#خواطر_رمضانية
د. #هاشم_غرايبه
هل يصدَّق أن مؤتمر قمة دعي اليه رؤساء اثنين وعشرين بلدا عربيا، وانعقد وانفض بالأمس، من غير أن يثير اهتمام أحد، سواء من العرب أو غيرهم!؟.
ما الذي أوصل الأمة الى الى هذا الدرك الأسفل يا ترى؟.
الإجابة معروفة، ولن يجادل فيها أحد، حتى أولئك الذي أدمنوا الهتاف والتصفيق للحاكم، وهي أنه لا كرامة لمن يرتمي ذليلا متوسلا العطف، فالعزة رداء لا يعرفه الانهزاميون.
لقد اعتادت الجماهير العربية الغفورة ديباجة موحدة تعتمد كبيان ختامي للمؤتمر من قبل أن ينعقد، ولم يعد سرا أن هذه الصيغة تملى من قبل الشيطان الأكبر ولي أمر أولياء أمورنا، لذلك لا يهتم أحد بالاطلاع عليها، ولا يلقي لها بالا من يستهدف الأمة بالعدوان أبد الدهر، فهو مطمئن الى أنها لن تتضمن قرارا واحدا ينتصر للأمة فكل البنود لا تتجاوز المناشدة واستجداء الرحمة.
لذلك لا تأمل شعوب الأمة من انعقاد هكذا مؤتمرات خيرا، بل تتوجس خيفة مما وراءها من تنفيذ مؤامرات وأداء أدوار طلبت من الأنظمة.
المهمة المطلوبة هذه المرة صعبة، وتتلخص بتحقيق ما عجز عن تحقيقه العدو، وهو القضاء على المقاومة الإسلامية في القطاع.
قد تدرك هذه الأنظمة مدى استحالة نجاحها بذلك، لكنها لا تجرؤ حتى على التذمر، بل ستنساق صاغرة لما تؤمر به، فتؤدي ما تتقنه – الجزء القذر من المهمة – وهو القمع والتنكيل بمن يؤيدون المقاومة لكي ينفضوا عنها.
ورغم أنها لم تقصر طوال الفترة الماضية في ذلك، بل بذلت قصارى جهدها، لكن المعلم جشع يطلب أكثر.
قد يتساءل المواطن الساذج: ان كانت الأنظمة تنصاع دائما لاملاءات الشيطان الأكبر خوفا من قطع المساعدات الأمريكية عنها، لماذا لا تهب الدول العربية الغنية لتعويض تلك المساعدات، فلا تعود سلاحا مذلا للعرب!؟.
مصيبة الأمة أصلا أنها لا تنقصها الثروات، بل هي لا تحتاج مساعدة من الغرب، لكن تنقصها القيادات المخلصة، ولما كانت هذه القيادات لم تصعد الى الحكم من رحم الأمة وبيعة الشعب، وإنما أنزلها المستعمر على الكراسي بالمظلة، ورعاها حتى تمسكت بتلابيب السلطة ، لذلك فهي تدين له بالفضل، فلا تعصي له امرا خشية الاستبدال.
ينحصر السؤال الآن في تبين خطة الأنظمة المخفاة عن شعوبها في محاولة تقويض المقاومة التي أنجاها الله من أعظم كيد تعرض له بشر منذ فجر التاريخ، فخرجت من معركة الطوفان أشد بأسا وأقوى عزيمة.
لكي نفشل هذه الخطة يجب على أبناء الأمة المخلصين التصدي لها ضمن البنود التالية:
1 – التصدي اعلاميا وجماهيريا لروايات الأنظمة وأذنابها الساعية للتشكيك بنوايا المقاومة وبأنها قامت بعمليتها بدفع من إيران، بل هي استجابة شرعية لواجب الجهاد لتحرير ديار المسلمين ومقدساتهم، ومن يلومهم أو يحملهم المسؤولية عما حاق بسكان القطاع، لا يقعل ذلك ألا ليجُبَّ منقصة التقاعس عن نفسه، لأنه عاصٍ لأمر ربه وخائن لأمانة الحكم بالدفاع عن وطنه.
2 – التصدي لمن يحاولون دعم العدو بوسيلة تفريق صفوف المسلمين، بتسعير الخلافات المذهبية وخاصة بين السنة والشيعة، لأجل جعل بأس المسلمين بينهم وليس بينهم مجتمعين وبين أعدائهم الغزاة، بل منهم من يوغل في نهجه الخياني، فيبرر للحكام المنبطحين للعدو تحالفه معهم ضد ما يسمونه (الخطر الشيعي).
