السوريون أمام خط المواجهة الإسرائيلي الجديد
تاريخ النشر: 5th, March 2025 GMT
تتحرك الدبابات ليلاً عند انقطاع الكهرباء، وتجوب شوارع مدينة "البعث" الرئيسية "مدينة السلام"، لتذكّر سكان هذه الزاوية من جنوب غرب سوريا أنهم ليسوا وحدهم.
أصبح السكان معتادين على الدوريات الليلية التي دمرت الطرق والأرصفة، وسحقت الأراضي الزراعية، واقتحمت مباني الحكومة المحلية، مخلفة كتابات غرافيتي جديدة بلغة لا يستطيعون قراءتها.قالت فاطمة، وهي معلمة في المدينة وعاصمة محافظة القنيطرة لصحيفة "فايننشال تايمز": "الدبابات في كل مكان، لم نعد نخرج ليلاً بسببها". مركبات إسرائيلية هذه المركبات لا تتبع لا للحكام الجدد في دمشق، ولا لأي من الفصائل المسلحة العديدة في البلاد، بل تعود إلى الجار: إسرائيل. منذ أن أطاحت الفصل المسلحة بقيادة أحمد الشرع بنظام بشار الأسد في ديسمبر (كانون الأول)، شنت إسرائيل حملة عسكرية عدوانية في سوريا، حيث استولت على منطقة عازلة عمرها خمسة عقود "إلى أجل غير مسمى"، وقصفت ما تقول إنه أهداف عسكرية، وتوغلت في مدن وقرى مثل مدينة البعث. في الأسبوع الماضي، صعّد القادة الإسرائيليون التوترات، واصفين القادة الجدد في سوريا بأنهم "نظام إرهابي ذو طابع متطرف"، مهددين بشن هجوم أوسع إذا تعرضت الأقلية الدرزية للخطر. ويأتي هذا رغم أن إدارة الشرع الجديدة لم تهدد إسرائيل أو تتخذ إجراءات استفزازية ضدها. بل سعت باستمرار إلى الانخراط مع الغرب والقوى الإقليمية، مؤكدة أن تركيزها ينصب على إعادة بناء البلاد وتوحيدها بعد أكثر من 13 عاماً من الحرب الأهلية، بحسب الصحيفة.
The Syrians being swallowed up by Israel’s new frontline https://t.co/mGtPT5eNPl
— FT World News (@ftworldnews) March 5, 2025 خطة جديدة لكن يبدو أن تصرفات إسرائيل العدوانية في سوريا تعكس خطة جديدة لإعادة تشكيل حدودها وموازين القوى مع جيرانها. بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، حيث فشلت الجدران العالية والقوة الجوية المتقدمة وأجهزة الاستخبارات المرموقة في منع المسلحين من اقتحام جنوب إسرائيل، بدأت السلطات بتوسيع وتعزيز حدودها بشكل كبير. فقد أنشأت منطقة عازلة داخل غزة، واستولت على خمس تلال استراتيجية في جنوب لبنان، وحشدت القوات داخل مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، ووسعت "منطقة أمنية" واسعة في جنوب غرب سوريا. وقال مسؤول عسكري إسرائيلي كبير إن الدرس الأساسي هو أنه "لا يمكن السماح لجيش إرهابي أن يبني نفسه على عتبة بابك". قالت دارين خليفة، المستشارة البارزة في مجموعة الأزمات الدولية للصحيفة: "إسرائيل ترفع الرهان في المنطقة بشكل استباقي، وتحاول القضاء على أي مخاطر محتملة، وهي مستعدة لتحمل مخاطر كبيرة للقيام بذلك، والدفع بالأمور إلى أبعد مما فعلته في الماضي". سكان البعث يتحملون العبء من جهتهم، يواجه سكان مدينة البعث والمناطق المجاورة، حيث يعيش آلاف الأشخاص، تبعات هذه الحملة. فقد فرضت القوات الإسرائيلية احتلالاً فعلياً على قريتين على الأقل، حيث دمرت مباني حكومية، وأجرت تعداداً محلياً، وسجلت بطاقات الهوية، وصادرت الأسلحة، وفقاً لما أفاد به السكان لصحيفة "فايننشال تايمز"، التي رصد مراسلوها أيضاً مواقع دبابات إسرائيلية وسواتر ترابية