شيخ الأزهر: شعب فلسطين ظل صامدا وشامخا ومتشبثا بأرضه رغم ما تعرض له
تاريخ النشر: 5th, March 2025 GMT
قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، إن تضرع المسلمين إلى الله بأسمائه الحسنى لنصرة إخوانهم المظلومين في غزة كان ذا أثر قوي في مدهم بالعون للتصدي لأعدائهم، موضحا أنه ورغم تعرض أهالي غزة طوال هذه الفترة للقتل ليل نهار، قتل طال الأطفال والنساء والعجائز والمرضى، وهدم للبيوت والمستشفيات والمساجد والكنائس على من فيها، وتدمير منظم ووحشي لم نر له مثيل من قبل في تاريخ الحروب، في هجمات كانت كفيلة خلال شهر واحد أن تبيد شعوبا أخرى وتنهيها عن آخرها، إلا أنهم، وفي معجزة إلهية بفضل دعاء الكثيرين من إخوانهم لهم، ظلوا صامدين أمام أحدث ما أنتجته مصانع الغرب من أدوات قتل وإبادة.
وبيِن الإمام الطيب، خلال حديثه اليوم برابع حلقات برنامجه الرمضاني «الإمام الطيب» لعام 2025، أنه ورغم كل ما تعرض له الشعب الفلسطيني طوال وجدناه صامدا شامخا متشبثا بأرضه، ويعود كأنه طوفان وكأن شيئا لم يكن، فبكل تأكيد هذا الشعب هو الذي انتصر، فقد كان في مخيلة الصهاينة أن أهالينا في غزة لن يستطيعوا تحمل كل ذلك وأنهم بعد شهر أو شهرين ستخضع لهم غزة محروقة ومنتهية، لكن هذا لم يحدث، رغم أن هذا الشعب لا سلاح معه ولا نصير إلى جواره سوى دعوات إخوانهم لهم بالثبات والنصر.
وأكد شيخ الأزهر، أن صمود الشعب الفلسطيني لم يكن صمودا عاديا، بل كان صمودا مليئا بالشموخ والتحدي، ولا تفسير لذلك إلا أن الله قد استجاب لدعوات الضعفاء ليل نهار بأن يقف الله معهم، وهذا هو أثر الاتجاه إلى الله سبحانه وتعالى في مثل هذه المواقف بالدعاء والتضرع، وفي تاريخنا الكثير من المواقف المشابهة، ومن ذلك قوله تعالى: " إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الذين كفروا"، فهذا ليس أمرا خياليا ولكنه مصدق بالقرآن الكريم، لافتا أن قتال المسلمين هو دفاع عن عقيدة وحق، ودائما ما ينصف التاريخ أهل الحق وينصرهم على أهل الباطل، وقد رأينا بأعيينا ما تعرض له أهل غزة وهم أهل الحق من ظلم وقهر، بل مرت علينا لحظات لم نكن نستطيع مشاهدة ما تراه أعيننا على الشاشات من قتل وتقطيع وذعر ومشاهد، ولم نكن نتخيل حدوثها في القرن الواحد والعشرين، بعد أن وعدونا بأن هذا القرن هو قرن الديمقراطية والسلام والحرية وحقوق الإنسان، فإذا بالعدوان على غزة يؤكد أنه قرن العبودية الأولى.
وأوضح الإمام الطيب أنه ليس شرطا أن يكون العبد على وعي بمعاني أسماء الله الحسنى للدعاء بها، بل يكفي أن يرددها فقط في دعائه، مصداقا لقوله تعالى "ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها"، فلم يقل اعلموها أو افهموا ثم ادعوا بها، فيكفي الدعاء بها دون فهم معانيها، فذلك يتطلب دراسة متخصصة، مبينا أن أسماء الله الحسنى لها تأثير متى ذكرت على نطقها الصحيح، سواء فهمها من يقولها أم لم يفهمها، فكل اسم منها له تأثير معين، ولها أسرار بمجرد نطقها من قلب حي متدبر يذكر الله ويخافه، ومن ذلك ما ورد في الأثر أن الكون كله هو أثر هذه الأسماء.
