جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-26@15:09:29 GMT

"الإنسان الذري" لنيل د. لورنس

تاريخ النشر: 5th, March 2025 GMT

'الإنسان الذري' لنيل د. لورنس

 

 

علي بن حمدان الرئيسي

 

ماذا يحدث عندما تبدأ الآلات في التفكير مثلنا؟ لم يعد الأمر مجرد سيناريو خيال علمي بعيد المنال؛ بل إنه يحدث الآن، فقد دخلت أدوات مثل ChatGPT وPerplexity وGoogle Bard وغيرها الكثير إلى حياتنا اليومية، وفجأة أصبحنا نعتمد عليها في كل شيء تقريبًا، من الإجابة على الأسئلة الكبيرة إلى حل المهام اليومية الصغيرة.

يبدو الأمر وكأننا عالقون بين الإثارة والقلق. فمن ناحية، من المثير أن ننجز الكثير في غمضة عين. ومن ناحية أخرى، هناك قلق مزعج: ماذا لو استولت هذه الآلات الذكية على وظائفنا؟ قد يصبح العثور على عمل أكثر صعوبة، والخوف من أن يتم استبدالنا أمر حقيقي للغاية. ولكن هل من السهل حقا استبدالنا؟

في كتابه "الإنسان الذري"، يدفعنا نيل د. لورانس إلى مواجهة أسئلة تبدو حقيقية للغاية اليوم. ومع تزايد ذكاء أنظمة الذكاء الاصطناعي وتزايد انخراطها في حياتنا، يطلب منا لورانس أن نفكر: هل هناك جزء أساسي من كياننا البشري لا يمكن للتكنولوجيا أن تمسه؟ أم أننا نتخلى ببطء عن أجزاء من إنسانيتنا مع تقدم الذكاء الاصطناعي؟


 

الفكرة الرئيسية للكتاب هي أنه مع تولي الآلات المزيد من مهامنا، يظل هناك جانب أساسي منا لا يمكن المساس به -ما يشير إليه لورانس باسم "الإنسان الذري". لا يتعلق هذا المفهوم بالذرات حرفيًا، ولكنه بمثابة استعارة لأصغر جزء من كياننا وأكثرها ثباتًا. ينظر لورانس إلى الجزء الفريد منا- سواء كان عقلنا أو روحنا أو مشاعرنا الذي لا يمكن للذكاء الاصطناعي نسخه. ولكن أين هذا الجزء، ومما صنع؟

ويتعمق لورانس في كيفية عمل الذكاء الاصطناعي، كيف يتعلم وينمو ويصبح على نحو متزايد جزءا من عالمنا. ويوضح أن الذكاء الاصطناعي يتطور من خلال امتصاص كميات هائلة من الثقافة البشرية: قصصنا وفنوننا ومعرفتنا المشتركة. ويتعلم من خلال معالجة هذه البيانات ويبدأ في عكس نسخة منا، مصاغة من خلال سطور من التعليمات البرمجية. ولكن السؤال الكبير يظل قائمًا: هل يفكر الذكاء الاصطناعي حقا، أم أنه يعكس فقط ما تعلمه منا؟ ويؤكد لورانس أن الذكاء الاصطناعي لا يزال مجرد أداة متقدمة، نعم، ولكنها في نهاية المطاف لا تزال من صنع التصميم البشري. ويحذر من رفعه إلى مستوى يطغى فيه على القدرات البشرية.

ما يجعل هذا الكتاب مميزًا هو تركيز لورانس على ما يميزنا حقًا كبشر؛ فهو يزعم أن نقاط قوتنا أو إنجازاتنا التكنولوجية ليست هي التي تميزنا؛ بل هشاشتنا وضعفنا. هذه العيوب هي التي دفعتنا إلى النمو والتواصل وخلق ثقافات تتجاوز مجرد البقاء. من ناحية أخرى، قد يكون الذكاء الاصطناعي قويا ودقيقا، لكنه يفتقر إلى هذا الشعور بالضعف. ووفقًا للورانس، هنا نجد "إنساننا الذري" في السمات البشرية الفريدة التي لا يمكن لأي آلة تقليدها.

ولكن رسالة لورانس لا تتعلق بالذكاء الاصطناعي فحسب؛ بل إنها تتعلق بنا أيضًا؛ فهو يتحدانا لإعادة التفكير في هويتنا ومن نريد أن نكون في عالم تتشكل ملامحه بشكل متزايد بواسطة التكنولوجيا. ومع توسع دور الذكاء الاصطناعي، يعتقد لورانس أننا يجب أن نفهم طبيعتنا بشكل أفضل للتغلب على التحديات التي تنتظرنا؛ سواء كان ذلك في مقاومة التلاعب من خلال التكنولوجيا أو التكيف مع التغيرات الثقافية في عالم تقوده الآلات.

"الإنسان الذري" كتاب عن الذكاء الاصطناعي وتأمل في إنسانيتنا في مواجهة التغير التكنولوجي السريع. يترك لنا لورانس تذكيرًا قويًا: بينما يستمر الذكاء الاصطناعي في التطور، فإن نقاط ضعفنا، واتصالاتنا، وتجاربنا المشتركة هي ما يحددنا حقًا. وإذا نسينا ذلك، فإننا نخاطر بخسارة شيء أعظم بكثير من أي تقدم تكنولوجي، إنه جوهر هويتنا!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

كيف تعمل من المنزل باستخدام الذكاء الاصطناعي؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شهد العالم تحولًا جذريًا في شكل بيئة العمل خلال السنوات الأخيرة، لا سيما بعد جائحة كورونا التي دفعت العديد من المؤسسات لتبني نمط العمل عن بُعد.

