تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 

مع تعثر مفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، شرع الجيش الإسرائيلى فى تحول استراتيجي، فوسع نطاق وجوده الإقليمى خارج حدوده. وتحافظ قوات الدفاع الإسرائيلية الآن على مناطق عازلة طويلة الأمد على جبهات متعددة، بما فى ذلك غزة ولبنان وسوريا والضفة الغربية، مما يشير إلى تغيير جوهرى فى سياسة إسرائيل الأمنية.

تعثرت المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار فى غزة، والتى كان من المقرر أن تبدأ فى الثانى من مارس، حيث ترفض إسرائيل الدخول فى محادثات ما لم تطلق حماس سراح المزيد من الرهائن. وللضغط على حماس، قطعت إسرائيل المساعدات الإنسانية والسلع التجارية عن الجيب المدمر بالفعل.

ويتماشى هذا الانهيار فى المفاوضات مع تحول أوسع فى العقيدة العسكرية الإسرائيلية. الآن، يعمل جيش الدفاع الإسرائيلى على تأمين سيطرة إقليمية ممتدة خارج الأراضى الإسرائيلية، وهو النهج الذى تغذيته المخاوف الأمنية بعد ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، والضغوط السياسية من ائتلاف نتنياهو اليميني. ومع تقديم إدارة ترامب للدعم الثابت، يبدو أن إسرائيل تعمل على تعزيز موقفها بدلًا من السعى إلى خفض التصعيد.

تحدى الاتفاق

كما تحدى الوجود الإسرائيلى فى لبنان الاتفاقات السابقة.. بموجب اتفاق توسطت فيه الولايات المتحدة مع حزب الله فى أعقاب صراعهما العام الماضي، كان من المقرر أن ينسحب جيش الدفاع الإسرائيلى من الأراضى اللبنانية بحلول يناير. ومع ذلك، استمرت إسرائيل فى احتلال خمسة مواقع محصنة فى جنوب لبنان، متذرعةً بالإشارة إلى عودة حزب الله المحتملة. لم يتم تحديد جدول زمنى للانسحاب، مما أثار مخاوف من إطالة أمد الاشتباك العسكري.

وفى الوقت نفسه، على الجبهة السورية، انتهكت إسرائيل وقف إطلاق النار الذى دام طويلًا مع دمشق عام ١٩٧٤. فى أعقاب انهيار نظام بشار الأسد فى ديسمبر، عبرت القوات الإسرائيلية إلى الأراضى السورية، مشيرة فى البداية إلى مخاوف أمنية حدودية. وعلى الرغم من تشكيل حكومة جديدة تحت قيادة هيئة تحرير الشام، فقد أقامت إسرائيل مواقع عسكرية دائمة وطالبت بنزع السلاح الكامل من جنوب سوريا، مما يشير إلى وجود غير محدد.

النزوح القسري

فى الضفة الغربية، ابتعدت إسرائيل عن الاتفاقيات السابقة بموجب اتفاقيات أوسلو، وخاصةً فى جنين وطولكرم. وقد شهدت هذه المدن، الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية، عمليات كبيرة لجيش الدفاع الإسرائيلي، مما أدى إلى نزوح ما يقدر بنحو ٤٠ ألف مدني. وأكد وزير الدفاع يسرائيل كاتس أن القوات الإسرائيلية ستبقى فى هذه المناطق إلى أجل غير مسمى لمنع ما أسماه "عودة الإرهاب".

ويبرر المسئولون الإسرائيليون هذا التحول باعتباره استراتيجية ضرورية "لإدارة المخاطر"، مع إعطاء الأولوية للأمن على المدى الطويل على وقف إطلاق النار قصير المدى. ويشير المحللون العسكريون إلى أن إسرائيل تتصرف الآن على أساس قدرات العدو وليس التهديدات المباشرة، مما يضمن وجودًا دائمًا فى المناطق الاستراتيجية.

فى حين تركز حماس على استعادة السيطرة المدنية فى غزة، فإن استمرار الضغوط العسكرية الإسرائيلية قد يدفع الجماعة نحو تجدد الأعمال العدائية. وحذر مسئولون فى جيش الدفاع الإسرائيلى من هجوم واسع النطاق إذا لم توافق حماس على شروط وقف إطلاق النار المعدلة التى اقترحتها إسرائيل. وقد يمهد هذا الطريق لخطة مثيرة للجدل اقترحها ترامب لأول مرة: نقل سكان غزة وتحويل المنطقة إلى مركز سياحى فاخر.

ويعود ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب، إلى المنطقة قريبًا للتفاوض على صفقة جديدة، ولكن حتى ذلك الحين، فإن الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية على استعداد للتصعيد بدلًا من الانسحاب.

مخاطر دبلوماسية

إن التوسع العسكرى الإسرائيلى على المدى الطويل يأتى بتكاليف كبيرة. ففى لبنان، يوفر وجودها المستمر لحزب الله مبررًا للاحتفاظ بقواته المسلحة، مما يقوض الجهود التى تبذلها الحكومة اللبنانية الجديدة لنزع سلاح الجماعة. وفى الوقت نفسه، فإن الحفاظ على بصمة عملياتية واسعة النطاق يضغط على ميزانية الدفاع الإسرائيلية ويجبر جنود الاحتياط على الانتشار لفترات طويلة.

