كيف يؤثر تهريب الصمغ العربي على اقتصاد السودان ؟
تاريخ النشر: 5th, March 2025 GMT
في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية التي يواجهها السودان، أصبح الصمغ العربي، وهو أحد المكونات الأساسية لمشروب كوكا كولا، يتعرض للتهريب إلى خارج البلاد.
يشهد هذا المكون، الذي يُستخدم بشكل رئيسي في صناعة المشروبات الغازية، عمليات تهريب غير قانونية إلى دول أخرى، مما يثير تساؤلات حول تأثير هذا النشاط على الشركات العالمية والتجارة الدولية.
الصمغ العربي هو نوع من الصمغ الطبيعي الذي يُستخرج من أشجار الأكاسيا في السودان، ويعتبر من المواد الأساسية في صناعة مشروبات غازية، وكذلك في الصناعات الغذائية والأدوية. إلا أن هذا المكون أصبح مادة استراتيجية تهرب عبر الحدود السودانية، لا سيما في ظل الوضع الأمني الهش في البلاد.
التقرير الذي نشرته وكالة رويترز يكشف عن كيفية تهريب الصمغ العربي من السودان إلى دول أخرى، خاصة في ظل هيمنة الجماعات المسلحة على مناطق إنتاجه. ففي مناطق مثل دارفور، حيث تسيطر قوات الدعم السريع، يتم استخراج هذا المكون وتصديره بطريقة غير قانونية.
تعد التجارة غير القانونية للصمغ العربي قضية معقدة، فبينما تستفيد بعض الجماعات المسلحة من هذه التجارة لتمويل أنشطتها، فإنها تؤثر أيضا بشكل سلبي على الاقتصاد السوداني.
إعلانوعلى الرغم من أن الصمغ العربي يُعتبر من الصادرات المهمة للسودان، إلا أن تهريبه يفاقم من الوضع الاقتصادي الهش ويزيد من معاناة السكان المحليين.
وأشار التقرير أيضًا إلى أن بعض الشركات الدولية، مثل كوكا كولا، قد تكون متورطة بطريقة غير مباشرة في هذه التجارة، حيث إن الصمغ العربي الذي يتم تهريبه يظل يدخل في سلاسل التوريد العالمية.
هذا الوضع يطرح أسئلة أخلاقية حول دور الشركات الكبرى في تحفيز أو تسهيل مثل هذه الأنشطة غير القانونية.
ومع استمرار النزاع المسلح، يجد المزارعون المحليون أنفسهم محاصرين بين الأنشطة العسكرية والاقتصادية غير القانونية، ما يزيد من صعوبة حياتهم اليومية.
من جهة أخرى، تعاني دول الجوار مثل كينيا من تداعيات هذه التجارة غير القانونية. فالتهريب عبر الحدود لا يؤدي فقط إلى تفشي الفساد في تلك الدول، بل يعرّضها أيضًا لضغوط اقتصادية متزايدة، حيث تتورط بعض الأطراف في شبكات تهريب غير قانونية.
هل يمكن لشركات مثل كوكا كولا أن تكون جزءًا من الحل؟في الوقت الذي تحاول فيه الشركات العالمية مثل كوكا كولا الحفاظ على استقرار سلاسل توريدها، فإن الوضع في السودان يطرح تحديات كبيرة.
التقرير عكس كيف أن تهريب الصمغ العربي من المناطق المتأثرة بالحرب في السودان يعد من الممارسات المستمرة.
وأفاد التقرير بأن الحكومات والمراقبون مستمرون في الضغط على الشركات الكبرى لتبني ممارسات أكثر شفافية في سلاسل توريدها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان غیر القانونیة الصمغ العربی کوکا کولا
إقرأ أيضاً:
سوق دقلو السياسي: من شفشفة البيوت إلى شفشفة السرديات!
