نهج عدواني خطير.. إسرائيل تتبنى استراتيجية عسكرية توسعية وسط جمود وقف إطلاق النار
تاريخ النشر: 5th, March 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
مع تعثر مفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، شرع الجيش الإسرائيلى فى تحول استراتيجي، فوسع نطاق وجوده الإقليمى خارج حدوده. وتحافظ قوات الدفاع الإسرائيلية الآن على مناطق عازلة طويلة الأمد على جبهات متعددة، بما فى ذلك غزة ولبنان وسوريا والضفة الغربية، مما يشير إلى تغيير جوهرى فى سياسة إسرائيل الأمنية.
تعثرت المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار فى غزة، والتى كان من المقرر أن تبدأ فى الثانى من مارس، حيث ترفض إسرائيل الدخول فى محادثات ما لم تطلق حماس سراح المزيد من الرهائن. وللضغط على حماس، قطعت إسرائيل المساعدات الإنسانية والسلع التجارية عن الجيب المدمر بالفعل.
ويتماشى هذا الانهيار فى المفاوضات مع تحول أوسع فى العقيدة العسكرية الإسرائيلية. الآن، يعمل جيش الدفاع الإسرائيلى على تأمين سيطرة إقليمية ممتدة خارج الأراضى الإسرائيلية، وهو النهج الذى تغذيته المخاوف الأمنية بعد ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، والضغوط السياسية من ائتلاف نتنياهو اليميني. ومع تقديم إدارة ترامب للدعم الثابت، يبدو أن إسرائيل تعمل على تعزيز موقفها بدلاً من السعى إلى خفض التصعيد.
تحدى الاتفاق
كما تحدى الوجود الإسرائيلى فى لبنان الاتفاقات السابقة.. بموجب اتفاق توسطت فيه الولايات المتحدة مع حزب الله فى أعقاب صراعهما العام الماضي، كان من المقرر أن ينسحب جيش الدفاع الإسرائيلى من الأراضى اللبنانية بحلول يناير. ومع ذلك، استمرت إسرائيل فى احتلال خمسة مواقع محصنة فى جنوب لبنان، متذرعةً بالإشارة إلى عودة حزب الله المحتملة. لم يتم تحديد جدول زمنى للانسحاب، مما أثار مخاوف من إطالة أمد الاشتباك العسكري.
وفى الوقت نفسه، على الجبهة السورية، انتهكت إسرائيل وقف إطلاق النار الذى دام طويلاً مع دمشق عام ١٩٧٤. فى أعقاب انهيار نظام بشار الأسد فى ديسمبر، عبرت القوات الإسرائيلية إلى الأراضى السورية، مشيرة فى البداية إلى مخاوف أمنية حدودية. وعلى الرغم من تشكيل حكومة جديدة تحت قيادة هيئة تحرير الشام، فقد أقامت إسرائيل مواقع عسكرية دائمة وطالبت بنزع السلاح الكامل من جنوب سوريا، مما يشير إلى وجود غير محدد.
النزوح القسري
فى الضفة الغربية، ابتعدت إسرائيل عن الاتفاقيات السابقة بموجب اتفاقيات أوسلو، وخاصةً فى جنين وطولكرم. وقد شهدت هذه المدن، الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية، عمليات كبيرة لجيش الدفاع الإسرائيلي، مما أدى إلى نزوح ما يقدر بنحو ٤٠ ألف مدني. وأكد وزير الدفاع يسرائيل كاتس أن القوات الإسرائيلية ستبقى فى هذه المناطق إلى أجل غير مسمى لمنع ما أسماه "عودة الإرهاب".
ويبرر المسئولون الإسرائيليون هذا التحول باعتباره استراتيجية ضرورية "لإدارة المخاطر"، مع إعطاء الأولوية للأمن على المدى الطويل على وقف إطلاق النار قصير المدى. ويشير المحللون العسكريون إلى أن إسرائيل تتصرف الآن على أساس قدرات العدو وليس التهديدات المباشرة، مما يضمن وجودًا دائمًا فى المناطق الاستراتيجية.
فى حين تركز حماس على استعادة السيطرة المدنية فى غزة، فإن استمرار الضغوط العسكرية الإسرائيلية قد يدفع الجماعة نحو تجدد الأعمال العدائية. وحذر مسئولون فى جيش الدفاع الإسرائيلى من هجوم واسع النطاق إذا لم توافق حماس على شروط وقف إطلاق النار المعدلة التى اقترحتها إسرائيل. وقد يمهد هذا الطريق لخطة مثيرة للجدل اقترحها ترامب لأول مرة: نقل سكان غزة وتحويل المنطقة إلى مركز سياحى فاخر.