إن انشقاق الشيعة حدث في زمن مبكر، ولم يشكلوا أية خطورة على الدين في أي زمن، لكن الخطر كان عندما ينشغل المسلمون بهذا الخلاف عن التصدي لعدو الأمة، الذي يستهدف الإسلام كله، ولن يوقف عداؤه مهادنة ولا معاهدة، لذلك فمن يسعر هذا الخلاف الآن هو منافق لأنه متخندق في صف أعداء الأمة.
3 – التصدي لمن يشنعون على المقاومة أنها تزودت بالسلاح من إيران، فهل كانوا سيلجؤون لها لو أن إخوتهم السنة دعموهم!؟. الأنظمة السنية لم تكتف بمنع السلاح عنهم، بل حاصرتهم حتى في قوتهم لكي ينفضوا عن منهج الله، واعتبرت نضالهم للدفاع عن أنفسهم وديارهم إرهابا، ولاحقت كل من يدعمهم أو حتى يؤيدهم وزجتهم في السجون… فهل هنالك من يلومهم أن بحثوا عمن يدعمهم حتى لو كانوا من البوذيين؟.
ألم يلجأ المسلمون المضطهدون في بداية الدعوة الى الأحباش، ولم يمنعهم طلب نصرتهم أنهم مشركون بالله. مقالات ذات صلة كيف تصنع السعادة . . ! 2025/03/04
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: خواطر رمضانية هاشم غرايبه
إقرأ أيضاً:
بالصور.. مؤتمر موسع لبحث تداعيات تهجير الفلسطينيين وآليات التصدي لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
عقدت "مجموعة العمل الوطنية لمواجهة مخططات تهجير الفلسطينيين" بأحد فنادق شرق القاهرة، مؤتمرًا موسعًالرؤساء مراكز الدراسات ورموز الفكر الاستراتيجي المصريين والذين بحثوا تداعيات تنفيذ مخططات تهجير الفلسطينيين على الصعيدين الوطني والإقليمي؛ وآليات التصدي لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية، بدأ المؤتمر الذي أدار فعاليات جلستيه الدكتور بهجت قرني أستاذ العلوم السياسية، بكلمات افتتاحية للدكتور أيمن عبد الوهاب رئيس المجموعة ومدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أكد خلالها على أهمية التنسيق والعمل المشترك بين مراكز الفكر للتعاطي مع القضايا الوطنية؛ ومن بينها قضية تهجير الفلسطينيين وما تشكله من تهديد للدولة المصرية وللمنطقة والتي شكلت المحرك الرئيس لتحالف المراكز المؤسسة لمجموعة العمل الوطنية، وذلك قبل أن يشير اللواء أحمد الشهابي رئيس المركز الوطني للدراسات في كلمته الترحيبية إلى أهمية استمرار مجموعة العمل الوطنية في التعاطي مع كافة الملفات التي تمس الدولة المصرية ومصالحها، معربًا عن استعداد المركز للاستمرار ضمن التحالف الثلاثي بعد انتهاء أزمة غزة.
عمرو موسى: يجب التصدي لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية الحالية لا تصلح لإجراء أي مباحثات سلام
وفي أعقاب ذلك؛ عرض اللواء الدكتور أحمد فاروق مستشار المركز الوطني للدراسات والمنسق العام للمجموعة بعرض ورقة عمل للمخططات الإسرائيلية الخاصة بتهجير الفلسطينيين وما يجري منها على أرض الواقع، أشار خلالها للأهداف التي تسعى إسرائيل لتحقيقها عبر إنفاذ هذه المخططات؛ وفي المقدمة منها الأهداف الأيديولوجية الدينية والمصالح الاقتصادية، وذلك قبل أن تُعطى الكلمة للسيد عمرو موسى الأمين العام الأسبق للجامعة العربية الذي اعتبر ما يحدث من قبل إسرائيل تهديدًا للنظام العالمي وقبول العالم له إقرار بأن "القانون الدولي أصبح لا قيمة له"، مؤكدًا أن الحكومة الإسرائيلية الحالية غير صالحة لأي مباحثات سلام، معتبرًا أن تغيير إسرائيل من الداخل يُعد شرطًا لإنجاح أي مباحثات عربية إسرائيلية.