 ومع هذا التغيير، أصبح من الضروري الاستعانة بأدوات تقنية تدعم استمرارية الأداء، وكان الذكاء الاصطناعي من أبرز هذه الأدوات.

الذكاء الاصطناعي، بمفهومه الواسع، هو استخدام تقنيات تتيح للأنظمة فهم البيانات والتعلم منها، بل واتخاذ قرارات تشبه تلك التي يتخذها الإنسان، ولكن بكفاءة وسرعة أعلى. وقد أوجد هذا المجال مساحات واسعة للاستفادة، خصوصًا لمن يعملون من منازلهم.

نمو الذكاء الاصطناعي في عام 2023

في عام 2023، لم يكن الذكاء الاصطناعي مجرد توجه مستقبلي، بل أصبح واقعًا محوريًا في قطاعات متعددة. من تطوير المنتجات إلى تحليل البيانات، كان الاعتماد عليه في تزايد مطرد.

 وقد سعت الشركات إلى دمج هذه التكنولوجيا في عملياتها لتحسين الكفاءة وتقليل التكاليف.

كما شهد المجال نفسه تطورات هائلة في البحث والتطوير، مما أتاح الفرصة لابتكار أدوات جديدة وتوسيع التطبيقات القائمة. 

وبالتزامن، ارتفعت الحاجة إلى الكفاءات البشرية المتخصصة في هذا المجال، وبدأت الشركات في تخصيص برامج تدريب لموظفيها لتأهيلهم للتعامل مع هذه التقنية المتقدمة.

كيف يُستخدم الذكاء الاصطناعي في العمل عن بُعد؟

مع توسع نطاق العمل من المنزل، بدأت العديد من الشركات في دمج أدوات الذكاء الاصطناعي في مختلف جوانب العمل اليومي. إليك بعض أبرز المجالات التي يتم فيها توظيف هذه التقنية لتعزيز الكفاءة:
1. المساعدات الذكية
الأنظمة مثل Siri وGoogle Assistant أصبحت أدوات مساعدة للموظفين عن بعد، حيث تساهم في تنظيم المهام اليومية، جدولة الاجتماعات، وتذكيرهم بالمواعيد، مما يسهل إدارة الوقت ويزيد من الإنتاجية.
2. أنظمة الدردشة التفاعلية
برمجيات المحادثة المدعومة بالذكاء الاصطناعي أصبحت بديلًا فعالًا للدعم الفني وخدمة العملاء، حيث يمكنها الرد الفوري على الاستفسارات دون الحاجة لتدخل بشري دائم.
3. تحليل البيانات
مع الكم الهائل من البيانات التي تُنتج يوميًا، تلعب تقنيات الذكاء الاصطناعي دورًا جوهريًا في استخراج المعلومات المهمة منها، سواء لتحسين الأداء الداخلي أو فهم سلوك العملاء.
4. تعزيز الأمن الرقمي
العمل عن بُعد يرافقه دائمًا مخاطر أمنية، وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي في رصد أي نشاط غير طبيعي والتنبيه بشأنه بشكل لحظي، مما يساهم في الوقاية من الهجمات الإلكترونية.
5. إدارة المشروعات
أدوات الذكاء الاصطناعي تساعد في تتبع تقدم المهام، تحليل أسباب التأخير، وتقديم اقتراحات لتحسين سير العمل، مما يدعم مديري المشاريع في اتخاذ قرارات دقيقة.
6. الترجمة اللحظية
في بيئات العمل التي تجمع أفرادًا من دول وثقافات مختلفة، توفر أدوات الترجمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي وسيلة فعالة لكسر حاجز اللغة وتعزيز التواصل بين الزملاء.
7. التخصيص والتطوير المهني
يمكن لهذه الأنظمة اقتراح محتوى تدريبي أو مهام تتناسب مع احتياجات كل موظف بناءً على تحليل أدائه واهتماماته، مما يعزز تجربته المهنية بشكل عام.

المستقبل الرقمي للعمل

من الواضح أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة تقنية إضافية، بل أصبح عنصرًا أساسيًا في بيئة العمل الحديثة، خاصة في سياق العمل عن بُعد. 

وبينما يستمر التطور في هذا المجال، ستزداد أهمية دمج هذه التقنيات في العمليات اليومية لضمان الاستمرارية، الأمان، والتفوق في الأداء.

مقالات مشابهة

  • الرئيس الصيني: الذكاء الاصطناعي سيغير أسلوب الحياة البشرية بشكل جذري
  • كريم أبو زيد لـ الفجر الفني: "أنا إنت.. إنت مش أنا" مش مجرد كوميديا.. بنحاكي مخاوف الإنسان من الذكاء الاصطناعي
  • بحضور نهيان بن مبارك.. “بولينوم” و “أبوظبي للإدارة” تطلقان أكاديمية الذكاء الاصطناعي
  • محمد جبران: الذكاء الاصطناعي دخل سوق العمل .. وبعض الوظائف ستندثر
  • المشاريع المشاركة في هاكاثون الذكاء الاصطناعي تقدم حلولاً لقطاعات استراتيجية
  • لطافتك تكلف الذكاء الاصطناعي الملايين!
  • جهاز ذكي يساعد المكفوفين على التنقل باستخدام الذكاء الاصطناعي
  • كيف تعمل من المنزل باستخدام الذكاء الاصطناعي؟
  • يساعدك في اتخاذ القرار.. كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي صورة الإنسان عن نفسه؟
  • إطلاق النسخة الأولى من تقرير “حالة الذكاء الاصطناعي في دبي”