لجريدة عمان:
2025-03-06@03:47:44 GMT

نجم فم الحوت

تاريخ النشر: 5th, March 2025 GMT

نجم فم الحوت

لطالما كان للنجوم حضور قوي في الثقافة العربية، ولا تزال الكثير منها تحمل أسماء عربية حتى اليوم، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى في سورة الأنعام: «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»، وارتبط العرب بالنجوم بشكل وثيق، فأطلقوا عليها أسماء ووصفوها بدقة، ولم يقتصر تأثيرها على علم الفلك وحسب، بل امتد أيضًا إلى الشعر والأدب، حيث تغنّى بها الشعراء وحيكت حولها الأساطير، مستخدمين إياها لرسم صور خيالية تربط بين النجوم وتوضح مواقعها في السماء ضمن حكايات وقصص مشوّقة.

والنجم الذي نتحدث عنه اليوم هو نجم «فم الحوت» وهو ألم نجم فـي الكوكبة التي أطلق عليها العرب كوكبة «الحوت الجنوبي» وهذه الكوكبة أطلق عليها العرب هذا الاسم لأن نجومها تتوزع على شكل سمكة، ويقع هذا النجم فـي فمها، وقد استخدمه العرب فـي تحديد الاتجاهات ليلا خاصة فـي المناطق الجنوبية.

يظهر فم الحوت فـي السماء خلال فصل الخريف فـي النصف الشمالي من الكرة الأرضية، أما فـي الوطن العربي، فـيمكن رؤيته بشكل واضح من شهر سبتمبر إلى ديسمبر، ولونه يميل إلى الزرقة، ويأتي فـي المرتبة 18 من حيث أشد النجوم سطوعا فـي السماء، ويبعد هذا النجم عن الأرض حوالي 25 سنة ضوئية ولذلك يعتبر واحدًا من النجوم القريبة نسبيًا من نظامنا الشمسي.

وإن أتينا إلى حجمه نجد أن قطره أكبر عن قطر شمسنا بالضعف، وكذلك كتلته، وهو أشد حرارة من شمسنا كونه من النجوم الشابة فهو نجم حديث مقارنة بعمر الشمس، ولذلك فهو أكثر سخونة، فدرجة حرارة سطح فم الحوت تبلغ حوالي 8,590 كلفن، بينما تبلغ درجة حرارة سطح الشمس حوالي 5,778 كلفن، وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن عمر نجم فم الحوت حوالي 440 مليون سنة، مما يجعله نجمًا شابًا مقارنة بالشمس التي يبلغ عمرها حوالي 4.6 مليار سنة.

ولم يكن هذا النجم بمعزل عن أشعار العرب فنجده فـي قصائدهم ومنظوماتهم الفلكية، فهذا الشاعر الفلكي الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني الذي عاش فـي العصر العباسي قد نظم قصيدة مزج فـيها الفخر مع علم الفلك وصل عدد أبياتها 603 أبيات، وقد نسجها على وزن وقافـية معلقة عمرو بن كلثوم، وذكر فـيها هذا النجم، وبين موقعها فقال فـي نجم الحوت:

من الغفرين حتى الحوت طولاً

وعرضاً فـي الجنوب بما ولينا

وملقحة السحاب لنا ومنا

مخارجها ومنا تمطرونا

وأما الشاعر أبو محمد الفقعسي الذي عاش فـي العصر الإسلامي وعاصر حروب الردة فـي عصر أبو بكر الصديق، فقد ذكر هذا النجم فـي أحد مقطوعاته الشعرية فقال:

ليس أخو الغلاة بالهبيت

ولا الذي يخضع بالسبروت

منقذف بالقوم كالكليت

يراقب النجم رقاب الحوت

وإذا أتينا إلى الشاعر العباسي أبو الحسين الصوفـي الذي كان يعمل منجما عند عضد الدولة فقد نظم منظومة فلكية، بلغ عدد أبياتها 494 بيتا، وشرح فـيها النجوم فـي السماء وأسمائها ومواقعها، وقد عرج على ذكر هذه الكوكبة التي ينتمي لها نجم فم الحوت فقال:

