أعظمُ مكاسب التقوى روحيةُ الجهاد في سبيل الله!
تاريخ النشر: 5th, March 2025 GMT
يحيى صالح الحَمامي
من الاستماع إلى محاضرة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- بمناسبة قدوم شهر رمضان والذي لفت انتباهي في آخر المحاضرة ما قاله: “إن من أعظم المكاسب في التقوى إحياء روحية الجهاد في سبيل الله”، إذَا تعظّم الجهاد وأهميته في نفسية الإنسان المؤمن فهذا امتثال المؤمن بالعبودية لله، وعدم إحياء روحية الجهاد في نفوس الأُمَّــة ينتج ضعف المسلمين والخِذلان والعجز وعدم القدرة في مواجهة أعداء الله.
ونكتفي بصدق ما قاله السيد القائد -يحفظه الله- ما صارت إليه الأُمَّــة الإسلامية من الذُّل أمام “أمريكا” لقد عجزَ قادة العرب عن مناصرة غزة وصار حال العرب والمسلمين بالحال المخزي والمهين، مواقف المسلمين والعرب تجاه “فلسطين” مواقف سلبية، كم كانت غزة بأمسِّ الحاجة إلى صمت العرب والمسلمين!
لقد تضررت المقاومة الفلسطينية من تصريحات العرب، جميع الإدانات والرفض من قبل ممثليهم ليست في صالح غزة، جميع التصاريح لصالح “إسرائيل”، ملوك العرب أصبحوا يراضون اليهود، سخروا من أنفسهم ومنافذهم البرية والبحرية لخدمة “إسرائيل” قدموا السلاح والغذاء والدواء للكيان الصهيوني لكسر حصار اليمن الذي فرضته عبر القوات البحرية على جميع سفن شركات النقل البحري التي تتعامل مع موانئ الكيان الصهيوني، وكانت عمليات جيش اليمن العسكرية مؤثرة، لقد استخدموا القوة الصاروخية والطيران المسيّر لاستهداف السفن التجارية التي تجاوزت قرار الحظر، بل القوات البحرية الأمريكية والبريطانية والفرنسية التي أتت لحماية التجارة الصهيونية وكانت عملية اليمن قوية قصمت ظهر “إسرائيل” قال تعالى: “قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ” {14}[سورة: التوبة].
أعظم مكاسب التقوى في نفسية المؤمنين روحية الجهاد في سبيل الله، لذلك السيد القائد -يحفظه الله- أوضح أن الجهاد لا يتوقف مع شهر رمضان، والذي ارتبطت به أحداث ومتغيرات في الميدان الجهادي في مواجهة أعداء الله، لقد وقعت انتصارات في عهد رسول الله محمد -صلوات ربي عليه وآله- في شهر رمضان انتصارات للمسلمين عظيمة في تأريخ نشر الرسالة الإلهية ومن أهمها فتح “مكة” لذلك ما فهمناه من محاضرات السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- أنه يريد أن يوصل رسالة للشعب اليمني أن صيام شهر رمضان لم يكن محبطاً للعمل والجهاد في الميدان.
شهر رمضان لا يقيد من عمل وتحَرّك المسلمين، ولم يأتِ رمضان ليوقف العمل ولم يرشدنا بعدم التحَرّك، فالصوم والعبادة والعمل والجهاد يضاعف الله فيه الأجر، والفضل والجزاء من الله كبير وعظيم، لقد جعل الله جميع العبادات هي للإنسان ولكن الصوم جعله الله له “كُـلُّ عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به” هذا لمن كان من المقبولين عند الله، تقرب المؤمن من الله بالعبادة والعمل الصالح من الصوم والصدقات والصلاة والقيام وإخراج الزكاة وتلاوة القرآن الكريم عبادات متلازمة ترتبط في شهر رمضان الكريم وهذه نعمة من الله سبحانه وتعالى.
السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- يريد أن يثبت لنا بأهميّة إحياء روحية الجهاد وحكاها بدلائل ووقائع انتصارات من الله للمؤمنين وقعت في شهر رمضان؛ لذلك فإن شهر رمضان شهر جهاد وعبادة.
انتصارات من الله للأُمَّـة المحمدية وقعت في شهر رمضان، كما وأنها تغير ونقلة نوعية للإسلام وانتصار الحق على الباطل في توسع ونشر الرسالة الإلهية في الوطن العربي، ونتساءل مع الآية الكريمة التي ألزمت المؤمنين بالصبر والمصابرة والمرابطة والتقوى التي تأتي بثمرة الفلاح للأُمَّـة المحمدية، قال تعالى: “يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتّقُواْ اللّهَ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ” صدق الله العظيم.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: السید القائد فی شهر رمضان یحفظه الله الجهاد فی من الله
إقرأ أيضاً:
د. عصام محمد عبد القادر يكتب: رمضان.. شهر التقوى والفضيلة
نتطلع إلى ما يجري خلال أيام شهر رمضان الكريم؛ فنجد تغيّرات حميدة في العديد من السلوكيات لدى الكثير؛ فنرى استعدادات معنوية ومادية تلوح ملامحها في أجواء تشكّل روحانيات رمضانية؛ فتسمع القرآن والتواشيح والأدعية التي تطرب القلوب وتشنف الآذان وتسقي الوجدان من فيض نغم شجن التلاوات المتنوعة لكبار القرّاء والمنشدين. كما تُعقد جلسات الذكر والوعظ التي يتجدّد من خلالها الإيمان وتزداد شعلته.
