يبدو الاقتصاد الأمريكي أقل استقراراً يوماً بعد يوم، إذ ارتفعت معدلات تسريح العمال، وانخفض إنفاق المستهلكين - العمود الفقري للاقتصاد -، على نحو غير متوقع في يناير (كانون الثاني) الماضي، وتراجعت ثقة المستهلكين، وتحولت توقعات الناتج المحلي الإجمالي الرئيسية فجأة إلى سلبية، وعاد الخوف الشديد إلى وول ستريت، مع انزلاق الأسهم الشهر الماضي.

من المبكر جداً، معرفة ما إذا كانت النظرة المتراجعة للاقتصاد، هي مجرد ظاهرة مؤقتة



وجاء في تحليل أعدته أليزابيث بوتشوالد ومات إيغان لشبكة سي إن إن الأمريكية، أنه على رغم هذه الصورة الضبابية، يواصل الرئيس الأمريكي بث الفوضى في الاقتصاد مع فرضه المزيد من التعريفات الجمركية.
وهو لم يفرض الرسوم الجمركية على واحد أو اثنين من أكبر شركاء أمريكا التجاريين، بل على الشركاء الثلاثة. واعتباراً من أمس، فرض ترامب تعريفات جمركية بنسبة 25 في المئة على السلع الآتية من المكسيك وكندا، وزاد التعريفات الجمركية على السلع الآتية من الصين، إلى 20 في المائة.
إن هذه التعريفات الجمركية، قد تزيد من التكاليف على الأمريكيين في وقت يظل التضخم أعلى من الهدف الذي حدده الاحتياطي الفيدرالي، وهذا بدوره قد يمنع البنك من خفض تكاليف الاقتراض، وهو مصدر آخر للألم في مشكلة كلفة المعيشة التي يواجهها المستهلكون.

???? Start of a DOWNWARD spiral:

Major business group issues RED ALERT on Trump

Trump's tariffs against Canada & Mexico could be putting the GLOBAL economy on the PATH to an ECONOMIC DEPRESSION that RIVALS the Great Depression of the 1930s.
https://t.co/1P3nAdcwnj

— True Blue ???????????? (@SPBMcKenna) March 4, 2025

وسارعت كندا إلى الرد بفرض رسوم جمركية على السلع الأمريكية. كما أعلنت المكسيك اعتزامها الرد على الرسوم الجمركية الأمريكية، مما يمهد الطريق أمام احتمال اندلاع حرب تجارية داخل أمريكا الشمالية. وأيضاً، ردت الصين بفرض رسوم جمركية أعلى، على عدد من السلع التي تستوردها من الولايات المتحدة.
وحتى مجرد التهديد بالرسوم الجمركية كانت له تكلفته، فهو سبّب الارتباك وعدم اليقين، وجعل من الصعب على المستثمرين والرؤساء التنفيذيين والمستهلكين، التخطيط.

الارتباك

وكان أحد مقاييس هذا الارتباك، هو مؤشر عدم اليقين في السياسة التجارية، الذي ارتفع في يناير (كانون الثاني) إلى أعلى مستوى له في البيانات التي تعود إلى عام 1960. وحدث هذا حتى قبل التهديدات الأخيرة، التي صدرت عن البيت الأبيض، بفرض مزيد من الرسوم الجمركية.
وردت إحدى شركات توريد معدات النقل في الولايات المتحدة على استطلاع معهد إدارة التوريد في فبراير(شباط)، قائلة إن "العملاء يوقفون الطلبات الجديدة نتيجة لعدم اليقين في شأن التعريفات الجمركية. ولا توجد توجيهات واضحة من الإدارة حول كيفية تنفيذها، لذا فمن الصعب التنبؤ بكيفية تأثيرها على الأعمال".