حديثة البناء. كما بدأت القوات الإسرائيلية في توزيع مساعدات على السكان، تشمل الأرز والبطانيات والزيت والمواد الغذائية المعلبة، وعرضت وظائف زراعية في إسرائيل على السكان الذين أنهكتهم سنوات الحرب والأزمة الاقتصادية. وهذا ما دفع العديد من السكان إلى الموازنة بين جوعهم المتزايد والمخاطر التي قد يواجهونها إذا تم تصنيفهم كخونة في حال تعاونوا مع إسرائيل. وقال محمد، وهو شاب من قرية الحميدية التي تتواجد فيها القوات الإسرائيلية: "إذا استمرت الأمور على هذا النحو، وإذا لم يعد العمل ولم نحصل على رواتب، فسيضطر الناس للعمل في إسرائيل، أليس كذلك؟ ما الخيار الآخر المتاح لهم؟".The UN Special Envoy for Syria @GeirOPedersen has strongly condemned Israel's ongoing military attacks inside Syria & is deeply concerned by continuing violations of the 1974 ceasefire agreementhttps://t.co/KIVXsTxWXy
— UN News (@UN_News_Centre) March 4, 2025 الفراغ الأمني وتصعيد القصف الإسرائيلي في سياق متصل، فأثناء الفراغ الذي أعقب سقوط الأسد، شنت القوات الجوية الإسرائيلية حملة قصف واسعة عبر سوريا، مستهدفة مئات الأهداف، بما في ذلك الأسلحة الثقيلة وأنظمة الدفاع الجوي والسفن الحربية، مما أدى إلى تدمير ما تبقى من جيش الأسد. وفي السويداء، رصدت "فايننشال تايمز" موقعاً عسكرياً تعرض للقصف في ديسمبر (كانون الأول)، حيث دُمرت مستودعات الأسلحة بالكامل، بينما كانت الذخائر غير المنفجرة متناثرة وسط الأنقاض. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الذي عززته سلسلة من النجاحات العسكرية ضد أعداء إسرائيل خلال الأشهر الـ16 الماضية، طالب الشهر الماضي بـ"النزع الكامل للسلاح في جنوب سوريا". أظهرت تحليلات صور الأقمار الصناعية التي أجرتها الصحيفة أن القوات الإسرائيلية أقامت تحصينات ومواقع عسكرية جديدة، ما يوسع نطاق الدفاعات التي شيدتها العام الماضي. كما كثفت ضرباتها الجوية، مستهدفة، بحسب زعمها، أسلحة تابعة للنظام السابق في معقل الأسد بشمال البلاد، في مدينة القرداحة.Israel is trying to neutralize what security officials see as a threat: Turkish-backed Islamists trying to unify Syria https://t.co/HSLwfFgkX4
— The Wall Street Journal (@WSJ) March 5, 2025 "توسع عدواني"قالت دارين خليفة إن التوغل الإسرائيلي يشكل تهديداً للحكومة الانتقالية في سوريا، "إذ يخلق ضغطاً شعبياً كبيراً على السلطات في دمشق لتصبح أكثر عدائية في التصدي للإسرائيليين، مما قد يؤدي إلى تأجيج دورة العنف". من جانبه، أدان أحمد الشرع، الرئيس المؤقت لسوريا، "التوسع العدواني" الإسرائيلي خلال قمة الجامعة العربية يوم الثلاثاء، واصفاً إياه بأنه "تهديد مباشر للسلامة والأمن في المنطقة بأكملها"، محذراً من أنه "سيقوض استقرار المنطقة". لكن الحكومة الانتقالية، التي لم تتواصل رسمياً مع جارتها حتى الآن، أظهرت القليل من القدرة أو الرغبة في مواجهة إسرائيل. في أماكن مثل مدينة البعث، حيث كان معظم السكان موظفين حكوميين في ظل الأسد، يخشى الكثيرون أن تعاقبهم الحكومة الجديدة بسبب عدم دعمهم للثورة. إسرائيل وورقة الطائفة الدرزية صورت إسرائيل حملتها على أنها خطوة لحماية الطائفة الدرزية في جنوب سوريا، حيث قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، يوم السبت إن إسرائيل "لن تسمح" لدمشق "بإيذاء الدروز"، محذراً من أنه "إذا حدث ذلك، فسيكون ردنا عنيفاً". لكن العديد من أبناء الطائفة الدرزية في سوريا رفضوا وعود نتانياهو بالحماية، معتبرين إياها مجرد ذريعة، بحسب التقرير. قال يحيى الحجار، زعيم حركة "رجال الكرامة" الدرزية في السويداء: "إسرائيل تدلي بهذه التصريحات لحماية نفسها. إنها تزعم الاهتمام بالأقليات من أجل الاستفادة منها". وأضاف الحجار، متحدثاً من منزله في قرية شنيرة بمحافظة السويداء: "لم نطلب من نتانياهو أن يهتم بنا. نحن نرفض أي مشروع تقسيمي يُفرض على البلاد". الرفض الشعبي للوجود الإسرائيلي تشعر الطائفة الدرزية بقلق عميق إزاء محاولات إسرائيل استغلالها. يوم الجمعة، اندلعت مشاجرات في ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء خلال احتجاج ضد التدخل الإسرائيلي. وتم طرد شبان رفعوا لافتات مناهضة للشراء من قبل متظاهرين آخرين، الذين رغم حذرهم من الحاكم الجديد، وصفوا هؤلاء الشبان بأنهم مخربون ومرتزقة مدفوعون من إسرائيل. قال نبيل جحا، وهو مهندس شارك في الاحتجاج: "إسرائيل تعمل على تدمير المجتمع هنا من أجل حماية نفسها، وتريد استخدامنا كدرع لحماية مصالحها". وأضاف أن السوريين الجائعين قد يلجؤون إلى إسرائيل الآن، لكنهم سيندمون لاحقاً. أما عاطف أيمن، وهو طبيب أسنان حضر التظاهرة، فقال: "لسنا خائفين من أحد، ولا نحتاج إلى أحد لحمايتنا. ما تريده إسرائيل هو دولة فاشلة".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل صناع الأمل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية سوريا إسرائيل القوات الإسرائیلیة الطائفة الدرزیة فی سوریا فی جنوب
إقرأ أيضاً:
سوريا.. انفجار ضخم يهز مدينة طرطوس وقتلى في دير الزور
أعلنت وسائل إعلام سورية، عن “وقوع انفجار ضخم هز مدينة طرطوس على الساحل السوري”.
وأشارت صحيفة “الوطن” السورية، إلى أن “الدخان يتصاعد عند جسر بلاطة غربية”.
وأضافت: “هناك توقعات بحصول عدوان اسرائيلي على نقطة عسكرية قريبة من أوتوستراد طرطوس بانياس عند بلاطة غربية”.
وفي ذات السياق، أفادت الوكالة السورية للأنباء “سانا”، “بمقتل 3 أشخاص وإصابة 20 آخرين بجروح جراء انفجار مجهول السبب وقع اليوم الاثنين على مدخل لمدينة البوكمال بريف محافظة دير الزور الجنوبي الشرقي”.
سياسيا، أكد الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني وليد جنبلاط، أن “الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل الشيخ موفق طريف “لا يمثلهم وهو مدعوم من القوى الصهيونية”.
وخلال اجتماع مجلس المذهبي الدرزي بمنطقة فيردان في لبنان، شدد وليد جنبلاط، على أن “أهل سوريا يعرفون التصرف”، مشيرا إلى أنه “سيذهب إلى دمشق للتأكيد على مرجعية الشام”، وقال: “المشروع كبير وسيجرون بعض من ضعفاء النفوس إلى حروب أهلية لست أدري كيف ستنتهي”.
وقال جنبلاط: “الصهيونية تستخدم الدروز جنودا وضباطا لقمع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، واليوم يريدون الانقضاض على جبل العرب”.
وتابع: “إذا ما قارنا المرحلة الحالية بمراحل سابقة من احتلال إسرائيلي لبيروت وغيره من المحطات، أكاد أقول إنها أخطر بكثير مما مررنا فيه”.