*كما للميليشيا أسواق دقلو للسلع المادية المشفشفة/ المنهوبة، أيضاً لأعوانها سوقهم للسرديات والسلع الرمزية المضروبة التي تسري عليها قوانين الندرة والتوزيع والهيمنة والطلب والعرض تماماً كما في أي نظام اقتصادي. وقد برز مفهوم ”اقتصاد الخطاب” عند بيير بورديو، وميشيل فوكو، وهو لا يتعامل مع الخطاب كمجرد محتوى لغوي، بل كـ”سلعة رمزية”. في إطار هذا الاقتصاد، يتم التعامل مع: الخطاب باعتباره رأسمالاً، يمكن استثماره، وتوظيفه*:
* *لأن الميليشيا حديثة عهد بالسياسة وإنتاج الخطابات فقد كلفت حاضنتها السياسية مهمة إدارة اقتصاد الخطاب “كسلطة منتِجة للخطاب” وإنتاج المعنى وتوزيعه وتدويره وتحديد دوائر تلقيه، ولم تملك “تقدم” إلا التنفيذ، وكانت خسارتها بسبب ذلك لا تعوض .*
* *في هذا الاقتصاد الكلمات عملة منها المشروعة ( كل الكلمات التي تخدم بقاء الميليشيا ونفوذها )، ومنها المحرّمة ( مليشيا، متمردة، إرهابية، خيانة، مرتزقة، عدوان أجنبي). والاقتصاد هنا يشمل الندرة، والتوزيع، والهيمنة، والطلب والعرض، تماماً كأي نظام اقتصادي.*
* *هذا السوق يخدم أسواق دقلو بالصمت وبالكلام، إذ تهمش “تقدم” جرائم النهب واسعة النطاق، ولا يتحدث قادتها وانصارها أبداً عن “أسواق دقلو”، بل ويحتج أحد قادتهم على قول الناس ( “والله العظيم شفشفوا بيوتنا” ) ويستدعي رواية غير موثقة من الماضي لتبرير واقع موثق في الحاضر، ليتحول الخطاب إلى أداة “لإعادة توزيع اللوم”. ولإعادة تعريف “العدو” فيما يخص المنازل والشفشفة، ولخلق “توازن أخلاقي زائف” تميل كفته لصالح الميليشيا!*
* *الاستجابة الانقسامية” : نفذت “تقدم” أمر انتداب جزء منها لحكومة الميليشيا، وهؤلاء وازنوا بين ربح التحالف ( مال، مناصب) وتكلفته ( التشيطن كالميليشيا تماماً )، ورأوا أن الربح أكبر، بينما قدر البقية أن موازنة الأرباح ( الدعم المالي والسياسي من الميليشيا) والتكلفة ( خسارة الرأي العام ) تحتم عليهم البقاء في المنطقة الرمادية.*
* *إدارة الاستثمارات الخطابية بعناية: لا تريد “تقدم” خسارة الشارع فتبقى على مسافة محسوبة من الميليشيا، مسافة تكفي لتقديم الخدمات وتسمح ب”الإنكار المعقول” كما تتصور!*
* *لا تملك “تقدّم” القوة العسكرية، لكنها تملك أدوات خطابية تُعيد تدوير خطاب الهيمنة. فهي تُعيد إنتاج مفاهيم مثل: “لا منتصر في الحرب”، “السودان يهدد الإقليم والعالم”،”يجب تفادي “العداء المجاني” للدول الصديقة”، وهذه المفاهيم ليست بريئة، بل هي جزء من آليات الهيمنة التي تسهم في خلق سردية تخدم مصالح الميليشيا ومصالح إقليمية ودولية.*
* *اقتصاد الإدانة: تستخدم تقدم “الخطاب الدبلوماسي” كغطاء سياسي لتحالفاتها المشبوهة، ولا تدين الدول التي تدعم الميليشيا. لأنها تدير حسابات دقيقة: إدانة هذه الدول لها “تكلفة” لا تريد أن “تدفعها” لناحية التأثير السلبي على علاقتها مع الميليشيا، ومع هذه الدول، ولناحية تجنب خدمة السردية المضادة لسردية الميليشيا. الصمت هنا “خيار اقتصادي”: يضمن لها تحقيق مصالحها، والبقاء في دائرة “الاعتدال” و”العقلانية المقبولة” لدى هذه الدول والميليشيا وحتى الغرب!*