.@CNNBusiness: Trump’s tariff chaos threatens an economy already flashing yellow lights. Analysis by @BuchElisabeth and @MattEganCNN: https://t.co/YxQTgr7hAY

— CNN Asia Pacific PR (@cnnasiapr) March 4, 2025

وصرح جاي فورمان، الرئيس التنفيذي لشركة بايزك فان، وهي شركة ألعاب تصنع دببة كير وشاحنات تونكا، من بين سلع أخرى، إن شركته بدأت للتو في التعامل مع الرسوم الجمركية البالغة 10 في المائة التي فرضها ترامب على جميع الواردات الصينية، ودخلت حيز التنفيذ الشهر الماضي.
ويرجع ذلك إلى أن نحو 90 في المائة من جميع الألعاب التي تبيعها شركة بايزك فان، تُصنع في الصين. وحتى عام 2026 تقريباً، ستضطر الشركة إلى تحمل التكلفة الإضافية للرسوم الجمركية بالكامل، بسبب العقود التي وُقعت فعلاً مع العملاء، وفقاً لما قاله فورمان لـ "سي إن إن".

السلع الصينية

وليست الشركات التي تعتمد على السلع الصينية وحدها التي تشعر بالقلق إزاء الرسوم الجمركية. حتى الرئيس التنفيذي لإحدى أكبر شركات تصنيع الألمنيوم في الولايات المتحدة، ألكوا، حذر من أن الرسوم الجمركية البالغة 25 في المئة، التي هدد ترامب بفرضها على جميع واردات الألمنيوم، قد تكلف الولايات المتحدة 100 ألف وظيفة.
وفي تأكيد على مخاوف النمو التي تسيطر على المستثمرين، تم تخفيض توقعات النمو الاقتصادي، التي كانت محل متابعة وثيقة بشكل حاد الجمعة.
ويتوقع نموذج الناتج المحلي الإجمالي الحالي للاحتياطي الفيديرالي في أتلانتا، انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.8 في المائة في الربع الأول من العام الجاري. وفي حين أنه من السابق لأوانه القول ما إذا كان الناتج المحلي الإجمالي سيتحول إلى سلبي، فإنه يمثل خفضاً سريعاً عن توقعات النمو السابقة البالغة 2.3 في المائة.
وأشارت مؤسسة باثيون للاقتصاد الكلي، إلى أن الانخفاض البالغ 11 نقطة في مؤشر ثقة المستهلك الصادر بين ديسمبر (كانون الأول) وفبراير (شباط)، هو الأكبر الذي يحصل في بداية عام، منذ عام 2009، وذلك خلال ذروة الركود الكبير.
والأسوأ، أن انخفاض مؤشر ثقة المستهلك الصادر عن جامعة ميشيغن بمقدار 9 نقاط خلال تلك الفترة، هو الأكبر منذ بدء التسجيلات عام 1978.
وطبعاً يبقى أنه من المبكر جداً، معرفة ما إذا كانت النظرة المتراجعة للاقتصاد، هي مجرد ظاهرة مؤقتة أم أنها تشير إلى شيء أكثر قلقاً.

 



المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل صناع الأمل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية عودة ترامب الناتج المحلی الإجمالی التعریفات الجمرکیة الولایات المتحدة الرسوم الجمرکیة على السلع فی المائة

إقرأ أيضاً:

صندوق النقد الدولي يحذّر: الرسوم الجمركية تهدد بتجاوز الدين العالمي لمستويات كورونا

الاقتصاد نيوز - متابعة

حذّر صندوق النقد الدولي، يوم الأربعاء، من أنّ الضغوط الاقتصادية الناجمة عن الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة المرتفعة ستدفع الديون السيادية العالمية إلى تجاوز مستوياتها خلال جائحة كورونا، لتقترب من 100% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول نهاية العقد، مع تباطؤ النمو وتراجع التجارة، مما يُثقل كاهل الموازنات الحكومية.

وأشار «صندوق النقد» في تقريره الأخير حول الرقابة المالية إلى أنّ الدين العام العالمي سيرتفع بمقدار 2.8 نقطة مئوية ليصل إلى 95.1% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2025، مرجّحاً استمرار هذا الاتجاه التصاعدي ليبلغ 99.6% بحلول عام 2030.