ويعود ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب، إلى المنطقة قريبًا للتفاوض على صفقة جديدة، ولكن حتى ذلك الحين، فإن الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية على استعداد للتصعيد بدلاً من الانسحاب.
مخاطر دبلوماسية
إن التوسع العسكرى الإسرائيلى على المدى الطويل يأتى بتكاليف كبيرة. ففى لبنان، يوفر وجودها المستمر لحزب الله مبررًا للاحتفاظ بقواته المسلحة، مما يقوض الجهود التى تبذلها الحكومة اللبنانية الجديدة لنزع سلاح الجماعة. وفى الوقت نفسه، فإن الحفاظ على بصمة عملياتية واسعة النطاق يضغط على ميزانية الدفاع الإسرائيلية ويجبر جنود الاحتياط على الانتشار لفترات طويلة.
ولعل الأمر الأكثر أهمية هو أن التوسع الإسرائيلى قد يلحق الضرر بالعلاقات الدبلوماسية. قد تنظر مصر والأردن إلى الوجود العسكرى المتزايد باعتباره مزعزعاً للاستقرار. وقد تدفع الحكومتان الجديدتان فى سوريا ولبنان، الحريصتان على المشاركة الغربية، إلى الانسحاب الإسرائيلى كشرط للتقدم الدبلوماسي.
مستقبل هش
فى الوقت الحالي، يبدو أن العقيدة العسكرية الموسعة لإسرائيل قابلة للاستدامة، حيث لا يزال خصومها ــ بما فى ذلك حزب الله وحماس ــ ضعفاء. ومع ذلك، يعتمد هذا الموقف العدوانى بشكل كبير على الدعم المستمر من إدارة ترامب، التى كانت تاريخيا غير متوقعة فى قراراتها المتعلقة بالسياسة الخارجية.
مع تصاعد التوترات على جبهات متعددة، فإن التوسع العسكرى الإسرائيلى الخطير لا يهدد بتجدد الصراعات الإقليمية فحسب، بل ويهدد أيضاً بتحول فى التحالفات الدبلوماسية العالمية. وسوف تختبر الأسابيع المقبلة ما إذا كانت هذه الاستراتيجية قادرة على تأمين الاستقرار على المدى الطويل أم أنها ستشعل فتيل المزيد من عدم الاستقرار فى المنطقة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: إسرائيل حماس وقف إطلاق النار
إقرأ أيضاً:
إدانات عربية لوقف إسرائيل المساعدات لغزة
أدانت دول عربية، الأحد، وقف إسرائيل المساعدات لغزة، معتبرة ذلك "انتهاكا صارخا لاتفاق وقف إطلاق النار بالقطاع بين حركة حماس وتل أبيب، والقانون الدولي".
جاء ذلك حسب مواقف رسمية صادرة عن كل من السعودية ومصر والأردن وقطر.
وعند منتصف ليل السبت/الأحد، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بقطاع غزة رسميا، والتي استغرقت 42 يوما، دون موافقة إسرائيل على الدخول في المرحلة الثانية، وإنهاء الحرب، وسط عراقيل من رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو.
وقبل ساعات، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في بيان، إن "رئيس الوزراء قرر أنه ابتداء من صباح اليوم (الأحد) سيتوقف دخول كل البضائع والإمدادات إلى قطاع غزة".
وقوبل موقف نتنياهو، بانتقاد شديد وهجوم من أهالي الأسرى وسياسيين إسرائيليين، إذ اتهموه بالتهرب من مفاوضات المرحلة الثانية وتعريض حياة الأسرى للخطر.
وعقب قرار إيقاف المساعدات، قالت حركة حماس، في بيان، إن وقف المساعدات الإنسانية يعد "ابتزازا رخيصا، وجريمة حرب، وانقلاب سافر على الاتفاق".
ودعت الوسطاء (مصر وقطر والولايات المتحدة) والمجتمع الدولي إلى "التحرك للضغط على الاحتلال ووقف إجراءاته العقابية وغير الأخلاقية بحق أكثر من مليوني إنسان في قطاع غزة".