هن بعيدات عن المجرّة

وهي التي تدعى نجوم الجرّة

يتبعها الحوت ويدعى السمكة

كواكب ملتفّة مشتبكة

وفـي العصر المملوكي نجد الشاعر ابن نباتة المصري يمدح ابن اليزدي وفـيها يذكر نجم الحوت فـيقول:

يا جواداً أنشى المدائح معنًى

بنوالٍ يريك معنًى ثاني

ربَّ ليلٍ قد خضته لك بحرا

متعب الحوت واقف السرطان

وكذلك نجد الشاعر ابن مليك الحموي فـي العصر المملوكي يكتب قصيدة يذكر فـيها هلاك الأمم والأقوام فـيقول فـي وصفهم ذاكرا طالع الحوت فقال:

وايقنوا بنزول الراس أنهم

غرقى وطالعهم فـي الحوت قد نزلا

كأنهم لم يكونوا قبلها ركبوا

بحرا ولا قطعوا سهلا ولا جبلا

ولو أتينا إلى العصر الأيوبي نجد الشاعر الجزار السرقسطي يذكر هذا النجم فـي أحد قصائده فـيقول:

كَأَن سُها النُجوم بِها عَليل

يُنازع ما يَبينُ مِن السقام

كَأَن الحوت حينَ بَدا غَريقٌ

بِآذيٍّ مِن الأَمواج طام

ولا يزال هذا النجم يلهم الشعراء فـي العصر الحديث ويترك أثره فـي قصائدهم فهذا الشاعر الفلسطيني محمود درويش ذكر هذا النجم فـي أكثر من قصيدة ففـي ديوانه الرائع « كزهر اللوز أو أبعد» كتب قصيدة تفعيلة أسماها «هي لا تحبك أنت» وقال فـي آخر مقطع منها:

صارت تحبُّكَ أَنتَ مُذْ أَدخلتها

فـي اللازورد، وصرتَ أنتَ سواك

فـي أَعلى أعاليها هناك

هناك صار الأمر ملتبسا

على الأبراج

بين الحوت والعذراء

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: هذا النجم فـی فـی العصر نجم فـی

إقرأ أيضاً:

«العازي».. فنٌ أصيل يرمز للشجاعة والإقدام

تامر عبد الحميد (أبوظبي)

أخبار ذات صلة بدور القاسمي تكرّم طاقماً تمثيلياً من الجامعة الأميركية في الشارقة مكتبة محمد بن راشد تنظم ورشة «فن الإيجاز» رمضانيات تابع التغطية كاملة

تشكّل فنون الأداء التقليدية جزءاً من ثقافة وتاريخ دولة الإمارات، وتستعرض الفرق الشعبية في المهرجانات الثقافية والتراثية والفنية، هذه الفنون التي تتنوع بين الفلكلور والأهازيج والموروثات القديمة التي تتمثل في الأداء الشعبي الرصين، والتي تضيء للآخر جزءاً من ملامح الثقافة الإماراتية، بهدف الحفاظ على موروث الأجداد ونقله إلى الأجيال الجديدة.
يُعتبر فن «العازي» من فنون الأداء الشفهية الأصيلة والذي أُدرج ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية في منظمة «اليونسكو» عام 2017، والذي يتم تقديمه بصفة مستمرة في المحافل الوطنية والمهرجانات الثقافية والمناسبات الخاصة.