واختتم فضيلته أنه ليس شرطا في الدعاء أن يكون باسم من أسماء الله الحسنى، بل يجوز الدعاء بغير الأسماء الحسنى مصداقا لقوله تعالى: "ادعوا ربكم تضرعا وخفية"، فلم يربط الدعاء هنا بأسماء الله الحسنى، كما أن الكثير من دعوات النبي "صلى الله عليه وسلم" لم تكن مصحوبة بأسماء الله الحسنى، ففضل الله وعطاؤه واسع لمن يتعرض له، سواء كان بالدعاء بأسماء الله الحسنى أو بغيرها، شريطة أن يعتقد الداعي أن الله أصبح هو الظهر الوحيد له.
اقرأ أيضاًشيخ الأزهر يدعو لمواجهة المخططات غير المقبولة لتهجير الفلسطينيين
شيخ الأزهر يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك
شيخ الأزهر بمؤتمر الحوار الإسلامي: «موقف أمتينا العربية والإسلامية ضد تهجير الفلسطينيين مشرف»
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الإمام الطيب الدكتور أحمد الطيب الشعب الفلسطيني برنامج الرمضاني شيخ الأزهر الله الحسنى شیخ الأزهر تعرض له
إقرأ أيضاً:
ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر: غزوة بدر نموذج عملي للأخذ بأسباب النصر
عقد الجامع الأزهر، اللقاء الأسبوعي لملتقى السيرة النبوية، اليوم الأربعاء، تحت عنوان "النبي صلى الله عليه وسلم بين براعة التخطيط والثقة في نصر الله غزوة بدر نموذجًا".
يأتي ذلك بحضور كل من د. السيد بلاط، أستاذ ورئيس قسم التاريخ والحضارة الإسلامية بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر سابقًا، ود. خالد عبد النبي عبد الرازق، أستاذ الحديث وعلومه بكلية أصول الدين بالقاهرة، وأدار الحوار الشيخ وائل رجب، الباحث بالجامع الأزهر الشريف.
في بداية الملتقى قال الدكتور السيد بلاط، أستاذ ورئيس قسم التاريخ والحضارة الإسلامية بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر سابقًا، إن غزوة بدر تعد نموذجًا عمليًا على براعة النبي صلى الله عليه وسلم في التخطيط، وتجلى ذلك بوضوح من خلال عدة أمور، أولها: تطبيقه صلى الله عليه وسلم لمبدأ الشورى مع صحابته الكرام، ليعطي درسًا لكل من تولى أمرًا من أمور المسلمين بضرورة البحث عن الرأي الصواب واعتماد مبدأ الشورى في إدارة شؤون المسلمين.
وأضاف أن الأمر الثاني: جمع المعلومات الدقيقة عن العدو الذي يوجهه، وفي هذا درس هام بضرورة تقدير الأمور تقديرًا صحيحًا من خلال جمع المعلومات الموثوقة التي تقدر لنا الأمور بقدرها دون تهويل أو تهوين، الأمر الثالث: بناء "عريش لقائد الجيش" أي ظلة في وسط الجيش، لتكون حصنًا للقائد ومظلة القيادة للمعركة، ليكون القائد قادرا على توجيه المعركة بفاعلية، واستعادة زمام الأمور في حالة تعثر الجيش. الأمر الرابع: اتباع الرسول صلى الله وسلم استراتيجية جديدة في القتال وهي استراتيجية الصفوف المنظمة، كبديل لأسلوب "الكر والفر" والذي كان هو الأسلوب المتبع في الحرب عند العرب، الأمر الخامس: التزام الجيش بالأوامر التي يصدرها قائد الجيش وخطة القتال وتنفيذها حرفيًا سواء كان ذلك في بدء المعركة أو في أثناء المعركة، ليكون جيش المسلمين موحدًا في بطشه وفي دفاعه.
وأوضح الدكتور سيد بلاط، أن النصر كان حليف المسلمين في غزوة بدر بفضل قدرة وبراعة الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم بفضل التزام جيش المسلمين بأوامر النبي صلى الله عليه وسلم، وتنفيذها على الوجه الأكمل، والتي أظهرت عبقرية النبي صلى الله وسلم في كل شيء حتى في الجوانب العسكرية، وقدرته على تدبير أمرها ببراعة لا مثيل لها، من خلال تحديد أهداف المعركة وتحديد التوقيت المناسب لها، وحث الجنود على الاستخدام المحكم لكل أدوات المعركة في وقتها المناسب الذي يحقق الهدف بأقل الخسائر الممكنة، مبينًا أن لجوء المسلمين إلى الله وكونهم أصحاب حق، إضافة إلى براعة النبي في التخطيط، جعل النصر حليفًا للمسلمين، رغم أن قوانين الحرب لم تكن لتمنحهم النصر وبخاصة أن عددهم أقل بكثير من جيش عدوهم.