الدين العام العالمي

بلغ الدين العام العالمي ذروته في عام 2020 عند مستوى 98.9% من الناتج المحلي الإجمالي، بعدما لجأت الحكومات إلى الاقتراض بشكل مكثف لتمويل حزم الدعم المرتبطة بجائحة «كوفيد-19» في وقت انكمش فيه الناتج المحلي. وقد تراجع الدين بعد ذلك بمقدار 10 نقاط مئوية خلال عامين.

لكنّه عاد ليرتفع تدريجياً، وأظهرت التوقعات الأخيرة تسارعاً في وتيرة هذا الصعود.

وقال صندوق النقد الدولي في تقريره: «إن الإعلانات الأخيرة عن فرض رسوم جمركية واسعة من جانب الولايات المتحدة، والتدابير المضادة من دول أخرى، إلى جانب المستويات الاستثنائية من عدم اليقين في السياسات، تُسهم جميعها في تدهور الآفاق الاقتصادية وزيادة المخاطر».

وأضاف التقرير أنّ هذا الوضع يضع الحكومات أمام خيارات مالية أكثر صعوبة، في ظل ضغط ميزانياتها بفعل ارتفاع الإنفاق الدفاعي، وزيادة المطالب بالدعم الاجتماعي، وارتفاع تكاليف خدمة الدين التي قد تتفاقم مع استمرار الضغوط التضخمية.

توقّع تقرير صندوق النقد الدولي أن يبلغ متوسط العجز المالي السنوي للحكومات نسبة 5.1% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025، مقارنةً بـ5.0% في عام 2024، و3.7% في عام 2022، و9.5% في عام 2020.

نمو أبطأ، ودين أعلى

ويستند هذا التقدير المالي إلى «توقّع مرجعي» لدى صندوق النقد الدولي بنمو عالمي قدره 2.8% في عام 2025، وفق أحدث تقرير «آفاق الاقتصاد العالمي»، والذي يأخذ بعين الاعتبار التطورات المرتبطة بالرسوم الجمركية حتى تاريخ 4 أبريل/نيسان.

لكن الصندوق حذّر من أنّ الآفاق الاقتصادية، وكذلك التوقعات المالية، قد تتدهور إذا ما دخلت رسوم جمركية إضافية من الرئيس دونالد ترامب حيّز التنفيذ، إلى جانب الإجراءات الانتقامية من الدول الأخرى.

وقد ترتفع مستويات الدين لتتجاوز 117% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027، وهو المستوى المتوقّع في سيناريو «تشاؤمي حاد»، وذلك «إذا تراجعت الإيرادات والناتج الاقتصادي بدرجة أكبر من التوقّعات الحالية نتيجةً لزيادة الرسوم الجمركية وتدهور آفاق النمو»، بحسب التقرير.

وأشار الصندوق إلى أنّ بلوغ هذا المستوى من الدين سيمثل أعلى نسبة دين إلى الناتج المحلي الإجمالي منذ الحرب العالمية الثانية.

قال مدير الشؤون المالية في صندوق النقد الدولي، فيتور غاسبار، لوكالة رويترز إن معظم نمو الدين العام يتركّز في الاقتصادات الكبرى. وأوضح أن نحو ثلث الدول الأعضاء في الصندوق، البالغ عددها 191 دولة، تشهد حالياً نمواً في ديونها بوتيرة أسرع مما كانت عليه قبل الجائحة، إلا أن هذه الدول تمثّل نحو 80% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

وأشار التقرير إلى أن الضغوط المتزايدة قد تؤدي إلى تصاعد المطالب بزيادة الإنفاق الاجتماعي، لا سيما في الدول المعرضة لاضطرابات حادّة ناجمة عن صدمات تجارية، مما قد يدفع الإنفاق إلى مستويات أعلى.

وأضاف غاسبار أن من التحديات الإضافية التي تزيد الوضع تعقيداً، التراجع في المساعدات التنموية المقدّمة من الولايات المتحدة ودول غنية أخرى، وهو اتجاه مستمر منذ سنوات، "وهذا يعني أن هذه الدول ستواجه مفاضلات مالية أكثر حدّة مما كان يمكن أن يحدث في غير هذه الظروف".

