صدى البلد:
2025-04-25@11:26:52 GMT

عبد السلام فاروق يكتب: صرخة عربية مدوية

تاريخ النشر: 5th, March 2025 GMT

اجتمعت الأمة العربية في قمة طارئة بالقاهرة كأنما الصحوة تدق أبواب الزمن الغافل؛ ليست قمة كالقمم ولا خطابا كالخطابات، بل هي صرخة مدوية في وجه عالم يغرق في صمته المريب، هنا وقفت مصر كعادتها حاملة لواء الحق بعيدة عن درب المساومة بقيادة رجل يعرف أن التاريخ يسجل اللحظات لا السنين.  

لقد لخصت كلمة الرئيس  السيسي رؤية مصر على زمن يختزل آلام الماضي وآمال المستقبل في كلمات كالسهام تخترق ضمائر القادة، تحدث عن غزة لا كرقعة أرض بل كقلب ينبض بدماء الأجداد حرب ضروس.

قالها وكأنما يستحضر روح صلاح الدين وهو يحرر القدس من ظلام الصليبيين، اليوم يريدون لغزة أن تتحول إلى مقبرة جماعية أو ساحة تهجير؛ لكن مصر التي عرفت معنى المقاومة تقف كالسد العالي ترفض أن تكرر مأساة النكبة.  

وأكدت كلمة السيسي أن القدس ليست حجرا يباع في سوق المساومات ولا الأقصى سقفا من خشب، بل هي قبلة الأحرار التي لا تنحني إلا لله وحده. تحذيرات السيسي من انتهاكات المحتل لم تكن خوفا من خسارة أرض بل خشية على هوية أمة تذوب كالثلج تحت نيران التطبيع.  

الحق أن إعمار غزة طبقا للخطة المصرية؛ هو بمثابة إعلان حرب على عمليات الإبادة الصهيونية فإعادة البناء ليست إسمنت يعلو فوق الأنقاض بل إرادة تحيي الأمل في صدور أنهكها اليأس وان غزة لن تكون سجنا مفتوحا ولا أهلها لاجئين بلا مأوى فالتاريخ يعلم أن من يسكت عن الظلم شريك فيه . 

ففي زمن يتنكر فيه الأقوياء لمواثيقهم تبقى مصر قلعة الشرف التي لا تنام على ضيم هنا يتجدد المشهد عبد الناصر يصيح في وجه المستعمر والسادات يرفض أن تكون الأرض ملكا للمتاجرة والسيسي يذكر العالم أن السلام لا يبنى على دموع الأبرياء.  

فهل تسمع الأمة نداء التاريخ ! القمة الطارئة محطة في درب طويل لكنها شمعة تضيء في ظلام الليالي الباردة فإما أن تقوم الأمة كالأسد المدافع عن شرعيتها أو تظل أسيرة أحلام الوهن.  

ومصر التي علمت الدنيا معنى الكرامة تقول اليوم للعالم لن نسمح باغتيال الحق مرة أخرى؛ فلسطين ليست قضية عابرة، بل هي امتحان الضمير الإنساني؛ فمن يسقط اليوم في هذا الامتحان لن تجوزه شعوب المستقبل.  
السؤال الذي يطار الجميع هو : هل تستطيع القمة أن تحول الصرخة إلى فعل والكلمة إلى حرية ؟ الزمن يجيب وحده؛ لكن المؤكد أن مصر ستظل كما عهدناها صاحبة الدور والرسالة، تحمل في يدها غصن زيتون وفي الأخرى سيف العدل.

فقد اجتمعت الأمةُ العربية على مائدة الأزمات، لا لتسكب دموع العجز، بل لتشعل شمعة الأمل في ظلام الليل البهيم. قمةٌ طارئةٌ، لكنها كالصاعقة هزت أركان الصمت الدولي، لتقول للعالم: "كفى!". هنا، حيث تلتقي إرادات القادة على درب القدس، تعلو أصواتٌ ترفض أن تُختزل فلسطين إلى مجرد "ملف" يُناقش في أروقة الأمم المتحدة، أو ورقة مساومة في أيدي لاعبي السياسة.  

