاج إلى استثمارات كبيرة.
كما أن الأزهر له دور كبير جدا ووزارة الأوقاف ، حيث أن وزارة الأوقاف تقوم كل شهر بدعوة أحد العلماء الأفارقة ، لكي يتعلموا في الأزهر في مصر وتقوم بعمل احتفالية وتدعو عائلته ، مما يساهم في التواصل مع الجانب الآخر ، بحيث لايفقد التواصل.
ولابد من التواصل مع الطلاب الأفارقة في الجامعات والأكاديميات العسكرية بعد عودة إلى بلادهم ، لأن هؤلاء الطلاب يتقلدوا مناصب بعد ذلك في بلادها ، وبالتالي فإنهم من القوى المهمة جدا وهي نقطة نفتقدها ولابد من التواصل بشأنها.
هل نحن في حاجة إلى إنشاء قناة موجهة لدول القارة الأفريقية لتعريفهم بمصر؟
كانت مصر قبل ذلك لديها الإذاعات الموجهة للدول الأفريقية باللغات الأفريقية في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، وكانت فعالة في هذا الوقت ، وبالتال لابد من وجود تواجد إعلامي في الفترة الحالية ولكن من خلال التركيز على دول كبيرة في أفريقيا وليس 54 دولة أفريقية ، مثل نيجريا وتنزانيا والكونغو ، وهناك دول مهمة محورية من الممكن أن نهتم بها ونوجه إليها التواجد الإعلامي سواء من خلال إنشاء قناة موجهة أو من الممكن أن يتم توجيه جزء من المساحة الإعلامية في قناة القاهرة الإخبارية للتوجه إلى عدد من الدول الأفريقية باللغات الإنجليزية والفرنسية وهي اللغات السائدة دون اللجوء إلى اللغات المحلية في أفريقيا ، مما يستقطب جزء كبير من الشعب الأفريقي ، لأن إنشاء قناة بهدذا الحجم موجهة للدول الأفريقية تحتاج إلى استثمارات كبيرة.
كيف استطاعت إسرائيل من وجهة نظرك أن يكون لها دور في القارة الأفريقية؟
إسرائيل توغلت في أفريقيا من الناحية الاقتصادية والأمنية وقامت بتدريب كثير من القوات في الدول الأفريقية ، ومن الناحية الاقتصادية دخلت في صناعة التعدين في الدول الأفريقية وتواجدت بشكل واضح وقوي جدا في القارة الأفريقية.
ويجب على مصر أن تبذل مجهود أكبر من الناحية الاقتصادية للتواجد في أفريقيا ، فعلى سبيل المثال سد جوليوس نيريري ، والذي أقيم في تنزانيا بشركات مصرية ، كان أمر قوي لإعادة التواجد المصري في أفريقيا وهو مشروع بحوالي 3 مليار دولار ، وتم تنفيذه بالكامل بشركات مصرية ، مما يعطي الثقة وتبدأ مصر العودة للحضن الأفريقي ، لأن مصر لم تصحل على مشروع بهذا الحجم في أفريقيا ، وكان للرئيس السيسي دور كبير في حصول مصر على هذا المشروع الضخم ، كما أن مصر قوية في البنية الأساسية لتنفيذ مثل هذه المشروعات الضخمة.
كما أنني كنت في زيارة مع الفريق كامل الوزير ، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل من عام وقمنا بزيارة تنزانيا وروندا للتواجد في البنية الأساسية ومراكز لوجيستية في هذا المجال ، باعتباره مهم جدا ، كما أنني كنت الشهر الماضي في زيارة إلى تنزانيا مع السفير بدر عبد العاطي وزير الخارجية وتحدثت معه في تعميق العلاقات الاقتصادية بين البلدين ، وبالتالي لابد ان نسير على هذا المسار ، حتى نستعيد دور مصر القوي في أفريقيا من الناحية الاقتصادية.
كما أننا في حاجة إلى أن نعمل على مشروع كيب تاون – القاهرة ، باعتباره من الطرق المهمة جدا ، ومشروع ربط بحيرة فيتكوريا بالبحر المتوسط ، وكلها مشروعات كان لمصر دور رائد فيها ، ومن المهمم أن نستكملها لأنه سيكون إنجاز كبير جدا.
ما هو الدور الذي يجب أن تلعبه إفريقيا في الضغط على إسرائيل؟
هناك دول لعبت دور كبير جدا في الضغط على إسرائيل مثل جنوب أفريقيا في رفع دعوى في المحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل بسبب جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة وكان موقف قوي جدا ، وهناك دول لازالت مع إسرائيل حتى الآن وتقف بجوارها وتصوت ضد فلسطين.
وأرى أنه في وقت من الأوقات كان هناك 70 % من الدول الأفريقية مساندة لإسرائيل ، ولكن هذه النسبة تراجعت بعد الحرب في غزة ، بحيث وصلت إلى 40 % فقط من الدول الأفريقية مساندة لإسرائيل و60 % منهم مساندين للقضية الفلسطينية ، حيث أن القضية الفلسطينية قامت بتغيير الرؤية لدى دول كثير في القارة الأفريقية ، ولكن لازالت هناك دول أفريقية متمسكة والدليل على ذلك واقعة طرد السفير الإسرائيلي من مقر الاتحاد الإفريقي.
