لا ينفصل ما تقوم به إسرائيل في سوريا عن رؤيتها الحقيقية للمنطقة، والتي نشأت مع قيامها عام 1948، والقائمة على التوسع والضم ومحاولات إخضاع ما أمكن من المحيط لدائرة نفوذها، عبر إثارة الفتن والمكائد السياسية بهدف إضعاف كل الخصوم وضمان هيمنتها على المنطقة.
ما يحدث في سوريا هو، بشكل أو بآخر استكمال، لما حدث ويحدث في غزة وجنوب لبنان، وإن اختلفت الأساليب، ففي غزة هناك الآن اتفاق هشّ لوقف إطلاق النار أعقب حرباً استمرت أكثر من 15 شهراً، لا يبدو أنه سيشكل ضمانة لإنهائها، بقدر ما هي مرشحة للانفجار من جديد.
لكن الأخطر، في اللحظة الراهنة، هو ما تقوم به إسرائيل في سوريا لتحقيق أهداف أبعد مدى، وإن كانت كلها لا تبتعد عن الرؤية الإسرائيلية للشرق الأوسط الجديد. إذ لم تكتفِ إسرائيل بتوسيع المنطقة العازلة واحتلال أجزاء واسعة من الجنوب السوري وصولاً إلى جبل الشيخ، ولم تكتفِ بتدمير معظم القدرات العسكرية البرية والبحرية والجوية السورية بعد سقوط النظام السابق، وإنما بدأت بتنفيذ محاولاتها الخبيثة لخلق الاضطرابات والفتن بين أبناء الشعب الواحد بذريعة حماية الأقليات. وهي محاولات تنسجم مع مخططاتها التي عبرت عنها في وقت سابق والتي تستهدف رسم خرائط جديدة في المنطقة، تبدأ بتقسيم سوريا إلى أربع دويلات متناحرة.
الآن وصل الأمر بها أن أمرت جيشها بالاستعداد للتدخل في أحداث وقعت في مدينة جرمانا التي تعتبر في قلب دمشق، إذ لا تبعد عنها سوى بضعة كيلومترات، بذريعة حماية الدروز، لكن الدروز رفضوا التدخل الإسرائيلي وأكدوا أن هذه الخديعة لن تنطلي عليهم. ولن تتوقف إسرائيل عند حدود جرمانا، إذ لطالما سعت إلى تحقيق حلمها القديم بالوصول إلى نهر الفرات، سواء عبر توسيع نفوذها من جنوب سوريا إلى الحدود العراقية، أو من خلال شمال شرقي البلاد عبر ذريعة حماية الأكراد.
ومع أن كل المحاولات الإسرائيلية مرشحة للفشل، أولاً بسبب رفض السوريين أنفسهم، وثانياً لاصطدامها برفض عربي وإقليمي لا يمكنه القبول بقيام نفوذ إسرائيلي يهدد أمن المنطقة واستقرارها. لكن في كل الحالات تبقى الجبهات من غزة إلى لبنان إلى سوريا مرتبطة ببعضها بعضاً ومفتوحة على كل الاحتمالات في ظل غياب قدرة أي طرف على الحسم، وإحداث تحول دراماتيكي.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل صناع الأمل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية غزة وإسرائيل
إقرأ أيضاً:
بين سوريا ولبنان.. هكذا يتحرك جنبلاط
علّقت مصادر سياسية على الخطوات الجديدة التي اتخذها الرئيس السابق للحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط بشأن تمكين الساحة الدرزية في سوريا عبر حراك أساسه لبنان، وذلك في سبيل رفض محاولات إسرائيل جر الدروز إلى إنشقاق عن سوريا وبالتالي استغلالهم لمصلحتها.
وأوضحت المصادر أن جنبلاط يسعى لعدم ترك الساحة الدرزية في سوريا وحيدة، مشيرة إلى أن ما يقوم به جنبلاط يعطي دفعاً لزعامته بأنها عابرة للبنان ومؤثرة في سوريا رغم الأحداث فيها.
ولفتت المصادر إلى أن تأثير جنبلاط كبير على دروز سوريا وهو أمر يطلبه هؤلاء بشدة لاسيما في ظل علاقة "البيك" الوطيدة مع الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع.
المصدر: لبنان 24