هكذا يؤثر إغلاق الاحتلال الإسرائيلي للمعابر على حياة الغزيين
تاريخ النشر: 5th, March 2025 GMT
غزة- على نحو سريع انعكس قرار الاحتلال الإسرائيلي بإغلاق معابر قطاع غزة، وأبرزها معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد المخصص لإدخال شاحنات المساعدات الإنسانية والبضائع التجارية، على حياة مليونين و400 ألف فلسطيني في قطاع غزة، الذين لم يتعافوا بعد من حرب طاحنة فتكت بهم على مدار 15 شهرا.
ولليوم الثالث على التوالي تواصل السلطات الإسرائيلية إغلاق المعابر، وتمنع دخول المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية والوقود وغيرها، الأمر الذي ألقى بظلاله سريعا على الواقع المعيشي للغزيين.
واتخذت إسرائيل هذا القرار صبيحة اليوم الثاني من الشهر الجاري، تزامنا مع انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة حماس، والتي استمرت 42 يوما، منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني الماضي.
وتتهم هيئات محلية ودولية الاحتلال باستخدام المساعدات الإنسانية كسلاح تفاوضي للضغط على حماس، من أجل إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين في غزة، بأقل الأثمان، في مقابل السماح بتدفق هذه المساعدات، وذلك في محاولة إسرائيلية للتهرب من استحقاقات المرحلة الثانية المقررة في اتفاق وقف إطلاق النار.
كان للقرار الإسرائيلي بإغلاق المعابر ووقف تدفق المساعدات، آثار فورية على الغزيين، الذين سيطرت عليهم حالة من الشك وعدم اليقين بشأن ثبات وقف إطلاق النار، ومخاوف من عودة إسرائيلية للحرب، لكن تبعات هذا القرار انعكست على حالة الأسواق في القطاع، فاختفت منها الكثير من السلع والبضائع، وشهدت قفزة كبيرة بالأسعار.
إعلانويبرئ محمود المصري وهو صاحب بسطة صغيرة في شارع البحر بمدينة خان يونس، نفسه والباعة الصغار من المسؤولية عن اختفاء البضائع والسلع والارتفاع الهائل للأسعار، ويقول للجزيرة نت "إحنا غلابة ولا نجني من الوقوف بالسوق لساعات طويلة إلا قوت يومنا".
ويلقي هذا البائع بالمسؤولية على الاحتلال، الذي يغلق المعابر ويسمح لمن وصفهم بـ"الكبار من تجار الحرب"، بإخفاء السلع واحتكارها والتلاعب بأسعارها بالأسواق.
وعلى مقربة من هذه البسطة، كان شاب ثلاثيني يجادل بائعا بشأن سعر كيلو السكر الأبيض، الذي اختفى من الأسواق، وارتفعت أسعاره للضعف.
اقتربت الجزيرة نت من هذا الشاب، وعرف عن نفسه بيوسف أبو حميد، وهو نازح من مدينة رفح ويقيم مع أسرته (6 أفراد) في مركز للإيواء داخل مدرسة غرب مدينة خان يونس، وباستغراب لا يخلو من غضب يقول "تجار الحرب سعداء بإغلاق المعبر، إنه يحقق لهم المزيد من الأرباح على حساب دمائنا ومعاناتنا".
كان يوسف (38 عاما) يعمل في مشغل خياطة صغير بمدينة رفح، وفقد عمله منذ النزوح عن المدينة على وقع الاجتياح الإسرائيلي لها في السادس من مايو/أيار من العام الماضي، ويعتمد في معيشته وأسرته على المساعدات الغذائية التي توزعها هيئات محلية ودولية.
ويقول: "سعر كيلو السكر كان بـ5 شواكل (نحو دولار ونصف)، وفجأة ارتفع لـ10 وأكثر، واختفى من السوق"، ويتساءل وقد ارتفعت نبرة صوته "من وين يا عالم نجيب مصاري وكيف نعيش؟".
وتشير تقديرات صادرة عن هذه الهيئات إلى أن الحرب فتكت بالغالبية من الغزيين، الذين يعتمد زهاء 80% منهم على المساعدات الإنسانية، بعدما فقدوا مصادر رزقهم ومدخراتهم بفعل تداعيات الحرب والحصار والنزوح.
ورقة مساومةتقول "منظمة أطباء بلا حدود" إن إسرائيل تستخدم المساعدات الإنسانية كأداة حرب، و"تعيق مرة أخرى وصول المساعدات، وتستخدمها كورقة مساومة، وهذا أمر غير مقبول وصادم وسينتج عنه عواقب مدمرة".