من ناحيته؛ أكد اللواء الدكتور وائل ربيع مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة وأحد أعضاء مجموعة العمل أن "تهجير الفلسطينيين والتمدد الإسرائيلي على حساب الأراضي العربية" هو سيناريو ممتد لسنوات؛ ويجب أن تنطلق آليات مواجهته من هذه الحقيقة، وهو ما دعا اللواء محمد الكشكي مساعد وزير الدفاع الأسبق للتأكيد على أن أي خطة لن تراعي حقوق الشعب الفلسطيني مصيرها الفشل، وهو ما توافق مع الدكتور نبيل فهمي وزير خارجية مصر الأسبق الذي اقترح إحياء المبادرة العربية التي جرى إعلانها في بيروت 2002، وهو ما لقى توافق من أغلب الحضور ومن بينهم اللواء أيمن عبد المحسن عضو مجلس الشيوخ الذي اعتبر أن توحيد الموقف العربي لمواجهة الواقع الذي تفرضه إسرائيل على الأرض لم يعد خيار؛ بل ضرورة حتمية؛ خاصة بعدما باتت مطامع إسرائيل في أراضي دول عربية أخرى كسوريا ولبنان واضحة، والدكتورة رشا راغب المدير التنفيذي للأكاديمية الوطنية للتدريب التي رأت من ناحيتها ضرورة توحيد المفاهيم والسرديات الخاصة بالقضية الفلسطينية لدى الشباب؛ والعمل على بث رسالة إعلامية موحدة وتوظيف القنوات غير الرسمية في سبيل ذلك.
لم يغفل المؤتمر "مستقبل المقاومة الفلسطينية" الذي تعرض له في ورقة عمل الدكتور عمرو الشوبكي مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وعضو المجموعة، وأكد خلالها على أن المقاومة السلمية قد تكون هي الخيار الأمثل خلال الفترة المقبلة، خاصة بعدما تراجعت قدرات حركات المقاومة المسلحة ومن بينها حماس جراء الضربات الإسرائيلية لها في أعقاب 7 أكتوبر، مشيرًا إلى أهمية دعم مصر للدور السياسي للمقاومة الفلسطينية ودعم السلطة لتجاوز أي انقسامات أو ضعف تعانيه، الأمر الذي عقب عليه الدكتور طارق فهمي مساعد رئيس المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، مؤكدًا أن حماس لن تخرج من المشهد الفلسطيني؛ كما أنها تسعى لتحقيق أهداف استراتيجية تتجاوز بها الوساطة العربية، بالرغم من أن مصر مازالت تمثل الرقم الأهم في معادلة غزة، هذا وقد اختتمت أعمال المؤتمر بإصدار بيان ختامي ألقاه اللواء أ.حنصر سالم الرئيس الأسبق لجهاز الاستطلاع وأحد أبطال حرب أكتوبر.
جدير بالذكر أن مجموعة العمل الوطنية لمواجهة مخططات تهجير الفلسطينيين هي تحالف من مراكز الفكر يضم المركز الوطني للدراسات ومركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وخبراء مركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة، انطلقت أعمالها في فبراير الماضي (2025).
وبنهاية اللقاء أصدرت المجموعة بيانًا ختاميا فقد توافق المجتمعون على أن تداعيات تهجير أهالي قطاع غزة سواء لمصر أو غيرها من الدول تتجاوز في حدودها تهديد الأمن القومي المصري؛ منها إلى تهديد أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط والمجتمع الدولي، كما أنه يهدد مسار تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل.
وبحسب البيان أكد المجتمعون على أهمية العمل على تعزيز التعاون العربي وبناء موقف موحد لدعم الخطة المصرية العربية لإعادة الإعمار؛ بالتوازي مع تعبئة أعضاء الجامعة العربية لتفويض مجموعة مصغرة للتفاوض مع إدارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" والذي يجب أن يتم إحاطته بتداعيات تهجير الفلسطينيين على الاستقرار والأمن الإقليمي والدولي، تمهيدًا لإحياء المسار السياسي وتجاوز مباحثات وقف إطلاق النار وسؤال اليوم التالي الذي تستخدمهم إسرائيل في تصفية القضية.
رشا راغب: يجب توحيد المفاهيم والسرديات الخاصة بالقضية الفلسطينية لدى الشباب وتعزيز دور القنوات غير الرسمية لدعم القضية.
وأشاروا إلى أنه يمكن العمل على إعادة إحياء المبادرة العربية (2002)؛ لاسيما وأنها ـــــ في مقابل منح الفلسطينيين حق إقامة الدولة ـــــ تتفاعل مع سؤال الأمن الذي يشغل الداخل الإسرائيلي وحلفائهم الدوليين.
كما شددوا على أهمية التعاون والتكامل بين مراكز الفكر والدراسات ورموز الفكر الاستراتيجي لتعزيز الإنتاج المعرفي الداعم لإنفاذ القرارات الأممية الخاصة بإنهاء الاحتلال وتحقيق حل الدولتين؛ بما يعزز السلام والأمن الإقليمي والدولي، ويشكل أحد دعائم الأمن القومي المصري.