عربي21:
2025-03-06@08:17:45 GMT

نداء أوجلان وآفاق السلام الداخلي في تركيا

تاريخ النشر: 6th, March 2025 GMT

تلقى كرد تركيا النداء الذي أطلقه عبد الله أوجلان من داخل سجنه مطالباً حزب العمال الكردستاني بإلقاء السلاح وحل نفسه، بحماس كبير تجلى في التجمعين الجماهيريين الكبيرين في كل من ديار بكر ووان لمتابعة قادة حزب الشعوب الديمقراطي وهم يقرأون، عبر شاشات عملاقة، النص المكثف الذي كتبه أوجلان، باللغتين الكردية والتركية.

أما مشاعرهم إزاء «العملية السياسية الجديدة» التي يختلف حول عناوينها لأن أحداً لم يطلق عليها عنواناً صريحاً يعبر عن مضمونه الغامض بدوره، فهي تدرجات من التفاؤل الحذر المشروط بما سيلي من تطورات.

وقد جاء نداء أوجلان بدعوة من زعيم التيار القومي (التركي) المتشدد دولت بهجلي الغائب منذ بعض الوقت عن المشهد السياسي بسبب مرضه، أطلقها قبل أكثر من أربعة أشهر حفلت بتحليلات وأفكار على صفحات الجرائد وشاشات التلفزيون ومنصات الإعلام الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من فضاءات التعبير. الوسط الكردي عموماً، وقادة حزب الشعوب الديمقراطي بصورة خاصة، يساهمون بحماس في هذه العملية السياسية ويعبرون عن تفاؤلهم الكبير بـ«هذه الفرصة» النادرة لحل المشكلة الكردية التي عمرها من عمر الجمهورية التركية. أوساط السلطة بالمقابل ترى الموضوع من منظور أنه فرصة للتخلص من الإرهاب ولا يعترفون بوجود مشكلة كردية، هذا ما كرره كل من أردوغان وبهجلي في كل مناسبة، مع تشديد الأخير على «الأخوة التركية ـ الكردية التي عمرها ألف عام»! حماس بهجلي للعملية وتمسكه بها على رغم عقبات كثيرة اعترضت طريقها هو الذي يراهن عليه المتفائلون، لأن الرجل معروف بتشدده القومي ومعاداته المزمنة للتعبيرات السياسية للمجتمع الكردي، إضافة إلى أنه يمثل «الدولة العميقة» في تركيا وفقاً لاعتقاد شائع، أو الدولة بنواتها الصلبة وهواجسها المتعلقة بالأمن القومي. لذلك يعتبر المتفائلون أن المسألة هذه المرة ستمضي في اتجاه الحل ما دام وراءها بهجلي بالذات، آخذين بنظر الاعتبار أن دور بهجلي في السلطة القائمة يتجاوز الحجم الصغير لحزبه في التحالف الحاكم إلى «بنية الدولة» و«عقلها المفكر».
كانت الاستجابة سريعة من قادة حزب العمال الكردستاني بأنهم سيتجاوبون بصورة إيجابية مع توجيهات أوجلان
ولوحظ على نص أوجلان أنه مدروس بدقة وربما كان نتاج «عقل جماعي» كردي. فقد شوهد الزعيم السجين في الصورة التي تم تداولها وسط قادة من حزب الشعوب الديمقراطي الذين قاموا بزيارته للمرة الثالثة في غضون شهرين، إضافة إلى ثلاثة سجناء سياسيين من القيادات المؤسسة للحزب، في رمزية عكست توحيد الرأي بين القادة المؤسسين وقادة الحركة السياسية الكردية في تركيا (حزب الشعوب) بشأن الخطوة التاريخية التي يطالب بها أوجلان.