إعلانوحسب ما نشر الحساب الرسمي للمنظمة على موقع "إكس" نقلا عن المسؤولة فيها كارولين سيغوين فإن "الأنباء تسببت في حالة من عدم اليقين والخوف، ما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية".
ورصدت الجزيرة نت في اليوم الأول من إغلاق إسرائيل للمعابر ارتفاع سعر كيس الدقيق (25 كيلوغراما) من 30 شيكلا إلى 100 شيكل (نحو 27 دولارا)، قبل أن يختفي تماما من الأسواق، وهي مادة أساسية في منازل الغزيين، وتوزعه عليهم مجانا وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تواجه ضغوطا ومعوقات إسرائيلية تحد من قدرتها على أداء مهامها الإنسانية.
ويقول المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني على حساب "أخبار الأونروا" على موقع "فيسبوك" إن "قرار إسرائيل وقف المساعدات إلى غزة يهدد حياة المدنيين المنهكين بعد 16 شهرا من الحرب الوحشية"، ويضيف: "تعتمد الغالبية العظمى من الناس في غزة على المساعدات من أجل بقائهم على قيد الحياة".
ووفقا للمسؤول الأممي "تعتبر المياه المنقذة للحياة والمستشفيات والمراكز الصحية والكهرباء ضرورية، بالإضافة إلى المساعدات الغذائية الأساسية"، مشددا على أن هذه المساعدات والخدمات "غير قابلة للتفاوض، ولا يجب أبدا استخدامها كسلاح في الحرب".
وطالب مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي الدكتور إسماعيل الثوابتة المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالضغط الفوري لإعادة فتح المعبر وضمان تدفق المساعدات بشكل دائم ومن دون قيود، تفاديا لمزيد من الكوارث الإنسانية التي تهدد حياة مئات آلاف الأبرياء.
وقال الثوابتة للجزيرة نت إن استمرار منع دخول المساعدات الإنسانية يعني عودة شبح المجاعة من جديد، في ظل توقف عجلة الإنتاج والعمل داخل القطاع، واعتماد سكانه على هذه المساعدات في توفير لقمة عيشهم.
إعلانويحدد المسؤول الحكومي التداعيات الخطيرة للقرار الإسرائيلي على حياة الغزيين المحاصرين في ظروف مأساوية، ويقول إن استمرار وقف تدفق المساعدات يؤدي إلى:
تعميق أزمة الجوع والمجاعة في ظل شح الإمدادات وانعدام البدائل عن المساعدات الإغاثية الغذائية. منع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية، وهذا يعرض آلاف المرضى والجرحى لخطر الموت بسبب نقص العلاج وانهيار المنظومة الصحية. منع دخول المعدات والآليات الثقيلة، وهذا يفاقم الأزمة الإنسانية ويبقي الشوارع مغلقة، مع عدم المقدرة على انتشال جثامين أكثر من 10 آلاف شهيد ما زالوا تحت الأنقاض. تفاقم أزمة الوقود، وهو ما يؤدي إلى توقف المستشفيات عن العمل وانقطاع الكهرباء عن مراكز الإيواء والمرافق الحيوية والبلديات، وينذر بمكرهة صحية وبيئية. منع إدخال مستلزمات الإيواء المؤقت، ويعني بقاء نحو مليون ونصف المليون مواطن بلا مأوى بعد تدمير بيوتهم، في ظل أجواء شديدة البرودة، وظروف معيشية قاهرة تنعدم فيها أبسط سبل الحياة من ماء وغذاء وكهرباء.وحث الثوابتة القمة العربية التي عقدت اليوم في العاصمة المصرية القاهرة على تبني قرارات جادة تجاه ما يتعرض له الغزيون، وإنفاذ قراراتها السابقة بكسر الحصار، وضمان دخول احتياجات القطاع بشكل منتظم ومن دون قيود.
يرى الباحث والمختص الاقتصادي رامي الزايغ في قرار إغلاق المعابر ووقف المساعدات "حكما بالموت الجماعي على الغزيين"، الذين هم بحاجة ماسة للمساعدات الغذائية والطبية، بعد 15 شهرا من الحرب الطاحنة، "التي لا تزال مستمرة ولكن بصور مختلفة" حسب قوله.
