يُعد شهر رمضان فرصة مثالية لتجديد الروحانيات والتقرب إلى الله، إلا أنه يحمل أيضًا أهمية كبيرة في تعزيز الاستدامة البيئية. ومع تزايد الاهتمام العالمي بقضايا التغير المناخي، يمكن للمسلمين دمج الممارسات الصديقة للبيئة في عاداتهم الرمضانية، مما يحقق توازنًا بين العبادة وحماية البيئة، فالقيم الإسلامية لا تقتصر فقط على الممارسات الروحية، بل تمتد لتشمل علاقتنا بالبيئة، حيث يمكننا من خلال الاستهلاك الواعي وتقليل النفايات تعزيز اتصالنا بالطبيعة، وفي الوقت نفسه تكريم التزامنا الروحي.

الحد من الهدر الغذائي

في هذا السياق، يؤكد علي بن سعيد البوسعيدي على أهمية التخطيط الجيد للوجبات كأداة فعّالة لتجنب هدر الطعام. وتشير إحصائيات منظمة الفاو إلى أن ثلث الطعام على مستوى العالم يُهدر سنويًا، مما يستدعي ضرورة تقدير الكميات بعناية وتخزين الطعام بطرق ذكية. كما يوصي باختيار الخضروات والفواكه الموسمية، حيث تساهم هذه الخطوة في تقليل البصمة الكربونية الناتجة عن النقل والتخزين.

وفيما يتعلق بالجانب البيئي، يلفت البوسعيدي إلى أهمية إعادة تدوير بقايا الطعام وتحويلها إلى سماد طبيعي. كما يشدد على ضرورة استخدام الأطباق القابلة للتحلل في الولائم الجماعية، ويحث المساجد على تبني أواني قابلة لإعادة الاستخدام خلال الإفطارات الرمضانية.

ويقول البوسعيدي: "الاستدامة في رمضان ليست مجرد تضحية، بل هي امتداد لقيم الإسلام الداعية إلى الاعتدال وحفظ النعم، إذن، يمكن لشهر رمضان أن يكون فرصة لتعزيز العادات البيئية المستدامة، مما يساهم في حماية كوكب الأرض في وقت نحتاج فيه أكثر من أي وقت مضى إلى اتخاذ خطوات فعّالة لمواجهة تحديات التغير المناخي".

نحو شهر أكثر وعيًا بيئيًا

وتعتبر العادات الغذائية والاجتماعية خلال شهر رمضان محورية في تحديد كيفية التفاعل مع البيئة والموارد المتاحة، بحسب ما أكدته فاطمة العبرية إحدى المهتمات بالاستدامة، حيث تشير إلى أن التفكير في جعل رمضان أكثر استدامة لا يتطلب تغييرات جذرية بل يمكن أن يتم من خلال خطوات بسيطة ولكن فعّالة. من أبرز هذه الخطوات، التخطيط الجيد للوجبات، حيث يمكن تجنب شراء كميات كبيرة من الطعام قد تُهدر. بدلاً من ذلك، يمكن للأفراد إعادة استخدام الفائض أو مشاركته مع الجيران والمحتاجين. وتشير العبرية إلى أن استخدام الأطباق القابلة لإعادة الاستخدام بدلًا من البلاستيكية يُعدّ من الخيارات الفعالة لتقليل النفايات، ما يعزز من الاستدامة ويقلل من التلوث.

مبادرات مجتمعية

وفيما يتعلق بالمبادرات المجتمعية، يؤكد حميد المحروقي على أن شهر رمضان يمثل فرصة للتوفيق بين الروحانية والاهتمام بالبيئة. فمن خلال التخطيط الجيد والاختيارات الذكية، يمكن للجميع المساهمة في جعل الشهر الفضيل أكثر استدامة، كما يشدد على أهمية التبرع بالفائض من الطعام للمحتاجين، مشيرًا إلى أن العديد من المنظمات المجتمعية تتطلع لاستقبال التبرعات، خصوصًا في هذا الشهر المبارك.

من جانبه يؤكد محمد الحوسني على دور الفعاليات المجتمعية في تعزيز المسؤولية البيئية وتقوية الروابط بين أفراد المجتمع. ويقترح تنظيم حملات تنظيف محلية أو فعاليات إفطار صديقة للبيئة، حيث يتشارك الضيوف في تناول أطباق نباتية. هذا النوع من الفعاليات يسهم في نشر الوعي حول أهمية الأكل المستدام ويشجع على اتباع نمط حياة أكثر احترامًا للبيئة.

ومن خلال هذه العادات والمبادرات، يمكن أن يصبح رمضان أكثر من مجرد شهر للعبادة؛ بل فرصة لتبني ممارسات غذائية واجتماعية تعود بالنفع على البيئة وتدعم الاستدامة.

تحديات ومقترحات

ومع اقتراب شهر رمضان، تتزايد الجهود من أجل دمج مفاهيم الاستدامة في العادات الرمضانية، لكن هناك أيضًا تحديات كبيرة تواجه تحقيق هذه الرؤية، بحسب ما أكدته سميرة البحرية التي تقترح عددًا من المبادرات التي يمكن أن تسهم في جعل رمضان أكثر استدامة. من بين هذه المبادرات، تقترح تنظيم "تحدي 30 يومًا" لترشيد استهلاك الموارد طوال الشهر الفضيل، واستبدال الزينة الكهربائية بمصابيح تعمل بالطاقة الشمسية، ما يسهم في تقليل استهلاك الكهرباء. كما تدعو إلى تطوير تطبيق ذكي يقدم نصائح يومية تساعد الأسر على تقليل الاستهلاك، وتشجيعهم على تقليل عدد الأطباق في الإفطار والسحور لتقليل الهدر.