* *محو الفاعل الحقيقي: الحديث عن الكارثة الإنسانية دون ذكر الميليشيا المتسببة فيها، بل واستخدامها لصالحها عبر اتخاذها ذريعةً للتفاوض معها، وتقديم تنازلات كبيرة لها. حين يُمحى الفاعل الحقيقي لغوياً، يُمحى بالتدريج من الذاكرة الجمعية. وهذا يُشكل جزءاً من “صناعة النسيان”، بحيث تُعاد صياغة السردية العامة بشكل يعفي الجناة من المحاسبة. هذا المحو ليس خللاً لغوياً عفوياً، بل قرار استراتيجي.*
* *إعادة توزيع الذنب مسبقاً : ( الجيش هو الذي أشعل الحرب) وهو أسلوب يُستخدم لإعادة توزيع الذنب مسبقاً، عبر استباق النقاش وطرح تفسير عام يعفي طرفاً محدداً من المسؤولية، هذه طريقة لإعادة ترتيب مشهد الذنب لتجنيب الحليف السياسي اللوم المباشر.*
* *حوسبة الاتهام: وهي استعارة تشير إلى طريقة حسابية أو “برمجية” تُوزّع فيها التهم والخطايا على الأطراف كما لو كانت نتائج خوارزمية لا تحمل انحيازًا، بينما في الواقع تم تعديل المعادلة لتخدم طرفًا معينًا. هذا يحدث عندما يُستخدم الخطاب كآلة حساب محكومة بالمصالح الخاصة، لا كأداة للعدالة.*
* *حذف الفاعل من المشهد اللغوي: التركيز على معاناة المدنيين دون تحديد الجهة المسؤولة، وهذا ليس مجرد خطأ أسلوبي، بل هو أداة في الصراع على السردية، تُستخدَم لضبط حدود الإدانة، وتوجيه بوصلة الرأي العام، وتوفير حماية للمعتدين باسم الحياد . الحذف هنا فعل سياسي استراتيجي، يقوم به خطاب “تقدم” عن عمد.*
* *”اقتصاد الصمت”: هو أحد الضرورات في لحظات الصراع، وهو ليس مجرد امتناع عن الحديث، بل تكتيك رمزي/سياسي عميق، تُدار عبره موازين القوى ، لا سيما في السياقات التي يكون فيها الكلام محفوفاً بالكلفة أو العواقب. وهو يشير إلى “الأنماط المنظمة التي يتم بها تبرير، وتوظيف، وتوزيع الصمت في المجال العام، وفقاً لحسابات رمزية وسياسية ومعنوية”. أي أنه ليس “غياباً للقول”، بل “قولٌ من نوع آخر”، صمتٌ له وظيفة، وموقع، وسياق، ويُنتج تأثيراً بقدر وربما أكثر من الكلام أحياناً.*
* *”المحايد الناشط”: هو الفاعل الذي يُعلن حياده، لكنه ينشط فعلياً في خدمة طرف معين من خلال مواقف منتقاة، صمت انتقائي، أو نشاط إعلامي موجه. ووظيفته صناعة غطاء أخلاقي وقانوني للانحياز، من داخل إطار يبدو “مستقلاً”، وهنا يتحوّل الحياد إلى أداة فاعلة في تثبيت رواية المليشيا.*
* *”الخطاب الرمادي” : لا يعيش في الهواء، بل في بيئة شبكة تضليل محكمة التنظيم، يُعاد فيها إنتاج الصمت والتبرير وتجميل الانحياز. و”تقدم” ليست حالة شاذة بل نموذج واضح لما يسميه بورديو:”هيمنة بلا عنف، وصراع بلا سلاح، يُخاض في ميدان المعاني.”*
* *إنتاج معنى مربح: من الجريمة إلى الشرعية، وفق اقتصاد الخطاب، ما هو مهم ليس الحقيقة، بل ما يمكن بيعه من المعنى. حين تضغط “تقدم” للتفاوض بشروط الميليشيا، فهي تساهم في إنتاج معنى جديد: الميليشيا ليست خصماً، بل طرف سياسي، التسوية ليست خيانة، بل ضرورة. المحاسبة ليست أولوية، بل عرقلة للسلام. هذا المعنى مربح في سوق يفضل الأرباح على الحقيقة.*
*وهكذا، نجد أن جماعة “تقدّم” تدير خطابها مثلما تُدار الميزانية: بحساب، وتكلفة، وتوازن بين الصمت والتصريح لخدمة مصالحها ومصالح حلفائها في سوق دقلو آخر يمثل “المعادل السياسي” لأسواق دقلو، ويحمل ذات الخلل الأخلاقي لدى البائعين والمشترين.*
إبراهيم عثمان
إنضم لقناة النيلين على واتساب