كان لافتاً حرص نص أوجلان على رسم خطوط عريضة للمناخ الدولي والإقليمي والمحلي الذي تم تأسيس حزب العمال الكردستاني فيه كحركة سياسية مسلحة تعبر عن مظالم الكرد وتطلعاتهم المستقبلية، ويمكن تلخيصه بمناخ الحرب الباردة بين القطبين واشنطن وموسكو وصعود نجم الحركات اليسارية المسلحة في كثير من بلدان العالم بما في ذلك بعض البلدان الرأسمالية المتطورة. ليضيف النص أن تلك الشروط تغيرت بصورة جذرية بدءا من التسعينيات، وبخاصة بعد انهيار النموذج السوفييتي وانتهاء الحرب الباردة. فدخل حزب العمال الكردستاني في متاهة من البحث عن معنى ودور جديدين يكرر فيها نفسه بلا جدوى. أي أن أوجلان يؤكد أن عمر حركته المسلحة قد انتهى منذ أكثر من ربع قرن، داعياً الحزب إلى حل نفسه لهذا السبب وليس بسبب ظرف مستجد، كما فعلت حركات مسلحة عديدة بعد إعادة تقييم تجربتها فتحولت إلى حركات سياسية تواصل نضالها بالوسائل السلمية المشروعة. كما أكد النص أن إلقاء الحزب للسلاح ليس نتيجة لهزيمة عسكرية لحقت به بل بقرار ذاتي ينبغي اتخاذه في مؤتمر عام يجمع الحزب بمختلف منظماته. فالدعوة إذن هي لعقد مؤتمر تاريخي يشكل منصة للتحول من حركة مسلحة إلى حركة سياسية.



كانت الاستجابة سريعة من قادة حزب العمال الكردستاني بأنهم سيتجاوبون بصورة إيجابية مع توجيهات أوجلان، وإن أضافوا أن نجاح العملية لا يتوقف عليهم فقط، فثمة طرف آخر، الدولة التركية، ستكون مساهمته حاسمة في تحقيق النجاح.

كل هذه التفاصيل تصب في خانة التفاؤل، لكن المشهد السياسي العام في تركيا يبدو وكأنه يمضي في اتجاه معاكس، أو على الأقل بما لا يبشر بمضي «العملية» بسلاسة. فقد ازدادت في الأشهر القليلة الماضية عمليات عزل رؤساء بلديات من حزب الشعوب الديمقراطي، أو شخصيات كردية فازت في الانتخابات المحلية على لوائح حزب الشعب الجمهوري، وتفتح دعاوى قضائية بحق رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو الذي بدأ استعداداته مبكراً للترشح في الانتخابات الرئاسية القادمة، في مواجهة أردوغان وفقاً لسيناريو شائع، بل وصل الأمر إلى اعتقال اثنين من إداريي جمعية رجال الأعمال المعروفة بـ«نادي أشد الأثرياء في تركيا» وتقديمهما للمحاكمة، إضافة إلى أعداد متزايدة من الصحافيين، في إجراءات يمكن إجمالها بالاندفاع إلى مزيد من السلطوية والتضييق على حرية التعبير. ويبدو حزب الشعب الجمهوري هو الأقل حماسةً للعملية السياسية الجارية على جهة المسألة الكردية، لأنه يراها من منظور تكتيكي يتصل برغبة السلطة في استمالة الحركة السياسية الكردية لمساندة مشروع تعديل دستوري يتيح للرئيس أن يعيد ترشيح نفسه لولاية جديدة بعد استنفاد فرصه وفقاً للدستور المعمول به. ولا بد من الإشارة في هذا السياق إلى أن نص أوجلان نفسه قد أكد على مفهومه لـ«المجتمع الديمقراطي» كوعاء للحل المنشود.

المصدر: القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تركيا العمال الكردستاني تركيا العمال الكردستاني اوجلان سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب الشعوب الدیمقراطی حزب العمال الکردستانی قادة حزب فی ترکیا

إقرأ أيضاً:

العراق يدعو لانسحاب العمال الكردستاني والجيش التركي بعد إتمام اتفاقهما

دعا مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي إلى انسحاب حزب العمال الكردستاني والقوات التركية من شمال العراق في حال إتمام اتفاق السلام بين الطرفين المتحاربين.