ماهي خطة لجنة الشئون الأفريقية بمجلس النواب خلال الفترة القادمة قبل نهاية دور الانعقاد الحالي؟
لجنة الشئون الأفريقية بمجلس النواب تعمل في عدة جهات ، ففي مجال الطيران جلسنا مع وزير الطيران ، وذلك لتعميق تواجد الخطوط الجوية المصرية في أفريقيا ، وبالفعل زاد عددها ، وأصبح هناك تواجد مصري أكبر عن الـ3 سنوات الماضية ، وهناك فارق في التواجد المصري في أفريقيا ، وهو أمر مهم جدا ، لأنه كان يتم السفر إلى عدد من الدول الأفريقية عن طريق الإمارات وتركيا وأوروبا ، مما كان يعيق التنقل.
كما أننا عقدنا اجتماع في لجنة الشئون الأفريقية بمجلس النواب مع وزير الزراعة لكي نتوسع زراعيا في أفريقيا ، حيث أننا لدينا الرقعة الزراعية محدودة مع الزيادة السكانية ونستورد قمح من روسيا وكندا وأستراليا ، وبالتالي فإن اللجنة تقترح ان تحصل مصر على أراضي في دول أفريقية ونقوم بزراعتها سواء قطاع خاص مع الحكومة ، ويقوموا بزراعة مزارع كبيرة لزراعة القمح والذرة والأرز والمحاصيل الأساسية التي نحتاجها.
كما أنه من الأمور الهامة أيضا هو التواجد اللوجيستي لمصر في أفريقيا ، وتحدثنا فيها مع الفريق كامل الوزير نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل ، وهناك خطوات جادة بشان هذا الأمر.
كما أننا ناقشنا مع وزير الأوقاف في اجتماع هام جدا خطة تم وضعها للتوسع في أفريقيا وزيادة عدد الأئمة وتأهيلهم ، ومن المهم أن أيا كان ستقوم الدولة بإرساله إلى أفريقيا سواء كان طبيب أو ائمة أو غيرهم ، لابد من منحهم الرؤية ماهي أفريقيا وكيف يتم التعامل مع الشعب الأفريقي ، وبالتالي لابد أن تؤهل الدولة من سيسافر إلى أفريقيا للعمل ، وهذا يحتاج إلى توعية من الدولة.
ومن ناحية الصناعة فإننا نهتم جدا بالتواجد في مجال الصناعة في أفريقيا ، خاصة وأنها أفريقيا لديها معادن كثيرة ، ودول كثيرة تستخرج هذه المعادن مثل الصين وغيرها ، وبالتالي لماذا يكون لمصر دور بشأن ذلك ، وبالفعل هناك بعض الشركات المصرية دخلت في مجال استخراج الذهب في أفريقيا بقوة ، وهو أمر موجود مطلوب جدا ، وبالتالي فإن أي تواجد مصري اقتصادي سواء كان صغير أو متوسط أو كبير فإنه مطلوب جدا في أفريقيا خلال الفترة القادمة ، لأن أفريقيا مجالها مفتوح جدا.
كما أن الرئيس السيسي سبق وأن صرح بأن يريد أن يصل حجم الصادرات المصرية إلى 100 مليار دولار سنويا ، كما أن أقرب سوق مصر من الممكن أن تتوسع فيه هو السوق الأفريقي ، لأنه السوق في أمريكا وآسيا لن يكون به حجم الصادرات كبير جدا ، ولكن السوق الأفريقي مفتوح والمنافسه فيه قوية جدا ، خاصة و أن كل المنتجات التي تنتج في مصر ليست في أفريقيا ، وبالتالي فإننا لدينا فرصة جيدة جدا لزيادة الصادرات المصرية لأن صادراتنا في أفريقيا ضعيفة جدا ، حيث أننا نصدر لأفريقيا حوالي 6 مليار دولار في السنة ، ولكن معظمها صادرات في شمال أفريقيا ، ولكن الجزء الذى يسمى بجنوب الصحراء غير موجودين فيه ، ولذلك فإننا نحتاج إلى مراكز لوجيستية ودراسة أسواق بطريقة أفضل ، ولكن السوق الأفريقي موجود في ظل تواجد مليار و300 مليون نسمة في أفريقيا ، كما أننا نتحدث مع وزير الاستثمار والتجارة في هذا المجال ، وسيأتي إليها في اللجنة.
في النهاية ماهو تعليقك على جهود مصر ومواقف الرئيس السيسي الرافضة لسياسة التهجير؟
هذه سياسة حكيمة جدا من الرئيس السيسي على الرغم من الضغوط الرهيبة التي تعرض لها في هذه القضية من كل العالم ومن قوى كبيرة ومع ذلك فإننا متمسكين بموقفنا رغم كل الضغوطات الاقتصادية ، إلا ان موقف الرئيس السيسي صلب وواضح جدا ويحظى باحترام وتأييد الشعب المصري كله وتقريبا الشعوب العربية كلها والشعب الفلسطيني ، وهو موقف نحيي الرئيس السيسي عليه.