في شهر الطيبات والتسابق تجاه أعمال البر، حثّنا القرآن الكريم على تدبّر الآيات ووعي ما يوجَّه إلينا من تعاليم تهدينا إلى الصراط المستقيم، وفي التنزيل العزيز قال الله – تعالى –:
﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ (البقرة: 185).
عَظُم هذا الشهر بتنزّل القرآن الكريم، الدستور المنظِّم للحياة بمكتمل أركانها؛ فلم يترك شاردة ولا واردة إلّا وتجد لها أصلًا وحكمًا في كتاب الله – عز وجل – لذا فقراءة القرآن وتدبّر ما به من أحكام تنير لنا الطريق ولا تدع مجالًا للغيّ أو التشرذم؛ فقد أتى بالتكليفات وشفعها بالرخص؛ فخالق الخلق أدرى وأعلم بخلجات الصدور وما تكنّه الأفئدة. وعلينا أن نزكّي النفس ونطهّرها من خلال الانغماس في الطاعات والبعد عن كل ما من شأنه أن يضعف العزيمة وينال من الإرادة تجاه الأعمال الصالحات في تلك الأيام الطيبة التي تمضي سريعًا.
رمضان فرصة سانحة كي نخرج من بيئة ممتلئة بزخم المادة ونتّصل بعبق نفحاته التي تكمن في العديد من السلوكيات الحميدة؛ حيث إن العطاء من المداخل التي تسهم في خلق مناخ إيجابي تبحر الروح من خلاله في التدبّر؛ فترى أن هجران ما يعيق الطاعات بات أمرًا ميسورًا؛ فقد أصبح سياج الحماية قائمًا على فلسفة التقبّل التي تبدو جلية فيما ننهله من مواعظ وتذكرة وما نسمعه من قصص ملهمة تخرج من ألسن صادقة وقلوب عامرة بذكر الرحمن الرحيم.
شهر التقوى والفضيلة تتكاثر فيه أسباب الخير، وتتّسع فيه شراكات الطاعات وفضائل الأعمال وصور البر، وتلك من المعينات التي تغرس في النفوس والوجدان قيمًا نبيلة، مجتمعةً كانت أم مرتبطة بالعقيدة. وهذا يجعل الإنسان لا يتهاون في أداء الفرائض، ولا يتكاسل عن أفعال الخير، ولا يتراجع عن طريق نور الهداية، بل يجتهد قدر استطاعته ويتلمّس عبر ذلك رضا الله – تعالى – ويطلب راجيًا عفوه وغفرانه بكلمات رقراقة. كما كان يقول الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم:
«اللَّهُمَّ إني أَسْأَلُكَ الهُدَى، وَالتُّقَى، وَالعَفَافَ، وَالغِنَى». رواه مسلم.
نحتاج من الحين إلى الآخر لأوقات نختلي بها؛ لتأخذ الروح قسطًا من الراحة؛ حيث تشتاق للذكر وتلاوة القرآن بغية التدبّر في معانيه، والغور في سياق تراكيبه البديعة، واستلهام الموعظة والعِبرة في متلون قصصه؛ فتزداد تقوى الإنسان منا، وتلك – والله – غاية عظيمة تصبّ في فلسفة الاستخلاف على الأرض. فقد قال الله – تعالى – في محكم التنزيل: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ (الذاريات: 56).
ولا ننسى أن من مفردات العبادة يتمخّض الإعمار بالعمل والجد والاجتهاد؛ فالارتباط وثيق دون ريب.
في أيام شهر التقوى والفضيلة نتخلّص من هموم الحياة وحساباتها الضيقة، ونتطلّع إلى رب السماوات والأرض، ونحاول تصفية نفوسنا من شهوات ورغبات امتلكت الوجدان، وصار البحث عنها واللهث وراءها في هرم الأولويات؛ لذا لا نتقاعس عن كل فعل وعمل مكوّنه البر ومفاده نفع الناس؛ فما أجمل استدامة العطاء.
وفي هذا الإطار نختم كلامنا بحديث رواه ابن عمر – رضي الله عنهما –:
أن رجلًا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
يا رسول الله! أيُّ الناس أحبُّ إلى الله؟
فقال:
«أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهُمْ للناسِ، وأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ – عزَّ وجلَّ – سرورٌ يُدْخِلُه على مسلمٍ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً، أوْ يقْضِي عنهُ دَيْنًا، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا، ولأنْ أَمْشِيَ مع أَخٍ لي في حاجَةٍ أحبُّ إِلَيَّ من أنْ أعتَكِفَ في هذا المسجدِ شهرًا. ومَنْ كَفَّ غضبَهُ سترَ اللهُ عورتَهُ، ومَنْ كَظَمَ غيظَهُ ولَوْ شاءَ أنْ يُمْضِيَهُ أَمْضاهُ ملأَ اللهُ قلبَهُ رجاءً يومَ القيامةِ، ومَنْ مَشَى مع أَخِيهِ في حاجَةٍ حتى تتَهَيَّأَ لهُ، أثْبَتَ اللهُ قدمَهُ يومَ تزولُ الأقدامِ».
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.