لا يكتفي الجيش السوداني بلعب دور "المنقذ الوطني" المُعلن، بل يمارس لعبة خطيرة تجمع بين قمع الخصوم واستقطاب حلفاء مُتناقضين. فـ"الدعم المدني" الذي يتغنى به العسكر ليس سوى واجهة هشة لقوى سياسية منهكة، تُصارع للبقاء في المشهد عبر التحالف مع من داسوا أحلام الثورة. أما الإسلاميون والحركات المسلحة، فليسوا سوى خونة لحظة التاريخ؛ يحاولون إعادة إنتاج ذواتهم عبر التمسك بحبال العسكر الغارقين في وحل السلطة.


السؤال الساسي هنا هل يُصدق أحد أن العسكر يريدون "إنقاذ الوطن"، أم أنهم ببساطة يُعيدون تأهيل نظام البشير بوجوه جديدة؟
التفاوض وَهم الحل أم مسرحية الهروب للأمام؟
الحديث عن التفاوض في السودان يشبه محاولة إطفاء حريق بنزين! فالقوى العسكرية لا تُفاوض إلا لشرعنة وجودها، بينما القوى المدنية منقسمة بين مَنْ يرفض التفاوض مع "جلادي الثورة"، ومَنْ يرى فيه فرصةً وهميةً لالتقاط الأنفاس.
والأكثر سخرية المساءلة والعدالة الانتقالية أصبحتا كابوساً يطارد العسكر، فكيف تُفاوض قوى تخشى أن تتحول طاولة الحوار إلى قفص اتهام؟! التفاوض هنا ليس سوقاً للمساومة، بل استراحة محارب لترتيب الأوراق قبل جولة صراعٍ أشرس.
سيناريوهات مصيرية بين الفشل المُعلن والكارثة المُحتملة
"تفاوض جاد" أم تهويدات دبلوماسية؟:
لو صدقت النوايا لكانت الثورة نجحت من أول شعار. لكن الواقع يقول: أي تفاوض بدون كسر احتكار العسكر للسلطة سيكون مجرد غطاء لـ"صفقة القرن السودانية"، تُعيد إنتاج النظام القديم بطلاء ديمقراطي!
عودة القوى القديمة و لماذا نتفاجأ؟
الإسلاميون والعسكر توأمان في جسد الدولة السودانية. أي محاولة لفصلهم تشبه فصل السكر عن الشاي! فـ"التحالف التاريخي" بينهم ليس مصادفة، بل هو تعاقدٌ خفيٌّ لسرقة الثورات وإعادة تدوير الأزمات.
الانهيار الكامل و هل يحتاج السودان إلى مزيد من الدم؟
استمرار الحرب قد لا يكون الأسوأ! ففي سيناريو الانهيار، سيتحول السودان إلى ساحة مفتوحة للتدخلات الإقليمية (الإمارات، مصر، إثيوبيا...) وصراعات الوكالات، حيث الجميع يربح إلا الشعب.
الختام الساسي السودان أمام اختبار وجودي... فهل ينجح؟
السودان ليس عند مفترق طرق، بل في حقل ألغام:
إن اختار التفاوض دون ضمانات حقيقية، فمصيره كمن يشرب ماء البحر ليروي عطشه.
وإن سقط في فخ إعادة إنتاج النخب القديمة، فسيُدفن أحلام الشباب تحت ركام "التوافقيات" الزائفة.
أما إذا استمر الصراع، فسيصبح السودان جثةً على مائدة الذئاب الإقليمية.
الثورة لم تنتهِ، لكنها تحتاج إلى هزَّة عنيفة تُخرج العسكر والإسلاميين من جسد الدولة، أو فليستعد السودانيون لدورة جديدة من المعاناة بلا نهاية.

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

العنوان 24 ..!!

صديق السيد البشير *
Siddigelbashir3@gmail.com
بثبات ومهنية وتواضع وهمة تعلقت بالثريا، هكذا تمضي الزميلة نسرين النمر إلى حال سبيلها في بستان الصحافة، لتغرس بذرة المعرفة على أثير الموجات وسحر الشاشات وجمال المنصات، لتحصد ثمرات، تغذي الجسد الإعلامي، من خلال إطلاق شركتها العنوان، لقناة العنوان 24، لتعانق الأسماع والأبصار والعقول، بباقة منتقاة من برامج إخبارية، تتناول الشأن السوداني، في تجربة الأول من نوعها في تاريخ القنوات السودانية الإخبارية الخاصة.
من خلال قناة العنوان 24، تحاول نسرين ترسيخ مفاهيم جديدة في العمل الإخباري، من حيث القوالب واللغة والمحتوى، الذي يخاطب مختلف الأذواق والإهتمامات، في وقت يفتقر فيه المشهد الإعلامي السوداني لقنوات، تسهم في نقل الفعاليات السودانية المختلفة للفضاء الدولي.
من الأهمية بمكان، أن تحاول القناة إنتاج حزمة منتقاة من برامج إخبارية تغطي الأحداث في السودان بمهنية واحترافية وتجرد وحياد، على أن تنفذ بمختلف الأدوات والقوالب، فنية وتحريرية وطرائق عرض بصري أكثر حداثة، إلى جانب إنتاج قصص استقصائية تناقش مختلف قضايا السودان في قطاعاته المختلفة، خاصة الوجه الآخر للحرب في السودان، إضافة لإنتاج مواد منوعة ذات طابع إخباري، يلامس العقل والقلب والروح بمحبة واحترافية، فضلا عن تقديم نشرات إخبارية عامة ومتخصصة، والاستفادة من تجارب إخبارية لقنوات حكومية وخاصة، كتجربة قناة الشروق الفضائية وسودانية 24 وغيرها من المحطات السودانية والدولية.
تعمل قناة العنوان 24 بأحدث تقنيات إنتاج الأخبار، بفريق عمل يضم أسماء تستند على تجارب ناجحة في مجال الإنتاج البصري، لذلك أتوقع لها أن تسهم في إحداث نقلة نوعية في المجال الإخباري، صوتا وصورة.
أمنيات ودعوات بالريادة والتميز مع جديد المنجزات في قادم السنوات.
*صحافي سوداني  

مقالات مشابهة

  • العلمانية في السودان لو ما (فكرة بت حرام) لما آوى اليها “المنبوذين” و “المرتزقة”
  • السودان: قوات “الدعم السريع” وحلفاؤها يمهدون لإعلان حكومة موازية عبر دستور انتقالي
  • قراءة في نص “تأسيس” نيروبي: الأصولية العلمانية
  • العنوان 24 ..!!
  • موسى هلال: “حكومة نيروبي” المنفية تمثل المنفيين
  • “الاغذية العالمي” يدعو لهدنة إنسانية لإيصال المساعدات إلى السودان
  • قراءة في نص “تأسيس” نيروبي: الأصولية العلمانية (2-2)
  • قراءة تفكيكية في كتاب “التصوف والسياسة في السودان” للدكتور عبد الجليل عبد الله صالح
  • جريمة الإفلات من العقاب في السودان