لماذا الآن؟  

لأن الزمنَ لم يعد يحتمل انتظاراً. خططُ التهجير التي تُحاك في غرفٍ مظلمةٍ، تريدُ تحويلَ غزةَ إلى سجنٍ مفتوحٍ، وأهلها إلى لاجئين بلا هوية. نتنياهو يحلمُ بإخراج الفلسطينيين من معادلة الوجود، لكن الأمةَ تذكره أن الدمَ الذي سالَ على أرض غزة سيكون حبراً يكتب نهاية المشروع الصهيوني. القمةُ جاءت لتقطع الطريق على أحلام التطهير العرقي الجديدة، وتُعيد للذاكرة العربية أن فلسطين ليست أرضاً تساوم، بل جرحاً نازفاً في جسد الأمة.  
القدس هي البوصلة ..

عندما يتحدث العرب عن القدس، فإنهم لا يناقشون عقاراتٍ، بل يخوضون معركةَ وجود. الأقصى ليس قبةً ذهبيةً، بل شاهدٌ على عروبة الأرض. انتهاكاتُ المستوطنين اليوم ليست مجرد استفزازات، بل محاولةٌ لطمس الهوية. القمةُ وضعت قدسَ الأسرى في قلب المواجهة، لتقول لإسرائيل: "كل حجرٍ تنهبونه سيصير شاهداً عليكم أمام محكمة التاريخ".  

الرابع من يونيو.. 

رسمت القمة حدود الحل على خطوط عام 1967، لا لأن العرب عاجزون عن استرداد الحق كاملاً، بل لأن العدالةَ تبدأ من حيث سُلبَت. هذا التاريخُ يصيح في وجه المطبعين: "لا شرعيةَ لسلامٍ يُبنى على دكّ الأنقاض فوق صدور الأبرياء". الرئيس السيسي يعلم أن المبادرة العربية للسلام ما زالت على الطاولة، لكنها مبادرةٌ معلّقةٌ بشرط واحد: أن تعترف إسرائيل بأنها احتلالٌ، لا دولةٌ.  

هل تكفي القمة؟  

سؤال يلاحق كل لقاء عربي. الإجابة تكمن في تحويل الكلمات إلى فعل. العالم ينتظر من العرب أن يكونوا جبهة واحدة:  
- مقاطعةٌ اقتصاديةٌ لكلّ من يدعم التهجير.  
- ضغطٌ سياسيٌ لإجبار إسرائيل على وقف العدوان.  
- حملةٌ إعلاميةٌ تكشف جرائم الاحتلال للرأي العام العالمي.  
- دعم مادي وقانوني لملف الفلسطينيين في المحاكم الدولية.  
الخطر اليوم ليس على غزة وحدها، بل على مصداقية النظام العربي كله. القمةُ نجحت في لمّ الشمل، لكن المعركة الحقيقية تبدأ حين يعود القادة إلى عواصمهم. هل سيترجمون الصرخة إلى قراراتٍ تغير الواقع ؟

هذا لأن الأمم لا تهزم حين تخسر المعارك، بل حين تفقد إرادة الخوض فيها. 

العرب اليوم أمام امتحان وجود: إما أن يتذكّروا أنهم حملة رسالة حضارية، أو يسمحوا لليل الطويل أن يبتلع آخر شمعة في درب القدس.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الرئيس السيسي الأمة العربية الإبادة الصهيونية المزيد

إقرأ أيضاً:

صرخة في وجه الصمت.. غزة تنزف واليمن يُقصف والأمة في سبات عميق

 

تئن الأرض العربية وجعًا، وتختلط فيها أصوات القصف بأنّات الجرحى وصرخات الثكالى. غزة، تلك البقعة الصامدة في وجه الظلم، تُذبح كل يوم بآلة القتل الصهيونية، دمها يسيل مدرارًا على مرأى ومسمع من عالم أصم.. واليمن، المثخن بالجراح، يُدكُّ بالقنابل الأمريكية في وضح النهار، شعبه يُقتل جوعًا وقصفًا، وحرمة دمائه تُنتهك بلا رادع وكل هذا ثمناً لموقفه المشرف والمتميز مع الشعب الفلسطيني في غزة.

أيها الأحرار في كل مكان، أما آن لهذا الصمت المطبق أن ينكسر؟ أما آن لغضبنا أن يتفجر بركانًا يُزلزل عروش الظالمين؟ أما آن لرجال العروبة الشرفاء أن ينتفضوا نصرةً للحق ودفاعًا عن المقدسات؟.

