خيارات أوكرانيا بعد وقف إمدادات السلاح الأميركية
تاريخ النشر: 5th, March 2025 GMT
كييف– في وضع لا تحسد عليه، أصبح حال أوكرانيا بعد أن أوقفت الولايات المتحدة الأميركية إمدادات السلاح عنها، على خلفية المشادة الشهيرة بين الرئيسين دونالد ترامب وفولوديمير زيلينسكي، وخلافات بينية حول "شكل السلام" الذي يحيكه الرئيس الأميركي بين أوكرانيا وروسيا.
ولم يعد الأمر بالنسبة لأوكرانيا كما كان عليه في الأسابيع الأولى من حربها ضد روسيا قبل 3 سنوات، حين تدفق الدعم الغربي بالمال والسلاح بمليارات الدولارات، وخاصة من أميركا التي زودتها خلال عام 2024 فقط بنحو 40% من حاجتها للسلاح.
وهزَّ وقف إمدادات السلاح الأوكرانيين، ودفعهم للاستنفار على عدة صعد، فسارعوا إلى طمأنة الداخل، واستعجال قرارات أوروبية غربية تسد الفراغ الأميركي، تزامنا مع تزايد الجهود لرأب شرخ العلاقات مجددا مع واشنطن.
ويقول عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان الأوكراني، فيودر فينيسلافسكي، إن "لدى أوكرانيا هامش أمان يكفيها نصف عام دون مساعدة منتظمة من الولايات المتحدة، وأن السلطات تبحث عن بدائل".
وهو ما أكده رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميهال، حين أعلن "بناء مجمع صناعي دفاعي جديد، وتضاعف حجم الصناعات الدفاعية 35 مرة منذ بداية الحرب، وأن بلاده حددت 20 مجموعة للتفاوض مع الشركاء الغربيين حول الإمدادات".
إعلانومن جهته، ناشد البرلمان الأوكراني كلا من الرئيس الأميركي دونالد ترامب والكونغرس والشعب الأميركيين، وثمَّن "جهود ومبادرات ترامب" الشخصية، حسب وصفه، وأكد رغبة الأوكرانيين بتحقيق السلام، وشدد على أهمية "الشراكة الإستراتيجية مع الولايات المتحدة".
وبدت ردود الفعل الأوكرانية هذه وكأن البلاد أقرت بالعجز ورضخت لإرادة ترامب، الذي يضغط على أوكرانيا بحرمانها أكثر ما تحتاج حاليا، وتبدو أيضا كذر للرماد في عيون الأوكرانيين، لأنها لا تغير شيئا من حقيقة الوضع.
ويقول فاليري رومانينكو الباحث في جامعة "ناو" للطيران في كييف للجزيرة نت "المشكلة أكبر بكثير مما يتخيل البعض، فهي لا تقتصر على ذخيرة الجبهات، صواريخ نظام الدفاع الجوي "باتريوت" تنتج فقط في الولايات المتحدة، وكذلك صواريخ طائرات "إف 16" (F16)، ونظم "ناسامز" (NASAMS) و"هايمارس" (HIMARS)، وهي تحديدا الصواريخ التي تحمي المدن والمواقع الحيوية أكثر من غيرها، ونضرب بها مواقع الروس الحساسة بنجاح".
وأضاف "إذا ما قررت أميركا حرمان أوكرانيا أيضا من المعلومات الاستخباراتية التي نحتاجها لاستهداف المواقع الروسية، ستكون تلك الخطوة ضربة قوية جدا بالنسبة لنا، آمل أن نتمكن مع أوروبا من التغلب على هذا الأمر، الذي يُعقِّد قدراتنا الدفاعية دون شك".