قصائد هادفة
وعن هذا الفن يقول مبارك العتيبة، عضو في جميعة أبوظبي للفنون الشعبية: «العازي» فن عريق ومتوارث جيلاً بعد جيل، وتشير التسمية إلى أنه يعبر عن العزة والاعتزاز بالنفس والعزوة والتكاتف، ويطلق على القصيدة المؤداة بهذا الفن مصطلح «العزاوة»، أما الشاعر الذي يؤدي هذا الفن فيسمى «العازي» وهو من يقوم بترديد كلمات شعرية وفق نمط هذا الفن ووحي المناسبة، وتكون كلمات القصائد هادفة ومنتقاة وغالباً ما تكون لتأكيد تلاحم المجتمع.
وتابع: يؤدى فن «العازي» عن طريق الشخص الرئيس وهو الشاعر، حيث يتولى توجيه المؤدين وتنسيق إيقاع حركاتهم، ويشارك في «العازي» مجموعة تتراوح بين 40 و60 شخصاً، يشكلون صفوفاً متناسقة ومتراصة مرددين الكلمات الحماسية بصوت واحد خلف الشاعر، والتي تدعو إلى الوحدة والتكاتف، والبطولة، والاعتزاز، والفخر.

تكاتف وتضامن
ولفت العتيبة إلى أن أصل هذا الفن يعود إلى الاحتفالات بالنصر، حيث كان يُلقى في ساحة المعركة، ثم توارثته الأجيال عبر مئات السنين، ويتكون شعر العازي من أبياتٍ مقفّاة على غرار الشعر العربي التقليدي، مع اقتباس الأقوال المأثورة، والأمثال في بعض الأحيان، ويتميز شعر العازي بالصوت الجهوري القوي للشاعر الذي يصدح بأبيات الشعر ويرددها جواباً فريق المنشدين الذين يحملون بنادق رمزية متكاتفين في صفوف خلف الشاعر الذي يحمل بدوره سيفاً، وتنقل طريقة إلقاء شعر العازي بأسلوب النداء من الشاعر والجواب من المنشدين شعوراً عاماً بالتكاتف والتضامن، بينما تؤكد الأسلحة الرمزية التي يحملونها على معاني الشجاعة.

آلة الكاسر
وأشاد العتيبة بجهود دولة الإمارات في الحفاظ على هذا التراث، وإعادة إحياء فنون الأداء التقليدية في مختلف المحافل والمهرجانات والمناسبات، وقال: استعراض أداء فن «العازي» من الوسائل المهمة لنقل التقاليد والمعارف والثقافة التقليدية الإماراتية في فن التأقلم مع البيئة والطبيعة المحيطة من جيل إلى آخر.
وأضاف: بين الأهازيج التراثية، وإيقاعات الفنون التقليدية، بمصاحبة آلات موسيقية متنوعة، تعمل الفرقة على تأدية «العازي» رفقة آلة الكاسر التي تُعتبر أهم إيقاع في هذه اللوحة الفنية.

تعزيز القيم
أوضح مبارك العتيبة، أنه على الرغم من أن «العازي» من فنون الأداء التي عرفها مجتمع الإمارات قديماً، إلا أنه يشهد إقبالاً متزايداً من الأفراد وفرق الفنون الشعبية لإحيائه من خلال تنظيم قصائد جديدة، بحيث تتناول أغراضاً جديدة كالاعتزاز بالوطن وقيادته الرشيدة، وما تحقق من إنجازات في مختلف المجالات، إضافة إلى تعزيز القيم التي عرفها المجتمع والحرص على تكريسها، ومنها المروءة والشجاعة والكرم والتضحية، ما يجعل «العازي» فناً متجدداً وقابلاً للاستمرار والتطور.

مقالات مشابهة

  • برج الحوت.. حظك اليوم الخميس 6 مارس 2025 : اهتمام دقيق
  • حسن المطروشي ... معلّقة عمانيّة
  • أوزين: السياسة أفلست في ظل حكومة أخنوش.. و"مول الحوت" أكثر تأثيرا من الوزراء والبرلمانيين
  • نجم العيوق
  • مبادرة “الحوت بثمن معقول” تحقّق نجاحًا استثنائيًا وتدعم استهلاك الأسماك في رمضان
  • شعر عن يوم المرأة العالمي 2025
  • في ذكرى الشاعر خليل فرح
  • برج الحوت .. حظك اليوم الثلاثاء 4 مارس 2025: جهودك ستُقدر
  • «العازي».. فنٌ أصيل يرمز للشجاعة والإقدام