** السعودية
أدانت السعودية قرار الحكومة الإسرائيلية وقف دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، واستخدامها "أداة للابتزاز والعقاب الجماعي"، مؤكدة أن ذلك "يعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي".
وقالت الخارجية السعودية، في بيان: "المملكة تعرب عن إدانتها واستنكارها قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي وقف دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، واستخدامها أداة للابتزاز والعقاب الجماعي".
وأوضحت أن ذلك "يعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي ومساسًا مباشرًا بقواعد القانون الدولي الإنساني، في ظل الكارثة الإنسانية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني الشقيق".
** مصر
كذلك، أدانت مصر قرار إسرائيل بوقف إدخال المساعدات الإنسانية لغزة، مؤكدة أن ذلك يعد "انتهاكا صارخا لاتفاق وقف إطلاق النار بالقطاع" بين حركة حماس وتل أبيب.
وقالت الخارجية المصرية، في بيان، إنها "تدين القرار الصادر عن الحكومة الإسرائيلية بوقف إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، وغلق المعابر المستخدمة في أعمال الإغاثة الإنسانية"، حسب البيان ذاته.
وأكدت أن "تلك الإجراءات تعد انتهاكا صارخا لاتفاق وقف إطلاق النار، وللقانون الدولي الإنساني، واتفاقية جنيف الرابعة، وكافة الشرائع الدينية".
واتفاقية جنيف الرابعة، هي إحدى المعاهدات الأربع لاتفاقيات جنيف، اعتمدت في أغسطس/ آب 1949، وتحدد الحماية الإنسانية للمدنيين في منطقة حرب.
وشددت مصر على "عدم وجود أي مبرر أو ظرف أو منطق يمكن أن يسمح باستخدام تجويع المدنيين الأبرياء وفرض الحصار عليهم، لاسيما خلال شهر رمضان، کسلاح ضد الشعب الفلسطيني".
وطالبت القاهرة "المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته لوقف جميع الممارسات غير الشرعية وغير الإنسانية، التي تستهدف المدنيين، وإدانة محاولات تحقيق الأغراض السياسية من خلال تعريض حياة الأبرياء للخطر".
** الأردن
وفي خطوة مماثلة، أدانت وزارة الخارجية الأردنية بأشد العبارات قرار إسرائيل وقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وإغلاق المعابر المستخدمة لهذه الغاية.
واعتبرت الخارجية الأردنية، في بيان، قرار تل أبيب وقف إدخال المساعدات لغزة "خرقا فاضحا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ولاتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين في وقت الحرب لعام 1949".
وشدد الناطق باسم الوزارة سفيان القضاة، أن "قرار الحكومة الإسرائيلية يُعد انتهاكاً فاضحاً لاتفاق وقف إطلاق النار، ما يهدد بتفجر الأوضاع مجدداً في القطاع".
وأكد القضاة، على "ضرورة أن توقف إسرائيل استخدام التجويع سلاحاً ضد الفلسطينيين والأبرياء من خلال فرض الحصار عليهم، خصوصا خلال شهر رمضان المبارك".
كما دعا المجتمع الدولي لـ"تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، وإلزام إسرائيل الاستمرار باتفاق وقف إطلاق النار وضمان تنفيذ مراحله كافة، وفتح المعابر المخصصة لإرسال المساعدات الإنسانية إلى مختلف أنحاء القطاع، الذي يعاني من كارثة إنسانية غير مسبوقة".
** قطر
وفي معرض إدانتها لوقف إسرائيل إدخال المساعدات لغزة، أكدت الخارجية القطرية، في بيان، "الرفض القاطع استخدام إسرائيل الغذاء كسلاح حرب (بغزة) وتجويع المدنيين".
ودعت المجتمع الدولي لإلزام إسرائيل بضمان دخول المساعدات بشكل آمن ومستدام ودون عوائق إلى كافة مناطق القطاع.
وجاء في البيان: "قطر تدين بشدة قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي بوقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وتعده انتهاكا صارخا لاتفاق وقف إطلاق النار، وللقانون الدولي الإنساني، واتفاقية جنيف الرابعة، وكافة الشرائع الدينية".
وجددت خارجية قطر موقفها الثابت من "عدالة القضية الفلسطينية، والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، بما في ذلك إقامة دولته المستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية".
وفي 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، بدأ اتفاق لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل أسرى بين حماس وإسرائيل، يتضمن 3 مراحل تستمر كل منها 42 يوما، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.
وبدعم أمريكي، ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 160 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.