توفاه الله.. جامعة الأزهر تناقش رسالة دكتوراه وتترك كرسي المشرف فارغا.. صور
إنجاز غير مسبوق.. أستاذ بعلوم الأزهر يكتشف مستخلصات فعالة لعلاج السرطان والبكتيريا
مدير الجامع الأزهر: تطلعات جديدة لتعزيز دور الرواق الأزهري في الأقصر
وكيل الأزهر يستقبل رئيس المجلس الفقهي الأسترالي لبحث سبل التعاون المشترك
من جانبه، قال الدكتور خالد عبد النبي، أستاذ الحديث وعلومه بكلية أصول الدين بالقاهرة: تعطينا غزوة بدر مثلا أعلى في التوكل على الله، فمنذ التخطيط على الحرب وحتى تحقيق النصر، وتظهر ثقة النبي وتوكله الكامل على الحق جل وعلا، رغم قلة عدد جيش المسلمين مقارنة بجيش عدوهم، لكن توكل النبي صلى الله وسلم على ربه جعله متيقن أن النصر سيكون له ولأصحابه، كما أن التوكل على الله هو الذي جعل النبي صلى الله عليه وسلم يتجاوز كل المحن والتحديات التي واجهها طوال حياته، لكنه صلى الله عليه وسلم أراد من خلال التخطيط والإعداد الدقيق للمعركة، وحساب كل خطواتها خطوة خطوة، أن يعلمنا أن نأخذ بالأسباب وأن نجتهد في الوصول إلى الهدف.
وذكر فضيلة الدكتور خالد عبد النبي، أن النصر لا بد له من أسباب، فلا يمكن أن تنتصر الأمة الإسلامية على عدوها رغم كونها صاحبة حق وعلى صواب مالم تأخذ بالأسباب، وهو ما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤسس له في غزوة بدر، فإذا توكل المسلمون على ربهم حق التوكل وأخذوا بالأسباب كان النصر حليفهم على أعدائهم، فلا يمكن أن يأتي النصر دون الأخذ بالأسباب، وعلى الأمة اليوم أن تستلهم من صفوف غزوة بدر روح الوحدة والتماسك والثقة، والتي كانت دافعًا قويا لهم في تحقيق النصر على عدو الله وعدوهم، وما أحوج الأمة اليوم أن تكون على هذه الحالة التي أظهرت جلد المسلمين وصدق إيمانهم، مشيرًا إلى أن المسلمين في غزوة بدر عندما كانوا على قلب رجل واحد أرهب الله عدوهم وقذف في قلبه الرعب.
من جانبه قال الشيخ وائل رجب: كان النبي صلى الله وسلم في كل أموره يأخذ بالأسباب التي تؤدي إلى نصر الأمة الإسلامية وتقوية دعائمها، ففي غزوة بدر حرص النبي صلى الله عليه وسلم على الأخذ بكل أسباب النصر، سواء كان ذلك في تقصى المعلومات عن العدو، بالإضافة إلى دراسة ظروف المكان الذي تدور فيه المعركة، والاعتماد على الشخص المناسب في كل مرحلة من مراحل هذه المعركة، معتمدًا أسلوب الشورى والنقاش بينه وبين صحابته الكرام ليصل إلى الرأي الصائب الذي يحقق النصر والعزة للمسلمين.
يُذكر أن ملتقى "السيرة النبوية" الأسبوعي يُعقد الأربعاء من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من فضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، بهدف استعراض حياة النبي محمد ﷺ، وإلقاء الضوء على المعالم الشريفة في هذه السيرة العطرة، وبيان كيفية نشأته وكيف كان يتعامل مع الناس وكيف كان يدبر شؤون الأمة، للوقوف على هذه المعاني الشريف لنستفيد بها في حياتنا.