في غزة، تتصاعد ألسنة اللهب وتتهاوى الأبنية على رؤوس ساكنيها. أطفال أبرياء يرتجفون رعبًا تحت وطأة القصف، وشباب يسطرون بدمائهم الزكية أروع قصص البطولة والصمود. أمهات فقدن فلذات أكبادهن يذرفن دموعًا حارقة، وآباء كسرت ظهورهم فجائع الأيام. كيف لنا أن نقلب صفحات الأخبار ونشاهد هذه المأساة الإنسانية تتكرر يومًا بعد يوم دون أن تهتز ضمائرنا؟ أما سمعنا صرخات الاستغاثة التي تخترق أسوار الحصار؟ أما رأينا الأجساد الطاهرة تُحمل على الأكتاف مودعةً دنيا لم تعد تعرف إلا القتل والدمار؟ أين ذهبت نخوة العروبة؟ أين ذهبت قيم الإنسانية التي طالما تغنينا بها؟.

وفي اليمن، تتواصل فصول المأساة بصمت دولي مخزٍ. قنابل الموت الأمريكية تحصد أرواح الأبرياء، وحصار جائر يفتك بالأطفال والشيوخ. شعب عريق يواجه الموت جوعًا وقصفًا، يُقتل ببطء أمام أعين العالم الذي يدعي الحرص على حقوق الإنسان. أي ذنب اقترفه هؤلاء الأبرياء ليستحقوا هذا العذاب المضاعف؟ أين أنتم يا من تتشدقون بالعدل والسلام؟ أما ترون صور الأطفال الهزالى الذين تحولت أجسادهم إلى هياكل عظمية؟ أما تسمعون أنين الأمهات اللاتي فقدن القدرة على إطعام أطفالهن؟.

أما أنتم يا خونة الداخل، يا من ارتضيتم لأنفسكم دور العبيد للأعداء، يا من بعتم ضمائركم وأوطانكم بأبخس الأثمان، فاعلموا أن التاريخ لن يرحمكم.. لقد دللتم الغزاة على شعبكم، وتآمرتم على إخوتكم، وخنتم الأمانة التي حملتموها. ستلاحقكم لعنة الشهداء وصرخات الأيامى والثكالى. وحين تشرق شمس النصر قريبًا بإذن الله، ستكونون أول من سيحاسب على جرائمكم النكراء.

أما أنتم أيها الصهاينة الأنذال ومن معكم من المتصهينين العرب وأدوات الاستعمار، فمهما طال جبروتكم ومهما بلغ عدوانكم ذروته، فإن هذه الأرض لن تكون لكم. عروش الظلم لا تدوم، والسلاح مهما بلغت قوته لن يكسر إرادة شعب أبيّ. غزة عصية على الانكسار، واليمن شامخ في وجه التحديات، وكل أرض عربية فيها حر واحد يرفض الذل والهوان ستنتفض في وجهكم.

فلينهض الأحرار في كل مكان، لترتفع أصواتنا مدوية بالغضب في وجه هذا الظلم المستشري. ليكن صوتنا زلزالًا يهز أركان الطغاة ونارًا تحرق وجوه الخونة. لنعلنها صرخة مدوية: كفى للقتل، كفى للدمار، كفى للصمت المخزي! غزة واليمن ليستا وحدهما، والأمة العربية لن تموت.. فجر الحرية قادم لا محالة، وسينتصر الحق مهما طال ليل الظلم.

مقالات مشابهة

  • سامح قاسم يكتب | فتحي عبد السميع.. الكتابة من الجهة التي لا يلتفت إليها الضوء
  • سامح قاسم يكتب | رنا التونسي.. شاعرة الحافة التي تنزف جمالًا
  • فيديوهات وفضائح مدوية لمشاهير في هاتف سارة خليفة
  • محمد عبدالسلام يكتب: فرنسيس الإنسان.. زعيم روحي تجاوز الحواجز وبنى جسور الأخوة والحوار
  • ضاعت منذ سنوات.. ترامب: شبه جزيرة القرم ليست محل تفاوض في محادثات السلام
  • ترامب يهاجم زيلينسكي: شبه جزيرة القرم ليست محل تفاوض في محادثات السلام
  • الطاهر التوم يكتب: الخيانة ليست وجهة نظر
  • د. محمد بشاري يكتب: البابا فرنسيس.. رحيل رجل السلام وصوت الضمير الإنساني
  • صرخة في وجه الصمت.. غزة تنزف واليمن يُقصف والأمة في سبات عميق
  • "قال لي هيفتح عربية مشروبات وتاني يوم جالي شايل ابني جثة".. والدة طفل السلام تروي تفاصيل الجريمة