لجريدة عمان:
2025-04-27@03:19:43 GMT

حسن المطروشي ... معلّقة عمانيّة

تاريخ النشر: 5th, March 2025 GMT

تعود معرفتي بالصديق الشاعر حسن المطروشي الذي توّج فائزًا بالمركز الأول في برنامج «المعلّقة» في الشعر الفصيح، إلى قبل أكثر من ربع قرن، عندما استمعت إلى شعره في أمسية أقيمت بنادي (سداب) وأبهرتني ألفاظه التي يبرع في انتقائها، ورسم صور فنية مدهشة، مستدعيًا رموزًا من التاريخ العام والشخصي، ليصبّها في قالب تعبيري جديد، وبعد انتهاء الأمسية، أحببتُ أن أحيي الشاعر، الذي وجدت نفسي مشدودا إلى فضائه الشعري، فانتظرته، عند باب النادي، ولم يطل انتظاري، فقد جاء بصحبة الصديق الشاعر محمد البريكي الذي كان من بين المشاركين، وقد لفت نظري نصّه أيضا، فصافحتهما، وعلى الفور اتفقنا على لقاء قريب، وفيه طلبت الاطلاع على المزيد من شعره، فأهداني نسخة من ديوانه (قَسَم)، وهو الثاني له بعد ديوانه الأول (فاطمة)، وحين قرأت (قَسَم) وجدتُ أن طاقته الشعريّة أكبر منه، فالموضوعات لم تخرج عن السائد، إلّا في التعبير، والبناء المحكم، والانضباط العروضي، وكنتُ حريصًا على توضيح ذلك في لقائنا الجديد، ولكنني لم أكن أعرف كيف ستكون ردّة فعله، وحين التقينا، ودار حديث حول الديوان، قلت له رأيي بصراحة، وفوجئت بردّة فعله، فقد ضحك طويلا، وشاركني الرأي، وعلمت أن المناخ الشعري التقليدي السائد يملي، أحيانًا، على الشاعر مسايرته، فارتحت كثيرا لردّة فعله، وتقبّله الملاحظات، وإن كانت قاسية، هذا التقبل يعني أنه يمتلك ذائقة شعرية ونقدية عالية، وقد لاحظت أنه حين جمع أعماله الشعرية عام 2022م رفع ديوانيه الأول (فاطمة) والثاني( قَسَم) منه، وفي ذلك اللقاء، أسمعني نصوصا جديدة لم يكن قد دفعها للنشر بعد، فعاد انبهاري الأول به، وكانت تلك النصوص عربون صداقة بقيت مستمرّة لليوم، وأذكر أنني كنت يومها مراسلًا لأكثر من مطبوع عربي من بينها: مجلّة (الصدى) الإماراتية، و(الفينيق) الأردنيّة، و(الزمان) اللندنيّة، فأخذت عددًا من تلك النصوص، وبعثتها لتلك المطبوعات، ونشرت، وحين أقيم مهرجان (المربد) الشعري عام 2000م كان اسمه في مقدّمة الأسماء التي رشّحتها للمشاركة، إلى جانب الصديق البريكي والشاعر الراحل يحيى الإزكي والشاعر السوري هاني نديم، وفي بغداد التي احتضنت فعاليات المهرجان، حقّق المطروشي مع زملائه الحضور الذي كان متوقّعا، وعاد من بغداد بدعوة جديدة لبيت الشعر في الأردن من الشاعر الراحل حبيب الزيّودي -رحمه الله- وكان الزيّودي من المشاركين في المهرجان، ووجد في صوت المطروشي الشعري ما يعزّز المهرجان، ثم شارك المطروشي، في مسابقة مجلة الصدى الإماراتية، ونال المركز الثاني، وفي (دبي) التقى بالفائزين الذين يشكّلون اليوم علامات واضحة في المشهد الشعري العربي، ومن بينهم: جاسم الصحيح وعارف الساعدي، وأحمد بخيت، وعماد جبار، وعامر عاصي، وتوالت مشاركاته خارج سلطنة عمان، ومن بينها مشاركته في ملتقى الشارقة الثالث للشعر العربي، الذي أقيم في الفترة ٦- ٨ أكتوبر ٢٠٠٣م، وأكّد تميّزه، ولم يتوقّف عند ذلك، فقد بذل جهودًا في القراءة، وخاض تجارب حياتية، وزاد احتكاكه بالتجارب الشعرية العربية المتحقّقة، فنضجت تجربته، وأصدر مجموعة من الدواوين من بينها: (وحيدًا .