ولعل الأمر الأكثر أهمية هو أن التوسع الإسرائيلى قد يلحق الضرر بالعلاقات الدبلوماسية. قد تنظر مصر والأردن إلى الوجود العسكرى المتزايد باعتباره مزعزعًا للاستقرار. وقد تدفع الحكومتان الجديدتان فى سوريا ولبنان، الحريصتان على المشاركة الغربية، إلى الانسحاب الإسرائيلى كشرط للتقدم الدبلوماسي.

مستقبل هش 

فى الوقت الحالي، يبدو أن العقيدة العسكرية الموسعة لإسرائيل قابلة للاستدامة، حيث لا يزال خصومها ــ بما فى ذلك حزب الله وحماس ــ ضعفاء. ومع ذلك، يعتمد هذا الموقف العدوانى بشكل كبير على الدعم المستمر من إدارة ترامب، التى كانت تاريخيا غير متوقعة فى قراراتها المتعلقة بالسياسة الخارجية.

مع تصاعد التوترات على جبهات متعددة، فإن التوسع العسكرى الإسرائيلى الخطير لا يهدد بتجدد الصراعات الإقليمية فحسب، بل ويهدد أيضًا بتحول فى التحالفات الدبلوماسية العالمية. وسوف تختبر الأسابيع المقبلة ما إذا كانت هذه الاستراتيجية قادرة على تأمين الاستقرار على المدى الطويل أم أنها ستشعل فتيل المزيد من عدم الاستقرار فى المنطقة.

*مجلة "إيكونوميست"

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: إسرائيل إسرائيل وحماس حماس وقف اطلاق النار وقف إطلاق النار

إقرأ أيضاً:

الأوقاف الفلسطينية: رفع الأعلام الإسرائيلية على الحرم الابراهيمي اعتداء خطير وانتهاك صارخ

الثورة نت/..

أكدت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، أن رفع قوات العدو الصهيوني والمستوطنين الأعلام الإسرائيلية فوق سطح المسجد الإبراهيمي الشريف وأسواره، اعتداء خطير وانتهاك صارخ لقدسية المسجد.

كما أكدت في بيان اليوم الثلاثاء، أن هذه الخطوة تمثل انتهاكاً صارخاً لقدسية المسجد الإبراهيمي واستفزازاً لمشاعر المسلمين، وعدواناً يضاف إلى الانتهاكات المتواصلة بحق المقدسات الإسلامية.

وكانت مجموعةً من المستوطنين رفقة جيش العدو قد رفعوا عدداً من الأعلام الإسرائيلية فوق المسجد الإبراهيمي وأسواره؛ بذريعة الاحتفال بـ”قيام دولة” العدو الصهيوني.

وأشارت وزارة الأوقاف إلى أن المسجد الإبراهيمي يتعرض في الآونة الأخيرة لاعتداءات ممنهجة تشمل منع رفع الأذان، ومنع العاملين فيه من أداء مهامهم، والتضييق على المصلين من خلال الحواجز والبوابات الإلكترونية، إضافةً إلى مشاريع تهويدية تهدف إلى طمس طابع المسجد الإسلامي وتغيير معالمه التاريخية والدينية.

وأكدت الوزارة، على أن المسجد الإبراهيمي وقف إسلامي خالص لا يحق لأحد المساس به أو تغيير معالمه، مؤكدة أنها ستواصل جهودها في حمايته والحفاظ على طابعه الديني والتاريخي.

وطالبت المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان والمؤسسات المعنية بحماية التراث الديني والثقافي إلى التدخل الفوري لوقف الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة، والعمل على حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في الأراضي الفلسطينية.

ويوجد المسجد الإبراهيمي في البلدة القديمة بالخليل التي يفرض العدو الصهيوني سيطرته عليها، ويسكن فيها عنوة نحو 400 مستوطن يحرسهم نحو 1500 من جنود العدو، وسط انتشار عشرات الحواجز العسكرية.

مقالات مشابهة

  • الرئيس اللبناني: جيشنا بكامل مهامه في الجنوب وأمريكا يجب أن تضغط على إسرائيل
  • الأوقاف الفلسطينية: رفع الأعلام الإسرائيلية على الحرم الابراهيمي اعتداء خطير وانتهاك صارخ
  • مصادر طبية في غزة: 50 قتيلا و113 إصابة نتيجة العمليات الإسرائيلية خلال الساعات الـ 24 الماضية
  • إسرائيل ترفض مقترحاً لوقف النار في غزة 5 سنوات مقابل المحتجزين
  • الاحتلال يستمر في المراوغة ورفض مقترحات الوسطاء.. والأوضاع الإنسانية في غزة تصل إلى "مستويات اليأس"
  • إعلام عبري: إسرائيل ترفض مقترح وقف إطلاق النار في غزة
  • يديعوت أحرونوت عن مصدر سياسي: إسرائيل رفضت وقف إطلاق النار لمدة 5 سنوات في غزة
  • ‏ممثل فلسطين أمام محكمة العدل الدولية: إسرائيل تستخدم منع المساعدات كسلاح حرب
  • أبرز خروقات إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار في لبنان
  • إسرائيل تواصل العربدة وتقصف جنوب لبنان.. والوسطاء يتحدثون عن "بعض التقدم" في مفاوضات غزة