بدائلوبعد القرار الأميركي لم يبق أمام أوكرانيا سوى طريق أوروبا للحصول على مزيد من المساعدات العسكرية، ولكن، كيف سيكون ذلك؟ وهل سيسد حاجتها الدفاعية كما ونوعا؟
ووفق الخبير فاليري رومانينكو، فإن هذا ممكن إلى حد ما، ودلَّل على ذلك بقوله للجزيرة نت إن شركة نرويجية متخصصة "خططت لإنتاج صواريخ أنظمة الدفاع الجوي "ناسامز" على أراضي أوكرانيا، ربما يكون ذلك، وربما سينقل المشروع إلى النرويج بسبب مخاطر القصف، المهم أنه مشروع ضخم، يعوض إلى حد كبير الخسائر الناجمة عن تعليق إمدادات الصواريخ الأميركية".
ويضيف "في إطار رؤيتهم للسلام، لمَّح البريطانيون إلى إغلاق المجال الجوي الأوكراني، وناقشوا بعض تفاصيل ذلك، وعلى الأرجح ستلعب مطارات بولندا القريبة جدا الدور الأكبر، وخاصة مطار "مينسك مازوفيتسكي" العسكري، ففيه قد تتمركز طائرات قادرة على دخول الأجواء لإجراء دوريات، أو لاعتراض الصواريخ والمسيرات الروسية".
وبتفاؤل حذر، يعتقد المحلل العسكري والخبير في "المعهد الأوكراني للمستقبل" إيفان ستوباك، ومستشار سابق لشؤون الأمن العسكري في البرلمان الأوكراني، أن "قرار وقف المساعدات مؤقت"، هدفه الضغط على زيلينسكي وإجباره للاعتذار أو الموافقة على "خطة سلام ترامب".
إعلانوتابع ستوباك "ليس في مصلحة أميركا خسارة أوكرانيا بعد كل ما قدمته، وانتصار ساحق لروسيا لا يجبرها على السلام فعلا".
ولم يتوقف التعويل على الأميركيين، وهو ما دللت عليه تصريحات حول ذلك، ودعت آراء إلى "التماشي" مع "منطق ترامب".
وصرَّح الرئيس زيلينسكي بأنه مستعد للجلوس على طاولة المفاوضات عاجلا غير آجل، والتوقيع على "اتفاقية المعادة النادرة" مع أميركا.
لا خيارات
ويقول المحلل السياسي سيرهي تاران للجزيرة نت "لا نملك خيارا مثاليا، بل علينا الاختيار بين الأفضل والأسوأ، والأفضل هنا أن توضع العواطف ونوبات الغضب جانبا، وأن تتحسن العلاقات مع واشنطن، وتستأنف الإمدادات".
ويضيف "منطق عملية السلام من وجهة نظر ترامب هو وقف إطلاق النار، ثم الحديث عن الضمانات الأمنية، التي يجب على الأوروبيين أن يلعبوا دورا جديا فيها".
ويرى أن الضمانات الأميركية المنشودة ترتبط بمصالحها الاقتصادية الجديدة في أوكرانيا (اتفاقية المعادن وغيرها)، "وكذلك رفع العقوبات وتعاون اقتصادي واسع النطاق مع روسيا، يضمن تفكيك التحالف الروسي الصيني، الأمر الذي يعتبر جزءا من إستراتيجية السياسة الخارجية الرئيسية لترامب".
ويواصل تاران "ترامب لن يقدم أي ضمانات واسعة النطاق قبل وقف إطلاق النار، ولن يتمكن ترامب من إجبار روسيا على تقديم تنازلات من خلال التفاوض فقط، نريد عكس ذلك طبعا، ولكن هذا سيتناقض مع إستراتيجية تدمير التحالف الإستراتيجي الروسي الصيني، الذي حدد ترامب ثمنه المغري لروسيا، رفع العقوبات والاستثمار في موادها الخام".
ويقول تاران "وفقا لذلك كله، قد يكون كل شيء على ما يرام، يستند هذا المنطق إلى نماذج سابقة لوقف الحروب يعرفها الغرب جيدا".
ويضيف مستشهدا بالحرب الكورية "توقف إطلاق النار بين الكوريتين دون توقيع اتفاق سلام حتى الآن، ومع ذلك، عقود من السلام حلت على كوريا الجنوبية، أصبحت خلالها تحت جناح الغرب، وبفضل المال الغربي أيضا، باتت واحدة من أقوى اقتصادات العالم".