. كقبر أبي)، و(على السفح إيّاه)، و(لَدَيَّ ما أنسى)، و(مكتفيا بالليل)، و(ليس في غرفتي شبح)، و(أحدّق باتّجاه الريح)، وأنجزت عن شعره أطروحة ماجستير بعنوان (الصورة الفنية في شعر حسن المطروشي) للباحث راشد السمري، وأخرى بعنوان (التناص في مجموعة «وحيدا .. كقبر أبي») للباحثة فتحية السيابية، وترجمت أعماله الشعرية إلى عدّة لغات، منها النصوص التي ترجمها الشاعر الفلسطيني نزار سرطاوي إلى الإنجليزيّة، وترجمت مجموعته الشعرية (لديّ ما أنسى) إلى الفرنسية، حيث قامت بترجمتها الشاعرة المغربية عزيزة رحموني، وصدرت ترجمة إسبانية لمختارات من شعره بعنوان (أطلّ عليكم من هذه الكوة) عن وزارة الثقافة بكوستاريكا.

اللافت في شعر المطروشي أنه يستقي رؤاه ولغته ورموزه من التراث العربي كونه تسلّح بثقافة تراثية قبل أن يفتح تجربته على هواء الحداثة:

«ما ليلةُ القدرِ؟

كانَ حمامكِ يهدلُ في مدخلِ الغارِ

حتى دنا مطلعُ الفجرِ

ثم تساءلتُ:

هل بلغتْ هِـجرتي سدرةَ المُـنتهى؟

كانت ظباؤكِ مَـذعورةً .. يا لها !»

يقول الدكتور إبراهيم السعافين: «شعر حسن المطروشي يضرب بجذوره في تراث الشعر العربي، ولكنه لا يقلد ولا يحاكي، بل يهضم ويمثّل، ثم يبدع ويجدّد، ويَمْضي شوطًا بعيدًا في دروب الحداثة، في الرؤية وَفي اللغة، من حيث المعجم والصورة والإيقاع»، ويستعين بالسرد، والحوار، والسؤال موظّفا تقنيّات القصيدة الحديثة في رسم المشهد الشعري:

«بلا شجرٍ أو حَمائمْ

وحيدًا كقبرِ أبي

تتقاسمني الليلَ عينان ِ نضَّـاختان ِ

ويهتفُ بي ناسِـكُ الرمل ِ:

( يا حاديَ العيس ِعـِّرج ... )

ولكنني حائرٌ،

أين ألقي بهذي الهزائمْ ؟

وحتى الغموض الذي نجده في بعض نصوصه سرعان ما يكشف عن رؤى عميقة، وفي ذلك يقول الشاعر الراحل محمد علي شمس الدين: إن المطروشي يكتب «قصائده بضبابية موحية، والضبابية في الشعر تقدّم منطق الاحتمالات الخصب على منطق اليقين المحدد».

وقد جاء تتويجه بجائزة (المعلّقة) تعزيزا لرحلة مع الكتابة الشعرية التي سلكها سائرا على هذا الطريق الصعب والطويل.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

طارق المنهالي يطلق «يا خالق جبالٍ تعلّا السحايب»

أبوظبي (الاتحاد)


أطلق الفنان د.طارق المنهالي عملاً فنياً جديداً من ألحانه وغنائه، بعنوان «يا خالق جبالٍ تعلّا السحايب»، من كلمات الشاعر عيد جاسم جابر المريخي، وقد لقي العمل انتشاراً واسعاً واستحسان الجمهور بعد طرحه على منصات التواصل الاجتماعي. وأبدى المنهالي سعادته بالتعاون مع الشاعر عيد جاسم جابر، شقيق الفنان الإماراتي الراحل جابر جاسم، كاشفاً أنه من المقرر أن يطلق باقة من الأغنيات المنفردة التي تتنوع بين العاطفية والوطنية، والتي سيكون أغلبها من كلمات عيد جاسم، والتي بدأ التحضير لها لطرحها في الموسم الصيفي لهذا العام. وأعرب عيد عن سعادته بالتعاون مع المنهالي، لاسيما أنه يهتم بالفن العريق والموروث الأصيل.

مقالات مشابهة

  • لبلبة أبرز الحضور بحفل زفاف نجل بهاء الدين محمد.. «صور»
  • بحضور لبلبة وأنوشكا .. الصور الأولى من حفل زفاف نجل بهاء الدين محمد
  • بهاء الدين محمد يحتفل بزفاف ابنه بحضور أنوشكا
  • دبلوماسي عماني: مغادرة ترومان «مثخنة بالجراح» نصر كبير لليمن
  • حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
  • وفد عماني يطلع على تجربة المملكة الرائدة في زراعة الورد الطائفي
  • تفاصيل أغاني ألبوم محمد منير الجديد
  • «خِلال وظِلال».. ديوان جديد يُضيء سماء الشعر العُماني
  • طارق المنهالي يطلق «يا خالق جبالٍ تعلّا السحايب»
  • عمرو المصري عبر "إنستجرام": انتظروا أكثر من 20 عمل فني قريبًا