تحسّن مؤقّت في الولايات المتحدة

يتوقّع صندوق النقد الدولي تحسّناً طفيفاً في عجز الموازنة السنوي في الولايات المتحدة خلال العامين المقبلين، ليبلغ 6.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025، و5.5% في عام 2026، مقارنةً بـ7.3% في عام 2024.

ويُعزى هذا التحسّن إلى مزيج من ارتفاع الإيرادات الجمركية نتيجة الإجراءات المعلنة، إلى جانب استمرار النمو في الناتج الأميركي.

قال فيتور غاسبار: «لقد كان أداء الاقتصاد الأميركي قوياً في السنوات الأخيرة، وهذا يساعد الموازنة. إنه مفيد للولايات المتحدة، ومفيد للجميع».

لكنّ التوقّعات الخاصة بالولايات المتحدة تفترض انتهاء العمل بالتخفيضات الضريبية التي أُقرّت في عام 2017 في نهاية هذا العام كما هو مقرر. في المقابل، تسعى إدارة ترامب إلى تمديد هذه التخفيضات، وهو ما يقول خبراء الموازنة إنه سيضيف نحو 4 تريليونات دولار إلى الدين الأميركي خلال عقد من الزمن من دون توفير مصادر تمويل تعويضية.

عجز الصين يرتفع بفعل التحفيز

من جهة أخرى، من المتوقع أن يرتفع العجز المالي للصين بشكل حاد في عام 2025، ليبلغ 8.6% من الناتج المحلي الإجمالي، ارتفاعاً من 7.3% في 2024، قبل أن يستقر عند 8.5% في 2026. وأشار صندوق النقد الدولي إلى أن الإنفاق التحفيزي هو من أبرز أسباب ثبات توقّعات نمو الاقتصاد الصيني عند 4% لعام 2025، رغم التأثير السلبي الكبير للتعريفات الجمركية على الإنتاج.

ورغم تصاعد الضغوط المرتبطة بالدين العام، كرّر الصندوق دعوته للدول إلى إعطاء الأولوية لتقليص ديونها العامة، بهدف تعزيز الهوامش المالية الضرورية للتعامل مع الصدمات الاقتصادية المستقبلية، وهو ما يتطلّب توازناً دقيقاً في السياسات.

وقال الصندوق: «على الدول ذات الحيّز المالي المحدود في موازناتها أن تعتمد خططاً تدريجية وذات مصداقية لضبط الأوضاع المالية، مع السماح للآليات التلقائية، مثل إعانات البطالة، بأن تؤدي دورها بفعالية».

وأضاف: «أي احتياجات جديدة للإنفاق ينبغي أن تُقابل بتخفيضات في مجالات أخرى أو بزيادة في الإيرادات».


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

مقالات مشابهة

  • ما تأثير الرسوم الجمركية الأميركية على الاقتصاد الأوروبي؟
  • اجتماعات صندوق النقد الدولي تبحث تداعيات الرسوم الجمركية على الاقتصاد العالمي
  • صندوق النقد: تأثير التعريفات الجمركية الأمريكية على اقتصادات المنطقة قد يكون متوسطًا
  • الصين: لم نعقد مع واشنطن أي مفاوضات أو مشاورات بشأن قضية التعريفات الجمركية
  • بسبب التعريفات الجمركية 12 ولاية أميركية تقاضي ترامب
  • 12 ولاية أميركية تقاضي ترامب بسبب التعريفات الجمركية
  • مفاجأة في الحرب التجارية.. أمريكا تتراجع عن قرارات ترامب الجمركية
  • رسوم ترامب الجمركية تهدد الاقتصاد العربي.. من الأكثر تضرراً؟
  • صندوق النقد الدولي يحذّر: الرسوم الجمركية تهدد بتجاوز الدين العالمي لمستويات كورونا
  • ترامب يحدد شرط خفض الرسوم الجمركية على الصين!