بقلم : حيدر الحجاج ..
في العاصمة التي تشبه حلمًا مُمزقًا بين ثلاث حقب، تُناطح المباني الاستعمارية أبراجًا زجاجية حديثة، فيما تزحف الأحياء العشوائية كجرذان تحت الجسور. هنا، تلتقي الأقدارُ في متاهةٍ من الأسرار التي تتنفس تحت الإسفلت.
الجزء الأول: الأرشيف والشبح
خوليو، حارس الأرشيف البلدي المُهمل، يعثر على دفترٍ جلديٍّ أسودَ مدفونًا تحت أرضية متآكلة.
ذات ليلة، يتبع خوليو ظلًا يُشبه ميندوزا عبر الممرات، فيصل إلى غرفة سرية مليئة بأحذية قديمة. على أحدها اسم “عاطف” منقوش بإبرةٍ حمراء.
الجزء الثاني: الأحذية والدمية
عاطف، صانع الأحذية العجوز الذي فقد بصره في ثورةٍ قديمة، يعيد فتح ورشته بعد سنوات لإصلاح حذاءٍ غريب. الحذاء يحمل في نعله رسالة مكتوبة بحبرٍ غير مرئي: “الغرفة السرية تحت الأرشيف تحمل جثث الحقائق”. الزبون الذي تركه اختفى، لكن عاطف يكتشف أن الحذاء ينتمي لابنته “ندى” التي اعتقد أنها ماتت في انفجار.
ندى تظهر فجأةً كجاسوسة تطلب منه صنع حذاءٍ يسع ملفاتٍ سرية. بينما يحاول رفضها، يجد في جيبها قصاصةً من دفتر ميندوزا: “الخائن الوحيد هو الذاكرة”.
الجزء الثالث: المكتبة والسفينة الأشباح
سلمى، ابنة الشاعر المنفي الذي أكل البحرُ جثته، تجوب الأحياء بمكتبتها المتنقلة. كتبها الفارغة تبدأ بكتابة نفسها بلغة الموتى: شهادات معتقلين، صرخات أطفال تحت الأنقاض. في إحدى الليالي، تظهر ندى بين الزبائن، تطلب كتابًا عن “مدن تُبنى فوق جثث مدن”.
عندما تفتح سلمى الكتاب، تجد صورًا لأرشيف خوليو، وورشة عاطف، وميناءٍ مهجورٍ حيث تتحول الكتب إلى سفينة أشباح. صوت والدها يهمس من بين الصفحات: “الحقيقة ليست شيئًا تُخفيه، بل مدينة تُشيَّد فوق أنقاض أحذية الثوار”.
الرقصة الأخيرة :
يلتقي الثلاثة في الميناء المهجور. خوليو يحمل الدفتر الأسود، عاطف يحمل الحذاء الملعون، سلمى تحمل الكتاب الذي يأكل نفسه.
ندى تظهر مع رجال الأمن، لكن المدينة تبدأ بالانهيار: الأرشيف يذوب في البحر، الورشة تتحول إلى رماد، المكتبة تُغلق أبوابها إلى الأبد.
قبل أن تُطوى المدينة كخريطة بالية، يسمعون همسًا جماعيًا:
ليست الظلال سوى مدنٍ أخرى نعيشها بالتوازي… ألم تروا الأسماء تُكتب على أحذيتكم؟
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
أول رمضان بسوريا دون “أسد” منذ 1971.. العين بصيرة واليد قصيرة
قبل أيام من حلول شهر رمضان، شهدت البنوك في العاصمة السورية دمشق طوابير ممتدة من المواطنين الذين انتظروا لساعات طويلة لسحب ما يعادل حوالي 15 دولاراً لشراء احتياجاتهم لأول شهر صيام بالبلاد وهي لا ترزح حكم عائلة الأسد التي ظلت في مقاليد الحكم منذ 22 فبارير 1971 إلى 8 ديسمبر 2024.
أصبح هذا الانتظار الطويل جزءاً من الروتين اليومي للكثير من السوريين، الذين باتوا يضطرون للانتظار لسحب ما يكفيهم من النقود للعيش، في ظل القيود الصارمة التي فرضتها الحكومة الجديدة على السحب اليومي من البنوك، مما زاد من معاناة المواطنين الذين يواجهون صعوبة في شراء أبسط مستلزماتهم.
ويحل شهر رمضان هذا العام بعد ثلاثة أشهر من الإطاحة بنظام بشار الأسد الذي حكم البلد بقبضة حديدية منذ عام 2000 في خلافة والده الذي قاد البلاد منذ عام 1971.
وأجرت الحكومة السورية الجديدة عدة تغييرات اقتصادية، ففتحت السوق أمام المنتجات المستوردة، وألغت دعم الخبز، مما جعل هذه السلعة الأساسية أغلى عشرة أضعاف، كما قامت الحكومة بتسريح آلاف الموظفين في القطاع العام، وفرضت سقفاً للسحب من أجهزة الصراف الآلي.
ورغم انخفاض أسعار العديد من السلع، غير الخبز، منذ تولي الحكومة الجديدة، ولكن وكالة أسوسييتد برس تقول إن الكثير من السوريين غير قادرين على شرائها بسبب قيود السحب في اقتصاد يعتمد على النقد، حيث لم يتبنَّ استخدام بطاقات الائتمان والمدفوعات الإلكترونية على نطاق واسع.
ومع بدء الحكومة في تغيير السياسة الاقتصادية، بدأ سعر العملة في التحسن بعد أكثر من عقد من الضعف.
فقبل بداية الحرب الأهلية عام 2011، كان سعر الصرف حوالي 50 ليرة سورية للدولار الواحد، ليصل عند الأطاحة بالأسد إلى حوالي 15000 ليرة، ولكنه تراجع منذ ذلك الحين.
وأشار البنك المركزي السوري في بيان، إلى أن قيود السحب من المصارف ستكون مؤقتة، لكنها استمرت لعدة أشهر. في وقت وصلت هذا الشهر طائرة محملة بالليرات السورية الجديدة من روسيا، حيث يتم طباعتها، وفقاً لوسائل الإعلام الرسمية، لكن لم يُعلن عن الكمية.
وبحسب مراقبين، فإن البنك المركزي لديه أزمة سيولة ولايملك ما يكفي من الأوراق النقدية، مشيرين إلى أن السياسة النقدية الحالية التي يدرسها البنك لم تُعتمد بعد.
المحلات في دمشق رغم عرضها مختلف السلع الرمضانية من فوانيس وأضواء الزينة، لكنها شبه خالية من الزبائن الذين يشترون الان فقط الضروريات، من مواد غذائية أساسية كالزيت والزيتون والأرز والبرغل.
ورغم أن أسعار هذه المواد أرخص، باستثناء الخبز الذي ارتفع من 400 إلى 4000 ليرة، لكن العديد من السوريين يشترون أقل بكثير مقارنة بالأعوام السابقة، ويقول البعض منهم انه سيتعين عليهم حتى إلغاء السحور، حيث أن أكثر من 90٪ من السوريين يعيشون في فقر، وواحد من كل أربعة عاطل عن العمل، وفقاً للأمم المتحدة.
الحرة
إنضم لقناة النيلين على واتساب