التجارة الرمضانية

من جانبه، يعلق مروان الشكيلي قائلاً: "في الأشهر التي يجب أن يتحول فيها تركيزنا نحو الروحانية والإخلاص لله، نلاحظ أنها أصبحت أكثر تركيزًا على القوة الشرائية، وتأثرت الشركات بنا بسهولة لتحويل رمضان إلى حالة تجارية." ويؤكد الشكيلي أن رمضان يجب أن يكون مساحة لتعزيز أساليب الحياة المستدامة، ودعوة الجميع إلى تقليل هدر الطعام، والحفاظ على المياه، واستخدام المنتجات الصديقة للبيئة.

ويضيف الشكيلي أنه من المهم أن نوجه شهر رمضان ليكون رسالة قوية لزيادة الوعي حول تأثير أفعالنا على البيئة، وأن نلهم الآخرين لتغيير سلوكياتهم من أجل إحداث فرق حقيقي، ويشدد على أن الالتزام بالقيم البيئية في حياتنا اليومية يمكن أن يساهم في صون النظم البيئية وضمان استدامة الموارد الطبيعية للأجيال القادمة، مع الحفاظ على التوازن بين البشر والطبيعة.

وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي قد تواجه الاستدامة خلال رمضان، فإن المقترحات المختلفة تتسم بالواقعية والفعالية، وإذا تم تنفيذها بالشكل المناسب، يمكن أن يكون شهر رمضان فرصة رائعة لإحداث تغيير إيجابي في سلوكياتنا البيئية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: شهر رمضان من خلال یمکن أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

6 فرص استثمارية في البريمي على مساحة 29.6 فدانًا لتعزيز نمو القطاع الزراعي

 

 

 

 

 

◄ طرح 50 فرصة استثمارية بالقطاع الزراعي خلال 2025

 

البريمي- العُمانية

 

أعلنت وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، بالتعاون مع وزارة الإسكان والتخطيط العمراني، عن طرح 6 فرص استثمارية جديدة في محافظة البريمي عبر منصة "تطوير"؛ في إطار جهودها لتعزيز الاستثمار في القطاع الزراعي.

وتهدف هذه الفرص إلى استقطاب المستثمرين وتشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على الاستفادة من الموارد الزراعية المتاحة باستخدام أحدث التقنيات.

وتتوزع الفرص الاستثمارية على مساحة إجمالية تبلغ 29.6 فدانًا، منها فرصة استثمارية رئيسة في ولاية محضة، بمنطقة الزروب، على مساحة 4.6 فدان، وتتمثل هذه الفرصة في زراعة وإنتاج المحاصيل الخضار الورقية باستخدام التقنيات الحديثة، مما يعزز الإنتاج الزراعي المستدام في المنطقة.

وجرى تخصيص 5 فرص استثمارية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في ولاية محضة، بمنطقة صفوان، بمساحة خمسة أفدنة لكل فرصة، وتتنوع هذه المشروعات بين زراعة وإنتاج المحاصيل الخضار الورقية، وزراعة محاصيل الخضروات باستخدام التقنيات الحديثة، بالإضافة إلى زراعة وإنتاج الثوم والبصل، وزراعة البطاطس، فضلًا عن زراعة وإنتاج الأعلاف الموسمية.

وأكدت وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه أن التقدم لهذه الفرص متاح عبر منصة "تطوير"، التي توفر آلية إلكترونية سلسة لتقديم الطلبات، بهدف تسهيل الإجراءات وتحفيز المستثمرين على الدخول إلى القطاع الزراعي.

وتأتي هذه المبادرة ضمن جهود الحكومة لتعزيز الأمن الغذائي، ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ورفع كفاءة الإنتاج الزراعي في سلطنة عُمان.

وقال المهندس ناصر بن علي المرشودي مدير عام المديرية العامة للثروة الزراعية وموارد المياه بمحافظة البريمي، إنه سيتم الإعلان عن أكثر من 20 فرصة استثمارية في المجال الزراعي خلال الأسبوع الجاري.

وأضاف أن هذه الفرص تتوزع على مستوى ولايات المحافظة بحيث تشمل الإنتاج النباتي والإنتاج الحيواني، بهدف المساهمة في الأمن الغذائي وتوفير وإيجاد فرص عمل في تلك المشاريع.

وأشار إلى أن الوزارة تستهدف خلال عام 2025- بالتعاون مع المديرية العامة للإسكان والتخطيط العمراني- الإعلان عن 50 فرصة استثمارية.

مقالات مشابهة

  • لدعم الاستدامة البيئية .. تشغيل أول مسجد يعمل بالطاقة الشمسية بالمنيا |شاهد
  • الأجهزة الرقمية والتطبيقات.. ما بين التأثير الإيجابي والسلبي في عبادات الشهر الكريم
  • الأحساء.. خطة لتعزيز الأنظمة البيئية ودعم المزارعين في الواحة
  • مناقشة مفهوم المحاسبة البيئية والمسؤولية الاجتماعية بشمال الشرقية
  • "نقدر النعمة".. حملة رمضانية لتعزيز الاستهلاك والحد من هدر الغذاء
  • 6 فرص استثمارية في البريمي على مساحة 29.6 فدانًا لتعزيز نمو القطاع الزراعي
  • مجدي أبوزيد يكتب.. رمضان فرصة الجميع لإصلاح النفس والتغيير
  • الرئيس اللبناني: زيارتي للسعودية فرصة لتعزيز العلاقات الثنائية وتقدير دور المملكة في دعم لبنان
  • تقرير تركي: رمضان في ليبيا فرصة لتعزيز الروابط الاجتماعي بين المواطنين