وقال الأعرجي، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية اليوم الأربعاء، "لا نريد حزب العمال الكردستاني على أراضينا ولا الجيش التركي… العراق يريد انسحاب الجميع".

وأشار إلى أن القوات التركية موجودة في العراق "بذريعة وجود حزب العمال الكردستاني"، وأن تركيا أكدت في أكثر من اجتماع أنه ليس لديها أي أطماع بالأراضي العراقية، وفق تعبيره.

وتقيم تركيا منذ 25 عاما قواعد عسكرية في شمال العراق لمواجهة مقاتلي حزب العمال الكردستاني المنتشرين في مواقع ومعسكرات بإقليم كردستان العراق، وتشنّ بانتظام عمليات برية وجوية ضدهم.

وأعلن حزب العمال الكردستاني مطلع الشهر الجاري أنه قرر الامتثال لدعوة زعيمه المسجون عبد الله أوجلان بالتخلي عن السلاح وإعلان وقف فوري لإطلاق النار، في خطوة قد تؤدي إلى إنهاء النزاع المسلح مع تركيا، المستمر منذ أكثر من 40 عاما والذي أودى بحياة عشرات الآلاف.

أزمة مخيم الهول

من ناحية أخرى، صرح الأعرجي بأن خفض المساعدات الأميركية الدولية يعيق إعادة العراقيين من مخيم الهول في سوريا بحلول نهاية عام 2025 كما كانت بغداد تأمل.

إعلان

وقال: "فوجئنا بإيقاف دعم المنظمات من الجانب الأميركي الذي لطالما كان الداعم الأكبر. بالتالي حصل خلل في عمل المنظمات"، لافتا إلى أن بغداد تعمل على نقل كل العراقيين المتبقين في الهول إلى مخيم في شمال العراق.

وأعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع الماضي خفض المساعدات الدولية الأميركية بشكل كبير ولا سيما إلغاء 92% من تمويل برامج التنمية والمساعدات الخارجية التي تقدمها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

وجاء ذلك بعدما وقع ترامب أمرا تنفيذيا في أول يوم له في منصبه، نص على تجميد كل المساعدات الخارجية الأميركية لمدة 90 يوما لإعطاء إدارته الوقت لمراجعة الإنفاق الخارجي.

وأدى هذا القرار إلى تعطيل العديد من البرامج بينها برامج في مخيمات بسوريا حيث حذرت مجموعات حقوقية من تفاقم الوضع المتردي أصلا.

وتحتجز الوحدات الكردية في شمال شرق سوريا قرابة 56 ألف شخص بينهم 30 ألف طفل في 24 منشأة احتجاز ومخيّمين هما الهول وروج، وذلك منذ إعلانها طرد تنظيم الدولة الإسلامية من آخر معاقله في سوريا عام 2019.

وقال الأعرجي إن "العقبة الوحيدة والأساسية هي توقف الدعم لهذه المنظمات، والعراق غير قادر وحده على إنهاء هذا الملف".

ودعا المجتمع الدولي إلى "الالتفات إلى هذه القضية والتعاون من أجل حلها".

مقالات مشابهة

  • العراق يدعو لانسحاب العمال الكردستاني والجيش التركي بعد إتمام اتفاقهما
  • نزع سلاح حزب العمال الكردستاني انتصار لأردوغان.. هكذا سيستفيد منه
  • ما بعد دعوة أوجلان إلى إلقاء السلاح
  • ما تاريخ الصراع بين تركيا وحزب العمال الكردستاني؟
  • لماذا لن يكون السلام وشيكاً بعد رسالة أوجلان؟
  • كيف سينعكس قرار حل حزب العمال الكردستاني على العراق؟
  • نزع سلاح العمال الكردستاني يثير الرعب في إسرائيل
  • حزب العمال الكردستاني ووقف إطلاق النار.. قراءة في الدلالات والانعكاسات الإقليمية
  • هل تنتقل قيادات العمال الكردستاني لدولة ثالثة؟