ويقول الزايغ للجزيرة نت إن هذا القرار كان له تأثيرات فورية على الحالة الاقتصادية، حيث فتح المجال للتجار والمحتكرين لإخفاء السلع والتلاعب بأسعارها، ما يزيد من الضغوط والأعباء الاقتصادية والنفسية على المواطنين، خاصة أن هذه الحالة تتزامن مع شهر رمضان، حيث تزداد الحاجة للسلع والبضائع.
إعلانوبحسب الباحث الاقتصادي فإن "استمرار إغلاق المعابر سيؤدي إلى عودة المجاعة، وربما بصورة أسرع من فترات الحرب، كون القطاع يعاني من نقص شديد في الكثير من السلع جراء الحصار المطبق الذي رافق الحرب، ولم يتعاف تماما من هذه الحالة جراء تنصل الاحتلال من التزاماته، بموجب البروتوكول الإنساني ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات المساعدات الإنسانیة وقف إطلاق النار إغلاق المعابر منع دخول
إقرأ أيضاً:
العمى والسرطان| كيف يؤثر غاز الخردل على الصحة؟.. وطريقة استخدامه في الحروب
في الحرب العالمية الأولى تم لأول مرة في تاريخ الحروب استخدام غاز الخردل أثناء القتال بجوار مدينة يبر في بلجيكا، وسنرصد خلال السطور التالية آثار عوامل الحرب الكيميائية على صحة الإنسان، وتاريخ استخدام غاز الخردل في الحرب العالمية الأولى وتأثير استنشاقه على الفرد.
آثار عوامل الحرب الكيميائيةتؤدي الحرب الكيميائية إلى العديد من الآثار الحادة على صحة الفرد من بينها :
- حدوث البثور المؤلمة بسبب غاز الخردل.
- حدوث تلف في الرئة بسبب استخدام الفوسجين.
- حدوث الشلل والتشنجات بسبب استخدام مركبات الفوسفور العضوي.
- الغالبية العظمى من عوامل الحرب الكيميائية قد تٌسبب مراحل متأخرة للكثير من الأمراض مثل إصابات الكبد، والجهاز العصبي، والسرطان، ونخاع العظم.
تاريخ استخدام غاز الخردلتم استخدام غاز الخردل للمرة الأولى أثناء الحرب العاملية الأولى، حيث استخدمته ألمانيا لأول مرة في عام 1917، وأدى استخدامه إلى حدوث خسائر كبيرة في صفوف البريطانيين، إذ كانت خسائر الإنجليز الناتجة عن استخدام غاز الخردل تساوي تقريبًا جميع الخسائر السابقة الناتجة عن استخدام القوات الألمانية للعوامل الكيميائية الغازية الأخرى.
طريقة إطلاق غاز الخردليتم إطلاق غاز الخردل في المعتاد عبر الهواء وفي بعض الأوقات أثناء الرياح القوية فقد يؤدي إطلاق غاز الخردل عبر الهواء إلى انتشاره لمسافات تصل إلى عدة أميال، وذلك من خلال القنابل أو قذائف المدفعية، هذا بالإضافة إلى إمكانية إطلاقه ونشره من خلال إمدادات المياه.
مدة بقاء غاز الخردلفيما يخص مدة بقاء غاز الخردل في المنطقة المصابة، فإن المدة قد تصل إلى يومان تقريبًا، ولكن في المناخات الباردة قد تبقى المدة لفترة أطول من ذلك.
تأثير غاز الخردلأشار موقع (ebsco) إلى أن هناك العديد من الأثار التي يتسبب بها غاز الخردل عند استنشاقه أو ملامسته المباشرة للجلد أو العينين أو عند ابتلاعه حيث يعمل غاز الخردل على التسبب في تهيج الجلد، ومن ثم مهاجمة الخلايا، مسببًا تهيجًا شديدًا وتليفًا، كما يعمل أيضًا على تلف الجهاز التنفسي، ومهاجمة أعضاء الجسم، وقد يسبب ضرر شديد بالبصر، هذا بالإضافة إلى ظهور بثور الجلد، ويستمر غاز الخردل في مهاجمة جهاز المناعة مما يضعف الجسم في التعامل مع أي عدوى.
أعراض الإصابةقد يسبب غاز الخردل في إصابة الفرد بنزيف من منطقة الأنف وسعال وعطس وضيق في التنفس وفي حالة وصول غاز الخردل إلى الجهاز الهضمي فقد يصيب الفرد بالإسهال محدثًا آلامًا في منطقة البطن والإصابة بالغثيان والقيء والحمى، وقد يتسبب غاز الخردل في الإصابة بالحروق الجلدية من الدرجة الثانية والثالثة وفي بعض الحالات قد يتسبب بالعمى الدائم.