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
بعد ساعة من استنكار ترامب لتصريحه حول الصراع في أوكرانيا.. زيلينسكي: نسعى للسلام ونأمل في دعم واشنطن
أوكرانيا – زعم فلاديمير زيلينسكي أن كييف تعمل على تحقيق السلام بالتعاون مع أمريكا وشركائها الغربيين آملة دعم واشنطن وذلك عقب استنكار الرئيس دونالد ترامب لتصريحه بأن “السلام مع روسيا بعيد”.
وبعد ساعة من وصفِ الرئيس الأمريكي لتصريح زيلينسكي الذي قال فيه إن “السلام مع روسيا بعيد” بأنه التصريح “الأسوأ”، كتب الأخير في حسابه على منصة “إكس”: “نعمل مع الولايات المتحدة والشركاء الأوروبيين ونعول كثيرا على الدعم الأمريكي ونحن في طريقنا نحو السلام”.
وأضاف: “نحن بحاجة إلى السلام في أقرب وقت ممكن”.
وفي وقت سابق، قال زيلينسكي إن اتفاق إنهاء الحرب بين أوكرانيا وروسيا “لا يزال بعيدا للغاية”، مضيفا أنه يتوقع أن يستمر في تلقي الدعم الأمريكي على الرغم من علاقته المتوترة في الفترة الأخيرة مع الرئيس ترامب.
وأضاف زعيم نظام كييف الفاقد الشرعية: “أعتقد أن علاقتنا (مع الولايات المتحدة) ستستمر، لأنها أكثر من علاقة عرضية”، في إشارة إلى دعم واشنطن خلال السنوات الثلاث الماضية.
ونقلت وكالة “أسوشيتد برس” عن زيلينسكي قوله في مؤتمر صحافي باللغة الأوكرانية على هامش القمة التي جرت في لندن لإظهار الدعم الواسع لأوكرانيا مساء الأحد “أعتقد أن أوكرانيا لديها شراكة قوية بما يكفي مع الولايات المتحدة” للحفاظ على تدفق الدعم.
وأعرب ترامب عن استيائه من تصريحات زيلينسكي، وكتب في حسابه على منصته “تروث سوشيال”: “هذا أسوأ تصريح يمكن أن يدلي به زيلينسكي، وأمريكا لن تتسامح معه بعد الآن”.
وأكد الرئيس الأمريكي أن الجانب الأوكراني “لن يريد السلام طالما هو يحظى بدعم” الولايات المتحدة.
يذكر أن ترامب كان قد التقى زيلينسكي في واشنطن الأسبوع الماضي وتحول اللقاء في حضور وسائل الإعلام إلى جدال حاد. وبحسب قناة “فوكس نيوز” فإن ترامب “طرد” زيلينسكي بعد جدال شعر فيه الزعيم الأمريكي بقلة أدب الأخير.
وأكد ترامب لاحقا أن زيلينسكي غير مستعد لتسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا، وأنه أظهر عدم احترام للولايات المتحدة، ويمكنه العودة عندما يكون مستعدا للسلام.
وأشار إلى ضعف موقف أوكرانيا في الحرب، معتبرا أن زيلنسكي ليست لديه “أوراق ضغط” ليملي على واشنطن كيف يجب أن تتفاعل مع موسكو.
وشدد ترامب على أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على استعداد للتفاوض وأنذر أوكرانيا بالجلوس إلى المفاوضات مع روسيا وتحقيق السلام، أو تسحب الولايات المتحدة دعمها وتترك أوكرانيا “تخوض الحرب” بمفردها.
من جانبه، أكد الكرملين أن تصريحات زيلينسكي في البيت الأبيض أثبتت مرة أخرى صحة موقف الرئيس بوتين بأن انفتاح موسكو على التسوية يصطدم بعدم رغبة كييف في ذلك.
المصدر: نوفوستي +RT